لقد جاء حديث صحيح عند أبي داوود ، والنسائي ، والترمذي في النهي عن السفر منفردا أو إثنين معا ، ونَصُّ الحديث :

عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((الراكب شيطان والراكبان شيطانان والثلاثة ركب )) .

فالراكب شيطان ، والراكبان شيطانان ، والثلاثة رَكْبٌ ، ولهذا الحديث مناسبة ؛ لزاما ذِكْرُها :

(أن رجلا قدم من سفر فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : من صحبك ؟ قال : ما صحبتُ أحدا ) .

وعلى إثر ذلك قال الرسول – صلى الله عليه وسلم – ذلك الحديث .

وذكرتْ كُتُبُ التفسير الحديثي معنى هذا الحديث ، ونذكر قول العلامة الالباني – رحمه الله – ( السلسلة الصحيحة ) ( 1 / 92 ) :

(( و في هذه الأحاديث تحريم سفر المسلم وحده و كذا لو كان معه آخر , لظاهر النهي

في الحديث الذي قبل هذا , و لقوله فيه : شيطان أي عاص , كقوله تعالى :

شياطين الإنس و الجن فإن معناه : عصاتهم كما قال المنذري
..)) .

والذي دعاني لذكر هذا الحديث هو ما نَجِدُهُ في قول الشعراء أثناء مخاطبتهم لأصحابِهم في السفر ، فإنِّنا نجد أنهم يذكرون صاحبين أو خليلين أثناء المخاطبة والحديث ، فهذا غيلان بن عقبة ، يقول :

خَلِيْلَيَّ عُوْجَا من صُدُوْرِ الرَّواحِلِ ... بِجُمْهُوْرِ حُزْوَى فَبْكِيَا في المَنَاْزِلِ .

ففي هذا البيت الشاعرُ يُخَاطِبُ خليلين ، والشاعرُ يكون الثالثَ ، فهذا ما يوافقُ نَصَّ الحديث النبوي : (( ... والثلاثةُ رَكْبٌ )) !!

ولقد أشار بعضُ العلماء لهذه الفائدةِ ولكن لا يَسْتَحْضِرُني اسمُهُ الأن .

وقال كُثَيِّرُ عَزَّةَ :

خَلِيْلَيَّ هذا رَبْعُ عَزَّةَ فاعْقِلا ... قَلُوْصَيْكُما ثُمَّ ابْكِيَا حيثُ حَلَّتِ

وَمُسَّا تُرَاباً كان قدْ مَسَّ جِلْدَها ... وَبِيْتا ، وظَلَّا حيثُ باتَتْ وَظَلَّتِ .

فبهذين الشاهدين من الشعر نعلمُ سَبَبَ قولِ الشاعر : ( خَلِيْلَيَّ ) بصيغة التَّثْنِيَةِ .


والله أعلم .....