صلاة مَنسِيَّة ينبغي إحياؤها
3174-(كان لا يدعُ ركعتينِ قبل الفجرِ،وركعتينِ بعدالعصرِ).

قال الألباني: في سلسلة الأحاديث الصحيحة - المجلد السابع
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف " (2/352): حدثنا عفان قال: نا أبو عوانة قال:ثنا إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه:أنه كان يصلي بعد العصر ركعتين، فقيل له؟ فقال: لو لم أصلهما إلا أني رأيت مسروقاً يصليهما ؛ لكان ثقة، ولكني سألت عائشة؟ فقالت:... فذكره.
قلت: هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، رجاله كلهم ثقات لا مغمز فيهم،وإنما خرجته لصحته وعزة إسناده،ولما فيه من عمل محمد بن المنتشر
تبعاً لمسروق التابعي الجليل- به، وإلا فالحديث مخرج في "الصحيحين " وغيرهما كما تقدمت الإشارة إلى ذلك في الحديث الذي قبله.
والمرفوع من هذا قد أخرجه الطحاوي في"شرح المعاني"(1/177) من طريق أخرى عن أبي عوانة به.
وروى ابن أبي شيبة قبيل هذا بسند صحيح عن أشعث بن أبي الشعثاء قال: خرجت مع أبي (واسمه سُليم بن أسود المحاربي) وعمرو بن ميمون والأسود
ابن يزيد وأبي وائل، فكانوا يصلون بعد العصر.
ثم روى مثله عن جمع آخر من السلف؛ منهم الزبير بن العوام، وابنه عبد الله رضي الله عنهما، وكذا علي رضي الله عنه، وأبو بردة بن أبي موسى.
بل روى ابن حبان (1568- 1570)، والشيخان عن الأسود ومسروق عن
عائشة:أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصليهما.وهو مخرج في"صحيح أبي داود" (1160). وروى عبد الرزاق (2/433/377) بسند صحيح عن طاوس: أن أبا أيوب الأنصاري كان يصلي قبل خلافة عمر ركعتين بعد العصر، فلما استخلف عمر تركهما، فلما توفي ركعهما، فقيل له: ما هذا؟ فقال: إن عمر كان يضرب الناس عليهما. قال ابن طاوس: كان أبي لا يدعهما.
قلت: فمن الخطأ الشائع في كتب الفقه: النهي عن هاتين الركعتين، بل وعدم ذكرهما في زمرة السنن الرواتب مع ثبوت مداومته - صلى الله عليه وسلم - عليهما كما كان يداوم على ركعتي الفجر، ولا دليل على نسخهما، ولا على أنهما من خصوصياته
- صلى الله عليه وسلم -، كيف وأعرف الناس بهما يحافظ عليهما-وهي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها- ومن وافقها من الصحابة والسلف كما تقدم.
يضاف إلى ذلك أن النصوص الناهية بعمومها عن الصلاة بعد العصرهي مقيدة بالأحاديث الأخرى الصريحة بإباحة الصلاة قبل اصفرار الشمس، ومنها حديث علي رضي الله عنه مرفوعاً بلفظ:
"لا تصلوا بعد العصر؛إلا أن تصلوا والشمس مرتفعة ".
وهو حديث صحيح جاء من أكثر من طريق،وقد سبق تخريجه برقم(200
و314).وقد ذهب إلى شرعية هاتين الركعتين أبو محمد بن حزم في "المحلى" والرد على المخالفين في بحث واسع شيق في آخر الجزء الثالث وأول الرابع؛ فليراجعه من شاء.
وراجع الحديث الذي قبله؛ لتعرف سبب ضرب عمر لمن كان يصلي الركعتين.*