3342- (هذا سالم مولى أبي حذيفة، الحمد لله الذي جعل في أمتي مثل هذا ).
قال الألباني: في سلسلة الأحاديث الصحيحة - المجلد السابع
أخرجه ابن ماجه (1338)- والسياق له-، وابن نصر في "قيام الليل " (ص 55)، وأحمد (6/165)، وأبو نعيم في "الحلية " (1/ 371)، والحاكم (3/325) من طريقين عن حنظلة بن أبي سفيان: أنه سمع عبدالرحمن بن سابط الجمحي يحدث عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت:
أبطأث على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة بعد العشاء، ثم جئت فقال:
"أين كنت؟ ".
قلت: كنت أستمع قراءة رجل من أصحابك، لم أسمع مثل قراءته وصوته من أحد، قالت: فقام وقمت معه حتى استمع له، ثم التفت إلي فقال:... فذكره. وقال الحاكم:
"صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي!
كذا قالا! وفيه أمران:
الأول: أن عبدالرحمن بن سابط لم يخرج له البخاري شيئاً.
والآخر: أن ابن سابط لم أجد من صرح أنه سمع من عائشة رضي الله عنها، وقد أرسل عن كثير من الصحابة، وروى له مسلم عن عائشة فرد حديث بواسطة - كما قال الخزرجي في "الخلاصة"-؛ ففيه شبهة الانقطاع. وكأنه لذلك قال الحافظ العراقي في "تخريج الإحياء"- بعدما عزاه لابن ماجه (1)-:
__________
(1)الأصل: "أبو داود"! وهو خطأ من الناسخ أو الطابع، فلم يروه أبو داود.
__________
"ورجال إسناده ثقات ".
قلت: فلم يصححه. وقد بين ذلك الحافظ في "تخريج الأذكار"، فقال- كما
في "شرح ابن علان " (3/266)-:
"تفرد به ابن ماجه، ورجاله رجال "الصحيح "؛ إلا أن عبدالرحمن بن سابط كثير الإرسال، وهو تابعي ثقة، وقد (أخرجه) ا بن المبارك في "كتاب الجهاد" مرسلاً، فقال: عن ابن سابط: أن عائشة سمعت سالماً... وابن المبارك أتقن من الوليد الذي روى الحديث موصولاً؛ لكن للحديث طريق آخر ذكر فيه الحديث دون القصة، وإذا انضم إلى السند [ الذي ] قبله؛ تقوى به، وعرف أن له أصلاً ".
قلت:وقوله:"وابن المبارك أتقن من الوليد"مما لا شك فيه، ولكنه يشعر (1) أن الوليد تفرد به، وليس كذلك؛ كما أشرت إليه في قولي المتقدم:
"من طريقين عن حنظلة".
وأعني بالأولى: طريق الجماعة عن (الوليد)، وبالأخرى: طريق أحمد قال: "ثنا ابن نمير قال: ثنا حنظلة عن ابن سابط عن عائشة... "، رواه في جملة أحاديت لابن نمير- واسمه عبدالله أيضاً-، وهو ثقة من رجال الشيخين، فهذه متابعة قوية منه للوليد بن مسلم، فالعلة شبهة الانقطاع، وليست المخالفة، والله أعلم.
ثم رأيت الحافظ قد ذكر رواية أحمد هذه في "الإصابة"، ومع ذلك نصب الخلاف بين ابن المبارك والوليد فقط، فقال:
"وابن المبارك أحفظ من الوليد"!
__________
(1)الأصل: "يشعر 7 عن "!! والتصحيح من "شرح الإحياء" (4/498).
__________
ثم قواه بطريق البزار؛ وقال:
"ورجاله ثقات ".
وهو كما قال، لكن فيه عنعنة ابن جريج، فإنه قال: عن ابن أبي مليكة عن عائشة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سمع سالماً مولى أبي حذيفة يقرأ من الليل فقال:... فذكره مختصراً.
أخرجه البزار (3/254/2694) بسند صحيح عنه. وقال الهيثمي (9/ 330):
"رواه البزار، ورجاله رجال الصحيح ".
قلت: فهو صحيح الإسناد لولا العنعنة. لكنه شاهد قوي لحديث عائشة؛ فأحدهما يقوي الآخر. وقد قال البوصيري في "مصباح الزجاجة " (1/ 158) في حديث عائشة:
"هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات، رواه الحاكم... ".
استدراك:
ثم تبينت أن رواية ابن المبارك التي اعتمدها الحافظ في إعلال رواية الثقتين: الوليد بن مسلم، وعبدالله بن نمير: مما لا يجوز الثقة بها- بله معارضة رواية الثقات بها-، وكان مفتاح ذلك أنني رأيت ابن الأثير- جزاه الله خيراً- قد ساق إسناده إلى ابن المبارك بها، في ترجمة سالم رضي الله عنه في "أسد الغابة"، فإذا هي من طريق (سعيد بن رحمة بن نعيم) قال: سمعت ابن المبارك...
وسعيد هذا لم يوثقه أحد، بل قال ابن حبان في "الضعفاء" (1/328):
"روى عنه أهل الشام، لا يجوز الاحتجاج به " لمخالفته الأثبات في الروايات ".
ونقله عنه الذهبي في " الميزان "، والعسقلاني في "اللسان "، وأقراه، وذكرا أنه
هو راوي "كتاب الجهاد" عن ابن المبارك. فلا أدري كيف غاب هذا عن الحافظ، واعتمد على الكتاب المذكور فيما تقدم ؟ ! *