62 - " الراكب شيطان و الراكبان شيطانان و الثلاثة ركب ".


قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 92 :
مالك ( 2 / 978 / 35 ) ، و عنه أبو داود ( 2607 ) ، و كذا الترمذي ( 1 / 314 )
و الحاكم ( 2 / 102 ) ، و البيهقي ( 5 / 267 ) ، و أحمد ( 2 / 186 ، 214 ) من
طريق عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده مرفوعا .
و سببه كما في " المستدرك " و البيهقي :
" أن رجلا قدم من سفر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من صحبت ؟ فقال :
ما صحبت أحدا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فذكره .

و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي .
و قال الترمذي : " حديث حسن " .
قلت : و إسناده حسن ، للخلاف في عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده . و المتقرر فيه
أنه حسن كما فصلت القول فيه في " صحيح أبي داود " ( رقم 124 ) .
و في هذه الأحاديث تحريم سفر المسلم وحده و كذا لو كان معه آخر ، لظاهر النهي
في الحديث الذي قبل هذا ، و لقوله فيه : " شيطان " أي عاص ، كقوله تعالى
( شياطين الإنس و الجن ) فإن معناه : عصاتهم كما قال المنذري .
و قال الطبري : " هذا زجر أدب و إرشاد لما يخاف على الواحد من الوحشة ، و ليس
بحرام ، فالسائر وحده بفلاة ، و البائت في بيت وحده لا يأمن من الاستيحاش ،
لاسيما إن كان ذا فكرة رديئة أو قلب ضعيف . و الحق أن الناس يتفاوتون في ذلك ،
فوقع الزجر لحسم المادة فيكره الانفراد سدا للباب ، و الكراهة في الاثنين أخف
منها في الواحد " .
ذكره المناوي في " الفيض " .
قلت : و لعل الحديث أراد السفر في الصحارى و الفلوات التي قلما يرى المسافر
فيها أحدا من الناس ، فلا يدخل فيها السفر اليوم في الطرق المعبدة الكثيرة
المواصلات . و الله أعلم .
ثم إن فيه ردا صريحا على خروج بعض الصوفية إلى الفلاة وحده للسياحة و تهذيب
النفس ، زعموا ! و كثيرا ما تعرضوا في أثناء ذلك للموت عطشا و جوعا ، أو لتكفف
أيدي الناس ، كما ذكروا ذلك في الحكايات عنهم . و خير الهدي هدي محمد صلى الله
عليه و آله وسلم .