النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    المشاركات
    271

    حكم قراءة القرآن جماعة بنغمة واحدة للشيخ تقي الدين الهلالي المغربي رحمه الله

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله




    قال العلامة الشيخ محمد تقي الدين الهلالي

    رحمه الله في كتابه

    " الحسام الماحق "





    " اعلم أنَّ الاجتماع لقراءة القرآن في المسجد في غير أوقات الصلاة مشروع لقول النبي صلى الله عليه وسلم " و ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله و يتدارسونه فيما بينهم إلا نَزَلت عليهم السكينة و غَشيتهم الرحمة و حفتهم الملائكة و ذكرهم الله فيمن عنده ، و من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه" . رواه مسلم من حديث أبي هريرة .


    لكن الاجتماع لقراءة القرآن الموافقة لسنة النبي صلى الله عليه و سلم و عمل السلف الصالح أن يقرأ أحد القوم و الباقون يسمعون، و من عرض له شك في معنى الآية استوقف القارئ، و تكلم من يحسن الكلام في تفسيرها حتى ينجلي تفسيرها، و يتضح للحاضرين، ثم يستأنف القارئ القراءة. هكذا كان الأمر في زمان النبي صلى الله عليه و سلم إلى يومنا هذا في جميع البلاد الإسلامية ما عَدَا بلاد المغرب في العصر الأخير، فقد وضع لهم أحد المغاربة و يسمى ( عبد الله الهبطي ) وَقْفاً محدثاً ليتمكنوا به من قراءة القرآن جماعة بنغمة واحدة، فنشأ عن ذلك بدعة القراءة جماعة بأصوات مجتمعة على نغمة واحدة وهي بدعة قبيحة تشتمل على مفاسد كثيرة :

    الأولى: أنـها محدثة و قد قال النبي صلى الله عليه و سلم: " و إياكم و محدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة ".

    الثانية: عدم الإنصات فلا ينصت أحد منهم إلى الآخر، بل يجهر بعضهم على بعض بالقرآن، و قد نـهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله: " كلكم يناجي ربه فلا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن، و لا يؤذ بعضكم بعضاً ".

    الثالثة: أن اضطرار القارئ إلى التنفس و استمرار رفقائه في القراءة يجعله يقطع القرآن و يترك فقرات كثيرة فتفوته كلمات في لحظات تنفسه، و ذلك محرم بلا ريب .

    الرابعة : أنه يتنفس في المد المتصل مثل : جاء ، و شاء ، و أنبياء ، و آمنوا ، و ما أشبه ذلك فيقطع الكلمة الواحدة نصفين ، و لا شك في أن ذلك محرم و خارج عن آداب القراءة ، و قد نص أئمة القراءة على تحريم ما هو دون ذلك ، و هو الجمع بين الوقف و الوصل ، كتسكين باء ( لا ريب ) و وصلها بقوله تعالى :"فيه هدى" قال الشيخ التهامي بن الطيب في نصوصه : الجمع بين الوصل و الوقف حرام * نص علـيه غير عـالم هـمام

    الخامسة: أن في ذلك تشبهاً بأهل الكتاب في صلواتـهم في كنائسهم.



    فواحدة من هذه المفاسد تكفي لتحريم ذلك، و الطامة الكبرى أنه يستحيل التدبر في مثل تلك القراءة و قد زجر الله عن ذلك بقوله في سورة محمد :" أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها" و نحن نشاهد معظم من يقرأ على تلك القراءة لا يتدبر القرآن و لا ينتفع به، و تا الله لقد شاهدت قُراء القرآن على القبر فلم يتعظوا بمشاهدته و لا برؤية القبور و لا بما يقرؤونه من القرآن، فقبح الله قوماً هذا حالهم (و بعداً للقوم الظالمين) .


    قال أبو إسحاق الشاطبي في (الاعتصام):
    ( و اعلموا أنه حيث قلنا: إن العمل الزائد على المشروع يصير وصفاً له أو كالوصف فإنما يعتبر بأحد أمور ثلاثة: إما بالقصد، وإما بالعبادة، و إما بالزيادة أو بالنقصان .

    إما بالعبادة كالجهر و الإجتماع في الذكر المشهور بين متصوفة الزمان، فإن بينه و بين الذكر المشروع بوناً بعيداً إذ هما كالمضادين عادة، وكالذين حكى عنهم ابن وضاح عن الأعمش عن بعض أصحابه قال : ( مَرَّ عبد الله برجل يقص في المسجد على أصحابه وهو يقول: سبحُوا عَشرَا و هللوا عشرَا، فقال عبد الله: إنكم لأهدى من أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم أو أضل؟ بل هذا "يعني أضل" ).


    و في رواية عنه : أن رجلاً كان يجمع الناس فيقول: رحم الله من قال كذا و كذا مرة "الحمد لله"، قال فمر بـهم عبد الله بن مسعود فقال لهم: ( هُديتم لما لم يُهدَ نبيكم، وإنكم لتمسكون بذنب ضلالة ) ، وذكر لهم أن ناساً بالكوفة يسبحون بالحصى في المسجد فأتاهم و قد كوم كل رجل بين يديه كوماً من حصى قال: فلم يزل يحصبهم بالحصى حتى أخرجهم من المسجد و يقول : " لقد أحدثتم بدعة و ظلماً و كأنكم فقتم أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم علمًا ").انتهى
    تعليق: و قد روي هذا الحديث عن ابن مسعود من طرق كثيرة بعبارات مختلفة لفظاً و متفقة معنى، بعض الروايات مطول و بعضها مختصر و فيه فوائد :

    الأولى: هذا الحديث موقوف و لكنه في حكم المرفوع، لأن ابن مسعود صرح بأن ذلك مخالف لسنة النبي صلى الله عليه و سلم ففي بعض الروايات " : وَيْحَكُم يا أمة محمد ما أسرع هلكتكم، هذه ثيابه لم تبل، و أوانيه لم تكسر، و نساؤه شواب، و قد أحدثتم ما أحدثتم" ، و في رواية أخرى أن عبد الله بن مسعود لما طردهم من مسجد الكوفة و رماهم بالحصباء، خرجوا إلى ظاهر الكوفة و بنوا مسجداً و أخذوا يعملون ذلك العمل، فأمر عبد الله بن مسعود بـهدمه فهدم .

    الثانية: أن البدعة و إن كانت إضافية شَرٌ من المعاصي كما حققه أبو إسحاق الشاطبي فهي حرام، إنما كانت شراً من المعاصي لأن المعصية يفعلها صاحبها وهو معترف بذنبه فيرجى له أن يتوب منها .

    الثالثة: أن المبتدع يستحق العقاب و الطرد من المسجد إن كان الابتداع فيه .

    الرابعة: أن كل مسجد بني على قبر أو بني لارتكاب البدع فيه يجب هدمه؛ لأنه مثل مسجد الضرار الذي أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم بـهدمه و إحراقه، فهدمه أصحابه و جعل كناسة ترمي فيه الجيف، و قد نقل غير واحد عن ابن حجر الهيثمي أنه قال: ( إن هذه المساجد المبنية على القبور هي أحق بالهدم من مسجد الضرار )، وابن حجر هذا كان مبتدعاً ضالاً و لكنه في هذه المسألة قال الحق، والحكمة ضالة المؤمن، يأخذها حيث وجدها. أما الإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني فهو إمام محقق لم يشرح أحد صحيح البخاري مثل شرحه المسمى بـ (فتح الباري) ولذلك قال العلماء: (لا هجرة بعد الفتح). أي لا شرح للبخاري يستحق الاعتبار بعد فتح الباري، ثم قال أبو إسحاق عاطفاً على البدع المنكرة: ( و من أمثلة ذلك أيضاً: قراءة القرآن على صوت واحد، فإن تلك الهيئة زائدة على مشروعية القراءة، و كذلك الجهر الذي اعتاده أرباب الرواية)


    قال محمد تقي الدين : و العجب من هؤلاء المشركين المبتدعين الضلال ، فإنـهم يتلونون تلون الحرباء لا يستقرون على حال أبداً ، فتارة يدعون أنـهم مقلدون لمالك ، و يرون من خالف مذهبه كمن خالف القرآن و السنة الثابتة المحكمة ، و يغلون في ذلك إلى أن يجعلوا البسملة و التعوذ و قراءة الفاتحة خلف الإمام في الجهرية و الجهر بالتأمين و وضع اليمنى على اليسرى و رفع اليدين عند الركوع و الرفع منه و بعد القيام من التشهد الأول ، و السلام تسليمتين ( السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ) و ما أشبه ذلك من السنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه و سلم التي يراها من له أدنى إلمام بالفقه في الدين كالشمس في رابعة النهار كأنه يشاهد النبي صلى الله عليه و سلم يفعلها لا يشك في ذلك و لا يرتاب فيه ، يجعلون ذلك من المنكرات التي يجب أن تغير ، و يكتب فيها من بلد إلى بلد مع أن مالكاً في الحقيقة قائل ببعضها تفصيلاً و بسائرها إجمالاً ، ثم يخالفون فيما ينهى عنه و يكرهه كراهة تحريم من البدع التي لا تسند إلى أي دليل كعبادة القبور و زيارتـها زيارة بدعية ، و قراءة القرآن على الميت بعد موته و على قبره ، و قراءة القرآن جماعة بصوت واحد ، و قراءة الأذكار و الأوراد كذلك ، و قد صرح بذلك خليل الذي يعدون مختصره قرآناً يتلى غلواً منهم و ضلالاً .


    قال في مختصره عاطفاً على المكروهات : ( و جهر بـها في مسجد كجماعة ) ، و لا يبالون بخلافه فيما اعتادوه من البدع ، فيحلونه عاماً و يحرمونه عاماً ، و ما أحسن قوله تعالى في سورة القصص يخاطب رسوله صلى الله عليه و سلم : ( فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم . و من أضل ممن اتبع هواه بغير هدىً من الله . إن الله لا يهدي القوم الظالمين ) "






    انتهى ما قال رحمه الله




    روى اللالكائي عن أوس الربعي أنّه كان يقول: " لأن يجاورني القردة و الخنازير في دار، أحب إليّ من أن يجاورني رجل من أهل الأهواء".أ.هـ شرح أصول اعتقاد أهل السنةوالجماعة ص 131

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    الدولة
    شرق بلاد الجزائر الحبيبة
    المشاركات
    1,851

    افتراضي رد: حكم قراءة القرآن جماعة بنغمة واحدة للشيخ تقي الدين الهلالي المغربي رحمه الله

    بارك الله فيك ياأبا طلحة و ثبتك الله على السنة و أعاذنا الله من البدع...ورحم الله العلامة تقى الدين الهلالي رحمة واسعة.

    وتتممة للفلئدة :فتوى اللجنة الدائمة

    حول قراءة القرآن جماعة
    السؤال :
    من عادتنا نحن المغاربة أن نقرأ القرآن جماعة صباحاً ومساء بعد صلاة الصبح والمغرب، فهل يعد هذا بدعة؟
    الجواب :
    التزام قراءة القرآن جماعة بصوت واحد بعد كل من صلاة الصبح والمغرب أو غيرهما بدعة، وكذا التزام الدعاء جماعة بعد الصلاة، أما إذا قرأ كل واحد لنفسه أو تدارسوا القرآن جميعاً كلما فرغ واحد قرأ الآخر واستمعوا له فهذا من أفضل القرب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده".
    وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
    عضو عضو نائب رئيس اللجنة الرئيس
    عبد الله بن قعود عبد الله بن غديان عبد الرزاق عفيفي عبد العزيز بن عبد الله بن باز
    ـــــــــــ
    المصدر :
    مجموع فتاوى اللجنة الدائمة بالسعودية - المجلد الخامس والعشرون (العقيدة).


    فتوى أخرى للجنة الدائمة حول قراءة القرآن جماعة

    ما حكم قراءة القرآن جماعة بصوت واحد وخاصة يوم الجمعة قبل دخول الإمام؟

    -لا يجوز ذلك، وتخصيصه بيوم الجمعة قبل دخول الإمام بدعة محدثة.
    وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
    عضو عضو نائب رئيس اللجنة الرئيس
    عبد الله بن قعود عبد الله بن غديان عبد الرزاق عفيفي عبد العزيز بن عبد الله بن باز
    ـــــــــــ
    المصدر :
    مجموع فتاوى اللجنة الدائمة بالسعودية - المجلد الخامس والعشرون (العقيدة).


    اللهم أرزقنا الفهم الصحيح و الاخلاص و حق المتابعة.....أمين.


معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 22-Apr-2017, 09:10 AM
  2. حكم قراءة القرآن الكريم جماعة
    بواسطة عبد العليم عثماني الجزائري في المنتدى منبر العلوم الشرعية
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 04-Apr-2017, 12:41 AM
  3. فائدة عقدية في مسألة ظهور الخوارق ـ للشيخ تقي الدين الهلالي ـ رحمه الله ـ
    بواسطة عبدالله بن العيد عدونة في المنتدى منبر العلوم الشرعية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 16-Aug-2013, 10:36 PM
  4. قراءة القرآن جماعة بنغمة واحدة الشيخ تقي الدين الهلالي
    بواسطة أم عمر الموحدة في المنتدى مـنــبر الأســـرة المـــســلـــمـــة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 08-Apr-2013, 09:08 PM
  5. قراءة وتعليق في كتاب الأجوبة المفيدة على أسئلة المناهج الجديدة للشيخ أبي بكر يوسف لعويسي - حفظه الله -
    بواسطة أبو عبد المصور مصطفى الجزائري في المنتدى المكتبة السمعية والدروس والمحاضرات للشيخ أبو بكر يوسف لعويسي
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 28-Feb-2012, 04:33 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •