المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : [تحقيق] الرد على الدكتور خالد الزهراني في كلامه في ضوابط الهجر



أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
17-Nov-2012, 09:26 PM
http://www.alwaraqat.net/attachment.php?attachmentid=2518&d=1338637481 (http://www.alwaraqat.net/attachment.php?attachmentid=2518&d=1338637481)«الورقات - الكويت»: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: قال خالد الزهراني في كتابه دعوة أهل البدع ص67 :" هجر المخالف له ضوابط تقوم على قاعدة رعاية المصالح ودرء المفاسد، يقول الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد حفظه الله:: مشروعية الهجر هي في دائرة ضوابطه الشرعية المبنية على رعاية المصالح ودرء المفاسد، وحتى يتحقق السبب الموجب للهجر لا بد من التأكد من عدة أمور:
(1) التأكد والتثبت من وجود البدعة، فلا يكفي بالشائع والمنقول عن فلان، بل لا بد من التثبت بسماع قوله أو رؤية فعلته أو كتابته.
(2) أن تكون البدعة مما اتفق على بدعيتها، فلا يهجر في المسائل التي اختلفت آراء العلماء في بدعيتها.
(3) بلوغ الحجة للمبتدع، وفهمها، وزوال مانع الجهل، وارتفاع الشبهة، وانقشاع الغفلة.

ويمكن تلخيص الضوابط الشرعية للهجر في ضابطين:
الأول: مراعاة المصلحة والمفسدة.
الثاني: أن العقوبة تكون على قدر الجرم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في المسلك الحق في الهجر: «فإن أقوامًا جعلوا ذلك عامًا، فاستعملوا من الهجر والإنكار ما لم يؤمروا به، فلا يجب ولا يستحب، وربما تركوا به واجبات أو مستحبات وفعلوا به محرمات.

وآخرون أعرضوا عن ذلك بالكلية، فلم يهجروا ما أمروا بهجره من السيئات البدعية؛ بل تركوها ترك المعرض لا ترك المنتهي الكاره، أو وقعوا فيها، وقد يتركونها ترك المنتهي الكاره، ولا ينهون عنها غيرهم، ولا يعاقبون بالهجرة ونحوها من يستحق العقوبة عليها، فيكونون قد ضيعوا من النهي عن المنكر ما أمروا به إيجابًا أو استحبابًا، فهم بين فعل المنكر أو ترك المنهي عنه، وذلك فعل ما نهوا عنه وترك ما أمروا به، فهذا هذا، ودين الله وسط بين الغالي فيه والجافي عنه. والله سبحانه أعلم .اهـ

كلامه عليه مآخذ:
(1) المأخذ الأول : قوله: (التأكد والتثبت من وجود البدعة، فلا يكفي بالشائع والمنقول عن فلان، بل لا بد من التثبت بسماع قوله أو رؤية فعلته أو كتابته)، اشتراط التثبت مطلقاً بدعة مأربية ، بل يتثبت في أخبار غير الثقات وأما الثقات فلا يتثبت في أخبارهم.

باب في ذكر الأدلة على أن السلف كانوا يقبلون خبر الثقة ولا يتثبتون فيه:

(1) قال الإمام مسلم في صحيحه [ 1 -8 ] :
حَدَّثَنِي أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ كَهْمَسٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، ح وحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ - وَهَذَا حَدِيثُهُ - حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا كَهْمَسٌ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، قَالَ:
كَانَ أَوَّلَ مَنْ قَالَ فِي الْقَدَرِ بِالْبَصْرَةِ مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيُّ حَاجَّيْنِ - أَوْ مُعْتَمِرَيْنِ - فَقُلْنَا: لَوْ لَقِينَا أَحَدًا مَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلْنَاهُ عَمَّا يَقُولُ هَؤُلَاءِ فِي الْقَدَرِ،
فَوُفِّقَ لَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ دَاخِلًا الْمَسْجِدَ، فَاكْتَنَفْتُهُ أَنَا وَصَاحِبِي أَحَدُنَا عَنْ يَمِينِهِ، وَالْآخَرُ عَنْ شِمَالِهِ، فَظَنَنْتُ أَنَّ صَاحِبِي سَيَكِلُ الْكَلَامَ إِلَيَّ.
فَقُلْتُ : أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنَّهُ قَدْ ظَهَرَ قِبَلَنَا نَاسٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، وَيَتَقَفَّرُونَ الْعِلْمَ، وَذَكَرَ مِنْ شَأْنِهِمْ، وَأَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنْ لَا قَدَرَ، وَأَنَّ الْأَمْرَ أُنُفٌ؟
قَالَ: فَإِذَا لَقِيتَ أُولَئِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنِّي بَرِيءٌ مِنْهُمْ، وَأَنَّهُمْ بُرَآءُ مِنِّي ، وَالَّذِي يَحْلِفُ بِهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ لَوْ أَنَّ لِأَحَدِهِمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، فَأَنْفَقَهُ مَا قَبِلَ اللهُ مِنْهُ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ.
ثُمَّ قَالَ:
حَدَّثَنِي أَبِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ، إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ، شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ، لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ، وَلَا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ.
حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ، وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ.
وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْإِسْلَامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ، قَالَ: صَدَقْتَ، قَالَ: فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ، وَيُصَدِّقُهُ.
قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْإِيمَانِ، قَالَ: أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ ، قَالَ: صَدَقْتَ.
قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْإِحْسَانِ، قَالَ: أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ .
قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ، قَالَ: مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ.
قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ أَمَارَتِهَا، قَالَ: أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا، وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ ، قَالَ: ثُمَّ انْطَلَقَ فَلَبِثْتُ مَلِيًّا
ثُمَّ قَالَ لِي: يَا عُمَرُ أَتَدْرِي مَنِ السَّائِلُ؟ قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.
قَالَ: فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ .

قلت : موطن الشاهد أن عبد الله بن عمر قبل خبر يحيى بن يعمر وصاحبه في القدرية وأصدر حكمه عليهم مع كون القدرية قد خرقوا إجماعاً ومع ذلك لم يستبعد ابن عمر وجود من يقول بقولهم ، وانظر رحمني الله وإياك كيف أصدر عبدالله بن عمر الحكم عليهم ولم يسر على قول من يقول " رد على القول واترك القائل "!

(2) وفي "صحيح مسلم" عن ابن عباس قال: بلغ عمر بن الخطاب أن سمرة باع خمرا،فقال: قاتل الله سمرة، ألم يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قاتلالله اليهود، حُرمت عليهم الشحوم فجملوها وباعوها

قلت : هنا عمر بن الخطاب لم يتثبت فيخبر الثقة الذي نقل له أن سمرة بن جندب باع خمراً على المشركين ورد على سمرة وهو غائب ودعا عليه ولم يرد على المقولة ويترك القائل !

واعلم رحمك الله أن سمرة بن جندب مجتهد في هذه المسألة ولا يجوز لأحدٍ أن يقلده على اجتهاده هذا بعد ثبوت النص بخلافه

(3) عن العالية بنت أيفع أنها :" دخلت على عائشة رضي الله عنها فدخلت معها أم ولد زيد بن أرقم الأنصاري وامرأة أخرى فقالت أم ولد زيد بن أرقم يا أم المؤمنين إني بعت غلاما من زيد بن أرقم بثمانمائة درهم نسيئة وإني إبتعته بستمائة درهم نقدا ؟
فقالت لها عائشة بئسما اشتريت وبئسما شريت إن جهاده مع رسول الله صلى الله عليه و سلم قد بطل إلا أن يتوب " رواه الدارقطني والخبر مختلفٌ في صحته على الخلاف المشهور في العالية بنت أيفع.

وفي هذا الخبر لم تتثبت عائشة -رضي الله عنها- من خبر الثقة عندها ولم تكتفِ ببيان بطلان بيع العينة حتى حكمت على من يتعامل به

ولا شك أن زيد بن أرقم لم يبلغه النص في تحريم بيع العينة كما لم يبلغ من أفتى بإباحته من فقهاء الأمة

وقوله ( ولا يكتفى بالشائع ) يخالف إجماع العلماء على الحكم بالاستفاضة

قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (35/ 414) :
مَا يُجْرَحُ بِهِ الشَّاهِدُ وَغَيْرُهُ مِمَّا يَقْدَحُ فِي عَدَالَتِهِ وَدِينِهِ فَإِنَّهُ يَشْهَدُ بِهِ إذَا عَلِمَهُ الشَّاهِدُ بِهِ بِالِاسْتِفَاضَةِ وَيَكُونُ ذَلِكَ قَدْحًا شَرْعِيًّا كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ طَوَائِفُ الْفُقَهَاءِ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنْبَلِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ فِي كُتُبِهِمْ الْكِبَارِ وَالصِّغَارِ .
صَرَّحُوا فِيمَا إذَا جُرِحَ الرَّجُلُ جَرْحًا مُفْسِدًا أَنَّهُ يَجْرَحُهُ الْجَارِحُ بِمَا سَمِعَهُ مِنْهُ أَوْ رَآهُ وَاسْتَفَاضَ , وَمَا أَعْلَمُ فِي هَذَا نِزَاعًا بَيْنَ النَّاسِ .
فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ كُلَّهُمْ يَشْهَدُونَ فِي وَقْتِنَا فِي مِثْلِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَأَمْثَالِهِمَا مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ وَالدِّينِ بِمَا لَمْ يَعْلَمُوهُ إلَّا بِالِاسْتِفَاضَةِ .
وَيَشْهَدُونَ فِي مِثْلِ الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ وَالْمُخْتَارِ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ وَعَمْرُو بْنِ عُبَيْدٍ وَغَيْلَانَ الْقَدَرِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَبَإِ الرافضي وَنَحْوِهِمْ مِنْ الظُّلْمِ وَالْبِدْعَةِ بِمَا لَا يَعْلَمُونَهُ إلَّا بِالِاسْتِفَاضَةِ .
وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ أَنَّهُ مُرَّ عَلَيْهِ بِجِنَازَةِ فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرًا ؛ فَقَالَ : وَجَبَتْ وَمُرَّ عَلَيْهِ بِجِنَازَةِ فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرًّا فَقَالَ : وَجَبَتْ وَجَبَتْ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا قَوْلُك : وَجَبَتْ وَجَبَتْ ؟ قَالَ : هَذِهِ الْجِنَازَةُ أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهَا خَيْرًا فَقُلْت وَجَبَتْ لَهَا الْجَنَّةُ وَهَذِهِ الْجِنَازَةُ أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهَا شَرًّا فَقُلْت وَجَبَتْ لَهَا النَّارُ . أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ ] . هَذَا إذَا كَانَ الْمَقْصُودُ تَفْسِيقَهُ لِرَدِّ شَهَادَتِهِ وَوِلَايَتِهِ
وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمَقْصُودُ التَّحْذِيرَ مِنْهُ وَاتِّقَاءَ شَرِّهِ فَيُكْتَفَى بِمَا دُونَ ذَلِكَ كَمَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ اعْتَبِرُوا النَّاسَ بِأَخْدَانِهِمْ ؛ وَبَلَغَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا يَجْتَمِعُ إلَيْهِ الْأَحْدَاثُ فَنَهَى عَنْ مُجَالَسَتِهِ . فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ مُخَالِطًا فِي السَّيْرِ لِأَهْلِ الشَّرِّ يُحَذَّرُ عَنْهُ .اهـ

فصرح شيخ الإسلام أن الأئمة لا زالوا يحذرون ويعدلون بالاستفاضة

وقال العلامة ربيع المدخلي في رسالته ( التثبت في الشريعة الإسلامية ) ص16 :
ومن تلك البلايا قوله الذي يتباهى به ويراه من مزاياه: " أنا لا أقبل الجرح في الشخص حتى أقف عليه بنفسي من المتكلم فيه إما من نطقه أو كتابه"، فقد جاء في بيان أهل المدينة وفقهم الله قولهم : "ثالثاً - مسألة عدم قبول الجرح في الشخص حتى يقف عليه بنفسه.
قال : (يعنون أبا الحسن ) بالنسبة لمسألة عدم قبول الجرح في الشخص حتى أقف عليه بنفسي فهذا في حالة المعروف عندي ، ولم يأت الثقة المخالف فيه بدليل على قوله أما إن أتى بدليل على قوله رجعت عن قولي لقوله وأما الرجل الذي لا أعرفه وتكلم فيه عدل عندي قبلت قوله، ونقلته عنه لأدلة قبول خبر العدل .

التعليق : ليس والله الأمر كما ذكر وبيان ذلك : اعتراضه على كبار أئمة السنة في سيد قطب ورده لكلامهم القائم على الأدلة والبراهين ورميهم فوق ذلك بالغلو وتنزيله لأحاديث الخوارج عليهم.
ومن هؤلاء الشيخ الألباني والشيخ محمد بن صالح العثيمين والشيخ إسماعيل الأنصاري والشيخ محمد بن عبد الوهاب البنا والشيخ محمد أمان وأظن الشيخ عبد المحسن العباد والشيخ عبد الله الدويش .
ولا أظن عالماً سلفياً اطلع على كلام سيد قطب في وحدة الوجود يتردد في هذا.
وما أعتقد طالب علم سلفي صادق يقف على كلام سيد قطب فيتردد في هذه القضية .
والظاهر أن السلفيين جميعاً عنده غير ثقات ولهذا تراه يرد كلامهم مع أنه لا يعرف سيد قطب وقد مرت الأمثلة الواضحة في رده لكلام السلفيين وعلمائهم .
ولقد تظاهر هذا الرجل بالتراجع في قضية سيد قطب لا بناء على شهادة هؤلاء الأئمة العدول وإنما على قاعدته هذه وقد صرح بذلك في عدة مناسبات:
في الشريط رقم وجه من أشرطته السبعة التي سماها بالقول الأمين حيث قال :" إذن الرجل لم يقل ما قال عن جهل وعن كونه عامياً ومن عوام المسلمين في مصر لا هذا الكلام متى ظهر؟ عندما قرأت أنا كلامه.اهـ

والخلاصة أن هذه قاعدة المأربي ، وقد نقضها العلامة ربيع المدخلي في رسالة مستقلة فلتراجع.

(2) المأخذ الثاني : قوله ( أن تكون البدعة مما اتفق على بدعيتها، فلا يهجر في المسائل التي اختلفت آراء العلماء في بدعيتها ) هو كقول من يقول ( لا إنكار في مسائل الخلاف ) وعدم التفريق بين الخلاف المعتبر والخلاف غير المعتبر مزلة قدم وفتح لباب عظيم من الشر

قال العلامة عبد اللطيف آل الشيخ في كتابه النفيس: [إتمام المنة والنعمة في ذم اختلاف الأمة ص 56_ 57]: [ثم اعلم أن المحققين منعوا من قول: لا إنكار في مسائل الإجتهاد]، وأوردوا عن الصحابة فمن بعدهم، من الأئمة وعلماء الأمة، من الإنكار في مسائل الإجتهاد
ما لا يمكن حصره، ال شيخ الإسلام، أبو العباس - رحمه الله -: قولهم: مسائل الإجتهاد لا إنكار فيها , ليس بصحيح، فإن الإنكار إما أن يتوجه إلى القول بالحكم، أو العمل.

أما الأول: فإذا كان القول يخالف سنةً أو إجماعاً قديماً، وجب إنكاره وفاقاً، وإن لم يكن كذلك، فإنه ينكر. بمعنى: بيان ضعفه عند من يقول: المصيب واحد , وهم عامة السلف والفقهاء، وأما العمل إذا كان خلاف سنةٍ أو إجماع، وجب إنكاره أيضاً: بحسب درجات الإنكار، وكما ينقض حكم الحاكم إذا خالف السنة.

وأما إذا لم يكن في المسألة سنةٌ ولا إجماع، وللاجتهاد فيها مساغ , فلا ينكر على من عمل بها مجتهداً أو مقلداً. انتهى [الفتاوى (19/ 122)]، وقال في الفروع: وفي كلام الإمام أحمد وبعض الأصحاب ما يدل على أنه إن ضعف الخلاف أنكر فيها، وإلا فلا وللشافعية أيضاً خلاف، ولهم وجهان في الإنكار على من كشف عن فخذيه.

وقال ابن هبيرة في قول حذيفة، وقد رأى رجلاً لا يتم ركوعه ولا سجوده: ما صليت، ولو مت على هذا مت على غير الفطرة التي فطر الله عليها محمداً صلى الله عليه وسلم،:- فيه أن إنكار المنكر في مثل هذا، يغلظ له لفظ الإنكار. انتهى كلام الشيخ عبد الطيف رحمه الله تعالى.

أقول: وعدم وجوب الطمأنينة في الصلاة مذهبٌ لجماعة من أهل الرأي وأئمة الفقه، ومع ذلك فالإنكار على من فعل ذلك مشروع اقتداءً بحذيفة - رضي الله عنه -.

وقال شيخ الإسلام كما في [الفتاوى الكبرى 2/ 367]:" فقد نقل ابن حزم في المحلي عن عطاء بن أبي رباح: أنه لا يجوز الصلاة في مسجد إلا على الأرض، ولما قدم عبد الرحمن بن مهدي من العراق، وفرش في المسجد , أمر مالك بن أنس بحبسه تعزيرًا له، حتى روجع في ذلك.
فذكر أن فعل هذا في مثل هذا المسجد بدعة يؤدب صاحبها، وعلى الناس الإنكار على من يفعل ذلك، والمنع منه، لاسيما ولاة الأمر الذين لهم هنالك ولاية على المسجد، فإنه يتعين عليهم رفع هذه السجاجيد، ولو عوقب أصحابه بالصدقة بها، لكان هذا مما يسوغ في الاجتهاد . انتهى.

أقول: فانظر كيف أفتى مالك بسجن ابن مهدي في هذه المسألة، والطريف أن عبد الرحمن بن مهدي مترجمٌ في طبقات المالكية وإن كانت هذه دعوى غير مسلمة أيضاً فقد زعم الشافعية أن شافعي لأنه سأل الشافعي تصنيف الرسالة، وترجموا له في طبقات الحنابلة على أنه من شيوخ أحمد الذين رووا عنه، وقد يكون على مذهب سفيان في الفقه لأنه كان لصيقاً به.

وقال أبو إسماعيل الهروي في ذم الكلام كما في [المنتقى لابن المقريء ص 885]: " أخبرنا محمد بن موسى حدثنا محمد بن يعقوب حدثنا عبد الله ابن أحمد بن حنبل سمعت أبي يقول قيل لابن أبي ذئب مالك بن أنس يقول ليس البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فقال يستتاب مالك فإن تاب وإلا ضربت عنقه " اهـ

وقال أيضاً: " [886] أخبرنا الحسن بن يحيى أخبرنا عبد الرحمن بن أحمد أخبرنا عبد الله بن محمد سمعت أحمد بن حنبل رحمه الله يقول كان ابن أبي ذئب رجلا صالحا قوالا بالحق ".اهـ
أقول: وهذا وإن لم يوافق عليه ابن أبي ذئب إلى أنه يدل على أن الإنكار عندهم في هذه المسائل منتشر معروف، ونقول للكرابيسيين ألستم تزعمون أن مشايخنا غلاة لأنهم يلزمون أسيادكم بأمور لا يصح الإلزام بها، فهلا صنفتم ابن أبي ذئب غالياً؟!

و قال ابن حزم رحمه الله تعالى في كتابه"الصادع" (ص458): (وفي "صحيح مسلم" عن ابن عباس قال: بلغ عمر بن الخطاب أن جابر بن سمرة باع خمرا، فقال: قاتل الله سمرة، ألم يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قاتل الله اليهود، حُرمت عليهم الشحوم فجملوها وباعوها، وسمرة مأجور في اجتهاده، ولو أن امرءاً مسلما باع اليوم خمرا والحجة قد قامت عليه بنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيعها؛ لكان عاصيا، فهذا ومثله كثير جدا، فرق بين ما أرادوا خلطه من حكم الصحابة ومن بعدهم من الأئمة المجتهدين المأجورين غير المصرين ولا المقلدين، مع حكم المقلدين المصرين بعد قيام الحجة عليهم، فهذه هي الضلالة لا تلك).

و قال ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله ص196:"الاختلاف ليس بحجة عند أحد علمته من فقهاء الأمة إلا من لا بصر له ولا معرفة عنده ولا حجة في قوله"، وعلى تقرير الأخ خالد لا ينكر على من قال بمتعة النساء أو جواز ربا الفضل لوجود من قال بهذا القول من السلف وكذلك من قال بعدم النصاب في السرقة وأنه يقطع بالقليل والكثير وأن التحليل يقع بمجرد العقد ، ومن قال بعدم مشروعية الإحداد ، وليس كذلك بل ينكر عليه وتبين له الأدلة فإن أصر حكم عليه بما يستحقه.

فإن : قيل ( ينكر ولا يبدع )؛ فيقال : هذا لغو لأن الإنكار إما أن يكون على كفر والمصر على الكفر بعد البيان كافر ، وإما أن يكون على بدعة والمصر على البدعة بعد البيان مبتدع ، وإما أن يكون معصية يفسق المرء بالإصرار عليها أو بمجرد فعلها عالماً كالكبائر ، فوجود بدعة تنكر على فاعلها ثم لا يبدع إذا أصر فهذا لا نظير له ، ولا أصل له في كلام السلف.

وقد صرح شيخ الإسلام على أن من شرب النبيذ المختلف فيه تقام عليه العقوبة وإن كان متأولاً حفاظاً على الشريعة العامة ، مما يدل على أن الخلاف الضعيف لا يرفع العقوبة الدنيوية.

قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (10/376) :
إذْ الصَّحَابَةُ لَا خِلَافَ فِي بَقَائِهِمْ عَلَى الْعَدَالَةِ وَذَلِكَ أَنَّ التَّفْسِيقَ انْتَفَى لِلتَّأْوِيلِ السَّائِغِ. وَأَمَّا الْقِتَالُ: فَلِيُؤَدُّوا مَا تَرَكُوهُ مِنْ الْوَاجِبِ وَيَنْتَهُوا عَمَّا ارْتَكَبُوهُ مِنْ الْمُحَرَّمِ وَإِنْ كَانُوا مُتَأَوِّلِينَ. وَكَذَلِكَ نُقِيمُ الْحَدَّ عَلَى مَنْ شَرِبَ النَّبِيذَ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ وَإِنْ كَانُوا قَوْمًا صَالِحِينَ فَتَدَبَّرْ كَيْفَ عُوقِبَ أَقْوَامٌ فِي الدُّنْيَا عَلَى تَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ فِعْلِ مُحَرَّمٍ بَيِّنٍ فِي الدِّينِ أَوْ الدُّنْيَا وَإِنْ كَانُوا مَعْذُورِينَ فِيهِ لِدَفْعِ ضَرَرِ فِعْلِهِمْ فِي الدُّنْيَا.اهـ

(3) المأخذ الثالث : قوله (بلوغ الحجة للمبتدع، وفهمها، وزوال مانع الجهل، وارتفاع الشبهة، وانقشاع الغفلة )

ليس هذا شرطاً في الحذر من المبتدع وهجره والبعد عنه فقد نص شيخ الإسلام على أن داعية البدعة يهجر وإن كان متأولاً للوقاية من شره

قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (10/ 377) :
وَعَلَى هَذَا فَمَا أَمَرَ بِهِ آخِرُ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنْ أَنَّ دَاعِيَةَ أَهْلِ الْبِدَعِ يُهْجَرُ فَلَا يُسْتَشْهَدُ وَلَا يُرْوَى عَنْهُ وَلَا يُسْتَفْتَى وَلَا يُصَلَّى خَلْفَهُ قَدْ يَكُونُ مِنْ هَذَا الْبَابِ ؛ فَإِنَّ هَجْرَهُ تَعْزِيرٌ لَهُ وَعُقُوبَةٌ لَهُ جَزَاءً لِمَنْعِ النَّاسِ مِنْ ذَلِكَ الذَّنْبِ الَّذِي هُوَ بِدْعَةٌ أَوْ غَيْرُهَا وَإِنْ كَانَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ تَائِبًا أَوْ مَعْذُورًا.اهـ

قلت: فانظر كيف صرح بوقوع العقوبة على داعية البدع وإن كان في نفسه متأولاً مراعاةً للمصلحة العامة في ترك الناس لبدعته

وقال ابن رجب شرح علل الترمذي ص 363:" والمانعون من الرواية لهم مأخذان:
أحدهما: تكفير أهل الأهواء أو تفسقيهم، وفيه خلاف مشهور.
والثاني: الإهانة لهم والهجران والعقوبة بترك الرواية عنه، وإن لم نحكم بكفرهم أو فسقهم.
ولهم مأخذ ثالث: وهو أن الهوى والبدعة لا يؤمن معه الكذب، ولاسيما إذا كانت الرواية مما تعضد هوى الراوي "

أقول: فتأمل كيف حكى إيقاع العقوبة عليهم مع عدم تكفيرهم وتفسيقهم

وقال العقيلي في الضعفاء (1/174) : حدثنا عبد الله بن أحمد ، قال : سمعت أبي يقول : حدثنا أبو جعفر الحذاء ، قال : قلت لسفيان بن عيينة : إن هذا يتكلم في القدر ، أعني : إبراهيم بن أبي يحيى ، قال : عرف للناس بدعته ، واسألوا ربكم العافية .

فأين اشتراط إقامة الحجة ، وأين اشتراط التثبت ؟

وقال الخلال في السنة 658- أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ , قَالَ : سَمِعْتُ هَارُونَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ , يَقُولُ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ : جَاءَنِي كِتَابٌ مِنَ الرَّقَّةِ أَنَّ قَوْمًا قَالُوا : لاَ نَقُولُ : مُعَاوِيَةُ خَالُ الْمُؤْمِنِينَ , فَغَضِبَ وَقَالَ : مَا اعْتِرَاضُهُمْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ , يُجْفَوْنَ حَتَّى يَتُوبُوا.

659- أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي هَارُونَ , وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ , أَنَّ أَبَا الْحَارِثِ حَدَّثَهُمْ قَالَ : وَجَّهْنَا رُقْعَةً إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ : مَا تَقُولُ رَحِمَكَ اللَّهُ فِيمَنْ قَالَ : لاَ أَقُولُ إِنَّ مُعَاوِيَةَ كَاتَبُ الْوَحْيِ , وَلاَ أَقُولُ إِنَّهُ خَالُ الْمُؤْمِنِينَ , فَإِنَّهُ أَخَذَهَا بِالسَّيْفِ غَصْبًا ؟ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : هَذَا قَوْلُ سَوْءٍ رَدِيءٌ , يُجَانَبُونَ هَؤُلاَءِ الْقَوْمِ , وَلاَ يُجَالَسُونَ , وَنُبَيِّنُ أَمْرَهُمْ لِلنَّاسِ.

فأين اشتراط إقامة الحجة وأين اشتراط التثبت في نقل الثقة ؟

وقال حرب الكرماني في مسائله عن أحمد (3/1053) : وسمعت أحمد يقول: لا يصلي خلف من يزعم أن الإيمان قول إذا كان داعية.
وسمعت إسحاق يقول: من قال: أنا مؤمن. فهو مرجئ. قلت: الصلاة خلفه؟ قال: لا.

فلم يشترط أحمد إلا أن يكون داعية فقط ، ولم يشترط إقامة الحجة عليه أو التثبت في أمره، وسر المسألة أن هذا الباحث وغيره يخلطون بين الهجر الوقائي الذي يراد منه مصلحة الهاجر ، والهجر التعزيري الذي يراد منه مصلحة المهجور ، ويراد بكلاهما عدم اغترار الناس بهذا المبتدع أو الداعية.

وهذا الكتاب ( دعوة أهل البدع ) ، وجدته منشوراً في عامة المنتديات السلفية ، حتى تلك التي تأبى نشر ردود إخوانهم السلفيين على بعض أهل البدع ، بحجة الشدة في الأسلوب أو غيرها ، وحتى أولئك الذين حذفوا قصة التخذيل قديماً.

مما يدل على أننا نعيش مأساة حقيقية ، في تطبيق العلم وأن السائد هو التقليد والاغترار بالأسماء دون البحث والتحقيق ، فبالأمس ننشر ردود الشيخ ربيع على المأربي في التثبت ، واليوم ننشر ردوده على الحلبي في هذا الأمر ، وبينهما ننشر كلام من يقرر تقرير الرجلين !

فحسبنا الله ونعم الوكيل ، ما أشد استحكام غربة العلم والسنة.

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

عبد السلام الجزائري
18-Nov-2012, 01:45 PM
بارك الله فيك على الموضوع الذي يضع النقاط على الحروف
فحسبنا الله ونعم الوكيل ، ما أشد استحكام غربة العلم والسنة.