[ قول لا أدري نصف العلم ]
-
-
الحمدلله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده ، أما بعد :
-
-
-

كان النبي عليه الصلاة و السلام و صحابته الكرام و من تبعهم باحسان و من بعدهم اذا سئلوا عّن أشياء لا يعلمونها فيقولون ( لاادري ) ، جِبْرِيل يسأله النبي عليه الصلاة و السلام عّن أمر و لم يعلم جوابه فيقول لا ادري و هكذا النبي ثم الصحابة تعلموا ذلك منالنبي عليه الصلاة والسلام الى يومنا هذا هو داب العلماء ، و هذا يفيد خطورة الفتوى و الكلام بلا علم خطره عظيم، و جرمه اعظممن الشرك، بل هو افتراء على الله ، و اياك ان تقدم على الفتوى و انت لست أهل ذلك، ستسأل يوم القيامة عّن ذلك ، فكن حريصاعلى مدافعتها ، و اذا تكلمت فتكلم بعلم و الا فقل لا اعلم .


أخرج الإمام أحمد في ((مسنده)) قَالَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَارَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الْبُلْدَانِ شَرٌّ؟ قَالَ: فَقَالَ: «لَا أَدْرِي» فَلَمَّا أَتَاهُ جِبْرِيلُ عليه السلام قَالَ: «يَا جِبْرِيلُ، أَيُّ الْبُلْدَانِ شَرٌّ؟» قَالَ: «لَا أَدْرِي حَتَّىأَسْأَلَ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ» فَانْطَلَقَ جِبْرِيلُ عليه السلام ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَمْكُثَ ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: «يَا مُحَمَّدُ، إِنَّكَ سَأَلْتَنِي أَيُّ الْبُلْدَانِشَرٌّ؟ فَقُلْتُ: لَا أَدْرِي، وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ أَيُّ الْبُلْدَانِ شَرٌّ؟ فَقَالَ: أَسْوَاقُهَا»


قال الذهبي في السير ( ج ٨ / ١٦٩ ):

١- قال الهيثم بن جميل: سمعت مالكا سئل عن ثمان وأربعين مسألة، فأجاب في اثنتين وثلاثين منها بـ: لا أدري.

٢- وعن خالد بن خداش، قال: قدمت على مالك بأربعين مسألة، فما أجابني منها إلا في خمس مسائل.
ابن وهب عن مالك، سمع عبد الله بن يزيد بن هرمز يقول: ينبغي للعالم أن يورث جلساءه قول: "لا أدري"، حتى يكون ذلك أصلايفزعون إليه.


٣- قال ابن عبد البر: صح عن أبي الدرداء أن: "لا أدري" نصف العلم.


٤- أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ , عَنْ مُغِيرَةَ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ : لاَ أَدْرِي نِصْفُ الْعِلْمِ. سَنَن الدارمي

٥- عن إسحاق بن راهويه عن يحيى بن آدم، وأنه قال في معنى قولهم " لا أدري " نصف العلم: إن العلم إنما هو " أدري ولا أدري "،فأحدهما نصف الآخر. رواه المروزي في كتاب الصلاة .


٦- قال ابن القيم في " اعلام الموقعين " ( ج ٢ / ١٢٧ ).


٧- وقال الزهري عن خالد بن أسلم وهو أخو زيد بن أسلم: خرجنا مع ابن عمر نمشي، فلحقنا أعرابي فقال: أنت عبد الله بن عمر؟قال: نعم، قال: سألت عنك فدللت عليك، فأخبرني أترث العمة؟ قال: لا أدري، قال: أنت لا تدري؟ قال: نعم؛ اذهب إلى العلماءبالمدينة فاسألهم؛ فلما أدبر قبل يديه قال: نعما قال أبو عبد الرحمن؛ سئل عما لا يدري فقال: لا أدري.

٨- وقال ابن مسعود: من كان عنده علم فليقل به؛ ومن لم يكن عنده علم فليقل: " الله أعلم " فإن الله قال لنبيه: {قل ما أسألكمعليه من أجر وما أنا من المتكلفين} [ص: ٨٦]


٩- وقال مالك: من فقه العالم أن يقول: " لا أعلم " فإنه عسى أن يتهيأ له الخير. وقال: سمعت ابن هرمز يقول: ينبغي للعالم أنيورث جلساءه من بعده " لا أدري "، حتى يكون ذلك أصلا في أيديهم يفزعون إليه.

١٠ - وقال الشعبي: " لا أدري " نصف العلم.

١١- وقال ابن جبير: ويل لمن يقول لما لا يعلم: إني أعلم.
وقال الشافعي: سمعت مالكا يقول: سمعت ابن عجلان يقول: إذا أغفل العالم " لا أدري " أصيبت مقاتله، وذكر ابن عجلان عن ابنعباس.


١٢- قال ابن حجر في الفتح ( ج ٨ / ٥١٨ ) :
إن من العلم أن يقول لما لا يعلم لا أعلم أي أن تمييز المعلوم من المجهول نوع من العلم وهذا مناسب لما اشتهر من أن لا أدري نصفالعلم ولأن القول فيما لا يعلم قسم من التكلف.


١٣- قال أبو عبد الله: قال إسحاق: قال يحيى بن آدم: وذكر لأبي حنيفة قول من قال: لا أدري نصف العلم، قال: فليقل مرتين لا أدريحتى يستكمل العلم، قال يحيى: وتفسير قوله لا أدري نصف العلم، لأن العلم إنما هو أدري ولا أدري فأحدهما نصف الآخر. انظر "تاريخ بغداد " ( ج ١٥ / ٥٣٠ ).

١٤ قال الذهبي في السير ( ج ٧ / ١٤٢ ): قال أبو مسهر: سمعته يقول: لا أدري، لما لا أدري، نصف العلم.


١٥ - قال ابن جماعة : اعلم أن قول المسؤول (لا أدري) لا يضع من قدره كما يظن بعض الجهلة، بل يرفعه؛ لأنه دليل عظيم على عظممحله، وقوة دينه، وتقوى ربه، وطهارة قلبه، وكمال معرفته، وحسن تثبته، وقد روينا ذلك عن جماعة من السلف.

وإنما يأنف من قول (لا أدري) من ضعفت ديانته، وقلَّت معرفته؛ لأنه يخاف سقوطه من أعين الحاضرين.
وهذه جهالة ورقة دين، وربما يشهر خطؤه بين الناس، فيقع فيما فرَّ منه، ويتصف عندهم بما احترز عنه . تذكرة السامع والمتكلمص79.

١٦ - وسئل الشعبي رحمه الله عن شيء؛ فقال: لا أدري. فقيل: ألا تستحي من قولك: لا أدري وأنت فقيه العراق؟ فقال: لكن الملائكةلم تستحِ حين قالت: (لا علم لنا إلا ما علمتنا)(البقرة: 32) ((الفقيه والمتفقه)).

و جمع : نورس الهاشمي