فضل قضاء الدَّين عن الميت
3415- (ها هنا أَحدٌ من بني فُلانٍ؟ إن صاحبَكم محبُوسٌ ببابِ الجنّةِ بدَينٍ عليه)
قال الألباني: في سلسلة الأحاديث الصحيحة - المجلد السابع
أخرجه الطيالسي في "مسنده " (121/891): حدثنا شعبة قال: أخبرني فراس قال: سمعت الشعبي قال: سمعت سمرة بن جندب يقول:
صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصبح فقال:... فذكره.
قلت: وهذا إسناد صحيح، مسلسل بالسماع. وقد رواه بعضهم عن الشعبي عن سمعان بن مشنَّج عن سمرة مختصراً ومطولاً، وهو مخرج في "أحكام الجنائز" (ص 26- المعارف) ؛ وقلت هناك:
"وهو على الوجه الأول صحيح على شرط الشيخين، كما قال الحاكم ووافقه الذهبي، وعلى الوجه الثاني صحيح فقط ".
وذلك؛ لأن سمعان هذا قد وثقه جماعة، مع أنهم لم يذكروا له راوياً غير الشعبي؛ وما ذاك إلا لإجلالهم وإكبارهم للشعبي، حتى قال ابن معين:
"إذا حدث الشعبي عن رجل فسماه ؛ فهو ثقة يحتج بحديثه ".
وقال العجلي في "ثقاته " (244/751):
"مرسل الشعبي صحيح، لا يرسل إلا صحيحاً صحيحاً " .
ومع ذلك كله؛ فقد أعله البخاري بالانقطاع، فقال في ترجمة (سمعان) من "التاريخ الكبير" (2/2/204):
"ولا نعلم لسمعان سماعاً من سمرة، ولا للشعبي من سمعان "!
قلت: وهذا الإعلال منسجم مع مذهب البخاري المعروف في اشتراطه معرفة اللقاء كشرط في الاتصال، لكن الجمهور على خلافه، فإنهم يكتفون بإمكان اللقاء لمجرد المعاصرة، وإن كان شرط البخاري أحوط، فهو شرط كمال- عندنا- وليس شرط صحة، وعلى هذا فإعلال البخاري غير وارد في هذا الحديث.
ونحوه قول أبي حاتم في "المراسيل " (ص 102):
"لا أدري سمع الشعبي من سمرة أم لا؟ لأنه أدخل بينه وبينه رجلاً".
قلت: وهذا الشك لا ينفي الاتصال؛ لأنه ليس علماً، فلا إشكال، وإنما الإشكال في جزمه بالنفي في ترجمة الشعبي؛ كما رواه عنه ابنه في "الجرح والتعديل " (3/323):
"ولم يسمع من سمرة بن جندب، وحديث شعبة عن فراس عن الشعبي: سمعت سمرة.. غلط، بينهما سمعان بن مشنج ".
قلت: وجود واسطة بينهما في بعض الروايات لا ينفي أنه سمع من سمرة؛ لاحتمال أنه سمعه منه فيما بعد، ما دامت المعاصرة متحققة، وقد ذكر ابن أبي حاتم نفسه في أول ترجمة الشعبي: أنه رأى علي بن أبي طالب. بل قال الحافظ العلائي في "جامع التحصيل في أحكام المراسيل " (ص 248/322):
"روى عن علي رضي الله عنه، وذلك في "صحيح البخاري " (1)، وهو لا يكتفي بمجرد إمكان اللقاء كما تقدم ".
قلت: وعلي رضي الله عنه توفي سنة (40)، وسمرة سنة (58)، فإمكان اللقاء والسماع منه متحقق، فالجزم بعدم سماعه منه لمجرد وجود الواسطة بينهما
مردود ؛ لما ذكرته من الاحتمال، هذا إذا لم يثبت تصريحه بسماعه منه، فكيف وقد صرح به في رواية الحافظ الطيالسي. وقول أبي حاتم بأنه "غلط"! مردود أيضاً؛ لأنه لا يجوز رد رواية الثقة ما دام الجمع بينها وبين الرواية الأخرى التي أثبتت الواسطة ممكناً بما قدمت.
على أن هذه الرواية قد أشار النسائي إلى شذوذها ؛ فقد قال عقب الحديث في " السنن الكبرى " (4/58):
"وقد رواه غير واحد عن الشعبي عن سمرة، وقد روي أيضاً عن الشعبي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً. ولا نعلم أحداً قال في هذا الحديث: [عن] (سمعان)؛ غير سعيد بن مسروق ". وأقره الحافظ المزي.
فإن صح هذا؛ فبها، وإلا؛ ففيما تقدم من الجواب كفاية وبركة.*
__________
(1) انظر "كتاب الحدود" رقم (6812- الفتح 12/117).