قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من طلب الدنيا أضر بالآخرة ، ومن طلب الآخرة أضر بالدنيا))

الخلاصة
أن الحديث حسنٌ مرفوعاً ، صحيح موقوفاً على ابن مسعود -رضي الله عنه- .
معنى الحديث والأثر

والمراد بهذا الحديث والأثر أن تقديم الدنيا على الآخرة فإنه يضر به في الآخرة ، ويورده المهالك .

لأن من قدم الدنيا وما فيها من ملذات وشهوات على الآخرة أداه ذلك لارتكاب المحرمات والمنهيات ، وأقل ما يؤدي إليه ذلك هو تثبيطه عن فعل الحسنات والمسابقة في الخيرات .

فليس المراد بهذا الحديث هو تحريم ما أحل الله وأباحه من أمور الدنيا المباحة والتي ليست وسيلة لعبادة وطاعة .

قال الإمام ابن حبان مبوباً على هذا الحديث : [ذكر الإخبار بأن الإمعان في الدنيا يضر في العقبى كما أن الإمعان في طلب الآخرة يضر في فضول الدنيا].

وقال العلامة ابن رجب -رحمه الله- : [وقد ذم الله تعالى من يحب الدنيا ويؤثرها على الآخرة ، كما قال:{كلا بل تحبون العاجلة * وتذرون الآخرة} ، وقال: {وتحبون المال حباً جَمّاً}، وقال: {وإنه لِحُبِّ الخير لشديد}، والمراد حبُّ المال ، فإذا ذم من أحب الدنيا دل على مدحِ منْ لا يحبها ، بل يرفضها ويتركها] . جامع العلوم والحكم(2/207).

ففي الحديث ذمُّ من يؤثر الدنيا ويقدمها على الآخرة ، ومدح من يؤثر الآخرة ويقدمها على الدنيا .

والعلة في ذلك أن الدنيا فانية زائلة راحلة كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- : ((كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)) رواه البخاري في صحيحه من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-

والآخرة هي الباقية فالعاقل اللبيب هو الذي يؤثر الباقي على الفاني ، والذي يؤثر ما يبقى على ما يزول ويفنى .

قال تعالى:{وللآخرة خير لك من الأولى} والأولى هي الدنيا .

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد .

كتبه:
أبو عمر أسامة بن عطايا بن عثمان العتيبي
منقول