حملة توعوية وتحذرية لمن يرمون جلود الأضاحي أو شيئا منها ينتفع به وخاصة أولئك الذين يرمونها رميا عشوائيا ..
انشرها ولك أجر ؛ فالدال على الخير كفاعله.
==========

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم .
أما بعد :
فإن ديننا الإسلام العظيم يربي أتباعه على الطهارة والنظافة في أنفسهم وفي بيوتهم وأحيائهم ،وشوارعهم ،ومجتمعاتهم والله يحب ذلك فإنه سبحانه يحب التوابين ويحب المتطهرين ، كما يربيهم ويحثهم ويرغبهم على الوقاية من الأمراض الفتاكة التي تنتشر هنا وهناك بسبب النفايات المبعثرة و المرمية في كل مكان ، فالطهارة عنوان الاستقامة والصحة ..
و لكن للأسف الشديد أن نرى كل يوم رمي الأوساخ عشوائيا ويزداد الأمر سوء وقبحا أن نرى الأوساخ والنفايات المكدسة بعضها فوق بعض التي تنتج عن ذبح الأضاحي بعد العيد في أغلب الشوارع ، وأعظم من ذلك منكرا أن ترى الشوارع مكدسة بجلود الأضاحي والتوابع من الكرش ( الدوارة ) والرأس ( بوزلوف ) والأرجل ، وتترك هكذا لأيام حتى تفسد وتنبعث منها الروائح الكريهة ، وتكثر منها الجراثيم والديدان التي تسبب الأمراض المعدية والتي تنتشر في الهواء والتي تحملها الحيوانات التي أكلت منها .
إن الأضحية من شعائر الله يجب أن تعظم ، وهي قربة وطاعة بل من أجل وأعظم الأعمال الصالحة في هذا اليوم فمن رمى شيئا منها ينتفع به كمن يرمي التوابع ( الكرش ، والقلب ، والرئتين والأمعاء ، والكبد ، والرأس ، والأرجل والجلد فهذا قد رمى قريب من ثلثها فإنه بذلك لم يعظم شعائر الله .
وإني والله قد رأيت غير ما مرة ولا مرتين ولا عشر مرات تلك المذكورات مرمية في أماكن عدة وخاصة في طريقي إلى المسجد قريبا من سكناي .
حكم رمي جلد الأضحية أو شيئا منها ؟!
جلد الأضحية جزء منها، فلا يباع، ولا يعطى أجرة للجزار، ولا يُتلف، قال زكريا الأنصاري في (أسنى المطالب في شرح روض الطالب): "ويحرم الإتلاف والبيع" لشيء من أجزاء أضحية التطوع، والواجب وهديه "وإعطاء الجزار أجرة منه.انتهى كلامه.
وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( - من باع جلدَ أُضحيتِه فلا أُضحيةَ له )) صحيح الترغيب (1088). وقال حسن .
هذا فيمن باعه فكيف بمن رماه وأتلفه وأضاعه ؛ فكيف بمن رمى ثلثها وأتلفه وأضاعه فيخشى عليه أن يبطل عمله في هذا اليوم العظيم وفي هذه الأيام التي هي أحب الأيام إلى الله .
فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بالانتفاع بجلد الميتة فكيف يرمى جلد الأضحية وتوابعها؟!
إنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ مَرَّ بشَاةٍ لِمَوْلَاةٍ لِمَيْمُونَةَ. فَقالَ: ألَّا انْتَفَعْتُمْ بإهَابِهَا؟ رواه مسلم في الصحيح ( 365) والبخاري ( 1492) بلفظ : (( وَجَدَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ شَاةً مَيِّتَةً أُعْطِيَتْهَا مَوْلَاةٌ لِمَيْمُونَةَ مِنَ الصَّدَقَةِ، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: هَلَّا انْتَفَعْتُمْ بجِلْدِهَا؟ قالوا: إنَّهَا مَيْتَةٌ، قالَ: إنَّما حَرُمَ أكْلُهَا )). وراه مسلم (362).
فقوله : : هَلَّا انتَفَعْتُم بجِلدِها؟ وفي رِوايةِ مُسلِمٍ: «فدَبَغْتُموه فانْتَفَعْتُم به»
في هذا دَلالةٌ على أنَّه يُشرَعُ الانتفاعُ بجِلدِ الميتةِ بعْدَ الدَّبغِ إذا كانت مَأكولةَ اللَّحمِ، وقيل: يَشمَلُ جميعَ الحيواناتِ عدا الكلْبَ والخِنزيرَ.
فمن باب أولى وأولى أن ينتفع بلجد الأضحية وتوابعها المذكاة والتي هي قربة ومن شعائر الله .
فمن رماه أو رمى شيئا منها يؤكل ولم ينتفع به ولم يتصدق به فقد رمى جزءا من طاعته وقربته .وأضاع جزءا من ماله واتلفه بغير وجه حق .
ولقد نهى الشرع عن إتلاف المال وإضاعته بأي وجه كان ، وليس من شك أن جلد الأضحية وتوابعها مال يستفاد منه فمن رماه فقد أضاعه ..
عن المغيرة بن شعبة قال سَمِعْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: إنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلَاثًا: قيلَ وقالَ، وإضَاعَةَ المَالِ، وكَثْرَةَ السُّؤَالِ . البخاري (1477) ومسلم (593).
هذا الحديثَ، يُبيِّنُ فيه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ اللهَ سُبحانه وتعالَى كَرِه لعِبادِه الوقوعَ في ثَلاثةِ أشياءَ منها :
«إضاعةُ المالِ»، ومعناه: الإسرافُ فيه، ووَضْعُه في غيرِ مَوضعِه، وصَرْفُه في غَيرِ وُجوهِه الشَّرعيَّةِ، بإنفاقِهِ في المَعاصي وإتلافه باي وجه كان فلا هو استفاد منه ولا تصدق به على من يستفيد منه فيحصل له الأجر . فليحذر الذين يرمون شيئا من أضاحيهم.
تنبيه مهم :
يجوز رميه في حالة واحدة وهي: إذا لم ينتفع به صاحبه ولم يجد من يقبله منه صدقة أو هدية أو أعطية ، ولم يتيسر بيعه لأحد والتصدق بثمنه، فلا حرج حينئذ في تركه وإلقائه في القمامة ، ولكن بشرط أن يوضع في أكياس القمامة الغليظة والكبيرة ويوضع في المكان المخصص لها ، وفي وقت مرور شاحنة النظافة ، فلا بد من بذل الوسع فإذا تعذر عليه واستنفذ طاقته ووسعه ،فخينئذ يقال لا يكلف الله نفسا إلا وسعها.
نسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال وأن يغفر لنا ولكم ويتجاوز عنا وعنكم في عباده الصالحين .
الشيخ ابي بكر يوسف لعويسي