النتائج 1 إلى 4 من 4
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    الدولة
    قسنطينة /الجزائر
    المشاركات
    384

    افتراضي الذب عن معاوية رضي الله عنه و إبطال شبهة تبديله للحكم من الشورى إلى الوراثي.

    الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَالصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ عَلَى مَنْ أرْسَلَهُ اللهُ رَحْمَةً لِلْعاَلَمِينَ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَإِخْوَانِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، أَمَّا بَعْدُ:
    فَإِنَّ اَلْلَّهَ تَعَالَى أَغْدَقَ عَلَى عِبَادِهِ بِنِعَمٍ كَثيرةٍ لاَ تُحْصَى، وَخَيْرَاتٍ لاَ تُسْتَقْصَى، ظَاهِرِةٍ، وَبَاطِنَةٍ، فَلَوْ اجْتَهَدَ اَلْمُجْتَهِدُونَ، وَتَنَافَسَ اَلْمُتَنَافِسُونَ فِي عَدِّهَا لَنْ يَسْتَطِيعُوا عَدَّهَا، فَهِيَ لاَ تُعَدُّ وَلاَ تُحْصَى،كَمَا قَالَ عَزَّوَجَلَّ فِي كِتَابِهِ العَزِيزِ:ï´؟وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا‏ï´¾ [النحل:18].قَالَ السَّعْدِيُّ فِي تَفْسِيِرِهِ:«ï´؟وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِï´¾: عَدَدًا مُجَرَّدًا عَنِ الشُّكْرِ، ï´؟لاَ تُحْصُوهَا‏ï´¾: فَضْلاً عَنْ كَوْنِكُمْ تَشْكُرُونَهَا، فِإنَّ نِعَمَهُ الظَّاهِرَةِ وَالبَاطِنَةِ عَلَى العِبَادِ بِعَدَدِ الأَنْفَاسِ وَاللَّحَظَاتِ، مِنْ جَمِيعِ أَصْنَافِ النِّعَمِ مِمَّا يَعْرِفُ العِبَادُ، وَمِمَّا لاَ يَعْرِفُونَ، وَمَا يَدْفَعُ عَنْهُمْ مِنَ النِّقَمِ فَأَكْثَرَ مِنْ أَنْ تُحْصَى»([1]).إنتهى كَلاَمُهُ رَحِمَهُ اللهُ.
    وَمِنْ أَجَلِّ هَذِهِ النِّعَمِ التِّي مَنَّ اللهُ بِهَا عَلَيْنَا، نِعْمَةُ الإِسْلاَمِ العَظِيمِ، فَهُوَ نِعْمَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ خُصُوصًا، وَلِلْبَشَرِيَّةِ عُمُومًا، فَهُوَ الدِّينُ الذِّي ارْتَضَاهُ لَنَا رَبُّ البَرِيَّةِ فَقَالَ:ï´؟الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناًï´¾[المائدة:3]. وَهُوَ بَاقٍ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ، فَهُوَ دِينُ البَشَرِيَّةِ جَمِيعاً، لاَ يَهُودِيَّةٍ، وَلاَ نَصْرَانِيَةٍ، وَلاَ أَيَّ دِينٍ سَوَى دِينَ الإِسْلاَمِ، قَالَ جَلَّ وَعَلاَ: ï´؟إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُï´¾[آل عمران:19]، وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ï´؟وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَï´¾[آل عمران:85]، وَقَدْ تَكَفَّلَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِحِفْظِ هَذَا الدِّينِ فَقَالَ: ï´؟إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَï´¾[الحجر:9]، وَذَلِكَ يَكُونُ بِتَقْدِيرِ اللهِ تَعَالَى لِحِفْظِ هَذَا الدِّينِ مِنَ الأَسْبَابِ مَا يَكُونُ بِهِ الحِفْظُ، وَقَدْ بَعَثَ اللهُ جَلَّ وَعَلاَ رَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعَلَ مِنْ حَوْلِهِ رِجَالاً اخْتَارَهُمْ لِصُحْبَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلإِقَامَةِ دِينِهِ مِنْ بَعْدِهِ، فَكَانُوا هُمْ حَفَظَتَهُ وُنَقَلَتَهُ، لِذَلِكَ هُمْ أَفْضَلُ هَذِهِ الأُمَّةِ، وَأَبَرُّهَا قُلُوبًا، وَأَعْمَقُهَا عِلْمًا، وَأَقَلُّهَا تَكَلُّفًا، وَقَدْ أَثْنَى اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: ï´؟مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمْ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماًï´¾[الفتح:29]، وَقَالَ:ï´؟وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُï´¾[التوبة:100]، وَرَضِيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُمْ وَحَذَّرَ مِنْ سَبِّهِمْ فَقَالَ:«لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِي؛ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَوْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلاَ نَصِيفَهُ»([2])، وَقَالَ:«مَنْ سَبَّ أصْحَابي فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالملاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أجْمَعِين»([3])، وَعَدَالَتُهُمْ ثَابِتَةٌ بِثَنَاءِ اللهِ عَلَيْهِمْ، وَثَنَاءِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَـ«إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَوَجَدَ قَلْبَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَاصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ وَابْتَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ، ثُمَّ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ بَعْدَ قَلْبِهِ، فَوَجَدَ قُلُوبَ أَصْحَابِهِ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ بَعْدَ قَلْبِهِ، فَجَعَلَهُمْ وُزَرَاءَ نَبِيِّهِ، يُقَاتِلُونَ عَلَى دِينِهِ»([4])، فَقَدْ بَذَلُوا النَّفْسَ وَالنَّفِيسَ فِي نُصْرَةِ رَسُولِهِ الكَرِيمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِقَامَةِ الدِّينِ، وَرَفْعِ رَايَةِ التَّوْحِيدِ، وَرَبْطِ النَّاسِ بِرَبِّ العَالَمِينَ، فَفَضْلُهُمْ عَظِيمٌ، وَخَيْرُهُمْ كَبِيرٌ، فَهُمْ خَيْرُ النَّاسِ وَأَفْضَلُهُمْ بَعْدَ الأَنْبْيَاءِ عَلَيْهِمْ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ، وَهُمْ كَمَا قَالَ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«خَيرُ النَّاسِ قَرْني»([5])، وإِنَّ لَهُم عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ الْمِنَّةَ وَالْفَضْلَ الْعَظِيمَ، فَمَوْضِعُهُمْ الذِّي وَضَعَهُمْ فِيهِ رَبُّ العَالَمِينَ مَوْضِعٌ شَرِيفٌ، وَمَنْزِلَةٌ رَفِيعَةٌ، فَرُزِقُوا العَدَالَةَ وَالإِمَامَةَ فِي الدِّينِ لَتَقُومَ بِهُمْ الحُجَّةُ بِمَا أَدَّوْهُ وَنَقَلُوهُ عَنْ نَبِيِّهِمْ مِنْ فَرَائِضِ وَسُنَنِ هَذَا الدِّينِ، فَكَانُوا مِنْ عُظَمَاءِ هَذِهِ المِلَّة رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ.
    وَمِنْ هَؤُلاَءِ العُظَمَاءِ، الصَّحَابِيُّ الجَلِيلُ، وَمَلِكُ الإِسْلاَمِ، أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ، وَخَالُهُمْ، وَكَاتِبُ النَّبِيِّ الأَمِينُ، عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلاَةِ وَأَزْكَى التَّسْلِيمْ، وَصِهْرُهُ، وَأَمِينُهُ عَلَى وَحْيِّ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، مُعَاوِيَةَ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَهُوَ الهَادِي الْمَهْدِيُّ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:« اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا وَاهْدِ بِهِ»([6])، وَعَنْ العِرْبَاضِ بْنُ سَارِيَةَ السُّلَمِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولُ اللهِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:« اللَّهُمَّ عَلِّمْ مُعَاوِيَةَ الْكِتَابَ وَالْحِسَابَ وَقِهِ الْعَذَابَ»([7])، وَعَنْ أُمِّ حَرَامٍ الأَنْصَارِيَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أَنَّهَا سَمِعَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:« أَوَّلُ جَيْشٍ مِنْ أُمَّتِي يَغْزُونَ الْبَحْرَ قَدْ أَوْجَبُوا»([8]).
    قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ:« قَالَ الْمُهَلَّب: فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَنْقَبَة لِمُعَاوِيَة لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ غَزَا الْبَحْرَ»([9]).
    وَعَنْ ‏‏ابْنِ عَبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عَنْهُمَا ‏‏قَالَ :‏«كُنْتُ أَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏فَتَوَارَيْتُ خَلْفَ بَابٍ ، قَالَ : فَجَاءَ ‏‏فَحَطَأَنِي ‏حَطْأَةً وَقَالَ :‏ ‏اذْهَبْ وَادْعُ لِي ‏‏مُعَاوِيَةَ ،‏ ‏قَالَ فَجِئْتُ فَقُلْتُ : هُوَ يَأْكُلُ ، قَالَ : ثُمَّ قَالَ ‏‏لِيَ : اذْهَبْ فَادْعُ لِي ‏ ‏مُعَاوِيَةَ ،‏ ‏قَالَ : فَجِئْتُ فَقُلْتُ : هُوَ يَأْكُلُ ، فَقَالَ : لَا أَشْبَعَ اللَّهُ بَطْنَهُ» و في رواية لأحمد زاد : «وَكَانَ كَاتِبَهُ» ([10]).
    قَالَ العَلاَّمَةُ الأَلْبَانِيُّ فِي السِّلْسِلَةِ الصَّحِيحَةِ (1/165) :«وَقَدْ يَسْتَغِلُّ بَعْضُ الفِرَقِ هَذَا الحَدِيثَ لَيَتَّخِذُوا مِنْهُ مَطْعَنًا فِي مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَلَيْسَ فِيهِ مَا يُسَاعِدُهُمْ عَلَى ذَلِكَ؛ كَيْفَ وَفِيهِ أَنَّهُ كَاتِبُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ ! وَلِذَلَكَ قَالَ الحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ (16/349/2): «إِنَّهُ أَصَّحُ مَا وَرَدَ فِي فَضْلِ مُعَاوِيَةَ».
    فَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الدُّعَاءَ مِنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَ مَقْصُودٍ، بَلْ هُوَ مِمَّا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ العَرَبِ فِي وَصْلِ كَلاَمِهَا بِلاَ نِيَّةٍ».
    وَقاَلَ شَيْخُ الإِسْلاَمِ ابْنُ تَيْمِيَةَ:«إِنَّ مُعَاوِيَةَ ثَبَتَ بِالتَّوَاتُرِ أَنَّهُ أَمَّرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا أَمَّرَ غَيْرَهُ، وَجَاهَدَ مَعَهُ، وَكَانَ أَمِيناً عِنْدَهُ يَكْتُبُ لَهُ الوَحْيَ، وَمَا اتَّهَمَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كِتَابَةِ الوَحَيِّ، وَوَلاَّهُ عَمَرَ بْنِ الخَطَابَ الذِّي كَانَ أَخْبَرَ النَّاسِ بِالرِّجَالِ، وَقَدْ ضَرَبَ اللهُ الحَقَّ عَلَى لِسَانِهِ وَقَلْبِهِ، وَلَمْ يَتَّهِمْهُ فِي وِلاَيَتِهِ»([11]).
    هَذَا؛ وَإِنَّ مِنْ نَكَدِ العَيْشِ أَنْ نَعِيشَ لِنَسْمَعَ وَنَرَى التَّطَاوُلَ عَلَى مَقَامِ الصَّحَابَةِ الكِرَامِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَخَاصَةً مَا نُشَاهِدُهُ مِنْ طَعْنٍ وَتَكْفِيرٍ وَرَمْيٍّ بِأَبْشَعِ الصِّفَاتِ فِي حَقِّ الصَّحَابِيِّ اَلْجَلِيلِ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَهَاهِيَ الرَّافِضَةُ التِّي لَمْ يَسْلَمْ مِنْهَا إِلاَّ النَّفَرَ القَلِيلَ مِنَ الصَّحَابَةِ قَدْ فَرَّخَتْ فِي أَعْشَاشِ أَهْلِ السُّنَّةِ لِيَظْهَرَ عَلَيْنَا اليَوْمَ أَقْوَامٌ لَيْسَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ العُلُومِ الشَّرْعِيَةِ لِيُطْلِقُوا أَلْسِنَتَهُمْ فِي مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُمْ وَأَرْفَعُهُمْ دَرَجَةً عِنْدَ اللهِ بِكَثِيرٍ، فَبِدَعْوَى حُبِّ نُصْرَةِ الإِسْلاَمِ وَإِعَادَةِ الخِلاَفَةِ الرَّاشِدَةِ زَعَمُوا، خَلَطُوا الحَابِلَ بِالنَابِلِ، وَأَغْرَقُوا البِلاَدَ فِي الفِتَنِ الخَلاَّقَةِ، حَتَى أَصْبَحَ النَّاسُ فِيهَا حَيَارَى، لاَ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الحَقِّ وَالبَاطِلِ، وَهَذَا مَسْلَكٌ خَطِيرٌ، وَمَنْهَجٌ شِيعِيٌّ رَافِضِيٌّ بَحْتٌ، رُوِّجَ لَهُ عَبْرَ القَنَوَاتِ الفَضَائِيَّةِ الْمَقِيتَةِ، وَعَبْرَ كُتُبِ سَيِّدْ قُطْبْ الذَّمِيمَةِ، وَلاَ نَنْسَى بَعْضَ الجَرَائِدِ الجَزَائِرِيَّةِ اليَوْمِيَّةِ كَالشُّرُوقِ وَغَيْرِهَا، فَأَصْبَحْنَا نَسْمَعُ مِنْ هَؤُلاَءِ الشَّبَابِ، بَلْ مِنَ الصَّحَافِيَّاتِ الكَاسِيَّاتِ العَارِيَّاتِ التَّهَجُمَ عَلَى مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَكَأَنَّهُ عَدُوٌ للهِ، بَلْ وَصَفُوهُ بِأَنَّهُ خَارِجِيٌّ، وَأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ نَحَّى حُكْمَ الشُورَى وَالخِلاَفَةَ الرَّاشِدَةُ كَمَا يَزْعُمُونَ، وَوَضَعَ النِّظَامَ اَلْمَلَكِيُّ الوِرَاثِيُّ، وَكَأَنَّ لِسَانَ حَالِهِمْ يَقُولُ: «إِنَّ مُعَانَاةِ اَلْمُسْلِمِينَ سَبَبُهُ مُعَاوِيَةَ».
    لِهَذَا اسْتَعَنْتُ بِاللهِ جَلَّ وَعَلاَ وَرَفَعْتُ قَلَمِي لِأُدَافِعَ بِهَذَا اَلْمَقَالِ اَلْمُتَوَاضِعِ عَنْ هَذَا الصَّحَابِيِّ اَلْجَلِيلِ، وَأُبَيِّنَ أَمْرَ هَذِهِ الفِرْيَةِ السَّمِجَةِ، مُشَارَكَةً مِنِّي لِإِخْوَانِي فِي هَذَا اَلْمُنْتَدَى اَلْمُبَارَكِ وَنُصْحًا لِلْعَامَةِ وَلِجَمِيعِ اَلْمُسْلِمِينَ، حَتَى يَتَّضِحَ لَهُمْ أَنَّ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ لَمْ يُبَدِّلْ شَيْئًا فِي الإِسْلاَمِ، وَأَنَّ الشُورَى غَيْرُ وَاجِبَةٍ بَلْ مُسْتَحَبَّةٌ، سَوَاءٌ فِي اسْتِخْرَاجٍ الرَّأْيِّ أَوْ فِي أُمُورِ الاسْتِخْلاَفِ، فَنَسْأَلُ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ يُوَفِقَنَا لِهَذَا العَمَلِ، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنْ الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.
    حَقِيقَةُ الشُورَى فِي الإِسْلاَمِ وَمَفْهُومِهَا:
    [لَقَدْ كَثُرَ الكَلاَمُ فِي هَذِهِ الآوِنَةِ الأَخِيرَةِ عَنِ الشُورَى فِي الإسْلاَمِ، وَهِيَ فِي حَقِيقَتِهَا لاَ تَعْدُو أَنْ تَكُونَ بَذْلَ النُّصْحِ لِلْمَنْصُوحِ بِطَلَبٍ أَوْ بِدُونِ طَلَبٍ وَهِيَ أَمْرٌ مَشْرُوعٌ فِي الإسْلاَمَ وَلاَ يَخْتَلِفُ اثْنَانِ فِي مَشْرُوعِيَّةِ الشُورَى؛ لأَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى جَعَلَهَا مِنْ صِفَاتِ اَلْمُؤْمِنِينَ، بَلْ حَثَّ عَلَيْهَا القُرْآنُ؛ حَيْثُ قَالَ اللهُ تَعَالَى فِي تِعْدَادِ كَثِيرٍ مِنْ صِفَاتِ اَلْمُؤْمِنِينَ: ï´؟فَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ * وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَï´¾[الشورى:36-39].
    هَذِهِ مَجْمُوعَةٌ مِنْ صِفَاتِ اَلْمُؤْمِنِينَ يَعْرِضُهَا القُرْآنُ الكَرِيمُ، حَاثًّا عَلَيْهَا تَتَوَسَّطُهَا «الشُورَى»؛ لأَنَّ اَلْمُؤْمِنَ مِنْ دَأْبِهِ أَنْ يَكُونَ مُتَوَاضِعًا غَيْرَ مُتَكَبِّرٍ، فَلاَ يَمْنَعُهُ كِبَرَهُ مِنَ الاسْتِشَارَةِ] ([12]). وَعَرَّفَهَا الرَّاغِبُ الأَصْفَهَانِيُّ بِقَوْلِهِ: « وَالتَّشَاوُرُ، وَاَلْمُشَاوَرَةُ، وَاَلْمَشُورَةُ: اسْتِخْرَاجُ الرَّأْيِّ بِمُرَاجَعَةِ البَعْضِ إِلَى البَعْضِ، مِنْ قَوْلِهِمْ: شِرْتُ العَسَلَ، إِذَا اتَّخَذْتَهُ مِنْ مَوْضِعِهِ وَاسْتَخْرَجْتَهُ مِنْهُ، قَالَ اللهُ تُعُالُى: ï´؟وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِï´¾[آل عمران: 159] الذِّي يُتَشَاوَرُ فِيهِ»([13]).
    قَالَ شَيْخُ الإسْلاَمِ ابْنُ تَيْمِيَةَ رَحِمَهُ اللهُ: «وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ اللهَ أَمَرَ بِهَا نَبِيَّهُ لِتَأْلِيفِ قُلُوبِ أَصْحَابِهِ، وَلِيَقْتَدِي بِهِ مَنْ بَعْدَهُ، وَلِيَسْتَخْرِجَ مِنْهُمْ الرَّأْيَ فِيمَا لَمْ يَنْزِلْ فِيهِ وَحْيٌ، مِنْ أَمْرِ الحُرُوبِ، وَالأُمُورِ الحَرْبِيَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ فَغَيْرُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى بِاَلْمَشُورَةِ»([14]).
    وَمِمَّا سَبَقَ الإِشَارَةُ إِلَيْهِ مِنْ أَنَّ الشُورَى مِنْ صِفَاتِ اَلْمُؤْمِنِينَ وَأَنَّهَا اسْتِخْرَاجٌ لِلرَّأْيِّ فِيمَا لَمْ يَنزِلْ فِيهِ وَحْيٌ، مِنْ أَمْرِ الحُرُوبِ، وَالأُمُورِ الجُزْئِيَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ بَقِيَ أَنْ نَعْرِفَ هَلْ الشُورَى وَاجِبَةٌ عَلَى السُلْطَانِ أَمْ لَيْسَتْ وَاجِبَةً؟.
    إِذَا أَمْعَنَّ النَّظَرَ فِي سِيرَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَقَقْنَا فِي اَلْمَواقِفِ التِّي تَعَرَّضَ لَهَا، نُلاَحِظُ جَيِّدًا أَنَّهُ قَامِ فِي العَدِيدِ مِنَ اَلْمَرَّاتِ بِمُشَاوَرَةِ أَصْحَابِهِ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ بِهَا، بَلْ كَانَ مُتَوكِلاً عَلَى اللهِ وَحْدَهُ فِي الأُمُورِ التِّي عَزَمَ عَلَى تَنْفِيذِهَا، لِهَذَا فَوَلِيُّ الأَمْرِ [إِذَا حَصَلَ لَدَيْهِ عَزْمٌ عَلَى تَنْفِيذِ أَمْرٍ مَا لِكَوْنِهِ وَاضِحًا لاَ غُمُوضَ فِيهِ، أَوْ كَانَ اَلْمَقَامُ مَقَامًا يَتَطَلَّبُ اَلْحَزْمَ وَالبَتَّ لِخُطُورَتِهِ، وَلَدْيِهِ قَنَاعَةٌ كَامِلَةٌ بِأَنَّ ذَلِكَ فِي صَالِحِ اَلْمُجْتَمَعِ الإسْلاَمِيِّ؛ فَعَلَيْهِ أَنْ يَبُتَّ فِي الأَمْرِ وَحْدَهُ بِحَزْمٍ وَثَبَاتٍ؛ مُتَوَكِلاً عَلَى اللهِ، وَمُعْتَمِدًا عَلَيْهِ فِي نَجَاحِ الأَسْبَابِ، دُونَ اسْتِشَارَةٍ، بَلْ دُونَ قَبُولٍ لِقَوْلِ اَلْمُسْتَشَارِ لَوْ قَدَّمَ رَأْيَهُ وَنَصَحَهُ دُونَ طَلَبٍ مِنْ وَلِيِّ الأَمْرِ]([15])، وَلاَ يُوجَدُ أَدَلَّ مِنْ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى مُخَاطِبًا نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:ï´؟ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَï´¾[آل عمرا،159]، قَالَ البَغَوِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ: «قَوْلُهُ تَعَالَى:ï´؟فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِï´¾: لاَ عَلَى مُشَاوَرَتِهِمْ أَيْ: قُمْ بِأَمْرِ اللهِ وَثِقْ بِهِ وَاسْتَعِنْهُ»([16]).
    وَمِنْ هُنَا فَاعْلَمْ أَيُّهَا اليَائِسُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لَمْ يُبَدِّلْ شَيْئًا فِي الإسْلاَمِ لأَنَّ اَلْمَوَاقِفَ التِّي سَأَذْكُرُهَا بِإِذْنِ اللهِ تُبَيِّنُ مَدَى بَرَاءَتِهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مِنْ هَذِهِ الفِرْيَةِ القَبِيحَةِ.
    هَلْ الشُورَى تَكُونُ لِجَمِيعِ النَّاسِ؟:
    اعْلَمْ وَفَّقَكَ اللهُ أَنَّ الشُورَى لاَ تَكُونُ لِجَمِيعِ النَّاسِ بَرِّهِمْ وَفَاجِرِهِمْ، بَلْ تَكُونُ لأَهْلِ الخِبْرَةِ وَالاخْتِصَاصِ مِنْ العُلَمَاءِ اَلْمَعْرُوفِينَ بِالتَّقْوَى وَالصَّلاَحِ، وَهُمْ: «أَهْلُ الحَلِّ وَالعَقْدِ»، فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:«... فَلَمَّا أَسَرُوا الْأُسَارَى، قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ: «مَا تَرَوْنَ فِي هَؤُلَاءِ الْأُسَارَى؟». فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: يَا نَبِيَّ اللهِ ! هُمْ بَنُو الْعَمِّ وَالْعَشِيرَةِ، أَرَى أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُمْ فِدْيَةً، فَتَكُونُ لَنَا قُوَّةً عَلَى الْكُفَّارِ، فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُمْ لِلْإِسْلَامِ. فقالَ رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: «مَا تَرَى يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟». قُلْتُ: لَا وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ ! مَا أَرَى الَّذِي رَأَى أَبُو بَكْرٍ، وَلَكِنِّي أَرَى أَنْ تُمَكِّنَّا، فَنَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ، فَتُمَكِّنَ عَلِيًّا مِنْ عَقِيلٍ فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ، وَتُمَكِّنِّي مِنْ فُلَانٍ نَسِيبًا لِعُمَرَ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ أَئِمَّةُ الْكُفْرِ وَصَنَادِيدُهَا. فَهَوِيَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ، وَلَمْ يَهْوَ مَا قُلْتُ.
    فَلَمَّا كَانَ مِنْ الْغَدِ، جِئْتُ فَإِذَا رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم وَأَبُو بَكْرٍ قَاعِدَيْنِ يَبْكِيَانِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَخْبِرْنِي مِنْ أَيِّ شَيْءٍ تَبْكِي أَنْتَ وَصَاحِبُكَ ؟ فَإِنْ وَجَدْتُ بُكَاءً بَكَيْتُ، وَإِنْ لَمْ أَجِدْ بُكَاءً تَبَاكَيْتُ لِبُكَائِكُمَا !؟. فَقَالَ رسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: «أَبْكِي لِلَّذِي عَرَضَ عَلَيَّ أَصْحَابُكَ مِنْ أَخْذِهِمْ الْفِدَاءَ، لَقَدْ عُرِضَ عَلَيَّ عَذَابُهُمْ أَدْنَى مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ - شَجَرَةٍ قَرِيبَةٍ مِنْ نَبِيِّ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم -» وَأَنْزَلَ اللهُ عزّ وجلّ:ï´؟مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ*ï´¾[الأنفال:67-68] فَأَحَلَّ اللَّهُ لَهُمْ الْغَنِيمَةَ»([17]).
    وَالشَاهِدُ مِنَ القِصَّةِ وَاضِحٌ، فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاوَرَ صَاحِبَاهُ، أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرَ، فَاخْتَارَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْيَ أَبِي بَكْرٍ، وَهُوَ: «العَفْوَ عَنْ الأَسْرَى»، وَلَمْ يَهْوَى رَأْيَ عُمَرَ، فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ الأَمْرَ كَانَ اجْتِهَادًا مِنْهُ بَعْدَ مُشَاوَرَةِ أَصْحَابِهِ لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ فِيهِ مِنَ اللهِ تَعَالَى نَصٌّ، وَزِيَادَةٌ عَلَى هَذَا فَهِيَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ تُرْجَمَانُ القُرْآنِ، إِذْ جَاءَ تَفْسِيرِهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ï´؟وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِï´¾، قَالَ: «أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا»([18])، وَلاَ يَدُلُّ هَذَا إِلاَّ عَلَى فِقْهِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَتَفْسِيرُهُ يُبَيِّنُ أَنَّ اَلْمَشُورَةَ لاَ تَكُونُ لِجَمِيعِ الأُمَّةِ بِمَا فِيهَا مِنْ صَالِحٍ وَطَالِحٍ، وَإِنَّمَا هِيَ لِلْعُلَمَاءِ مِنْ أَهْلِ الحَلِّ وَالعَقْدِ الذِّينَ هُمْ بِطَانَةُ الإِمَامِ، وَانْظُرْ مَنْ هِيَ بِطَانَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا فِي تَفْسِيرِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَاللهُ اَلْمُسْتَعاَنُ.
    وَاَلْرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاوَرَ أَصْحَابَهُ حِينَ بَلَغَهُ إِقْبَالُ أَبِي سُفْيَانَ فَتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَأَعْرَضَ عَنْهُ ثُمَّ تَكَلَّمَ عُمَرُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ فَقَالَ:« إِيَّانَا تُرِيدُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَمَرْتَنَا أَنْ نُخِيضَهَا لَأَخَضْنَاهَا»([19])، قَالَ الإمَامُ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: «قَالَ الْعُلَمَاءُ إِنَّمَا قَصَدَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اخْتِبَارَ الْأَنْصَارِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَايَعَهُمْ عَلَى أَنْ يَخْرُجُوا مَعَهُ لِلْقِتَالِ وَطَلَبِ الْعَدُوِّ وَإِنَّمَا بَايَعَهُمْ عَلَى أَنْ يَمْنَعُوهُ مِمَّنْ يَقْصِدُهُ فَلَمَّا عَرَضَ الْخُرُوجَ لِعِيرِ أَبِي سُفْيَانَ أَرَادَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُمْ يُوَافِقُونَ عَلَى ذَلِكَ فَأَجَابُوهُ أَحْسَنَ جَوَابٍ بِالْمُوَافَقَةِ التَّامَّةِ فِي هَذِهِ الْمَرَّةِ وَغَيْرِهَا»، وَقَالَ: « وَفِيهِ اسْتِشَارَةُ الْأَصْحَابِ وَأَهْلِ الرَّأْيِ وَالْخِبْرَةِ»([20]).
    مَوَاقِفُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صُلْحِ الحُدَيْبِيَةِ وَغَيْرِهَا:
    فَالكُلُّ يَعْرِفُ مَا وَقَعَ فِي صُلْحِ الحُدَيْبِيَةِ بَيْنَ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَعْدَ انْتِهَاءِ مَا جَرَى بَيْنَهُمَا، ذَكَرَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي البِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: أَلَسْتَ نَبِيَّ اللَّهِ حَقًّا؟ قَالَ: " بَلَى ". قُلْتُ: أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ، وَعَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ؟ قَالَ: " بَلَى ". قُلْتُ: فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا إِذَنْ؟! . قَالَ: " إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَلَسْتُ أَعْصِيهِ وَهُوَ نَاصِرِي ". قُلْتُ: أَوَلَسْتَ كُنْتَ تُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِي الْبَيْتَ فَنَطُوفُ بِهِ؟ قَالَ: " بَلَى، فَأَخْبَرْتُكَ أَنَّا نَأْتِيهِ الْعَامَ؟ " قَالَ: قُلْتُ: لَا. قَالَ: " فَإِنَّكَ آتِيهِ وَمُطَوِّفٌ بِهِ ". قَالَ: فَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ: يَا أَبَا بَكْرٍ، أَلَيْسَ هَذَا نَبِيَّ اللَّهِ حَقًّا؟ قَالَ: بَلَى. قُلْتُ: أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ، وَعَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ؟ . قَالَ: بَلَى. قَالَ: قُلْتُ: فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا إِذَنْ؟ قَالَ: أَيُّهَا الرَّجُلُ، إِنَّهُ لَرَسُولُ اللَّهِ، وَلَيْسَ يَعْصِي رَبَّهُ، وَهُوَ نَاصِرُهُ، فَاسْتَمْسِكْ بِغَرْزِهِ، فَوَاللَّهِ إِنَّهُ عَلَى الْحَقِّ. قُلْتُ: أَلَيْسَ كَانَ يُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِي الْبَيْتَ وَنَطُوفُ بِهِ؟ قَالَ: بَلَى، أَفَأَخْبَرَكَ أَنَّكَ تَأْتِيهِ الْعَامَ؟ فَقُلْتُ: لَا. قَالَ: فَإِنَّكَ آتِيهِ وَمُطَوِّفٌ بِهِ»([21]).
    وَالشَاهِدُ مِنَ القَصَّةِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَفَضَ طَلَبَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ اَلْمُتَضَمِنِ عَدَمَ قَبُولِ تِلْكَ الشُّرُوطِ القَاسِيَةِ التِّي وَضَعَهَا اَلْمُشْرِكُونَ، وَلَكِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبِلَهَا مَعَ قَسَاوَتِهَا وَشِّدَتِهَا، وَلَمْ يَلْتَفِتْ لِرَأْيِّ عَمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، بَلْ نَفَذَّ الصُّلْحَ مُتَوَكِلاً عَلَى اللهِ عَزَّوَجَلَّ وَحْدَهُ لأَنَّ [أَمْرَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ثَبَتَ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ أَنْ يُخَالِفَهُ وَلاَ يَتَحَيَّلَ فِي مُخَالَفَتِهِ]([22]). وَكَذَا فَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ، قَالَ الحَافِظُ رَحِمَهُ اللهُ: «وَشَاوَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ يَوْمَ أُحُدٍ فِي اَلْمُقَامِ وَالخُرُوجِ، فَلَمَّا لَبِسَ لَأْمَّتِهِ وَعَزَمَ قَالُوا: أَقِمْ، فَلَمْ يَمِلْ إِلَيْهِمْ بَعْدَ العَزْمِ وَقَالَ: لاَيَنْبَغِي لِنَبِيٍّ يَلْبَسُ لَأْمَّتِهِ فَيَضَعُهَا حَتَى يَحْكُمَ اللهُ»([23]).
    وَكَذَلِكَ[شَاوَرَ عَلِيًّا وَأُسَامَةَ فِيمَا رَمَى بِهِ أَهْلُ الإفْكِ عَائِشَةَ فَسَمِعَ مِنْهُمَا حَتَى نَزَلَ القُرْآنُ، فَجَلَدَ الرَّامِينَ وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى تَنَازُعِهِمْ وَلَكِنْ حَكَمَ بِمَا أَمَرَهُ اللهُ] ([24])، وَكَذَلِكَ فَعَلَ فِي غَزْوَةِ الفَتْحِ[حَيْثُ لَمْ يُعْلِنْ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهَا لأَصْحَابِهِ، بَلْ أَخْفَى خَبَرَهَا عَنْهُمْ جَمِيعًا، فَضْلاً عَنْ أَنْ يَسْتَشِيرَهُمْ فِي أَمْرِهَا، وَلَمْ يَعْلَمْ أَمْرَ الغَزْوِ وَسَبَبَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ غَيْرَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِيقُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ؛ لأَنَّ اَلْمَوْقِفَ يَتَطَلَّبُ الكِتْمَانَ وَالتَّحَفُظَ الشَّدِيدَيْنِ، وَهَذَا مِنْ خُدَعِ الحَرْبِ '' الحَرْبُ خُدْعَةٌ''.
    وَهَذَا اَلْمَوْقِفُ يَدُلُّ عَلَيْهِ الذِّي قَبْلَهُ عَلَى أَنَّ الشُورَى لاَ يَجْرِيهَا وَلِيُّ الأَمْرِ فِي جَمِيعِ الأُمُورِ، بَلْ عِنْدَ الحَاجَةِ إِلَيْهَا، وَعِنْدَمَا يَكُونُ اَلْمَوْقِفُ عَادِيًا، أَمَّا عِنْدَ عَدَمِ الحَاجَةِ، أَوْ عِنْدَمَا يَكُونُ اَلْمَوْقِفُ حَرِجًا يَتَطَلَّبُ الكِتْمَانَ أَوْ البَتَّ دُونَ اسْتِشَارَةِ أَحَدٍ؛ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَوَكَلَ عَلَى اللهِ، وَيَبُتُّ فِي الأَمْرِ؛ مُسْتَعِينًا بِاللهِ وَحْدَهُ]([25]).
    مَوَاقِفُ الصِّدِيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:
    وكَذَلِكَ مَوَاقِفُ الصِّدِيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مَعْرُوفَةٌ لاَ تَخْفَى عَلَى أَحَدٍ حِينَ قَامَ بِتَنْفِيذِ جَيْشِ أُسَامَةَ، وَقَاتَلَ اَلْمُرْتَدِّينَ، وَمَانِعِي اَلْزَّكَاةَ، وَلَمْ يَلْتَفِتْ لِمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ، قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي البِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ: «أشَارَ كَثِيْرٌ مِنَ النَّاسِ على الصِّدِّيقِ أنْ لا يُنْفِذَ جَيْشَ أسَامَةَ لاحْتِيَاجِهِ إلَيْهِ، فِيْمَا هُوَ أهُمُّ الآنَ مِمَّا جُهِّزَ بِسَبَبِهِ فِي حَالِ السَّلَامَةِ، وكَانَ مِنْ جُمْلَةِ مَنْ أشَارَ بِذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ، فَامْتَنَعَ الصِّدِّيقُ مِنْ ذَلِكَ، وأبَى أشَدَّ الإبَاءِ إلَّا أنْ يُنْفِذَ جَيْشَ أسَامَةَ، وقَالَ : وَاللهِ لاَ أُحِلُّ عُقْدَةً عَقَدَهَا رَسُوْلُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وسَلَّم، وَلَوْ أَنَّ الطَّيْرَ تَخَطَّفُنَا، وَالسِّبَاعُ مِنْ حَوْلِ اَلْمَدِينَةِ، وَلَوْ أَنَّ الكِلاَبَ جَرَّتْ بِأَرْجُلْ أُمَّهَاتِ اَلْمُؤْمِنِينَ، لَأُجَهِزَّنَ جَيْشَ أُسَامَةَ، فَجَهَزَّهُ وَأَمَرَ اَلْحَرَسَ يَكُونُونَ حَوْلَ اَلْمَدِينَةِ، فَكَانَ خُرُوجَهُ فِي ذَلِكَ الوَقْتِ مِنْ أَكْبَرِ اَلْمَصَالِحِ وَاَلْحَالَةُ تِلْكَ، فَسَارُوا لاَ يَمُرُّونَ بِحَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ العَرَبِ إِلاَّ أَرْعَبُوا مِنْهُمْ، وَقَالُوا: مَا خَرَجَ هَؤُلاَءِ مِنْ قَوْمٍ إِلاَّ وَبِهِمْ مَنعَةٌ شَدِيدَةٌ، فَغَابُوا أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَيُقَالُ: سَبْعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ آبُوا سَالِمِينَ غَانِمِينَ، ثُمَّ رَجَعُوا فَجَهَّزَهُمْ حِينَئِذٍ مَعَ الأَحْيَاءِ الذِّينَ أَخْرَجَهُمْ لِقِتَالِ اَلْمُرْتَدَّةِ وَمَانِعِي اَلْزَّكاةَ»([26]).
    وَرَوَى اَلْجَمَاعَةُ فِي كُتُبِهِمْ سِوَى ابْنُ مَاجَه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ: «عَلاَمَ تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَى يَشْهَدُوا أَنَّ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، فِإِذَا قَالُوهَا عُصِمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلاَّ بِحَقِّهَا»، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاللهِ لَوْ مَنَعُونِي عِنَاقًا، وَفِي رِوَايَةٍ: عِقَالاً كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَأُقَاتِلَّنَهُمْ عَلَى مَنْعِهَا، إِنَّ الزكَاةَ حَقُّ اَلْمَالِ، وَاللهِ لَأُقَاتِلَّنَ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلاَةِ وَالزكَاةِ. قَالَ عُمَرُ: فَمَا هُوَ إِلاَّ أَنْ رَأَيْتُ اللهَ قَدْ شَرَحَ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ للقِتَالِ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الحَقُّ»([27]).
    فَالصِّدِيقُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لَمْ يُخَالِفْ أَمْرَ اللهِ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ: ï´؟وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِï´¾ بَلْ شَاوَر أَصْحَابَهُ تَطْبِيقًا لِهَذِهِ الآيَةِ وَأَخَذَ بِرَأْيِّهِ لَمَّا رَآهُ الأَصْوَبَ، وَفِي مِثْلِ هَذَا يَقُولُ ابْنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ:«وَمِنْهَا: اسْتِحْبَابُ مَشُورَةِ الْإِمَامِ رَعِيّتَهُ وَجَيْشَهُ اسْتِخْرَاجًا لِوَجْهِ الرّأْيِ وَاسْتِطَابَةً لِنَفُوسِهِمْ وَأَمْنًا لِعَتَبِهِمْ وَتَعَرّفًا لِمَصْلَحَةٍ يَخْتَصّ بِعِلْمِهَا بَعْضُهُمْ دُونَ بَعْضٍ وَامْتِثَالًا لِأَمْرِ الرّبّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ï´؟وشاوِرْهُمْ في الأَمْرِï´¾ وَقَدْ مَدَحَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عِبَادَهُ بِقَوْلِهِ: ï´؟وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْï´¾[ الشورى: 38‏]»([28]).
    هَلْ الشُورَى وَاجِبَةٌ فِي الاسْتِخْلاَفِ؟:
    وَأَمَّا فِي أَمْرِ الاسْتِخْلاَفِ، وَتَوْرِيثِ الحُكْمِ، وَمَا يُدَنْدِنُ حَوْلَهُ اَلْمَارِقِينَ مِنَ الدِّينِ، أَنَّ عَدَمَ الأَخْذِ بِالشُورَى فِي تَوْلِيَةِ الحَاكِمِ يُعَدُّ جَرِيمَةً وَخُرُوجًا عَنِ الإِسْلاَمِ -كَمَا تَقُولُ الرَّافِضَةُ وَمَنْ هُمْ عَلَى شَاكِلَتِهِمْ مِمَّنْ يَنْتَسِبُونَ لأَهْلِ السُّنَّةِ مِنَ الفَجَرَةِ اَلْمَأْجُورِينَ- كَلاَمٌ يَدُّلُ عَلَى أَنَّ الشُورَى مُلْزِمَةٌ فِي الحُكْمِ، وَبَطُلَتْ بِذَلِكَ خِلاَفَةُ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَبَطُلَ الاسْتِخْلاَفُ الذِّي وَرَدَتْ الأَدِلَّةُ بِجَوَازِهِ،كَالذِّي رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ: « قِيلَ لِعُمَرَ: أَلا تَسْتَخْلِفُ؟ قَالَ: إِنْ أَسْتَخْلِفْ فَقَدِ اسْتَخْلَفَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي، أَبُو بَكْرٍ، وَإِنْ أَتْرُكْ فَقَدْ تَرَكَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي، رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَثْنَوْا عَلَيْهِ، فَقَالَ: رَاغِبٌ وَرَاهِبٌ، وَدِدْتُ أَنِّي نَجَوْتُ مِنْهَا كَفَافًا لَا لِي وَلَا عَلَيَّ لَا أَتَحَمَّلُهَا حَيًّا وَلَا مَيِّتًا»([29]).
    وَهَذَا مِنْ أَقْوَى الأَدِلَّةِ عَلَى كَوْنِ أَبِي بَكْرٍ اسْتَخْلَفَ عُمَرَ مِنْ بَعْدِهِ، وَلَمْ يَتْرُكْ الأَمْرَ شُورَى، فَهَلْ يَجْرُؤُ أَحَدٌ عَلَى تَخْطِئَةِ أَبِي بَكْرٍ، وَاَلْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارَ شُهُودٌ لاَ يُنْكِرُونَ؟ بَلْ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ عَلِمَ فِي الأُمَّةِ اخْتِلاَفًا فِي تَوْلِيَةِ أَبِي بَكْرٍ لَعَهِدَ إِلَيْهِ مِنْ غَيْرِ شُورَى، فَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:«قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ ادْعِي لِي أَبَا بَكْرٍ أَبَاكِ وَأَخَاكِ حَتَّى أَكْتُبَ كِتَابًا فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَتَمَنَّى مُتَمَنٍّ وَيَقُولُ قَائِلٌ أَنَا أَوْلَى وَيَأْبَى اللَّهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلا أَبَا بَكْرٍ»([30]).
    قَالَ ابْنُ أَبِي العِزِّ الحَنَفِيُّ: «وَالظَّاهِرُ وَاللهُ أَعْلَمُ أَنَّ اَلْمُرَادَ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَخْلِفْ بِعَهْدٍ مَكْتُوبٍ، وَلَوْ كَتَبَ عَهْدًا لَكَتَبَهُ لِأَبِي بَكْرٍ، بَلْ قَدْ أَرَادَ كِتَابَتَهُ ثُمَّ تَرَكَهُ، وَقَالَ: «يَأْبَى اللَّهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلا أَبَا بَكْرٍ».
    فَكَانَ هَذَا أَبْلَغَ مِنْ مُجَرَّدِ العَهْدِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَلَّ اَلْمُسْلِمِينَ عَلَى اسْتِخْلاَفِ أَبِي بَكْرٍ، وَأَرْشَدَهُمْ إِلَيْهِ بِأُمُورٍ مُتَعَدِّدَةٍ، مِنْ أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ، وَأَخْبَرَ بِخِلاَفَتِهِ إِخْبَارَ رَاضٍ بِذَلِكَ، حَامِدًا لَهُ، وَعَزَمَ عَلَى أَنْ يَكْتُبَ بِذَلِكَ عَهْدًا، ثُمَّ عَلِمَ أَنَّ اَلْمُسْلِمِينَ يَجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ، فَتَرَكَ الكِتَابَ اكْتِفَاءً بِذَلِكَ»([31]).
    وَقَالَ أَبُو يَعْلَى الفَرَّاءُ: «يَجُوزُ للإِمَامِ أَنْ يَعْهَدَ إِلَى إِمَامٍ بَعْدَهُ، وَلاَ يَحْتَاجُ فِي ذَلِكَ إِلىَ شَهَادَةِ أَهْلِ الحَلِّ وَالعَقْدِ، وَذَلِكَ لأَنَّ أَبَا بَكْرٍ عَهِدَ إِلىَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، وَعُمَرُ عَهِدَ إِلَى سِتَّةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَعْتَبِرَا فِي حَالِ العَهْدِ شَهَادَةَ أَهْلِ الحَلِّ وَالعَقْدِ»([32]).
    وَقَالَ اَلْمَاوَرْدِيُّ: «وَأَمَّا انْعِقَادُ الإمَامَةِ بِعَهْدٍ مِنْ قَبْلِهِ فَهُوَ مِمَّا انْعَقَدَ الإجْمَاعُ عَلَى جَوَازِهِ، وَوَقَعَ الاتِّفَاقُ عَلَى صِحَّتِهِ لأَمْرَيْنِ عَمَلَ اَلْمُسْلِمُونَ بِهِمَا وَلَمْ يَتَنَكَّرُوهُمَا:
    - أَحَدُهُمَا: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَهِدَ بِهَا إِلَى عُمَرَ رِضَيَ اللهُ عَنْهُ فَأَثْبَتَ اَلْمُسْلِمُونَ إِمَامَتَهُ بَعْدَهُ وَلَمْ يُنْكِرُوهَا.
    - وَالثَّانِي: أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَهِدَ بِهَا إِلَى أَهْلِ الشُورَى، فَقَبِلَتْ الجَمَاعَةُ دُخُولَهُمْ فِيهَا، وَهُمْ أَعْيَانُ العَصْرِ اعْتِقَادًا لِصِحَّةِ العَهْدِ بِهَا، وَخَرَجَ بَاقِي الصَّحَابَةُ مِنْهَا، وَقَالَ عَلِيٌّ للعَبَّاسِ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمَا حِينَ عَاتَبَهُ عَلَى الدُّخُولِ فِي الشُورَى: «كَانَ أَمْرًا عَظِيمًا مِنْ أُمُورِ الْإِسْلَامِ لَمْ أَرَ لِنَفْسِي الْخُرُوجَ مِنْهُ»، فَصَارَ العَهْدُ بِهَا إِجْمَاعًا فِي انْعِقَادِ الإمَامَةِ»([33]).
    هَذَا وَقَدْ قَالَ قَائِلٌ: «الثَّابِتُ تَارِيخيًّا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إنَّمَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِ الحَلِّ وَالعَقْدِ فِي هَذَا الأَمْرِ وَسَأَلَهُمْ إِنْ كَانُوا يَرْضَوْنَ مَنْ يُوَلِّيَهُ عَلَيْهِمْ فَوَافَقُوا جَمِيعًا، لاَ أَنَّهُ وَلَّى عُمَرَ كَمَا يَزْعُمُ البَعْضُ ثُمَّ قَبِلَتِ الأُمَّةُ، فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمَّا ثَقُلَ عَلَيْهِ اَلْمَرَضُ دَعَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ فَقَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابَ؟ فَقَالَ: مَا تَسْأَلُنِي عَنْ أَمْرٍ إِلاَّ وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَإِنْ. فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنَ بْنَ عَوْفٍ: هُوَ وَاللهِ أَفْضَلُ مِنْ رَأْي كَثِيرٍ، ثُمَّ دَعَا عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَقَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ عُمَرَ، فَقَالَ: أَنْتَ أَخْبِرْنَا بِهِ. فَقَالَ: عَلَى ذَلِكَ؟ فَقَالَ: اللَّهُمَ عِلْمِي بِهِ أَنَّ سَرِيرَتَهُ خَيْرٌ مِنْ عَلاَنِيَتِهِ، وَأَنْ لَيْسَ فِينَا مِثْلَهُ، وَشَاوَرَ مَعَهُمَا سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ، وَأُسَيْدُ بْنُ حَضِيرٍ، وَغَيْرِهِمَا مِنَ اَلْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارَ».
    وَهَذَا الخَبَرُ رَوَاهُ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ (3/199) قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ عَبْدِ اَلْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ. قَالَ: وَأَخْبَرَنَا بَرَدَانُ بنُ أَبِي النَّضَرِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ. وَأَخْبَرَنَا عَمْرُو بَنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي النَّضَرِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ النَّخَعِيُّ، دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمَّا ثَقُلَ دَعَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ.... وَذَكَرَهُ.
    وَفِيهِ: ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ، قَالَ أَحْمَدٌ:كَانَ يَضَعُ الحَدِيثَ، وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ حَدِيثُهُ بِشَيْءٍ، وَقَالَ البُخَارِيُّ: ضَعِيفُ الحَدِيثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوكٌ.
    فَلاَ دَاعِي لِتَسْفِيهِ أَقْوَالِ العُلَمَاءِ بِهَذَا الخَبَرِ فَإِنَّهُ لاَ حُجَّةَ فِيهِ عَلَى مَا تَذْهَبُونَ.
    وَكَذَلِكَ هُنَاكَ أَمْرٌ مُهِمٌّ وَهُوَ أَنَّ عَلِيًّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لَمْ يُشَاوِرْ أَحَدًا قَبْلَ مَوْتِهِ بَلْ بَايَعَ اَلْمُسْلِمُونَ للحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا دُونَ إِقَامَةِ الشُورَى، ثُمَّ تَنَازَلَ اَلْحَسَنُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ الخِلاَفَةِ لِمُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَبَايَعَهُ النَّاسُ جَمِيعاً، وَسُمِيَّ ‏ذَلِكَ العَامُ بِعَامِ اَلْجَمَاعَةِ، فَلِمَ لَمْ يُشَاوِرْ اَلْحَسَنَ أَصْحَابَهُ عِنْدَ تَنَازُلِهِ عَنْ الخِلاَفَةِ؟ فَهَلْ نَحْكُمْ بِحُكْمِكُمْ وَنَقُولُ أَنَّ الحَسَنَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كَانَ مُجْرِمًا لأَنَّهُ لَمْ يُطَبِّقْ الشُورَى؟، بَلْ إِنَّ تَنَازَلَ الحَسَنِ لاَ يَدُلُ إِلاَّ عَلَى إِسْلاَمِ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَفَضْلِهِ، وَإِلاَّ ‏لَمَا كَانَ للحَسَنِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنْ يُسَلِّطَهُ عَلَى وِلاَيَةِ اَلْمُسْلِمِينَ.‏
    قَالَ ابْنُ حَزْمٍ رَحِمَهُ اللهُ: «فَبُويِعَ الحَسَنُ، ثُمَّ سَلَّمَ الأَمْرَ إِلَى مُعَاوِيَةَ، وَفِي بَقَايَا الصَّحَابَةِ مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُمَا، بِلاَ خِلاَفٍ، مِمَّنْ أَنْفَقَ قَبْلَ الفَتْحِ وَقَاتَلَ، فَكُلُّهُمْ ـ أَوَلُهُمْ عَنْ آخِرِهِمْ ـ بَايَعَ مُعَاوِيَةَ، وَرَأَى إِمَامَتَهُ، وَهَذَا إِجْمَاعٌ مُتَيَقَنٌ، بَعْدَ إِجْمَاعٍ عَلَى جَوَازِ إمَامَةِ مَنْ غَيْرُهُ أَفْضَلُ، بِيَقِينٍ لاَ شَكَّ فِيهِ، إِلَى أَنْ حَدَثَ مَنْ لاَ وَزْنَ لَهُ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى، فَخَرَقُوا الإجْمَاعَ بِآرَائِهِمْ الفَاسِدَةِ بِلاَ دَلِيلٍ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ الخِذْلاَنِ»([34]).
    فَهَلْ يَبْقَى لِلْقَوْلِ بِوُجُوبِ الشُورَى مَحَلٌّ مِنْ هَذِهْ الأَدِلَّةِ القَوِيَّةِ؟ وَهَلْ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بَدَّلَ الدِّينَ أَمْ أَنْتُمْ الذِّينَ خَرَقْتُمْ الإجْمَاعَ بِآرَائِكُمْ الفَاسِدَةِ بِلاَ دَلِيلٍ وَلاَ بُرْهَانٍ؟ وَهَلْ هَؤُلاَءِ العُلَمَاءُ الأَجِلاَّءُ فِكْرُهُمْ فِكْرٌ سُعُودِيٌّ بَحْتٌ؟ فِإِنْ دَلَّ هَذَا فَلاَ يَدُلُ إِلاَّ عَلَى حِقْدِكُمْ عَلَى الإسْلاَمِ وَاَلْمُسْلِمِينَ، فَأَنْتُمْ لاَ تُرِيدُونَ نُصْرَتَهُ بَلْ تُرِيدُونَ القَضَاءَ عَلَيْهِ لأَمْرٍ يَعْرِفُهُ كُلُّ عَاقِلٍ وَهُوَ تَنْفِيذُ مُخَطَّطَاتِكُمْ اَلْمَاسُونِيَةِ، فَنَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَ كَيْدَكُمْ فِي نُحُورِكُمْ، وَأَنْ يَخْزِيَكُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنْ الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالِمِينَ.




    ========

    ([1]) : تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (ص:407) ط. دار السلام.
    ([2]) : رواه البخاري (3673) ومسلم (2541) من حديث أَبِي سَعِيدٍ الخدري رضي الله عنه
    ([3]) : حسَّنه الشيخ الألباني رحمه الله في الصَّحيحة ، برقم: (2340).
    ([4]) : من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وقد حسنه الألباني في الضعيفة (2/17) رقم (533) .
    ([5]) : أخرجه البخاري (2652) ، (3651) ومسلم (6472) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
    ([6]) : صححه الشيخ الألباني رحمه الله في الصَّحيحة ، برقم: (1969).
    ([7]) : صححه الشيخ الألباني رحمه الله في الصَّحيحة ، برقم: (3227).
    ([8]) : رواه البخاري (2924).
    ([9]) : فتح الباري. ط: طيبة ( 7/ 196 ).
    ([10]) : الحديث دون لفظ : «وَكَانَ كَاتِبَهُ» أخرجه مسلم في صحيحه (2604) وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في الصَّحيحة ، برقم: (82).
    ([11]) : مجموع الفتاوى (4 / 288).
    ([12]) : من كلام الشيخ أمان الجامي رحمه الله تعالى، رسالة حقيقة الشورى في الإسلام (ص:32).
    ([13]) : مفردات ألفاظ القرآن للراغب الأصفهاني : مادة : شَوَرَ.
    ([14]) : السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية ط. المجمع (ص:227).
    ([15]) : من كلام الشيخ أمان الجامي رحمه الله تعالى، رسالة حقيقة الشورى في الإسلام (ص:41-42).
    ([16]) : معالم التنزيل (تفسير البغوي) ط. دار طيبة (2/124).
    ([17]) :صحيح مسلم رقم : (1763).
    ([18]) : إسناده صحيح، رواه الحاكم في المستدرك (3/74) وصححه ووافقه الذهبي.
    ([19]) : صحيح مسلم رقم : (1779).
    ([20]) : شرح صحيح مسلم (12/124).
    ([21]) : البداية والنهاية .ت: التركي (6/253).
    ([22]) : فتح الباري (ط.طيبة) (17/278).
    ([23]) : فتح الباري (ط.طيبة) (17/275).
    ([24]) : المصدر السابق.
    ([25]) : من كلام الشيخ أمان الجامي رحمه الله تعالى، رسالة حقيقة الشورى في الإسلام (ص:43-44).
    ([26]) : البداية والنهاية .ت: التركي (9/321-322).
    ([27]) : أخرجه البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي و الترمذي و أحمد و انظر تخريجه في السلسلة الصحيحة للألباني رحمه الله (1 / 764-767-770) رقم (407- 408-409-410).
    ([28]) : زاد المعاد في هدي خير العباد (ط.الرسالة) (3/268).
    ([29]) : أخرجه البخاري (7218) و مسلم (1823).
    ([30]) : أخرجه مسلم (2387).
    ([31]) : شرح العقيدة الطحاوية .ت: الأرنؤوط و التركي (ط: الرسالة)، (2/323-324).
    ([32]) : الأحكام السلطانية لأبي يعلى الفراء ت: الفقي : (ص:25).
    ([33]) : الأحكام السلطانية للماوردي (ص:11).
    ([34]) : الفِصَل في الملل والأهواء والنَّحَل (4 / 127) .
    فمن دعا إلى ما دعا إليه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم فهو من دعاة الله، يدعو إلى الحقِّ والهدى، ومن دعا إلى ما لم يدعُ إليه محمَّدٌ صلَّى الله عليه وسلَّم فهو من دعاة الشيطان يدعو إلى الباطل والضلال.([1])

    [1]: آثار ابن باديس (1/182).

  2. #2

    افتراضي رد: الذب عن معاوية رضي الله عنه و إبطال شبهة تبديله للحكم من الشورى إلى الوراثي.

    جزاك الله خيراَ

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Apr 2010
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    6,287

    افتراضي رد: الذب عن معاوية رضي الله عنه و إبطال شبهة تبديله للحكم من الشورى إلى الوراثي.

    أحسن الله اليك اخي

    هذه ملفات رفعتها على موقع نور اليقين
    حمل من هنا


    http://www.up.noor-alyaqeen.com/ucp.php?go=fileuser



  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    الدولة
    قسنطينة /الجزائر
    المشاركات
    384

    افتراضي رد: الذب عن معاوية رضي الله عنه و إبطال شبهة تبديله للحكم من الشورى إلى الوراثي.

    بارك الله فيكما
    فمن دعا إلى ما دعا إليه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم فهو من دعاة الله، يدعو إلى الحقِّ والهدى، ومن دعا إلى ما لم يدعُ إليه محمَّدٌ صلَّى الله عليه وسلَّم فهو من دعاة الشيطان يدعو إلى الباطل والضلال.([1])

    [1]: آثار ابن باديس (1/182).


معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. حكم تبيين الخطأ وكيفية تبيينه ؟ | إذا صـدر الخطـأ مـن شخـص مرمـوق يؤخـذ بقولـه !!!
    بواسطة أبو خالد الوليد خالد الصبحي في المنتدى المنبــر الإسلامي العــام
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 22-Sep-2017, 08:22 AM
  2. رد أخطر شبهة عند الخوارج للإمام الفوزان حفظه الله تعالى [ شبهة أن الحاكم يوالي الكفار ]
    بواسطة كمال بن طالب زيادي في المنتدى المنبــر الإسلامي العــام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 23-Mar-2016, 04:16 PM
  3. الذب عن الشيخ ربيع بن هادي وتبرئته مما قذفه به ابو حمزة السوري الحدادي
    بواسطة أبو العصماء عمر المغربي في المنتدى المنبــر الإسلامي العــام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 01-Jul-2013, 04:27 AM
  4. [حصري] إبطال شبهة من ادعى أن العلماء الكبار كانت مجالسهم تخلو من الردود ( الجزء الثاني )د.أحمد بن عمر بازمول
    بواسطة مجدي أبوبكر عبدالكريم العوامي في المنتدى منبر الرد على أهل الفتن والبدع والفكر الإرهابي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 08-Oct-2012, 02:38 AM
  5. إبطال شبهة من ادعى أن العلماء الكبار كانت مجالسهم تخلو من الردود ..الشيخ حمد بن عمر بازمول -رعاه الله
    بواسطة أبو عبد المصور مصطفى الجزائري في المنتدى منبر الرد على أهل الفتن والبدع والفكر الإرهابي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 07-Oct-2012, 02:44 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •