124 - " الشمس و القمر ثوران مكوران في النار يوم القيامة " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 192 :
أخرجه الإمام الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 1 / 66 - 67 ) حدثنا محمد بن خزيمة
: حدثنا معلى بن أسد العمي حدثنا عبد العزيز بن المختار عن عبد الله الداناج
قال :
" شهدت أبا سلمة بن عبد الرحمن جلس في مسجد في زمن خالد بن عبد الله بن خالد
ابن أسيد ، قال : فجاء الحسن فجلس إليه فتحدثنا ، فقال أبو سلمة : حدثنا
أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال . ( فذكره ) .
فقال الحسن : ما ذنبهما ؟ ! فقال : إنما أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
فسكت الحسن .
و رواه البيهقي في كتاب " البعث و النشور " ، و كذا البزار و الإسماعيلي
و الخطابي كلهم من طريق يونس بن محمد حدثنا عبد العزيز بن المختار به .
قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط البخاري ، و قد أخرجه في صحيحه مختصرا فقال
( 2 / 304 - 305 ) : حدثنا مسدد قال : حدثنا عبد العزيز بن المختار به بلفظ :
" الشمس و القمر مكوران يوم القيامة " .
و ليس عنده قصة أبي سلمة مع الحسن ، و هي صحيحة ، و قد وقع للخطيب التبريزي وهم
في إسناد هذا الحديث و القصة ، حيث جعل الحديث من تحديث الحسن عن أبي هريرة ،
و المناقشة بينهما ، و قد نبهت عليه في تعليقي على كتابه " مشكاة المصابيح "
رقم ( 5692 ) .
و للحديث شاهد ، فقال الطيالسي في " مسنده " ( 2103 ) : حدثنا درست عن يزيد
ابن أبان الرقاشي عن أنس رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ :
" إن الشمس و القمر ثوران عقيران في النار " .
و هذا إسناد ضعيف من أجل الرقاشي فإنه ضعيف ، و مثله درست و لكنه قد توبع و من
هذه الطريق أخرجه الطحاوي و أبو يعلى ( 3 / 17 / 10 ) و ابن عدي ( 129 / 2 )
و أبو الشيخ في " العظمة " كما في " اللآلي المصنوعة " ( 1 / 82 ) و ابن مردويه
كما في " الجامع الصغير " و زاد :
" و إن شاء أخرجهما . و إن شاء تركهما " .
و أما المتابعة المشار إليها ، فقال أبو الشيخ :
حدثنا أبو معشر الدارمي حدثنا هدبة حدثنا حماد بن سلمة عن يزيد الرقاشي به .
قال السيوطي : و هذه متابعة جليلة . و هو كما قال ، و السند رجاله ثقات كما
قال ابن عراق في " تنزيه الشريعة " ( 1 / 190 الطبعة الأولى ) ، يعني من دون
الرقاشي و إلا فهو ضعيف كما عرفت ، و لكنه ليس شديد الضعف ، فيصلح للاستشهاد
به و لذلك فقد أساء ابن الجوزي بإيراده لحديثه في " الموضوعات " ! على أنه قد
تناقض ، فقد أورده أيضا في " الواهيات " يعني الأحاديث الواهية غير الموضوعة ،
و كل ذلك سهو منه عن حديث أبي هريرة هذا الصحيح . و الله الموفق .
معنى الحديث :
------------
و ليس المراد من الحديث ما تبادر إلى ذهن الحسن البصري أن الشمس و القمر في
النار يعذبان فيها عقوبة لهما ، كلا فإن الله عز و جل لا يعذب من أطاعه من
خلقه و من ذلك الشمس و القمر كما يشير إليه قول الله تبارك و تعالى ( ألم تر
أن الله يسجد له من في السموات و من في الأرض ، و الشمس و القمر ، و النجوم
و الجبال و الشجر و الدواب ، و كثير من الناس ، و كثير حق عليه العذاب ) .
فأخبر تعالى أن عذابه إنما يحق على غير من كان يسجد له تعالى في الدنيا ، كما
قال الطحاوي ، و عليه فإلقاؤهما في النار يحتمل أمرين :
الأول : أنهما من وقود النار .
قال الإسماعيلي :
" لا يلزم من جعلهما في النار تعذيبهما ، فإن لله في النار ملائكة و حجارة
و غيرها لتكون لأهل النار عذابا و آلة من آلات العذاب ، و ما شاء الله من ذلك
فلا تكون هي معذبة " .
و الثاني : أنهما يلقيان فيها تبكيتا لعبادهما .
قال الخطابي :
" ليس المراد بكونهما في النار تعذيبهما بذلك ، و لكنه تبكيت لمن كان يعبدهما
في الدنيا ليعلموا أن عبادتهم لهما كانت باطلا " .
قلت : و هذا هو الأقرب إلى لفظ الحديث و يؤيده أن في حديث أنس عند أبي يعلى -
كما في " الفتح " ( 6 / 214 ) :
" ليراهما من عبدهما " . و لم أرها في " مسنده " و الله تعالى أعلم .