قال بعض العلماء: إذا بلغك عن صديق لك ما تكره فإيَّاك أن تُبادره بالعداوة وقطع الولاية فتكون ممَّن أزال يقينهُ بشك؛ ولكن إلقه وقُل له بلغني عنك كذا وكذا، واحذر أن تُسمِّيْ لهُ المبلِّغ، فإن أنكر ذلك فادفع بالتي هي أحسن واعفُ عنه ولا تزد على ذلك شيئًا. وإن اعترف بذلك فرأيت لهُ في ذلك وجهًا لعذر فاقبل منه، و إن لم تُرد ذلك، فقلْ لهُ: ماذا أردت بما بلغني عنك، فإن ذكر ما له وجهٌ من العذر فاقبل منه، وإن لم تر لذلك وجهًا لعذرٍ وضاق عليك المسلكُ فحينئذٍ أثبتها عليه. ثم أنت بعد ذلك بالخيار إن شئت كافأته بمثله من غير زيادة، و إن شئت عفوتَ عنه، والعفوُ أقربُ للتقوى وأبلغ في الكرم فإن نازعتك نفُسكَ بالمكافأة، فأفكر فيما سبق لديك من الإحسان فعاجل لهُ إحسانًا بهذه السيئة، ولا تبخس باقي إحسانَهُ السالف بهذه السيئة، فإنه ظلم.

{من كتاب إيقاظ أولي الهمم العالية}