الحمد لله الرزاق الواهب، والصلاة والسلام على خير من طلب الرزق وبدل له الأسباب، وعلى آله وصحبه الأحباب.
أما بعد:
فالتفسح في المجلس الذكر والعلم من أسباب الجالبة للرزق الحلال؛ قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ} [المجادلة: 11].
فمن أحسن لإخوانه أحسن الله إليه؛ قال الله تعالى: {هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلَّا الإِحْسَانُ} [الرحمن:60].
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في ((تفسيره)): ((يقول تعالى مؤدبًا عباده المؤمنين، وآمرًا لهم أن يحسن بعضهم إلى بعض في المجالس: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ } وقرئ { في المجلس } { فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ } وذلك أن الجزاء من جنس العمل، كما جاء في الحديث الصحيح: "من بَنَى لله مسجدًا بنى الله له بيتًا في الجنة")) اهـ.
وقال العلامة القسطلاني رحمه الله في ((إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري)): ((والظاهر أن الحكم يطرد في مجالس الطاعات وإن كان السبب خاصًا ({فافسحوا}) فوسعوا ({يفسح الله لكم}) يوسع الله عليكم في الدنيا والآخرة لأن الجزاء من جنس العمل وهو يطلق في كل ما ينبغي للناس الفسحة فيه من المكان والرزق والقبر وغير ذلك)) اهـ.
وقال العلامة ابن سعدي رحمه الله في ((تفسيره)): ((الجزاء من جنس العمل، فإن من فسح فسح الله له، ومن وسع لأخيه، وسع الله عليه)) اهـ.
وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ((شرح رياض الصالحين)): ((فإذا دخل إنسان والمجلس ملئ بالجالسين وقال تفسحوا فليفسحوا له يفسح الله لكم يعني يوسع لكم الأمور لأنكم وسعتم على هذا الداخل فيوسع الله عليكم لأن الجزاء من جنس العمل فمن عامل أخاه بشيء عامله الله تعالى بمثله إن أيسرت على معسر يسر الله عليك إن فرجت عن مؤمن كربة فرج الله عنك كربة من كرب يوم القيامة إن أعنت أحدا كان الله في عونك والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه)) اهـ.
هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: ليلة الثلاثاء 26 شعبان سنة 1438 هـ
الموافق لـ: 23 مايو سنة 2017 ف