السجع
(المتن)
السجع هو توافق الفاصلتين نثراً في الحرف الأخير.
(الشرح)
قوله: (نثراً) احترازاً من الشعر مع أن الشعر يكون فيه أيضاً السجع لكن الغالب أن السجع يكون في النثر.
(المتن)
نحو: (الإنسان بآدابه لا بزيِّه وثيابه) ونحو: (يطبع الأسجاع بجواهر لفظه ويقرع الأسماع بزواجر وعظه).
(الشرح)
السجع هذا كثير في كلام العرب وفي الحديث النبوي وفي كلام العلماء ومن أقدر من قرأت كتابه على السجع ابن الجوزي رحمه الله في التبصرة يعني يأتي بسجع عجيب يأخذ باللب وتشعر بأن الرجل لا يتكلم ويوجد الآن معنا من يكون كلامه كله سجع وهو يتكلم عادي يسهل عليه السجع.
فهل السجع محمود أو مذموم؟
نقول: أما إذا كان غير متكلف وجاءت به الطبيعة هكذا فإنه محمود لأنه يُنَمِّق الكلام ويُحَسِّنه ويُطْرِب الأسماع.
وأما إذا كان متكلفاً فإنه لا شك أنه مذموم ولهذا تجد السجع المتكلف يحصل فيه غموض في المعنى لأن المتكلم يحاول أن يأتي بالكلمات المتناسبة ولكن مع مشقة.
أما إذا أريد به الباطل فهذا واضح سواء كان سجعاً أم غير سجع فإنه مذموم ولا شك.
فقول الرسول عليه الصلاة والسلام: (قضاء الله أحق وشرط الله أوثق وإنما الولاء لمن أعتق) هذا سجع بلا شك لكنه محمود لأنه غير متكلف جاءت به السليقة هكذا فلا يكون مذموماً وكذلك يوجد في بعض الخطب خطب العلماء رحمهم الله التي تكون قبل بدء الكلام يكون فيها سجع كثير.
طيب أما إذا قصد به الباطل فلا شك أنه مذموم، لا شك أنه مذموم مثل قول حمل بن النابغة للرسول صلى الله عليه وسلم حين قضى قصة المرتين المتتاليتين بدية وغربة قال: (يا رسول الله كيف أغرم من لا شرب ولا أكل ولا نطق ولا استهل فمثل ذلك يُطَل) يعني كيف أغرم الجنين الذي مات وهو لا شرب ولا أكل ولا نطق ولا استهل فمثل ذلك يطل يعني يودى، هذا سجع ولهذا قال: (شرب ولا أكل) ولم يقل: (من لا أكل ولا شرب) مع أن العادة أن الأكل يُقدَّم على الشرب فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما هذا من إخوان الكهان) من أجل سجعه الذي سجع، يعني من أجل كلامه المسجوع لأن الكاهن يأتي بكلام مسجوع لينمق الكلام ويكون أشد طرباً للأسماع.
الخلاصة:
السجع المتكلف مذموم، السجع الذي يراد به إبطال الحق مذموم، لكن الأول مذموم من حيث الشكل والثاني مذموم من حيث المضمون.
السجع الذي لا يبطل حقاً ولا يأتي متكلفاً هذا المحمود لأنه لا شك أنه يُحَسِّن الكلام

الشيخ العثيمين رحمه الله في شرح كتاب
قواعد اللغة العربية في النحو والصرف والبلاغة