المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إعتزاليات الزمخشري في كشافه و أنموذجه



أبو عبد الله بلال الجزائري
01-Dec-2012, 11:55 PM
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، نبينا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ومن تبعه، أما بعد:
يعد الزمخشري[1] (http://www.albaidha.net/vb/#_ftn1) صاحب الكشاف من أبرز دعاة المعتزلة فقد قال الإمام الذهبي في ترجمة الزمخشري:'' صالح لكنه داعية إلى الاعتزال، أجارنا الله فكن حذراً من كشافه''[2] (http://www.albaidha.net/vb/#_ftn2).
وقال شيخ الإسلام رحمه الله أثناء كلامه عن تفاسير المعتزلة: '' من هؤلاء من يكون حسن العبادة يدس البدع في كلامه دساً، وأكثر الناس لا يعلمون، كصاحب الكشاف ونحوه، حتى إنه يروج على خلق كثير من أهل السنة ، كثير من تفاسيرهم الباطلة''[3] (http://www.albaidha.net/vb/#_ftn3).
قلت : و لجهلنا بقواعد اللغة و معاني القرآن فلا ينبغي قراءة هذا التفسير لأنكا لا نميز بين الحق و الباطل فحتى العلماء الأكابر قد أقلقهم وأزعجهم ، فهاهو الإمام البلقيني شيخ الحافظ ابن حجر يقول :'' استخرجت من الكشاف اعتزالاً بالمناقيش'' ، فإذا كان هذا الإمام يقول هذا الكلام فما بالنا نحن .
و لنضرب مثلا لتلاعبات الزمشخري و كيف يثبت عقيدته بطريقة قد يخدع بها أي أحد لأن ظاهر كلامه يكون حسنا فانظر لقوله في تفسير قول الله عز وجل: {ومن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز}، يقول:'' أي فوز أعظم من دخول الجنة''، فمن يرى هذا الكلام قد يبدوا له كلام حق لكن كلامه هذا فيه إشارة إلى نفي رؤية الله عزوجل يوم القيامة ، و من المقرر في عقيدة أهل السنة و الجماعة أنه يوجد فوز أعظم من دخول الجنة، وهو أن يرى المؤمنون ربهم.
و من تلاعبات الزمخشري كذلك قوله أن ( لن ) تفيد التأبيد فمن المعلوم أنهامن نواصب الفعل المضارع و هي حرف نفي و نصب و استقبال ، فعلماء النحو رد عليه هذا الإدعاء ابن هشام حين قال في شرح قطر الندى : و(لن) حرف يفيد النفي والإستقبال بالإتفاق ، ولا يقتضي تأبيدا خلافا للزمخشري في أنموذجه ، ولا تأكيدا خلافا له في كشافه ، بل قولك : لن أقوم محتمل لأن تريد بذلك أنك لا تقوم أبدا ، وأنك لا تقوم في بعض أزمنة المستقبل''[4] (http://www.albaidha.net/vb/#_ftn4)
و قال : '' ولا تفيد لن توكيد النفي خلافاً للزمخشري في كشافه ولا تأبيده خلافاً له في أنموذجه وكلاهما دعوى بلا دليل''[5] (http://www.albaidha.net/vb/#_ftn5)
و قال أيضا : '' لن وهي لنفي سيفعل ولا تقتضي تأبيد النفي ولا تأكيده خلافاً للزمخشري''[6] (http://www.albaidha.net/vb/#_ftn6)
قال الأشموني:'' ولا تفيد تأبيد النفي ولا تأكيده خلافاً للزمخشري:الأول في أنموذجه والثاني في كشافه''[7] (http://www.albaidha.net/vb/#_ftn7)
و قال ابن عصفور في رده على الزمخشري : '' ما ذهب إليه دعوى لا دليل عليها بل قد يكون النفي بـ(لا) آكد من النفي بـ(لن) ؛لأن المنفي بـ(لا) قد يكون جواباً للقسم ، والمنفي بـ(لن) لا يكون جواباً له ، ونفي الفعل إذا أقسم عليه آكد '' [8] (http://www.albaidha.net/vb/#_ftn8)
أقول : و لكن لماذا ذهب الزمخشري للقول بأن (لن) تفيد تأبيدا ؟.
الجواب ليثبت عقيدة المعتزلة في عدم رؤية الله عزوجل يوم القيامة ، فلاحظ بارك الله فيك قوله تعالى : ( وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ ) [الأعراف:143] ، فلو ذهبنا لما ذهب إليه الزمخشري أن (لن) تفيد التأبيد لقلنا لما قال الله تعالى لموسى عليه السلام (لَنْ تَرَانِي) : أي لن تراني أبدا و من هنا ننفي رؤية الله عزوجل إطلاقا فنعوذ بالله من هذه العقيدة الفاسدة و الحمد لله الذي هدانا إلى العقيدة السليمة عقيدة السلف الصالح فنسأل الله تبارك و تعالى أن يثبتنا عليها وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبعه بإحسان إلى يوم الدين.




أخوكم
بلال الجزائري



[1] (http://www.albaidha.net/vb/#_ftnref1): المتوفى في القرن السادس سنة 538


[2] (http://www.albaidha.net/vb/#_ftnref2): أنظر ميزان الاعتدال.


[3] (http://www.albaidha.net/vb/#_ftnref3): انظر مقدمة في أصول التفسير.


[4] (http://www.albaidha.net/vb/#_ftnref4): شرح قطر الندى (112)


[5] (http://www.albaidha.net/vb/#_ftnref5): مغني اللبيب ( 374)


[6] (http://www.albaidha.net/vb/#_ftnref6): أوضح المسالك(4/136)


[7] (http://www.albaidha.net/vb/#_ftnref7): شرح الأشموني ( 3/278)


[8] (http://www.albaidha.net/vb/#_ftnref8): الجنى الداني ( 270)

أبو عبد الله بلال الجزائري
01-Dec-2012, 11:55 PM
و لاتمام الفائدة :
الباء في ( بسم الله الرحمن الرحيم ) .


** الباء قيل جاءت للاستعانة و قيل للمصاحبة ، ممن قال أنها للمصاحبة الزمخشري قال ذلك في الكشاف ، و الزمخشري معتزلي من المعتزلة و كان فخورا بالنسبة إليهم حريصا على إثبات تلك النسبة إليه ، فكان إذا طرق الباب قيل من قال جار الله المعتزلي .



كتابه الكشاف فيه اعتزاليات كثيرة قد لا يستطيع معرفتها كل إنسان حتى قال ابن البلقيني : أخرجت من الكشاف اعتزاليات بالمناقيش ، و هذا يدل على أنها خفية ، و الرجل لبلاغته و تمكنه من اللغة و الإحاطة بأسرارها في الجملة كان يستطيع يدس ما يدس من غير أن يفطن إليه إلا اللبيب الحاذق .



و الزمخشري رجحها للمصاحبة لعلة لكي ينصر مذهبه مع أن الظاهر( بسم ) جاءت للاستعانة .



و كذلك أنه رجحها للمصاحبة لأن المعتزلة يرون أن الإنسان مستقل بعمله و بالتالي لا يحتاج للاستعانة .



*** لكن لا شك أن المراد بالباء جاءت للاستعانة التي تصاحب كل الفعل من أوله إلى أخره .



*** و قد تفيد معنى أخر و هو التبرك إذا لم نحمل التبرك على الاستعانة .

- و نقول كل شيء يستعان به يتبرك به ، لكن لا شك أن الباء تفيد البركة العظيمة .

من شرح الاصول الثلاثة لفضيلة الشيخ محمد سعيد رسلان حفظه الله .

هذه الإضافة نقلها الأخ أبو أمامة حمليلي الجزائري (منبر أهل الأثر السلفية) جزاه الله خير