255 - " ألا أخبركم بخير الناس منزلة ؟ قلنا : بلى ، قال : رجل ممسك برأس فرسه
- أو قال : فرس - في سبيل الله حتى يموت أو يقتل ، قال : فأخبركم بالذي يليه ؟
فقلنا : نعم يا رسول الله قال : امرؤ معتزل في شعب يقيم الصلاة ، و يؤتي الزكاة
و يعتزل الناس ، قال : فأخبركم بشر الناس منزلة ؟ قلنا : نعم يا رسول الله قال
: الذي يسأل بالله العظيم ، و لا يعطي به " .


قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 456 :

أخرجه النسائي ( 1 / 358 ) و الدارمي ( 2 / 201 - 202 ) و ابن حبان في " صحيحه
" ( 1593 ) و أحمد ( 1 / 237 ، 319 ، 322 ) و الطبراني في " المعجم الكبير "
( 3 / 97 / 1 ) من طرق عن ابن أبي ذئب عن سعيد بن خالد عن إسماعيل ابن عبد
الرحمن بن ذؤيب عن عطاء بن يسار عن ابن عباس .
" أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج عليهم و هم جلوس فقال ... " فذكره .
قلت : و هذا سند صحيح رجاله كلهم ثقات .
و أخرجه الترمذي ( 3 / 14 ) من طريق ابن لهيعة عن بكير بن الأشج عن عطاء بن
يسار به نحوه باختصار ألفاظ ، و قال :
" هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه ، و يروى من غير وجه عن ابن عباس عن النبي
صلى الله عليه وسلم " .
قلت : و ابن لهيعة سيء الحفظ ، لكنه قد توبع ، فأخرجه ابن حبان ( 1594 )
و الطبراني في " الكبير " ( 3 / 97 / 1 ) عن عمرو بن الحارث أن بكرا حدثه به ،
فصح بهذا الإسناد أيضا عن عطاء .
( فائدة ) في الحديث تحريم سؤال شيء من أمور الدنيا بوجه الله تعالى ، و تحريم
عدم إعطاء من سأل به تعالى . قال السندي في حاشيته على النسائي :
" ( الذي يسأل بالله ) على بناء الفاعل ، أي الذي يجمع بين القبحتين أحدهما
السؤال بالله ، و الثاني عدم الإعطاء لمن يسأل به تعالى ، فما يراعي حرمة اسمه
تعالى في الوقتين جميعا . و أما جعله مبنيا للمفعول فبعيد إذ لا صنع للعبد في
أن يسأله السائل بالله ، فلا وجه للجمع بينه و بين ترك الإعطاء في هذا المحل "
.
قلت : و مما يدل على تحريم عدم الإعطاء لمن يسأل به تعالى حديث ابن عمر و ابن
عباس المتقدمين : " و من سألكم بالله فأعطوه " .
و يدل على تحريم السؤال به تعالى حديث : " لا يسأل بوجه الله إلا الجنة " .
و لكنه ضعيف الإسناد كما بينه المنذري و غيره ، و لكن النظر الصحيح يشهد له ،
فإنه إذا ثبت وجوب الإعطاء لمن سأل به تعالى كما تقدم ، فسؤال السائل به ، قد
يعرض المسؤول للوقوع في المخالفة و هي عدم إعطائه إياه ما سأل و هو حرام ، و ما
أدى إلى محرم فهو محرم ، فتأمل . و قد تقدم قريبا عن عطاء أنه كره أن يسأل بوجه
الله أو بالقرآن شيء من أمر الدنيا .
و وجوب الإعطاء إنما هو إذا كان المسؤول قادرا على الإعطاء و لا يلحقه ضرر به
أو بأهله ، و إلا فلا يجب عليه . و الله أعلم .