هذا جوابنا لمن سأل عن منهجنا في هذه المسائل ...

[أبو بكر يوسف لعويسي]

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ..
أما بعد:
فقد وردت علي رسالة ينقلها إلي المدير العام للموقع من المسمى (( عبك الكريم بن عبد الله بن سويح ))وهذا اسمه دون ترجمة abdelkrimabdellah <bensouieh@gmail.comبتاريخ 4/4/2012 م يسألني أو يسألنا في شبكتنا عن منهجنا في هذه المسائل وهي :
قال السائل الموضوع:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد :
فإني أود في معرفة منهجكم باختصار غير مخل في المسائل التالية:
1- هل أسماء الله وصفاته من المتشابه؟
2- معاملتكم للحكام المعاصرين الذين أخذوا السلطة قهرا من حيث حالات الخروج عليهم و الفرق بينهم وبين من أخذ السلطة ..انتهى سؤاله .
ويظهر السؤال وكأنه ناقصا وجوابا عليه أقول :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
أما بعد :
أولا : اتق الله تعالى أخي، فإنه يخشى عليك أن تكون من أهل البدع فهل عندك أن الخلفاء الراشدين والصحابة أجمعين والتابعين من بعدهم سألوا هذا السؤال الذي تريد أن تختبر به إخوانك ؟؟؟
ثانيا : جوابنا هو ما أجاب به الإمام مالك -رحمه الله - لمن سأل عن كيفية الاستواء ، فقال له : الاستواء معلوم ، والكيف مجهول ، والسؤال عنه بدعة ، وأراك مبتدعا فأخرجوه . أو كما قال - رحمه الله -
وهذه قاعدة قعدها مالك وقبله شيخه ربيعة بن عبد الرحمن ، وقيل أن هذه المقولة تنسب لأم سلمة أم المؤمنين -رضي الله عنها - أيضا ولا تصح كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله –
ولذلك نقول للسائل أن القول في جميع الصفات هو فرع عن القول في الذات ، نقول فيها نفس القول في الاستواء ، على غرار قوله تعالى :{ ليس كمثله شيء وهو السميع البصير }فالصفات معلومة المعنى ، مجهولة الكيفية ، والسؤال عن الكيفية بدعة ، كما قال مالك رحمه الله ، ونخشى عليك أن تكون مبتدعا ..
واعلم - رحمك الله - أن مذهب السلف إثبات المعنى وتفويض الكيفية كما نقل ذلك الشيخ المحدث العلامة عبد المحسن العباد في شرحه لمقدمة ابن أبي زيد القيرواني فقد ذكر في مقدمته للشرح عشر قواعد عند السلف مهمة أرجو من السائل مراجعتها فإنها مفيدة...
وكذلك قال الشيخ العلامة الفقيه محمد بن صالح العثيمين في شرح السفارينية .. فالسلف لا يفوضون المعنى ، فالمفوضة للمعنى شر من المؤولة والمعطلة كما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية ، رحمه الله .
أما بالنسبة :للسؤال الثاني : فقولنا في الحكام الذين أخذوا الحكم بالقوة أو عن طريق الانتخاب أن الطاعة تجب لهم في المعروف ، والتعاون معهم في البر والإحسان والواجبات والمستحبات والمباحات ، ومعصيتهم فيما خالف شرع الله تعالى ، فإننا نعتقد أنهم في حكم من أخذ الحكم بالغلبة ، لأن انعقاد الإمامة في الشرع في اعتقادنا تكون بإحدى هذه الطرق الستة :1
1- عن طريق النص ، وهذه خاصة بأبي بكر الصديق رضي الله عنه
2- عن طريق الاستخلاف والتعيين كما فعل أبو بكر مع عمر رضي الله عنهما..
3- أن تكون عن طريق الشورى في أهل الحل والعقد كما فعل عمر مع الستة – رضي الله عنهم -.
-4- أن تكون عن طريق الغلبة فتجب الطاعة للغالب حقنا لدماء المسلمين واستتبابا للأمن واستقرارا للوضع حتى يأمن الناس على دمائهم وأعراضهم وأموالهم وأديانهم وعقولهم .
5- أن يتنازل الحاكم عن الحكم لشخص معين سواء كان منازعا له أو غالبا على جهة معينة كما فعل الحسن بن علي حين تنازل لمعاوية رضي الله عنهم جميعا .
6 - أن يعزل الإمام نسفه بنفسه لعيب أو عارض يتعارض مع الخلافة والإمامة ، كمرض وغيره ..
فعقيدتنا أننا لا نقر الخروج على الحاكم ولو كان ظالما جائرا ، أما إذا كان كافرا فيجوز الخروج عليه ، ولكن إذا توفرت الشروط وانتفت الموانع ، وتلك الشروط التي جعلها أهل العلم بأدلتها من الشرع تكاد تكون تعجيزية حتى لا يطمع طامع أو يقول قائل ، وهي غير متوفرة حاليا إطلاقا في أي بلد من بلاد الإسلام لذلك نخلص أن الخروج لا يجوز ..
أضف إلى ذلك أن العلماء استقروا جميع الخروج الذي كان عبر التاريخ الإسلامي فلم يجدوا واحدا منه جاء بخير فلم يأت إلا بالشر على الأمة كما قرره شيخ الإسلام رحمه الله .وإليك تلك الشروط باختصار .

1- أن تروا كفرا بواحا ، ومعناه يبوح الحاكم بالكفر ويصرح به علنا..
-2 – أن يكون لكم على كفره برهان ساطع واضح مثل الشمس في رائعة النهار ، أي في وسط السماء ليس دونها سحاب ولو قزعة صغيرة ..
3- أن تكون عندكم القدرة والعدة المادية والمعنوية على تنحيته بمعنى مثل قوته أو أكثر من العتاد والسلاح والجيش ..
4- أن تكون تنحيته وخلاصة الخروج عليه بأخف الأضرار فلا يجوز تغيير منكر بمنكر مثله أو أكبر منه ،ولا يجوز تغيير مفسدة بمفسدة مثلها أو أكبر منها ، فإن إراقة دم مسلم واحد بغير حق أهون عند الله من زوال الدنيا ..
- 5- أن يقرر الخروج على الحاكم الكافر أهل الحل والعقد من أهل العلم وليس لمن هب ودب ، فلو فتح الباب لكل أحد لم يعجبه أي حاكم أو وال ، كون جماعة وخرج عليه فتصبح البلاد في فوضى كلما وجد حاكم إلا وجد من يخرج عليه ممن لم يعجبهم تصرفه وتعامله وحكمه ، وينعدم الأمن والاستقرار كما هو مشاهد على أرض الواقع ، والدعوة إلى الله بالعلم والحلم والرفق فيها خير كبير وكثير ، وطاعة ولاة الأمور في طاعة الله والتعاون معهم على البر فيه خير كبير للبلاد والعباد ، والنصح لهم في السر بالمجالسة والمكاتبة ، والدعاء لهم بالصلاح خير من الخروج الذي فيه الفساد والشر والواقع يتكلم ، والسعيد من اعتبر بغيره ، والشقي من اعتبر به غيره ..
نسأل الله أن يثبتنا على منهج السلف الصالح وأن يوفقنا للعمل به حتى نلقاه إنه ولي ذلك والقادر عليه .