المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشيخ زيد المدخلي يرد على قواعد آل عرعور



أبو خالد الوليد خالد الصبحي
02-Apr-2010, 03:32 PM
الشيخ زيد المدخلي يرد على قواعد آل عرعور .


(ما رأي فضيلتكم في عدنان آل عرعور وقواعده )
جواب مختصر عن طريق الهاتف للشيخ زيد بن محمد بن هادي المدخلي حفظه الله.



السؤال :
نحن شباب من أوروبا يعني من هولندا وعندنا بعض الأسئلة إذا تفضلتم حفظكم الله بالإجابة عليها، وهي عبارة عن قواعد نريد طرحها عليكم كي تبينوا لنا وجه الصواب فيها:

القاعدة الأولى تقول: "نصحح ولا نجرح" فما هو قولكم -بارك الله فيكم- في هذه القاعدة؟

الجواب :


الحمد لله والصلاة والسلام على عبد الله ورسوله محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه.


أما بعد:


فهذه القاعدة ليست من قواعد العلماء الربانيين الذين يعتد بعلمهم، وإنَّما قواعد العلماء العارفين بشرع الله المطهر سابقًا ولاحقًا:


"التصحيح لما يستحق التصحيح والتعديل لمن هو أهل للتعديل، والتجريح لمن يستحق التجريح على ضوء القواعد المتعلقة بِهذا الموضوع الخطير" وعلى هذا مشى أهل السنة والجماعة السلف الصالح وأتباعهم إلى يوم الدين، وما كتب الجرح والتعديل عن الأذهان ببعيد، وهذه القاعدة فيها تلبيس على من قلَّ نصيبه من العلم الشرعي ووسائله لاسيما في بلدكم، وهذه من المغالطة وصاحبها إما أن يكون جاهلاً فيجب عليه أن يطلب العلم صادقًا، وإما أن يكون ملبسًا ومضللاً للناس فحسبه الله ونسأل الله أن يهديه ويرده إلى الحق ردًّا جميلاً. آمين





السؤال : القاعدة الثانية تقول: "إذا حكمت حوكمت وإذا دعوت أجرت" فما هو تعليقكم على هذا الكلام ؟

الجواب : قوله: "إذا حكمت حوكمت": هذه أيضًا قاعدة خاطئة باطلة قد يكون المراد منها الترهيب لمن يتصدى لرد الخطأ وبيانه للناس بأن لا يرتكس فيه من يجهله، وترهيب لمن ينصر السنة وينشرها، وحقًّا إنه لا يتم نصر السنة ونشرها على الوجه الأكمل إلا بدحض البدع التي تحارب السنن وتريد أن تحل محلها، فهذه قاعدة أيضًا كسابقتها قاعدة خاطئة لا تصدر إلا من إنسان يريد أن يغالط نفسه ويخشى عليه أن يوبقها، وكذلك يريد أن يغالط غيره سواءً بعلم أو بجهل، فإذا كان بعلم فقد ارتكب مأثمًا عظيمًا، وإن كان بجهل فقد ارتكب أيضًا خطًا كبيرًا، لأنه لا يجوز لأحدٍ أن يقول على الله أو على رسوله صلى الله عليه وسلم إلا بعلم متيقن كالشمس في رائعة النهار.


وأما قوله: "وإذا دعوت أجرت": فكلام حق إذا كانت الدعوة على منهاج الرسل الكرام والأنبياء العظام وأتباعهم من الأئمة السلفيين الأعلام، أما إذا كانت الدعوة إلى خطوط التيه والانحراف فأنىَّ يكون فيها الأجر، بل هي وزر يحمله صاحبه فاللهم سلم سلم.



السؤال : القاعدة الثالثة تقول: "يجوز التخطئة ويحرم الطعن" ومثَّل لها فقال: "لماذا لا يلام الإمام أحمد -رحمه الله- في تكفيره لتارك الصلاة ويلام سيد قطب إذا صدر منه بعض العبارات, ونقول هذا يكفر المجتمعات ولا يلام الإمام أحمد وقد حكم على هذه الشعوب كلها بالكفر" فما هو تعليق فضيلتكم حفظكم الله ؟

الجواب : هذه القاعدة وما فيها من المراوغة والتلبيس وبذر الشكوك في فقه إمام أهل السنة أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الذي أعز الله به السنة مدة حياته لاسيما يوم المحنة المشهور لدى طلاب العلم كسابقتها قاعدة محدثة مبتكرة فإن الخطأ يجب أن يصحح، وأما الطعن فلابد فيه من التفصيل:


فطعن الأبرياء يحرم ولا يجوز لأحد أن يطعن في الأبرياء لا بتجريحهم ولا بتخطأتِهم ولا بالحط من أقدارهم، وأما المدان الذي يقع في الخطأ ويبين له فيصر عليه والذي يقع في البدعة وينصرها وينشرها ويدافع عنها وتقام عليه الحجة بأدلة الكتاب والسنة ثُمَّ هو يراوغ أو يمانع, فهذا ينبغي أن يبين حاله، وأن ينشر خطؤه، وأن يحذر الناس منه، فهو من دعاة السوء والضلالة لا من دعاة الخير والإصلاح.


وأما الاستدلال بأن الإمام أحمد رحمه الله كفر في بعض فتاواه تارك الصلاة, فالإمام أحمد رحمه الله إمام أهل السنة بإجماع أهل السنة، نصر الله به السنة أيام المحنة كما نصر السنة والحق بأبي بكر رضي الله عنه أيام الردة , وثبت وصبر على الحق وضحَّى بنفسه من أجل نصرة الحق ونصرة السنة فهو إمام مجتهد، فإن قال بكفر تارك الصلاة فمعه أدلته التي يتفق معه فيها المحققون من أهل العلم عليها استنادًا إلى نصوص من كتاب الله عز وجل جاء الحكم فيها بكفر تارك الصلاة بدون تفصيل سواءً كان الترك بالجحد لوجوبِها أو كان الترك تكاسلاً وتساهلاً وتَهاونًا بحقها, كما في سورة التوبة حيث قال عز وجل :


((فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ)) ونحوها، وجاء أيضًا في نصوص السنة ما هو معلوم لكل طالب علم ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)) و ((بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة)) فالإمام أحمد رحمه الله من أهل الاجتهاد يملك مقومات الاجتهاد ومسوغاته، فإن أصاب فيما أفتى به وقرره وقعده فله الأجر مرتين ، وإن أخطأ فخطؤه معفوٌ عنه فيه وله أجر، فهو بين أجر وأجرين, والخطأ واللوم مرفوع عنه بنص الكتاب والسنة، أما من لَمْ يعرف بالعلم الشرعي وبلوغ رتبة الاجتهاد فيه كسيد قطب ومن كان في مستواه وعلى نَهجه و شاكلته فهذا لا يقال فيه إن اجتهد فأخطأ فهو مأجور ومعذور؛ لأنه لا يصنف مع العلماء المجتهدين الذين إن أصابوا فلهم أجران وإن أخطأوا فلهم أجر وخطؤهم معفوٌ عنه فيه، فقد وقع رحمه الله في ضلالات وارتكس في خطأ وفي بدع متعددة ومتنوعة ينقدها طلاب العلم الذين من خلقهم الإنصاف، والحمد الله الذي وفَّق من شاء من طلاب العلم للتنقيب عن تلكم الأخطاء وتلكم البدع التي وقع فيها سيد ومن وافقه فبينت للناس, ولعلها من حسن حظه يخف الحمل عنه لأن من أحدث حدثًا وابتدع بدعة أو بدعًا تضاد شرع الله الكريم فقد حمل وزر هذا الإحداث والابتداع وحمل وزر من تبعه واقتنع بفكره، فالأمر عظيم والمسألة خطيرة، فلا يقال في أخطاء وضلالات سيد قطب أنَّها اجتهادات مقبولة أو معقولة بل مردودة مرفوضة، ولا يجوز أن يقارن سيد قطب الموصوف بالجهل عند من حسنوا به الظن بالإمام أحمد الذي أجمعت الأمة على إمامته وشهد العدول بغزارة علمه وسلامة عقيدته ومنهجه ؛ وبالإمام بن تيمية وهو من هو جلالة وقدرًا وعلمًا وحلمًا وجهادًا وشجاعةً وصبرًا وقل ما شئت في نعوته تنل مثوبةً ونصرًا ؛ أو أي إمام من إئمة أهل السنة والجماعة بلغ رتبة الاجتهاد وملك مقوماته ومسوغاته، فصاحب هذه القواعد والتلبيسات على الناس يريد أن يجعل من تمرغ في البدع قدوة للناس بدعوته إلى تراثه وإلى ما خلفه فحسبه الله، ونحن ندعو طلاب العلم كافة كما ندعو أنفسنا على سبيل الخصوص وبالدرجة الأولى أن نلتزم ونعتصم بكتاب ربنا وصحيح سنة نبينا -عليه الصلاة والسلام- بالفهم الصحيح, وعلى الوجه الصحيح وأن ننشر السنة الكريمة وننصرها ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً، وأن نذب عنها وأن نبين بدع المبتدعين وخطأ الخاطئين وضلال الضالين سواء كانوا من الأحياء أو كانوا من الميتين، فما هذه القواعد المحدثة إلا مغالطات و تلبيسات، نسأل الله عز وجل أن يهدي صاحبها وأن يرده إلى الحق ردًّا جميلاً، وأن يهب لنا ولكم فقهًا في الدين ونصحًا صائبًا مخلصًا لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين و عامتهم آمين.



السؤال : القاعدة الرابعة تقول: "قضايا العقيدة تنتهي بكلمة وكلمتين وثلاث لماذا؟ لأنَّها تقعد وتأصل وليست محلاًّ للاجتهاد".

الجواب :


العقيدة الإسلامية السلفية هي أصل الدين وقاعدته، وأنتم تعرفون -بارك الله فيكم- بأن النَّبِي صلى الله عليه وسلم دعا إلى تصحيح الاعتقاد ثلاث عشرة سنة لَمْ يدع معها إلى غيرها بأمر ربه وهذا هو الزمن المكي، ثُمَّ أيضًا لَمْ يترك الدعوة إلى تصحيح الاعتقاد طيلة حياته -عليه الصلاة والسلام- حتى نقله ربه إلى الرفيق الأعلى, وحمل لواءها من بعده أصحابه الكرام وعلى رأسهم الخلفاء الراشدون الأمناء والعلماء الأعلام ومن تبعهم من علماء الإسلام، فكيف يقال إنَّها تنتهي بكلمة أو كلمتين وأصحابه الذين سمعوه يتحدث في تصحيح الاعتقاد وبيان ما يضاد الاعتقاد وخطر ما يضاد الاعتقاد من الإشراك بالله, والبدع وكبائر الذنوب وغير ذلك مما ينافي أصل الاعتقاد كالشرك بالله ومما ينافي كمال العقيدة كالأعمال السيئة التي هي دون الشرك, فما ترك النَّبِي -عليه الصلاة والسلام- الحديث عن العقيدة لا في العهد المكي بل كان العهد المكي مخصصًا لبيان العقيدة وشرحها وبيان ما يضادها, ودعوة الخليقة جمعاء إلى الإيْمان بِها ثُمَّ بعد ذلك جاءت الفرائض كما هو معلوم لديكم ولدى طلاب العلم النابِهين وبعد ذلك في العهد المدني لَمْ يترك النَّبِي بيان العقيدة وإيضاحها بين الفينة والأخرى وهكذا خلفاؤه الراشدون في خطبهم وفي وصاياهم وفي مجالسهم يتحدثون عن العقيدة وقدرها وفضائلها وبيان ما يضادها، إما يضاد أصلها أو يضاد كمالها كما أسلفت قريبًا، وهكذا الرسل الذين أرسلهم النَّبِي صلى الله عليه وسلم إلى زعماء أهل الكفر يدعونَهم إلى تصحيح الاعتقاد بادئ ذي بدء وقبل كل شيء وإلى ترك ما يضاد العقيدة الصحيحة؛ لأن العقيدة هي الأساس، ولا غنى لفرد من الأفراد ولا لمجتمع من المجتمعات ولا لطائفة من الناس ولا لقليل العلم وكثير العلم عن البحث عن العقيدة ومسائلها وما يجب أن يبين حيالها وحيال ما يضادها، فكونُها تنتهي بكلمة أو كلمتين هذه قاعدة ما عرفناها عن السلف الصالح الذين كانوا يهتمون بشأن العقيدة, وهكذا أتباعهم إلى يومنا هذا وإلى يوم الدين ونعوذ بالله من التثبيط عن التفقه في أصول الدين.



السؤال : القاعدة الخامسة قوله: "بعد عشر سنوات لا نحتاج إلى دراسة كتب العقيدة مثل الطحاوية والواسطية والحموية والتدمرية وجوهرة التوحيد" فما قول فضيلتكم في هذا ؟

الجواب : أقولوأعوذ بالله من اللغو في القول هذا قول باطل، فيه صدٌ للناس عن هذه الكتب الثمينة، فإن كان من قاله جاهلاً فقد ظلم نفسه، وإن كان عنده شيء من العلم فإن علمه ما نفعه، أما أهل السنة والجماعة وأتباعهم فإنَّهم يرشدون الناس إلى التوسع في دراسة كتب العقيدة بصفة دائمة مستمرة لأنَّها هي الأساس، وكم من آيات قرآنية في كتاب الله عز وجل من القرآن المكي والقرآن المدني نزلت في تبيان العقيدة وإيضاحها، وكم من مؤلفات ألفت ومن جملة ذلك ما أشرت إليه أيها السائل -بارك الله فيك- في هذا السؤال ككتاب الطحاوية، وكتب الإمام بن تيمية، وابن القيم -رحمة الله على الجميع- والشيخ محمد بن عبد الوهاب، وأئمة الدعوة في العصر الحاضر، هذه كتب العقيدة هي زبدة رسالة محمد صلى الله عليه وسلم فلا يجوز لأحدٍ أن يُهَوِّن من شأنِها، ولا يجوز لأحدٍ أن يصد الناس عن التوسع في العقيدة وتتبع الكتب التي دونت في إيضاحها وتبيانِها، فمن فعل ذلك فقد ظلم نفسه، ووصيتنا لـه أن يتوب إلى الله عز وجل وأن يسحب هذا الفكر وأن يرجع إلى أهل العلم إن بطَّأ به الفهم ويستفيد منهم ومن توجيهاتِهم إن كان يقصد الحق، أما إذا كان له قصد سيء والعياذ بالله فهذا نبين له ولكم بأنه صدٌ للناس عما ينبغي أن تبذل فيه الجهود ولو تعمرنا مائة سنة، ونحن نبحث في العقيدة وتفاصيلها وفيما يؤيدها وينصرها وبيان ما يناوئها على اختلاف أنواعه ما استطعنا أن نحيط بذلك على وجه الكمال، ولكن الشأن كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم لنا:(( سددوا وقاربوا وأبشروا)).
فهذه القواعد -بارك الله فيكم- التي ذكرتموها قواعد باطلة وصاحبها يجهل العلوم الشرعية، ولا يجوز أن تقبل هذه القواعد التي أراد مقعَّدها أن يبني عليها ما يريد, إما لجهله وإما لأغراض لا نعلمها الله يعلمها ويجزيه عليها، ولا ينبغي لطالب علم أن يأخذ عنه العلم ولا يجوز له أن يسمع منه العلم إذا كانت هذه قواعده وما أشبهها، وأما جوهرة التوحيد فإن إدراجه لها مع كتب أئمة السلف خطأ جسيم, الباعث عليه إما الجهل المركب وإما الخداع المضلل ونسأل الله العافية وكلاهما شر.

السؤال : القاعدة السادسة: قوله "لا أعلم أحدًا على وجه الأرض تكلم في قضايا المنهاج بِمثل ما تكلم بِها سيد قطب"، فسئل عن قوله هذا: (كلمة المنهاج) فقال: أنا أقصد بِها قضايا التغيير يعنِي: الانتخابات والاغتيالات والمظاهرات، وقال: أقصد في زمانه أي في الخمسينات، هو بدأ الكلام في هذه القضية ما تكلم فيها وقتئذ لا الشيخ ابن باز ولا الشيخ ناصر الدين الألباني -حفظ الله الأحياء ورحم الله منهم الأموات-. فما هو تعليق فضيلتكم على هذه المقالة؟
الجواب : هذه المقالة يا أخي مقالة تدل على تعصب قائلها لفكر سيد قطب رحمه الله الذي أخطأ في كثير من مقالاته التي ملئت الدنيا شرقًا وغربًا وشمالاً وجنوبًا، وكم فيها من بدع وأخطاء وضلال, ولعلكم تعلمون أن الشيخ عبد الله الدويش رحمه الله تتبع كتابًا واحدًا من كتب سيد وهو الظلال فخطأه في مئة وإحدى وثمانين مسألة منها ما يتعلق بالاعتقاد، ومنها ما يتعلق بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنها ما يتعلق بمنهج الجهاد والدعوة، ومنها ما يتعلق بشأن التكفير، فقول هذا القائل بأنه لَمْ يوضح أحدٌ من الناس العقيدة والمنهج إلا سيد قطب قول باطل ومغالطة منكرة ينمان عن تعصبه لما قرره وقعَّده سيد قطب من الأخطاء والبدع والضلالات, فاحذروا هذا الفكر، وهذه شهادة من هذا القائل لما دونه سيد قطب من غير علم وبدون بصيرة فهي كغيرها من القواعد التي سلفت قاعدة خاطئة ودعوى من مدعيها ليس عليها برهان، وكل دعوى ليس عليها برهان فلا تقبل من صاحبها حتى يأتي ببرهان أي: من كتاب الله وصحيح سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بفهم السلف الصالح رحمة الله عليهم ورضوانه.

السؤال :القاعدة السابعة قوله: "إن من الإنصاف عند تنـزيل الأحكام على الأعيان وفي مجال الترجمة للأشخاص أن نرى حسنات المخالف وسيئات الموافق من أهل المنهج الواحد, ومن العمى والإجحاف ألا نرى للمخالف حسنة ولا للموافق سيئة" فما قول فضيلتكم في هذه العبارة -حفظكم الله ورعاكم-؟
الجواب : قضية الموازنات بارك الله فيكم قال بِها هذا الرجل الذي قعَّد هذه القواعد الخاطئة وقال بِها غيره ممن هو على شاكلته, قالوا: إنه لابد من الموازنة أي أنك إذا ذكرت أخطاء شخص أو بدعه وضلالاته فإنه من الإنصاف ومن العدل أن تذكر محاسنه، وهذه دعوى مبتكرة ما عرفت في نصوص الكتاب والسنة ولا عن سلف الأمة، فكم في القرآن الكريم من آيات ذكرت مساوئ المشركين ومساوئ المنحرفين ولم تذكر بجانبها شيئًا من حسناتِهم، لأن الغرض إنما هو بيان الخطأ والضلال والبدعة, فطريقة أهل العلم الذين رسخت أقدامهم في العلم بيان الخطأ وبيان البدعة عند الرد على الأفراد وعلى الكتب وعلى الطوائف يقتصرون على ذلك، وكم من نصوص في سنة النَّبِي صلى الله عليه وسلم فيها الاقتصار على بيان الخطأ مِمَّن له حسنات لا يستطاع حصرها، ولكن ليس الغرض هو المدح والثناء على أصحاب البدع عند الرد عليهم وعند بيان الأخطاء ممن أخطأوا، فهذه مغالطة لأنك إذا ذكرت بدعة المبتدع وأدحضتها بنصوص الكتاب والسنة ثُمَّ ذكرت محاسنه من إسلامٍ وإيْمان وصدقةٍ وصومٍ وحجٍ ونحو ذلك فهذه تعتبر دعاية للناس ليقبلوا منه فلا يردوا عليه ولا يعاملوه معاملة المبتدعين الذين عاملهم السلف الصالح بالبغض بقدر بدعتهم وأخطائهم وهجرهم وعدم مجالستهم, حتى إن بعضهم لا يرد السلام على المبتدع -ومعه حق- لينْزجر هو وينْزجر غيره هذا بالإضافة إلى أن ذكر المحاسن للمبتدع ونحوه يضعف جانب الرد فيفوت المقصود من الرد إما كله أو بعضه.
إذن: فقضية الموازنات هذه قضية باطلة ودعوى لا يستند أصحابُها على دليل يجوز الاستدلال به.
وأما القائلون بعدم الموازنات فإنَّهم يملكون الأدلة الكثيرة من كتاب الله عز وجل وصحيح سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقوال السلف الصالح ما لا يعد ولا يحصى.
وفي الأيام الماضية القريبة وقعت في يدي ورقات من مجلة تسمى "مجلة البصائر" فوجدت فيها عنوانًا هكذا "فقدان العدل ونسيان الإنصاف" بقلم عدنان آل عرعور, أورد تحت هذا العنوان بعض الآيات التي يستدل بِها كل منادي بمنهج وجوب الموازنات، يعني بذكر محاسن من رد عليهم العلماء الربانيون بأدلة الحق لإقامة الحق ونصرته، فبين أهل السنة أخطائهم، وفندوا بدعهم استجابة لله عز وجل ولرسوله -عليه الصلاة والسلام- وتأسيًا بالجماعة في نصر السنة وهدم البدعة, ورد الخطأ لتتضح المحجة وتقوم الحجة.
وقد أورد الكاتب هذا عدنان آل عرعور آيات وتعليلات، هذه الآيات والتعليلات يستدل بِها دائمًا القائلون بوجوب الموازنة بين المحاسن والمساوئ عند كتابة الرد على من يستحقون أن يرد عليهم ممن تمرغوا في حمأة البدع والأخطاء الشنيعة, ومن تلكم الآيات قول الله عز وجل: ((وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ)) ، ومنها قوله عز وجل: ((وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ)) ، ومنها قوله عز وجل: ((وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى)).
ويظن هو ومن على شاكلته أنه يستفاد من هذه النصوص أن الله أمرنا بالعدل والإنصاف وحرم علينا الظلم والإجحاف مع كل قريب وبعيد وعدو وصديق، هذا فقهه من هذه النصوص هو ومن كان على شاكلته، ولا شك أنَّهم يريدون من هذا الاستدلال والتعليل أن من رد على صاحب بدعة وهوى وانحراف وخطأ أن يعدد محاسنه حتى لا يُظلم، أما الاقتصار على ذكر الخطأ وبيانه وذكر البدعة وتفنيدها بدون ذكر محاسن أهل الأخطاء فذلك عند عدنان ومن وافقه ظلم وإجحاف وبخس لحق ذوي الحقوق.
وأقول: إن هذا الابتكار لهذا المنهج يعارض نصوص الكتاب والسنة بفهم العلماء السابقين واللاحقين السائرين على الحق المبين من هذه الأمة.
وإذ كان الأمر كذلك فوصيتي لنفسي ولكم ووصيتنا لعدنان آل عرعور ومن على شاكلته في هذا الخطأ وفي غيره من الأخطاء المتعلقة بالمنهج السلفي وأئمته أن يتوبوا إلى الله وأن يعودوا إلى تدبر النصوص التي أوردوها بصدق وإخلاص، وأن يقبلوا نصيحة الناصحين من أهل البصائر بمدلولات الكتاب والسنة ليرضوا ربِّهم وينصروا دينهم ويرحموا من قل نصيبه من العلم فاتبعهم على أخطائهم في مفاهيمهم المعوجة، كما نوصي أيضًا الجميع أن يستشعروا دائمًا قول الله -تبارك وتعالى ((مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)) ، ونحوها ونظائرها من نصوص الوحيين وما أحسن ما قاله بعض أهل الحكمة:
وما من كاتب إلا سيـفنَى ويبقي اللهما كتبت يداه
فلا تكتب بكفك غير شيء يسرك في القيامة أن تـراه
هذا ما استطعت أن أقوله فأحمد الله وأشكره على الصواب وأستغفره من لخطأ.

المصدر : العقد المنضد الجديد (السؤال التاسع والثمانون) (الصفحة : 158) الطبعة الأولى (1425هـ) (2004م) طبعـة دار المنهاج.




------------------------------
وما من كاتب إلا سيـفنَى ويبقي اللهما كتبت يداه
فلا تكتب بكفك غير شيء يسرك في القيامة أن تـراه