2176 - " لهم ما لنا ، و عليهم ما علينا . يعني أهل الذمة " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 5/195 ) :
باطل لا أصل له
في شيء من كتب السنة ، و إنما يذكره بعض الفقهاء المتأخرين ممن لا دراية لهم في
الحديث . قال الزيلعي في " نصب الراية ، لأحاديث الهداية " ( 4/55 ) :
" قال المصنف : و أهل الذمة في المبايعات كالمسلمين ، لقوله عليه السلام في ذلك
الحديث : فأعلمهم أن لهم ما للمسلمين ، و عليهم ما عليهم . قلت : لم أعرف

الحديث الذي أشار إليه المصنف ، و لم يتقدم في هذا المعنى إلا حديث معاذ ، و هو
في " كتاب الزكاة " ، و حديث بريدة و هو في " كتاب السير " ، و ليس فيها ذلك "
.
و أقره الحافظ في " الدراية " ( 2/162 ) .
قلت : و قد جاء ما يشهد ببطلان الحديث ، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال : " لهم ما لنا و عليهم ما علينا " ليس في أهل الذمة ، و إنما في الذين
أسلموا من أهل الكتاب و المشركين ، كما جاء في حديث سلمان و غيره ، رواه مسلم
و غيره . و هو مخرج في " الإرواء " ( 1247 ) و غيره .
و إن مما يؤكد بطلانه مخالفته لنصوص أخرى قطعية كقوله تعالى :
*( أفنجعل المسلمين كالمجرمين . ما لكم كيف تحكمون )* ، و قوله صلى الله عليه
وسلم :
" لا يقتل مسلم بكافر " ، و قوله :
" للمسلم على المسلم خمس : إذا لقيته فسلم عليه ... " الحديث ، و قوله :
" لا تبدؤا اليهود و النصارى بالسلام .. " .
و كل هذه الأحاديث مما اتفق العلماء على صحتها .
و من هنا يظهر جليا صدق عنوان كتابنا هذا في الأحاديث الضعيفة : " و أثرها
السيئ في الأمة " ، فطالما صرفت كثيرا منهم على مر الدهور و العصور عن دينهم ،
لا فرق في ذلك بين العقائد و الأحكام و الأخلاق و السلوك ، و ليس ذاك في العامة
فقط ، بل و في بعض الخاصة ، و ها هو المثال بين يديك ، فإن هذا الحديث الباطل ،
قد تلقاه بالقبول بعض الدعاة و الكتاب الإسلاميين ، و أشاعوه بين الشباب المسلم
في كتاباتهم و محاضراتهم ، و بنوا عليه من الأحكام ما لم يقل به عالم من قبل !
فهذا هو كاتبهم الكبير الشيخ محمد الغزالي يقول فيما سماه بـ " السنة النبوية
.. " ( ص 18 ) :
" و قاعدة التعامل مع مخالفينا في الدين و مشاركينا في المجتمع : لهم ما لنا
و عليهم ما علينا . فكيف يهدر دم قتيلهم ؟ ! " .
و هو تابع في ذلك للأستاذ حسن البنا رحمه الله ، فهو الذي أشاعه بين شباب
الأخوان و غيرهم ، و هذا هو سيد قطب عفا الله عنه يقول مثله ، و لكن بجرأة
بالغة على تصحيح الباطل :
" و هؤلاء لهم ما لنا و عليهم ما علينا بنص الإسلام الصحيح " ! !
كذا في كتابه " السلام العالمي " ( ص 135 - طبع مكتبة وهبة الثانية ) .
و قد جرى على هذه الوتيرة من المخالفة للنصوص الصحيحة ، اعتمادا على الأحاديث
الضعيفة غير هؤلاء كثير من الكتاب المعاصرين ، لجهلهم بالسنة ، و تقليدهم لبعض
الآراء المذهبية ، و من هؤلاء الأستاذ المودودي رحمه الله ، و قد تقدم الرد
عليه في تسويته بين المسلم و الذمي في الحقوق العامة تحت الحديث المتقدم برقم (
460 ) .
و إن مما يحسن لفت النظر إليه أن الأحناف الذين تفردوا بهذا الحديث الباطل ، لم
يأخذوا به إلا في المبايعات كما تقدم ذكره عن كتابهم " الهداية " ، خلافا
لهؤلاء الكتاب الذي توسعوا في تطبيقه توسعا خالفوا به جميع العلماء . فاعتبروا
يا أولي الألباب !
بعد كتابة هذا أخبرني أحد الإخوان بأن هذا الحديث قد تقدم الكلام عليه برقم (
1103 ) ، و لدى المقابلة وجدت هنا من الفوائد ما لم يذكر هناك ، فبدا لي
الإبقاء عليه و عدم حذفه . وبالله التوفيق .