النتائج 1 إلى 3 من 3
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    الدولة
    في إحدى الدول
    المشاركات
    4,888

    افتراضي شرح حديث: «الأرواحُ جنودٌ مجنَّدةٌ»

    بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

    السَّلام عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه


    شرح حديث: «الأرواحُ جنودٌ مجنَّدةٌ»



    عَنْ أمِّ المُؤمِنينَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قالَ رسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ، فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ، وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ)). (رواه أحمد، والبُخاريّ، ومسلم، والتِّرمذيّ، وابن حِبّان).


    • الشَّرح:


    قالَ الإمامُ الحافظُ يحيى بن شرف النَّوويُّ (ت: 676ه) رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ، فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ، وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ)).

    قالَ العُلماء:

    معناهُ: جموعٌ مجتمعةٌ، أوْ أنواعٌ مختلفةٌ، وأمَّا تعارفها فهو لأمرٍ جعلها الله عليه.

    وقيلَ: أنَّها موافقة صفاتها الَّتي جعلها الله عليها وتُناسبها في شيَّمها.

    وقيلَ: لأنَّها خُلقت مجتمعةً ثمَّ فُرّقت في أجسادها، فمَنْ وافقَ بشيمه ألَّفهُ، ومَنْ باعدهُ نافرهُ وخالفهُ.

    وقالَ الخطَّابيُّ وغيره: تآلفها هُوَ ما خلقها الله عليه مِنَ السَّعادة أو الشَّقاوة في المبتدأ، وكانت الأرواح قسميْن متقابليْن: فإذا تلاقت الأجساد في الدُّنيا اِئْتلفت واخْتلفت بحسب ما خُلقت عليه، فيميل الأخيار إلى الأخيار، والأشرار إلى الأشرار. واللهُ أعْلَمُ.اهـ.


    ([«شرح النَّوويِّ على "صحيح مسلم"» / (16/185)])





    وقالَ الإمامُ الحافظُ ابن حجر العسقلانيُّ (ت: 852هـ) رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: في "فتح الباري": «بابُ الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ»: قَالَ اللَّيْثُ: عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ)).

    وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ بِهَذَا.

    قوله: «بابُ الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ»كذا ثبتت هذه التَّرجمة في معظم الرِّوايات، وهي متعلِّقة بترجمة آدم وذُرِّيَّته، للإشارة إلى أنَّهم ركبوا مِنَ الأجسام والأرواح.

    قوله: «وَقَالَ اللَّيْثُ»وصله المصنَّف في «

    الأدب المفرد»

    عن عبد الله بن صالح عنه.

    قوله: «الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ إلخ». قالَ الخطَّابيُّ: يحتمل أنْ يكون إشارة إلى معنى التَّشاكل في الخير والشَّر والصَّلاح والفساد، وأنَّ الخير من النَّاس يحن إلى شكله، والشِّرير نظير ذلك يميلُ إلى نظيره فتعارف الأرواح يقعُ بحسب الطِّباع الَّتي جُبلت عليها مِنْ خير وشر، فإذا اِتَّفقت تعارفت، وإذا اِخْتلفت تناكرت.

    ويحتمل: أنْ يُراد الإخبار عَنْ بدء الخلق في حال الغيب على ما جاء أنَّ الأرواح خُلقت قبل الأجسام، وكانت تلتقي فتتشاءم، فلمَّا حلَّت بالأجسام تعارفت بالأمر الأوَّل فصار تعارفها وتناكرها على ما سبق مِنَ العهد المتقدِّم.

    وقالَ غيره: المراد أنَّ الأرواح أوَّل ما خُلقت خُلقت على قسميْن، ومعنى تقابلها: أنَّ الأجساد الَّتي فيها الأرواح إذا التقت في الدُّنيا اِئْتلفت أو اِخْتلفت على حسب ما خلقت عليه الأرواح في الدُّنيا إلى غير ذلك بالتَّعارف.

    قلتُ: ولا يعكر عليه أنَّ بعض المتنافرين ربَّما اِئْتلفا، لأنَّهُ محمولٌ على مبدأ التَّلاقي، فإنه يتعلق بأصل الخلقة بغير سبب. وأمَّا في ثاني الحال: فيكون مكتسبا لتجدد وصف يقتضي الألفة بعد النّفرة كإيمان الكافر وإحسان المسيء.

    وقوله: «جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ». أيْ: أجناسٌ مجنسةٌ، أو جموعٌ مجمعةٌ.

    قالَ ابن الجوزيُّ: "ويستفاد مِنْ هذا الحديث: أنَّ الإنسان إذا وجد مِنْ نفسه نفرة ممَّن له فضيلة أو صلاح فينبغي أنْ يبحث عَنِ المقتضى لذلك ليسعى في إزالته حتَّى يتخلَّص مِنَ الوصف المذموم، وكذلك القول في عكسه".

    وقالَ القرطبيُّ: «الأرواحُ» وإنْ اتَّفقت في كونها أرواحًا لكنَّها تتمايز بأُمور مختلفة تتنوع بها، فتتشاكل أشخاص النَّوع الواحد وتتناسب بسبب ما اِجْتمعت فيه مِنَ المعنى الخاص لذلك النَّوع للمناسبة، ولذلك نُشاهد أشْخاص كلّ نوع تألف نوعها وتنفرّ مِنْ مخالفها. ثمَّ إنَّا نجد بعض أشْخاص النَّوع الواحد يتآلف وبعضها يتنافر، وذلك بحسب الأُمور الَّتي يحصل الاِتِّفاق والاِنْفراد بسببها.اهـ.

    ([«فتح الباري شرح صحيح البُخاريّ» / (6/ 369، 370)])



    وقالَ الحافظُ بدر الدِّين العينيُّ (ت: 855هـ)ـ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ـ في «عمدة القاري شرح صحيح البُخاريّ» (23 /141،142):

    قَوْله: « الأَرْوَاحُ»، جمعُ روح. وهوَ الَّذي يقومُ بهِ الجسد، ويكون بهِ الحياة.

    قَوْله: « جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ»، أيْ: جموعٌ مجتمعةٌ، وأنواعٌ مختلفةٌ.

    وقيلَ: أجناسٌ مجنسةٌ، وفي هذا دليلٌ على أنَّ الأرواح ليست بأعراض، فإنَّها كانت موجودةٌ قبلَ الأجساد، وإنَّها تبقى بعد فناء الأجساد، ويؤيِّده أنَّ أرواح الشُّهداء في حواصلِ طَيرٍ خُضرٍ.

    قَوْله: « فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا »، تعارفها موافقة صِفاتها الَّتي خلقها اللهُ عليها، وتناسبها في أخلاقها. وقيلَ: لأنَّها خُلقت مجتمعة، ثمَّ فرِّقت في أجسادها فمَنْ وافقَ قسيمه ألّفه ومَنْ باعده نافره.

    وقالَ الخطابيُّ فيه وجهان:

    أحَدهما: أنْ يكون إشارة إلى معنى التَّشاكل في الخير والشَّرِّ، وإنَّ الخير مِنَ النَّاس يحن إلى شكله، والشِّرير يميلُ إلى نظيره، والأرواح إنَّما تتعارف بضرائب طباعها الَّتي جُبلت عليها مِنَ الخير والشَّرِّ، فإذا اِتَّفقت الأشكال تعارفت وتألفت، وإذا اِخْتلفت تنافرت وتناكرت.

    والآخَر: أنَّهُ رُويَ أنَّ اللهَ تَعَالَى خلقَ الأرواح قبل الأجساد، وكانت تلتقي، فلمَّا التُسبت بالأجساد تعارفت بالذّكر الأوَّل، فصار كلُّ واحدٍ منها إنَّما يعرف وينكر على ما سبقَ لهُ مِنَ العهد المتقدّم.

    وقالَ القرطبيُّ: إذا وجدَ أحدٌ مِنْ نفسه نفرةً ممَّن لهُ فضيلة، أو صلاح، يُفتّش عَنِ الموجب لها، فإنَّهُ ينكشف لهُ، فيتعيَّن عليه أنْ يسعى في إزالة ذلك حتَّى يتخلَّص مِنْ ذلك الوصْف المذموم، وكذلك القول إذا وجد في نفسه ميلاً إلى مَنْ فيه شرٌّ وشبهةٌ وشاعَ في كلام النَّاس قولهم المناسبة تؤلّف بين الأشخاص، والشَّخص يؤلّف بين شكله، ولما نزلَ عليِّ بْن أبِي طالبٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ الكوفةَ قالَ: «يا أهل الكوفة! قد علمنا خيركم مِنْ شريركم».

    فقالوا: لم ذلك؟ قالَ: «كانَ معنا ناسٌ مِنَ الأخيار فنزلوا عند ناسٍ فعلمنا أنَّهم مِنَ الأخيار، وكانَ معنا ناسٌ مِنَ الأشرار فنزلوا عند ناسٍ فعلمنا أنَّهم مِنَ الأشرار».

    وكانَ كمَا قالَ الشَّاعر:

    عَنِ الْمَرءِ لَا تَسْئَل وسَلْ عَنْ قرينهُ °°فَكُلّ قَرينٍ بالْمُقَارنِ يَقْتدِ.اهـ.


    ([«عمدة القاري شرح صحيح البخاري» (23 / 141، 142)])
    قال أبو الدرداء -رضي الله عنه - : إني لآمركم بالأمر و ما أفعله ، ولكن لعلّ الله يأجرني فيه .
    سير أعلام النبلاء4/19.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2010
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    6,287

    افتراضي رد: شرح حديث: «الأرواحُ جنودٌ مجنَّدةٌ»

    جزاك الله خيرا

    هذه ملفات رفعتها على موقع نور اليقين
    حمل من هنا


    http://www.up.noor-alyaqeen.com/ucp.php?go=fileuser



  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Apr 2010
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    6,287

    افتراضي رد: شرح حديث: «الأرواحُ جنودٌ مجنَّدةٌ»

    فائدة
    روى الإمام ابن بطة رحمه الله في كتاب الإبانة " الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ، تَلْتَقِي تَتَشَاءَمُ كَمَا تَتَشَاءَمُ الْخَيْلُ، فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ، وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ، وَلَوْ أَنَّ مُؤْمِنًا دَخَلَ مَسْجِدًا فِيهِ مِائَةٌ لَيْسَ فِيهِمْ إِلا مُؤْمِنٌ وَاحِدٌ لَجَاءَ حَتَّى يَجْلِسَ إِلَيْهِ، وَلَوْ أَنَّ مُنَافِقًا دَخَلَ مَسْجِدًا فِيهِ مِائَةٌ لَيْسَ فِيهِمْ إِلا مُنَافِقٌ وَاحِدٌ، لَجَاءَ حَتَّى يَجْلِسَ إِلَيْهِ ".

    هذه ملفات رفعتها على موقع نور اليقين
    حمل من هنا


    http://www.up.noor-alyaqeen.com/ucp.php?go=fileuser




معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. حب الوطن من الإيمان" وهو مشهور عند العامة على أنه حديث صحيح ، وهو حديث موضوع مكذوب
    بواسطة أبو عبد المصور مصطفى الجزائري في المنتدى المنبــر الإسلامي العــام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 25-Oct-2019, 08:57 PM
  2. [حديث] فوائد ودرر من حديث [كان صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر فيكبر حتى يأتى المصلى]
    بواسطة أبو خالد الوليد خالد الصبحي في المنتدى منبر العلوم الشرعية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 10-Jan-2017, 12:31 PM
  3. نعم مستواي بسيط و لكني أعلم أن حديث : (أدبني ربي فأحسن تأديبي ) حديث ضعيف.
    بواسطة أبو عبد الله بلال الجزائري في المنتدى المنبــر الإسلامي العــام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 21-Jan-2013, 07:45 PM
  4. نعم مستواي بسيط و لكني أعلم أن حديث : (أعطي يوسف شطر الجمال ) حديث صحيح و ليس من الإسرائليات
    بواسطة أبو عبد الله بلال الجزائري في المنتدى المنبــر الإسلامي العــام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 17-Jan-2013, 08:22 PM
  5. كلمة الشيخ محمد بن رمزان الهاجري حفظه الله بما يحدث من فتن بين المسلمين وبما يحدث في ليبيا
    بواسطة أبو سهيل الدليمي في المنتدى المنبــر الإسلامي العــام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 19-Feb-2011, 03:40 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •