تعليق من كتاب تمام المنة في تعليق على فقه السنة للشيخ الألباني رحمه الله تعالى حول مشروعية التيمم لمن خاف خروج وقت الصلاة
من الصفحة 132الى 133

قوله : " ( و ) إذا كان قادرا على استعمال الماء ، لكنه خشي خروج الوقت باستعماله في الوضوء أو الغسل فإنه يتيمم ويصلي ولا إعادة عليه " .
قلت : والذي يتبين لي خلافه ، ذلك لأنه من الثابت في الشريعة أن التيمم إنما يشرع عند عدم وجود الماء بنص القرآن الكريم ، وتوسعت في ذلك السنة المطهرة فأجازته لمرض أو برد شديد كما ذكره المؤلف ، فأين الدليل على جوازه مع قدرته على استعمال الماء ؟ فإن قيل : هو خشية خروج الوقت . قلت : هذا وحده لا يصلح دليلا ، لأن هذا الذي خشي خروج الوقت له حالتان لا ثالث لهما : إما أن يكون ضاق عليه الوقت بكسبه وتكاسله ، أو بسبب لا يملكه مثل النوم والنسيان ، ففي هذه الحالة الثانية فالوقت يبتدئ من حين الاستيقاظ أو التذكر بقدر ما يتمكن من أداء الصلاة فيه كما أمر ، بدليل قوله في : " من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها " .
أخرجه الشيخان وغيرهما واللفظ لمسلم ، فقد جعل الشارع الحكيم لهذا المعذور وقتا خاصا به ، فهو إذا صلى كما أمر ، يستعمل الماء لغسله أو وضوئه ، فليس يخشى عليه خروج الوقت ، فثبت أنه لا يجوز له أن يتيمم ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية كما في " الاختيارات " ( ص 12 ) ، وذكر في " المسائل الماردينية " ( ص 65 ) أنه مذهب الجمهور .
وأما في الحالة الأولى ، فمن المسلم أنه في الأصل مأمور باستعمال الماء ، وأنه لا يتيمم ، فكذلك يجب عليه في هذه الحالة أن يستعمل الماء ، فإن أدرك الصلاة فبها ، وإن فاتته فلا يلومن إلا نفسه ، لأنه هو الذي سعى إلى هذه النتيجة .
هذا هو الذي اطمأنت إليه نفسي ، وانشرح له صدري ، وإن كان شيخ الإسلام وغيره قالوا : إنه يتيمم ويصلي ، والله أعلم . ثم رأيت الشوكاني كأنه مال إلى هذا الذي ذكرته ، فراجع " السيل الجرار " ( 1 / 126 - 127 ) .
كتبه أبو عبد المصور مصطفى
دار الراية للنشر والتوزيع