تحرير القول في (قد) بين التحقيق والتشكيك


قد: حرف يفيد التحقيق إذا جاء مع الفعل الماضي.


مثل: "قد جاءنا نذيرٌ".


قد: حرف يفيد التشكيك إذا جاء مع الفعل المضارع.


مثل: "قد يفشل التلميذ".


مجئ حرف (قد) في القرآن الكريم


سبق أن ذكرنا أن حرف التحقيق إذا جاء مع الفعل المضارع فإنه يُفيد التشكيك ويفيد التقليل والتكثير.
 ولكن مجيئه في القرآن الكريم مع الفعل المضارع هل يُفيد ما ذكرنا؟.


 أمثلة وشواهد من القرآن الكريم:


{قد يعلم الله المنافقين ...}.


{قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ}.


{قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لإخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلا قَلِيلا}.


 أولاً: إن قلنا (لا) أي: أن (قد) هنا ليس حرف تحقيق، فقد أبعدنا النُجعة وافترينا على الله الكذب – عز وجل


فالله – سبحانه وتعالى – يعلم ما هو كائن وما يكون وأنه قد أحاط بكل شئٍ علماً.


 ثانياً: إن قلنا نعم (قد) حرف تحقيق، فتُفيد هنا معنى التشكيك!!!.


🔽 الإجابــــة على هذه الشبهة اللغويـــة والتي قد تنقلب إلى شبهة عقائدية؟


ونلاحظ أن المضارع هنا في هذه الآيات الكريمة جاء بمعنى الماضي المتصل بالحال والمستقبل، ولو تأملت أخي الكريم ورود (قد) قبل الفعل المضارع المسند إلى الله - عز وجل – لوجدتها الآتي:


أن هذه الأفعال المضارعة أفعالٌ للعلم أو ما في معنى العلم؛ والدليل قوله تعالى:


(قد نرى تقلب وجهك في السماء).


وكل فعل للعلم مسند لله عز وجل لا يكون زمنه مستقبلا فقط ، إذ ليس في الوجود شيء لم يعلمه الله بعد فيكون علمه إياه محددا بالمستقبل على الحقيقة، وإنما علمه قد وقع لما كان وما هو كائن وما سيكون، ولما كان علم الله بكل شيء قد وقع في الماضي صح دخول قد على فعل العلم المسند له وإن كان مضارعا من حيث اللفظ.


مازالت لدينا إشكالية آخرى مفادها، ولماذا جاء الفعل المضارع بمعنى الماضي؟


وإجابـــة هذا السؤال باختصار شديد تكمن في الآتي:


نقول لَا فَرْقَ بين دخول حرف التحقيق قد على فعل الماضي ودخوله على الفعل المضارع في تحقيق الغرض المقصود


وهنا مثال لتقريب الصورة يقول المؤذن: قد قامت الصلاة.


فهل يعنى هذا أن الصلاة قد قامت في زمن الماضي، لا، ولكن هذا يعني تقريب زمن الماضي من الحال، فهل هناك أحد يشك في أن الصلاة تقام في زمن الحال.


أرجو أن تكون اﻹشكالية قد زالت ...


🔽 أخيرا ....
هذا ما بدأ لي من القول في هذه المسألة فما كان من صواب فمن الله وحده، وما كان من خطأ فمني وحدي

منقول سحاب