الجمع اللطيف لما اشتهر من الحديث الضعيف
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
من أسباب محنة المسلمين في هذا العصر، أنه تسلط على التدريس والخطابة اليوم أقوام يأكلون الدنيا بالدين، وأصبح كثير من القائمين على تعليم أبناء الأمة أمور دينهم.. ثلة من الجهلة، وأهل الأهواء والبدع، وأصحاب الحزبيات والطرق... فعم الجهل، وكثرت البدع، وتفشى الشرك، والأمر لله من قبل ومن بعد.
ولأن أهل البدع والضلال أقوام تَتَجارى بهم الأهواء كما يَتجارى الكَلَبُ بصاحبه، عمدوا إلى أحاديث ضعيفة، وربما موضوعة، تخدم منهجهم وبدعهم، ونشروها بين أبناء الأمة على أنها صحيحة ثابتة عن نبينا ـ ï·؛ ـ، وما ذلك إلا لأن في هذه الأحاديث استنباطات حركية، أو تلميحات ثورية، أو ترسيخات عقدية، تقوي بدعهم، وتسكت مخالفهم ! .
كترويج الحركيين لحديث "من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم"، وقد حكم عليه البيهقي ـ رحمه الله ـ بالوضع، وقال الشيخ الألباني عليه الرحمة: "ضعيف جدًا".
والحديث الذي يروج له مريدو الطرق الصوفية: " أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر! "، وهو حديث باطل مكذوب، وأتذكر أن الحديث الذي أشعل به "يوسف القرضاوي" ـ عامله الله بما يستحق ـ نار ثورات " الخراب العربي"، لكي يستدل به على الخروج على الحكام، ومشروعية المظاهرات والاعتصامات، وأخذ يكرره كأنه لا خلاف على صحته!: "عجبت لمن لا يجد قوت يومه كيف لا يخرج على الناس شاهراً سيفه! " ، وهذا الحديث لا يعلم له أصل في كتب أهل الإسلام، لا في الصحيح ولا الضعيف ، ومع ذلك هيجت به الجماهير، وأسيلت به الدماء، وخربت البلاد، وفسد دين كثير من العباد. وإنا لله وإنا إليه راجعون.
وقد بد لي أن أجمع جملة من هذه الأحاديث المشتهرة بين الناس اليوم، مما روجه هؤلاء الضلال، أو جرى على ألسنة بعض الخطباء والوعاظ، ظنا منهم صحة نسبتها إلى النبي ـ ï·؛ ـ .
ـ وقد أعرضت عن أحاديث ذكرها علماؤنا في كتب الضعيف والموضوعات، لكنها أصبحت بين الناس اليوم كالعرف أو المثل الشعبي، ولا يوجد من يرفعها لرسول الله ـ ï·؛ ـ ، كأحاديث: " خير البر عاجله " ، و" اتق شر من أحسنت إليه "، و" إكرام الميت دفنه" ... إلخ.
ـ وطلبا للاختصار ما وجدته ذكره علماؤنا المتقدمون، وأورده الشيخ الألباني في كتبه، أشرت إليه من كتب الشيخ، واكتفيت بذكر مصدر واحد، مع ذكر حكم الشيخ عليه، وذلك لسهولة الوصول لكتب الشيخ ـ رحمه الله ـ لمن أراد الزيادة.
ـ اقتصرت في عدد من الأحاديث على جزء معين فيها لشهرته.
ـ تركت أحاديث نبه العلماء على ضعفها، لكنها صحت بألفاظ متقاربة خوفًا من اللبس، وأن يظن القارئ أنه لم يصح في الباب حديث.
ـ حاولت تبويب الأحاديث المتقاربة في باب واحد تسهيلا على القارئ.
ـ هذا؛ وليس معنى التنبيه هنا على ضعف حديث، أنه لم يثبت حكمه أو ثوابه في حديث أخر، فالتنبيه هنا على لفظه لم يقلها الرسول ï·؛ وربما قال غيرها، حتى لا يدخل المسلم تحت قوله ï·؛: " من كذب علي متعمدا ، فليتبوأ مقعده من النار" . [ متفق عليه ].
تنبيه: ربما أذكر حديثا ليس مشتهر اللفظ، ولكن مشتهر الحكم، فأذكره بيانا لضعف الحكم، لان الحكم فرع عن الأصل.
وأسأل الله عز وجل أن ينفع بهذا العمل، وأن يجعله خالصا متقبلا.
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وكتب
أبو صهيب وليد بن سعد
القاهرة 30 / ذو الحجة / 1436
13 / 10 / 2015