أبو الوليد خالد الصبحي
14-Dec-2012, 06:09 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد
فهذه رسالة كنت قد كتبتها في فترة صعيبة على الأقل بالنسبة لي, حيث كنت وبعض طلبة العلم والدعاة نعاني من بعض الخلط في المفاهيم الدعوية من بعض الأفاضل والخاصة مما نتج عنه تقعيد لقواعد لا تتماشى مع ما قرره السلف, وهذه الرسالة على وجازتها أحسبها أنها أتت على أمر مهم يعالج بعض الخلل الموجود فالله أسأل أن ينفع بها.
مقدمة
الحق ضالة المؤمن وبغيته, والنصيحة قوام الدين, ولا يدحضها ويردها, ويغمط من جاء بها إلا مكابر, وفي الحديث: عن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: « لا يدْخُلُ الجنةَ مَنْ كان في قلبه مثقالُ حبَّة من كِبْر، فقال رجل: إنَّ الرجلَ يحب أن يكون ثوبُه حَسَناً، ونعلُه حسنة، قال: إن الله جميل يحب الجمال ، الكبِرْ: بطَرُ الحقِّ، وغمطُ الناس » رواه مسلم رقم (91) في الإيمان، باب تحريم الكبر وبيانه، وأبو داود رقم (4091) في الأدب، باب ما جاء في الكبر، والترمذي رقم (1999) في البر والصلة، باب ما جاء في الكبر. فهذا حد الكبر والمتكبر بنص النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وليس ثم كلام بعد كلامه صلوات ربي وسلامه عليه.
وإنه لمن الحق الواجب على المنتسبين للعلم من علماء, ودعاة, وطلاب علم أن تجد النصيحة لديهم صدورا رحبة, وآذانا صاغية, وأنفس مهيأة متواضعة لقبولها, دون النظر لمن جاء بها. صغيرا أم كبيرا, معروفا أم مجهولا, عدوا أم صديقا؛ إذا وافقت الحق والسداد. وما أحسن ما قيل:
لا تحقرن الرأي وهو موافـق حكم الصواب إذا بـــــدا مــــن ناقـــــــــــص
فالدر وهو أعز شيء يقتنــــــى ما حـط قيـمته هـــــــــــوان الغائـــــــــــــص
وقد قال الله عز وجل :{أَلَا لِلَّهِ الدِّين الْخَالِص}[الزمر: 3 ]. والخالص لله جل وعلا ما كانت النية فيه خالصة لله, وصوابا على سنة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ . والنصيحة في الدين هي تصفيته وتنقيته للمنصوح, وعدم الغش فيه, وإرادة الخير له. ولهذا جاء في حديث تميم الداري ـ رضي الله عنه ـ أنَّ رسولَ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: « إِن الدِّينَ النصيحة ، قلنا: لِمَنْ يا رسول الله ؟ قال: لله ، ولكتابه ، ولرسوله ، ولأَئمَّة المسلمين وعامَّتهم » رواه مسلم رقم (55) في الإيمان ، باب بيان أن الدين النصيحة ، وأبو داود رقم (4944) في الأدب ، باب في النصيحة ، والنسائي 7 / 156 في البيعة ، باب النصيحة للإمام .
وفي الصحيحين من حديث جرير بن عبد الله البجلي ـ رضي الله عنه ـ قال: أمَّا بعد ، فإني أتيْتُ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ « فقلت: أُبايعك على الإسلام ، فشرط عَلَيَّ: والنُّصْحَ لكل مسلم ، فبايعته على هذا » رواه البخاري 1 / 128 و 129 في الإيمان ، وفي مواقيت الصلاة، وفي الزكاة، وفي البيوع ، وفي الشروط ، وفي الأحكام، ومسلم رقم (56) في الإيمان، وأبو داود رقم (4945) في الأدب، والنسائي 7 / 152 في البيعة.
وفي لفظ السنن من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أَنَّ رسولَ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ «... ، والمسلمُ أخو المسلمِ، لا يَخْذُلُهُ ، ولا يَكْذِبهُ ، ولا يَظْلِمُهُ ، وَإِنَّ أحدَكُم مرآةُ أخيهِ ، فَإِنْ رَأى بهِ أذى فَليُمِطْهُ عنه » رواه الترمذي رقم (1927) في البر والصلة ، ورقم (1928) و (1930) ، باب ما جاء في شفقة المسلم على المسلم ، وهو حديث حسن.
ومن أراد الله به خيرا أحاطه بالناصحين, وكف عنه المخادعين المتملقين الذين لا يألونه خبالا, ولا يبالون ما حظوا عنده بالمكانة.
وبعد هذه التوطئة فأقول والله من وراء القصد: إنما أردت بهذه الكتابة النصيحة للعاملين في الدعوة إلى الله من أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح, الذين لا يقدمون على كتاب الله وسنة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ونهج الصحابة الكرام – رضوان الله عليهم - ومن تبعهم بإحسان, لا أخصهم في بلد دون آخر إذ دعوة أهل السنة واحدة فلا تعرف حدودا ولا أقاليم, فأصولها وثوابتها واحدة لا تتغير ولا تتبدل بتغير الزمان والمكان؛ لأنها دعوة الإسلام الحقة الصالحة لكل مكان وزمان.
وخصصت كتابتي في أمرين هما من عوائق الدعوة الصحيحة التي قوامها التزام الكتاب والسنة ونهج سلف الأمة الصالح, وهذان العائقان تكمن خطورتهما في أن البعض من أهل الفضل والصلاح والدعاة ظن أنهما من أسباب حفظ الدعوة ومن مصلحتها, في غفلة عن عرض هذا الظن والاجتهاد على الأصول الثابتة والقواعد الراسخة من منهج السلف الصالح.
فإذا قوبلوا بخلاف اجتهادهم وما ذهبوا أليه عللوا بأن ما ذهبوا إليه فيه مصلحة للدعوة وبه تحفظ الدعوة, وأن المخالف لهم لايراعي هذه المصلحة, وفي حقيقة الأمر ما هي إلا مصلحة مظنونة يسعى لتحقيقها باجتهاد يخالف ما عليه السلف, وأي اجتهاد يخالف ما عليه السلف الصالح غير مقبول, فالدعوة إلى الله ليست مسرحا للاجتهادات والاستحسانات الشخصية, كما أن هذا الاجتهاد يؤدي إلى حفظ الأشخاص مهما بلغ خطأهم, ولا تحفظ به الدعوة, والتي حفظها يكون بتقرير الحق من دين الله ودفع ما يخالف هذا الحق.
وما يميز دعوة أهل السنة عن غيرها الالتزام التام بجادة السلف الصالح بما لايدع مجالا للإحداث في دين الله وبهذا النهج حفظ دين الإسلام.
وإني لأقدم بين يدي كتابتي أن أي اجتهاد يخالف منهج السلف الصالح في أبواب الدين كلها فهو مردود على صاحبه, ولو بلغت منزلته في العلم والدعوة ما بلغت, فإن الخطأ والمخالفة لمنهج السلف لا يسوغهما صدوره من صالحي أهل السنة, فيرد الخطأ على من جاء به, ويعتذر لمن كان من أهل الاعتبار بجميل العبارة وحسن الإشارة, ولا يقر ولا يتابع على ذلك الخطأ, وهذا الأمر مستقر ثابت عند أهل السنة.
وسأتعرض في هذه العجالة لعائقين من العوائق البارزة والتي هي من قبيل ما ذكرت, أي يظن بها أنها تصب في مصلحة الدعوة وحفظها, والأمر بخلاف ذلك, بل هي تضر الدعوة.
العائق الأول المديح ومجاوزة الحد فيه, والمقصود منه هنا على وجه الخصوص مجاوزة الحد في الثناء على العلماء والدعاة إلى الله وطلبة العلم.
والعائق الثاني السكوت عن خطأ المخطئ من أهل السنة, والتشنيع على من أنكر الخطأ عليه, والمبالغة في مدح المخطئ طمعا في تألفه.
هذا ما أرجو أن أكشف عن مخالفته لمنهج أهل السنة والجماعة, وإن كان الأمر قد يبدو واضحا لدى الكثير, ولكن من الجهة العملية نرى المخالفة لذلك ظاهرة, فتولدت منهجية جديدة ينتحلها بعض الصالحين وينسبها لمنهج الحق, كل ذلك منهم بحسن نية ورغبة في الإصلاح.
ولا ضير أن نقول: إن هذه الطريقة هي نتاج اجتهاد شخصي في غير محـله, وإن صدوره من أفاضل لا يمنع من تخطئته كما أسلفت, والوقوف معه وقفة نقد وعرض على منهج السلف الذي نلتزمه جميعا قولا وعملا ـ إن شاء الله تعالى ـ هذه الطريقة تؤدي في الحقيقة إلى حفظ مقام الأشخاص لا غير, وأما حفظ الدعوة لا يكون إلا بحفظ أصول الدين وثوابته, بتقرير ذلك من أدلته الشرعية, والمحافظة على عدم الخلل فيها, والرد على من خالف في ذلك بالحجة والبيان والحكمة والموعظة الحسنة, والجدال بالتي هي أحسن.
ولا أظن أن مناقشة كهذه تزعج أحدا ممن يحترم منهج السلف ويلتزمه, بل تسر كل من يريد الصلاح والإصلاح لا الغلو في الأشخاص ومجاوزة الحدود الشرعية. وقد عنونت لهذه الكتابة ( بين حفظ الدعوة وحفظ الأشخاص ). وللحديث بقية إن شاء الله.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد
فهذه رسالة كنت قد كتبتها في فترة صعيبة على الأقل بالنسبة لي, حيث كنت وبعض طلبة العلم والدعاة نعاني من بعض الخلط في المفاهيم الدعوية من بعض الأفاضل والخاصة مما نتج عنه تقعيد لقواعد لا تتماشى مع ما قرره السلف, وهذه الرسالة على وجازتها أحسبها أنها أتت على أمر مهم يعالج بعض الخلل الموجود فالله أسأل أن ينفع بها.
مقدمة
الحق ضالة المؤمن وبغيته, والنصيحة قوام الدين, ولا يدحضها ويردها, ويغمط من جاء بها إلا مكابر, وفي الحديث: عن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: « لا يدْخُلُ الجنةَ مَنْ كان في قلبه مثقالُ حبَّة من كِبْر، فقال رجل: إنَّ الرجلَ يحب أن يكون ثوبُه حَسَناً، ونعلُه حسنة، قال: إن الله جميل يحب الجمال ، الكبِرْ: بطَرُ الحقِّ، وغمطُ الناس » رواه مسلم رقم (91) في الإيمان، باب تحريم الكبر وبيانه، وأبو داود رقم (4091) في الأدب، باب ما جاء في الكبر، والترمذي رقم (1999) في البر والصلة، باب ما جاء في الكبر. فهذا حد الكبر والمتكبر بنص النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وليس ثم كلام بعد كلامه صلوات ربي وسلامه عليه.
وإنه لمن الحق الواجب على المنتسبين للعلم من علماء, ودعاة, وطلاب علم أن تجد النصيحة لديهم صدورا رحبة, وآذانا صاغية, وأنفس مهيأة متواضعة لقبولها, دون النظر لمن جاء بها. صغيرا أم كبيرا, معروفا أم مجهولا, عدوا أم صديقا؛ إذا وافقت الحق والسداد. وما أحسن ما قيل:
لا تحقرن الرأي وهو موافـق حكم الصواب إذا بـــــدا مــــن ناقـــــــــــص
فالدر وهو أعز شيء يقتنــــــى ما حـط قيـمته هـــــــــــوان الغائـــــــــــــص
وقد قال الله عز وجل :{أَلَا لِلَّهِ الدِّين الْخَالِص}[الزمر: 3 ]. والخالص لله جل وعلا ما كانت النية فيه خالصة لله, وصوابا على سنة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ . والنصيحة في الدين هي تصفيته وتنقيته للمنصوح, وعدم الغش فيه, وإرادة الخير له. ولهذا جاء في حديث تميم الداري ـ رضي الله عنه ـ أنَّ رسولَ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: « إِن الدِّينَ النصيحة ، قلنا: لِمَنْ يا رسول الله ؟ قال: لله ، ولكتابه ، ولرسوله ، ولأَئمَّة المسلمين وعامَّتهم » رواه مسلم رقم (55) في الإيمان ، باب بيان أن الدين النصيحة ، وأبو داود رقم (4944) في الأدب ، باب في النصيحة ، والنسائي 7 / 156 في البيعة ، باب النصيحة للإمام .
وفي الصحيحين من حديث جرير بن عبد الله البجلي ـ رضي الله عنه ـ قال: أمَّا بعد ، فإني أتيْتُ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ « فقلت: أُبايعك على الإسلام ، فشرط عَلَيَّ: والنُّصْحَ لكل مسلم ، فبايعته على هذا » رواه البخاري 1 / 128 و 129 في الإيمان ، وفي مواقيت الصلاة، وفي الزكاة، وفي البيوع ، وفي الشروط ، وفي الأحكام، ومسلم رقم (56) في الإيمان، وأبو داود رقم (4945) في الأدب، والنسائي 7 / 152 في البيعة.
وفي لفظ السنن من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أَنَّ رسولَ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ «... ، والمسلمُ أخو المسلمِ، لا يَخْذُلُهُ ، ولا يَكْذِبهُ ، ولا يَظْلِمُهُ ، وَإِنَّ أحدَكُم مرآةُ أخيهِ ، فَإِنْ رَأى بهِ أذى فَليُمِطْهُ عنه » رواه الترمذي رقم (1927) في البر والصلة ، ورقم (1928) و (1930) ، باب ما جاء في شفقة المسلم على المسلم ، وهو حديث حسن.
ومن أراد الله به خيرا أحاطه بالناصحين, وكف عنه المخادعين المتملقين الذين لا يألونه خبالا, ولا يبالون ما حظوا عنده بالمكانة.
وبعد هذه التوطئة فأقول والله من وراء القصد: إنما أردت بهذه الكتابة النصيحة للعاملين في الدعوة إلى الله من أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح, الذين لا يقدمون على كتاب الله وسنة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ونهج الصحابة الكرام – رضوان الله عليهم - ومن تبعهم بإحسان, لا أخصهم في بلد دون آخر إذ دعوة أهل السنة واحدة فلا تعرف حدودا ولا أقاليم, فأصولها وثوابتها واحدة لا تتغير ولا تتبدل بتغير الزمان والمكان؛ لأنها دعوة الإسلام الحقة الصالحة لكل مكان وزمان.
وخصصت كتابتي في أمرين هما من عوائق الدعوة الصحيحة التي قوامها التزام الكتاب والسنة ونهج سلف الأمة الصالح, وهذان العائقان تكمن خطورتهما في أن البعض من أهل الفضل والصلاح والدعاة ظن أنهما من أسباب حفظ الدعوة ومن مصلحتها, في غفلة عن عرض هذا الظن والاجتهاد على الأصول الثابتة والقواعد الراسخة من منهج السلف الصالح.
فإذا قوبلوا بخلاف اجتهادهم وما ذهبوا أليه عللوا بأن ما ذهبوا إليه فيه مصلحة للدعوة وبه تحفظ الدعوة, وأن المخالف لهم لايراعي هذه المصلحة, وفي حقيقة الأمر ما هي إلا مصلحة مظنونة يسعى لتحقيقها باجتهاد يخالف ما عليه السلف, وأي اجتهاد يخالف ما عليه السلف الصالح غير مقبول, فالدعوة إلى الله ليست مسرحا للاجتهادات والاستحسانات الشخصية, كما أن هذا الاجتهاد يؤدي إلى حفظ الأشخاص مهما بلغ خطأهم, ولا تحفظ به الدعوة, والتي حفظها يكون بتقرير الحق من دين الله ودفع ما يخالف هذا الحق.
وما يميز دعوة أهل السنة عن غيرها الالتزام التام بجادة السلف الصالح بما لايدع مجالا للإحداث في دين الله وبهذا النهج حفظ دين الإسلام.
وإني لأقدم بين يدي كتابتي أن أي اجتهاد يخالف منهج السلف الصالح في أبواب الدين كلها فهو مردود على صاحبه, ولو بلغت منزلته في العلم والدعوة ما بلغت, فإن الخطأ والمخالفة لمنهج السلف لا يسوغهما صدوره من صالحي أهل السنة, فيرد الخطأ على من جاء به, ويعتذر لمن كان من أهل الاعتبار بجميل العبارة وحسن الإشارة, ولا يقر ولا يتابع على ذلك الخطأ, وهذا الأمر مستقر ثابت عند أهل السنة.
وسأتعرض في هذه العجالة لعائقين من العوائق البارزة والتي هي من قبيل ما ذكرت, أي يظن بها أنها تصب في مصلحة الدعوة وحفظها, والأمر بخلاف ذلك, بل هي تضر الدعوة.
العائق الأول المديح ومجاوزة الحد فيه, والمقصود منه هنا على وجه الخصوص مجاوزة الحد في الثناء على العلماء والدعاة إلى الله وطلبة العلم.
والعائق الثاني السكوت عن خطأ المخطئ من أهل السنة, والتشنيع على من أنكر الخطأ عليه, والمبالغة في مدح المخطئ طمعا في تألفه.
هذا ما أرجو أن أكشف عن مخالفته لمنهج أهل السنة والجماعة, وإن كان الأمر قد يبدو واضحا لدى الكثير, ولكن من الجهة العملية نرى المخالفة لذلك ظاهرة, فتولدت منهجية جديدة ينتحلها بعض الصالحين وينسبها لمنهج الحق, كل ذلك منهم بحسن نية ورغبة في الإصلاح.
ولا ضير أن نقول: إن هذه الطريقة هي نتاج اجتهاد شخصي في غير محـله, وإن صدوره من أفاضل لا يمنع من تخطئته كما أسلفت, والوقوف معه وقفة نقد وعرض على منهج السلف الذي نلتزمه جميعا قولا وعملا ـ إن شاء الله تعالى ـ هذه الطريقة تؤدي في الحقيقة إلى حفظ مقام الأشخاص لا غير, وأما حفظ الدعوة لا يكون إلا بحفظ أصول الدين وثوابته, بتقرير ذلك من أدلته الشرعية, والمحافظة على عدم الخلل فيها, والرد على من خالف في ذلك بالحجة والبيان والحكمة والموعظة الحسنة, والجدال بالتي هي أحسن.
ولا أظن أن مناقشة كهذه تزعج أحدا ممن يحترم منهج السلف ويلتزمه, بل تسر كل من يريد الصلاح والإصلاح لا الغلو في الأشخاص ومجاوزة الحدود الشرعية. وقد عنونت لهذه الكتابة ( بين حفظ الدعوة وحفظ الأشخاص ). وللحديث بقية إن شاء الله.