أبو الوليد خالد الصبحي
01-Apr-2010, 05:12 PM
بسم الله الرّحمن الرّحيم
الرّفقُ و عدم التّقدّم بين يدي الأكابر هو المنهج السّلفيّ
الحمدُ لله ربّ العالمين ، و الصّلاةُ و السّلامُ على رسوله الأمين ، و على آله و صحبه أجمعين .
أمّا بعد :
ففي الصّحيحين من حديث عائشة - رضي الله عنها - أنّه : استأذن رهطٌ من اليهود على رسول الله - صلّى الله عليه و سلّم - ؛ فقالوا : السّام عليكم ؛ فقالت عائشة : بل عليكم السّام و الّلعنة ؛ فقال رسول الله - صلّى الله عليه و سلّم - : (( يا عائشة ! إنّ الله يُحبُّ الرِّفق في الأمر كلّه )) ، قالت : ألم تسمع ما قالوا ؟! قال : (( قد قلت : و عليكم )) ؛ هذا لفظ " مسلم " .
و في هذا الحديث فوائد :
الأولى :
أنّ اليهود يُعادون الأنبياء ؛ كما قال - سبحانه - في كتابه : (( ففريقًا كذّبوا و فريقًا يقتلون )) .
الثّانية :
أنّ اليهود كانوا يلحنون في السّلام ؛ كما قال النّبيّ - صلّى الله عليه و على آله و سلّم - في حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - في " الصّحيح " : (( إنّ اليهود إذا سلّموا عليكم يقول أحدهم : السّام عليكم ؛ فقل : عليك )) .
الثّالثة :
جواز ردّ العدوان بمثله ؛ حيث أجابهم رسول الله - عليه و على آله الصّلاةُ و السّلام - بقوله : (( و عليكم )) ؛ فردّ عليهم عدوانهم .
الرّابعة :
أنْ نعلمَ أنّ كلمة النّبيّ - صلّى الله عليه و على آله و سلّم - في جواب اليهوديّ شديدة ؛ و لكنّها شدّةٌ منضبطةٌ ؛ بدون زيادةٍ و لا نُقصان .
فقطْعُ يد السّارق من الرُّسُغِ - مثلاً - شدّة ؛ و لكنّها شدّةٌ منضبطةٌ بأحكام الشّرع .
و قطعها من المِرْفق شدّةٌ - أيضًا - ؛ و لكنّها شدّةٌ غاليةٌ زائدةٌ عن حدّها .
و تركُ قطعها ، و الاكتفاء بسجن السّارق - مثلاً - ميوعةٌ و تفلّت .
الخامسة :
أنّ معنى الرّفق - إذًا - ليس هو اللّين - دائمًا - ؛ بل الشّدّة المنضبطة في موضعها رفقٌ ، و اللّين المنضبط في موضعه رفق .
السّادسة :
أنّ مِن الرّفق و التّوسّط و الاعتدال و الحكمة - الّتي هي منهج السّلف - عدم التّقدّم بين يدي الأكابر و ولاة الأمر من العلماء و الأمراء في الحكم على المخالف ، أو ما يتعلّق بمعاملته ، و في غير ذلك .
فلذلك وجّه النّبيّ - عليه و على آله الصّلاة و السّلام - عائشةَ - رضي الله - عنها إلى ذلك .
و من هذا الباب قولُ العالمِ الفاضلِ الصّحابيِّ الجليلِ أبي موسى الأشعريّ لأبي عبد الرّحمن عبدِ الله بن مسعودٍ - رضي الله عنهما - - كما في مقدّمة " سنن الدّارميّ " و غيرها - ؛ لمّا سأله ابنُ مسعودٍ عن عدم إنكاره على المُسبّحين بالحصى في المسجد النّبويّ ؛ قال أبو موسى : (( انتظرت رأيك )) ، أو (( انتظرت أمرك )) .
و كذلك فعل أصحابُ عليٍّ - رضي الله عنه - - من الصّحابة و التّابعين - ؛ فلم يُصرّحوا بتبديع ابن الكوّاء رأس الحروريّة ؛ حتّى صرّح عليٌّ بذلك .
بل لم يذهب ابنُ عبّاسٍ - رضي الله عنهما - لنصيحته و مَن معه من الخوارج في ( حروراء ) إلاّ بعد استئذان عليٍّ - رضي الله عنه - .
و لمّا رأى النّبيّ - عليه و على آله الصّلاة و السّلام - ما رأى - بوحي ربّه - في ( صُلح الحديبية ) وافقه أصحابُه ، و لم يخالفوه .
فهذا هو - إذًا - :
يجب التّأدّب مع العلماء الكبار من ولاة الأمر ، و أن لا نتقدّم بين أيديهم ، و أن لا نفتئت عليهم ، و أن لا نُنازِعَ الأمرَ أهلَه ، و أن لا نَنْـزِع يدًا من طاعة ، و أن لا نَشُقَّ عصا الجماعة .
الفائدة السّابعة من حديث عائشة :
أنّ مُتابعة العلماء ، و عدم التّقدّم بين أيديهم ، و الانضباط في الشّدّة بضوابط الشّرع ؛ بدون زيادةٍ و غلوٍ ، و بدون نُقصانٍ و تقصير ؛ أنّ ذلك زَينٌ يُزان به المرء ، و أنّ تركه شَيْنٌ لصاحبه .
كتبتُ هذا تذكرةً لنفسي ، و لإخواني ؛ راجيًا ربّي - سبحانه - أن يمُنّ علينا بالرّفق ، و أن يُزيّننا بذلك ، و أن يُجمّلنا بمكارم الأخلاق و محاسنها ..
و الحمدُ للهِ ربّ العالمين .
و كتب :
معاذُ بنُ يوسفَ الشّمّريُّ
13- ربيعٍ الثّاني - 1431 هـ .
الرّفقُ و عدم التّقدّم بين يدي الأكابر هو المنهج السّلفيّ
الحمدُ لله ربّ العالمين ، و الصّلاةُ و السّلامُ على رسوله الأمين ، و على آله و صحبه أجمعين .
أمّا بعد :
ففي الصّحيحين من حديث عائشة - رضي الله عنها - أنّه : استأذن رهطٌ من اليهود على رسول الله - صلّى الله عليه و سلّم - ؛ فقالوا : السّام عليكم ؛ فقالت عائشة : بل عليكم السّام و الّلعنة ؛ فقال رسول الله - صلّى الله عليه و سلّم - : (( يا عائشة ! إنّ الله يُحبُّ الرِّفق في الأمر كلّه )) ، قالت : ألم تسمع ما قالوا ؟! قال : (( قد قلت : و عليكم )) ؛ هذا لفظ " مسلم " .
و في هذا الحديث فوائد :
الأولى :
أنّ اليهود يُعادون الأنبياء ؛ كما قال - سبحانه - في كتابه : (( ففريقًا كذّبوا و فريقًا يقتلون )) .
الثّانية :
أنّ اليهود كانوا يلحنون في السّلام ؛ كما قال النّبيّ - صلّى الله عليه و على آله و سلّم - في حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - في " الصّحيح " : (( إنّ اليهود إذا سلّموا عليكم يقول أحدهم : السّام عليكم ؛ فقل : عليك )) .
الثّالثة :
جواز ردّ العدوان بمثله ؛ حيث أجابهم رسول الله - عليه و على آله الصّلاةُ و السّلام - بقوله : (( و عليكم )) ؛ فردّ عليهم عدوانهم .
الرّابعة :
أنْ نعلمَ أنّ كلمة النّبيّ - صلّى الله عليه و على آله و سلّم - في جواب اليهوديّ شديدة ؛ و لكنّها شدّةٌ منضبطةٌ ؛ بدون زيادةٍ و لا نُقصان .
فقطْعُ يد السّارق من الرُّسُغِ - مثلاً - شدّة ؛ و لكنّها شدّةٌ منضبطةٌ بأحكام الشّرع .
و قطعها من المِرْفق شدّةٌ - أيضًا - ؛ و لكنّها شدّةٌ غاليةٌ زائدةٌ عن حدّها .
و تركُ قطعها ، و الاكتفاء بسجن السّارق - مثلاً - ميوعةٌ و تفلّت .
الخامسة :
أنّ معنى الرّفق - إذًا - ليس هو اللّين - دائمًا - ؛ بل الشّدّة المنضبطة في موضعها رفقٌ ، و اللّين المنضبط في موضعه رفق .
السّادسة :
أنّ مِن الرّفق و التّوسّط و الاعتدال و الحكمة - الّتي هي منهج السّلف - عدم التّقدّم بين يدي الأكابر و ولاة الأمر من العلماء و الأمراء في الحكم على المخالف ، أو ما يتعلّق بمعاملته ، و في غير ذلك .
فلذلك وجّه النّبيّ - عليه و على آله الصّلاة و السّلام - عائشةَ - رضي الله - عنها إلى ذلك .
و من هذا الباب قولُ العالمِ الفاضلِ الصّحابيِّ الجليلِ أبي موسى الأشعريّ لأبي عبد الرّحمن عبدِ الله بن مسعودٍ - رضي الله عنهما - - كما في مقدّمة " سنن الدّارميّ " و غيرها - ؛ لمّا سأله ابنُ مسعودٍ عن عدم إنكاره على المُسبّحين بالحصى في المسجد النّبويّ ؛ قال أبو موسى : (( انتظرت رأيك )) ، أو (( انتظرت أمرك )) .
و كذلك فعل أصحابُ عليٍّ - رضي الله عنه - - من الصّحابة و التّابعين - ؛ فلم يُصرّحوا بتبديع ابن الكوّاء رأس الحروريّة ؛ حتّى صرّح عليٌّ بذلك .
بل لم يذهب ابنُ عبّاسٍ - رضي الله عنهما - لنصيحته و مَن معه من الخوارج في ( حروراء ) إلاّ بعد استئذان عليٍّ - رضي الله عنه - .
و لمّا رأى النّبيّ - عليه و على آله الصّلاة و السّلام - ما رأى - بوحي ربّه - في ( صُلح الحديبية ) وافقه أصحابُه ، و لم يخالفوه .
فهذا هو - إذًا - :
يجب التّأدّب مع العلماء الكبار من ولاة الأمر ، و أن لا نتقدّم بين أيديهم ، و أن لا نفتئت عليهم ، و أن لا نُنازِعَ الأمرَ أهلَه ، و أن لا نَنْـزِع يدًا من طاعة ، و أن لا نَشُقَّ عصا الجماعة .
الفائدة السّابعة من حديث عائشة :
أنّ مُتابعة العلماء ، و عدم التّقدّم بين أيديهم ، و الانضباط في الشّدّة بضوابط الشّرع ؛ بدون زيادةٍ و غلوٍ ، و بدون نُقصانٍ و تقصير ؛ أنّ ذلك زَينٌ يُزان به المرء ، و أنّ تركه شَيْنٌ لصاحبه .
كتبتُ هذا تذكرةً لنفسي ، و لإخواني ؛ راجيًا ربّي - سبحانه - أن يمُنّ علينا بالرّفق ، و أن يُزيّننا بذلك ، و أن يُجمّلنا بمكارم الأخلاق و محاسنها ..
و الحمدُ للهِ ربّ العالمين .
و كتب :
معاذُ بنُ يوسفَ الشّمّريُّ
13- ربيعٍ الثّاني - 1431 هـ .