الحكمة من التيمم والمسح على الخفين

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. أما بعد :

فإن من التشريعات التي تميزت بها هذه الشريعة الإسلامية, شريعة اليسر والسماحة ,التيمم والمسح على الخفين فعند عدم وجود الماء أو حصول الضرر باستعماله , شرع التيمم ومتى لبس المسلم خفين أو جوربين أو نحوهما على طهارة , جاز له أن يمسح عليهما مدة يوم وليلة من المسح أي أربع وعشرون ساعة للمقيم , أما المسافر فيمسح ثلاثة أيام بلياليهن , أي اثنان وسبعون ساعة ومن المعلوم انه لا يوجد تشريع بدون علة أو حكمة , فالشريعة الإسلامية منزهة عن العبث فلا يوجد فيها حكمٌ بدون فائدة , وقد تعرف العلة والحكمة وقد لا تعرف , أو قد يعرفها البعض وتخفى على البعض الآخر , ولم أجد أحداً من أهل العلم ذكر حكمة للتيمم مقبولة أو للمسح على الخفين سوى ما ذكر ابن القيم رحمه الله في حكمة استعمال التراب فقط , فقد يقول قائل ما الفائدة من مسح التراب في التيمم فليس فيه تنظيف كالوضوء , وإنما ربما اتسخ وجهه ويداه بالتراب , وما الفائدة من مسح الجوربين أو الخفين فليس في ذلك تنظيف وإنما بلل بسيط ينتقل من باطن الكفين إلى الجوارب أو الخفاف .

فأقول : إن الحكمة في ذلك حسب ما ظهر لي , هو تذكير المتوضئ بغسل القدمين حيث انه لو قيل للابس الخفين يكفيك الاقتصار على بقية الأعضاء , ما دمت لابساً للخفين أو الجوربين فإنه ربما يخلعهما ويستمر في الاقتصار على بقية الأعضاء غفلة ونسياناً , لكن مع وجوب المسح لن ينساهما فإنه إذا التفت إلى قدميه , فإما أن يمسح وإما أن يغسل وكذلك لو قيل لمن شرع له التيمم يكفيك أن تصلي بدون طهارة التيمم , فربما استمر غفلة أو نسياناً في الصلاة بدون طهارة مع وجود الماء أو القدرة على استعماله لكن التيمم يذكره بالطهارة دائماً فإذا هم بالتيمم تذكر وجود الماء فعدل إلى الوضوء أو الاغتسال للحدث الأكبر والله أعلم , وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .