قال فضيلة الشيخ محمد العثيمين – غفر الله له – في تفسير قوله تعالى:

{إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ* قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ*بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ} سورة يــس

*_ يستفاد من هذه الآية :” إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ” فضيلة هذا الرجل بإعلانه الإيمان بالله عز وجل , فكل إنسان يؤمن ويعلن إيمانه بالله فإن ذلك له ميزة وفضيلة , قال الله تعالى : {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} أعلن أنه من المسلمين ولم يخف أحداً سوى الله .
*_ ومنها: قوة شخصية هذا الرجل , حيث أعلن أمام هؤلاء القوم أنه آمن , وآمن بربهم الذي يستلزم أن يكونوا مخلصين له بالعبادة إذا كان رباً لهم, كأنه أقام الحجة عليهم بذلك , فإذا كان الله ربكم فواجب أن توحدوه , ولا تتخذوا معه آلهة , وهذا يدل على قوة شخصيته , زد على ذلك أنه تحداهم فقال “فَاسْمَعُونِ” فأنا لا أبالي بكم فاسمعوا إني آمنت بربكم الذي يجب أن توحدوه؛ لأنه ربكم .
*_ يستفاد من هذه الآية الكريمة : “قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ” إثبات نعيم القبر لقوله : “قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ” مع أن الساعة لم تقم بعد , ولم يدخل الناس الجنة . ويدل ذلك آيات من القرآن لقوله تعالى : {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} الملائكة يقولون حين توفاهم ادخلوا الجنة فيستفاد من هذه الآية إثبات نعيم القبر. ومنها هذه الآية : “ادْخُلِ الْجَنَّةَ” ولم تقم الساعة الآن , فهو دليل على أن الميت ينعم في قبره كأنه دخل الجنة, لأنه يلبس من الجنة , ,ويفتح له باب من الجنة , ويأتيه من روحها ونعيمها فكأنه دخلها .
*_ ومن فوائدها أن هذا الرجل ناصح في حياته وبعد مماته , في حياته دعا قومه إلى توحيد الله عز وجل ، وأن يؤمنوا ويتبعوا الرسل ، وبعد مماته تمنى أن قومه يعلمون بغفران الله له من أجل أن يؤمنوا ويتبعوا الرسل ، وهذا دليل أن المؤمن لاتلقاه إلا ناصحاً وهذا الرجل تمنى أن قومه يعلمون بما غفر الله له لعلهم يرجعون فيؤمنون كما آمن .

*_ ومن فوائد الآية الكريمة : منة الله عز وجل على من آمن بالمغفرة والإكرام ، فيتفرع على هذه الفائدة : أن الإيمان سبب المغفرة ، وسبب لإكرام الله تعالى للعبد .
*_ ومنها ماأشار إليه بعض الأدباء أن التخلية قبل التحلية لقوله :” بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي ” وهذا تخلية وإزالة “وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ” هذا تحلية ولهذا قيل :التخلية قبل التحلية .
*_ ومن فوائدها أن إكرام الله عز وجل لايختص بهذا الرجل ، بل هناك عالم يكرمهم الله تعالى لقوله : “وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ” ففيه حث على أن يفعل الإنسان كفعله لينال مانال ولم يقل – بما غفرلي ربي وأكرمني – بل قال : “وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ” ليبين أن الإكرام ليس خاصاً به ، بل الإكرام موجود لكل من قام بعمل كعمله . أ . هـ