3368- لما نزلت هذه الآية: (يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه) ؛ أوْمأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أبي موسى بشيء كان معه، فقال:
"هم قوم هذا ").

قال الألباني: في سلسلة الأحاديث الصحيحة - المجلد السابع
أخرجه الحاكم (2/313)، وابن أبي شيبة في "المصنف " (12/125)، وابن سعد في "الطبقات " (4/107)، وابن جرير في "التفسير" (6/183)، والطبراني في "المعجم الكبير" (17/371/1016) من طرق عن شعبة عن سماك بن حرب عن عياض الأشعري قال:... فذكره. وقال الحاكم:
"صحيح على شرط مسلم ". ووافقه الذهبي.
وقال الهيثمي في "المجمع " (7/16):
"رواه الطبرا ني، ورجاله رجال الصحيح ".
وأقول: عياض: هو ابن عمرو الأشعري، مختلف في صحبته. فقال الحافظ
في التقريب:
"صحابي، له حديث، وجزم أبو حاتم بأن حديثه مرسل، وأنه رأى أبا عبيدة
ابن الجراح؛ فيكون مخضرماً " .
قلت: وقد جاء موصولاً ؛ فقال ابن جرير: حدثنا ابن المثنى قال: ثنا أبو الوليد قال: ثنا شعبة عن سماك بن حرب، قال: سمعت عياضاً يحدث عن أبي موسى: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ هذه الآية... الحديث نحوه.
قلت: وهذا إسناد صحيح متصل؛ فإن أبا الوليد هذا- واسمه هشام بن
عبدالملك- ثقة ثبت من رجال الشيخين؛ كما في "التقريب "، فالظاهر أن شعبة كان يرسله تارة ويسنده أخرى، فقد تابعه على إسناده عبدالصمد بن عبدالوارث: حدثنا شعبة به:
أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره " (3/13/1).
ويشهد لهذا المسند: أنه قد توبع عليه من عبدالله بن إدريس عن أبيه عن سماك بن حرب به.
أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" (5/ 351) من طريق عبدالله بن أحمد بن حنبل قال: ثنا أبو معمر: حدثنا عبدالله بن إدريس به.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم أيضاً؛ غير عبدالله بن أحمد ، وهو ثقة، وكذلك من دونه.
وللحديث شواهد:
أولاً: عن معاوية بن حفص قال: حدثنا أبو زياد- يعني: إسماعيل بن زكريا-
عن محمد بن قيس عن محمد بن المنكدر عن جابر قال:
سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قوله: (فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه )؟ قال: "هؤلاء قوم من اليمن، ثم من كندة، ثم من السكون، ثم من تجيب ".
أخرجه ابن أبي حاتم أيضاً، والطبراني في "المعجم الأوسط " (2/232/1414)، وقال- والسياق له-:
"لم يروه عن محمد بن قيس الأسدي إلا أبو زياد، ولا عن أبي زياد إلا معاوية، تفرد به أبو حميد".
كذا قال! ولم يتفرد به- وهو ثقة-؛ فقد تابعه محمد بن المصفى عند ابن أبي حاتم، ولكنه مضعف، قال الحافظ:
"صدوق، له أوهام، وكان يدلس ".
قلت: وقد صرح بالتحديث، لكنه لم يذكر في إسناده: (محمد بن قيس الأسدي)، فلعل ذلك من أوهامه ! وعلى كل حال فالإسناد جيد ، رجاله كلهم ثقات؛ غير معاوية بن حفص- وهو الشعبي الحلبي-، قال الحافظ:
" صد وق ".
ولذلك قال الهيثمي:
"رواه الطبراني في "الأوسط "، وإسناده حسن ".
ثانياً: قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج: حدثنا عبدالله بن الأجلح عن محمد بن عمرو عن سالم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مثل حديث جابر؛ لكنه لم يذكر: "ثم من تُجِيبَ ".
وإسناده جيد حسن؛ ومحمد بن عمرو: هو ابن علقمة المدني، وسالم هو ابن عبدالله بن عمر. وقد روي عن أبيه شيء من هذا؛ وهو:
ثالثاً: أخرج البخاري في "تاريخه " عن القاسم بن مخيمرة قال:
أتيت ابن عمر، فرحب بي ثم تلا: (من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي
الله بقوم يحبهم )، ثم ضرب على منكبي؛ وقال:
أحلف بالله؛ إنهم منكم أهل اليمن (ثلاثاً ).
ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/292).
رابعاً : قال شريح بن عبيد:
لما أنزل الله: (يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه...) إلى آخر الآية؛ قال عمر: أنا وقومي هم يا رسول الله؟! قال:
"لا، بل هذا وقومه "؛ يعني: أبا موسى الأشعري.
أخرجه ابن جرير. وإسناده مرسل صحيح رجاله كلهم ثقات؛ فهو شاهد قوي
في الجملة. والله سبحانه وتعالى أعلم. *