المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : متى يكون لطالب العلم الحقّ في الفتوى أو متى يكون له أو تصحّ منه الفتوى أو متى نقبل منه الفتوى؟



أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
27-Dec-2012, 06:16 PM
http://i1088.photobucket.com/albums/i330/salafiquh/download1.png (http://archive.org/download/mattaa_yahiq_li_talib_al_ilm_an_yuftee/mattaa_yahiq_li_talib_al_ilm_an_yuftee.mp3)


السّؤال:
بسم الله؛ شيخنا يعني متى يكون لطالب العلم الحقّ في الفتوى أو متى يكون له أو تصحّ منه الفتوى أو متى نقبل منه الفتوى؟

جواب الشّيخ محمّد المدخلي -حفظه الله-:
الحمدُ لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.

أمّا بعد:

فسمِعنا جميعًا هذا السُّؤال: متى يكون لطالب العِلم أو يحقُّ لطالب العلم أن يُفتي؟

يَحقُّ لطالب العلم أن يُفتي إذا تمكّن من أصول العلم وأتقنها وعَرف طرائق الاستدلال فهذا يُقال فيه: طالب العلم المُتمكّن، فإذا أتقن اللّغة العربيّة فإنّه يعرف بها مدلولات الألفاظ فيكون عنده معرفة بلغة العرب وماذا يعني هذا اللّفظ؟ وماذا يعني هذا اللّفظ؟ ومتى يكون الإطلاق فيه مُفيد لكذا؟ ومتى يكون الإطلاق في غير موضعه خارجًا عن الأصل؟ فهذا يعود إلى إدراكه وإلى تمكّنه من أصول العلم كأن يدريَ أُصول الفقه؛ يكون عنده إلمامٌ بالفقه وإتقانٌ فيه، كذلك يكون عنده إتقانٌ في أُصول الحَديث ومعرفة بالضّعيف والصّحيح من حديث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، ويكون عارفًا بأصول التّفسير فيدري هذا كلّه، وقبل ذلك كلّه يكون مُتمكِّنًا في الاعتقاد فإنّ النّاس يسألونه في أصول الدّين وفروع الدِّين فيجب عليه أن يتهيّأ هُو أوّلاً فإذا تهيّأ أوّلاً صحّ بعد ذلك وجاز لهُ أن يُفتي.

فنقول: طالب العلم المُتمكّن يخرج بذلك طالب العلم المُبتدئ؛ فطالب العلم المُبتدئ ليس له إلاّ أن ينقُل فتاوى العُلَماء، أمّا طالب العلم المُتمكِّن فإنّه ينظر في كتاب الله، وفي سُنّة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، في أقوال الصّحابة -رضي الله عنهم-، في كُتب الآثار التي تُروى عنِ السّلف، في كُتب الخلاف التي تحكي الخلاف عن السّلف بدءًا بالصّحابة -رضي الله عنهم- وانتهاءً بالأئمة المهدِيِّين المتبوعين أصحاب المذاهب الأربعة خاصّةً؛ كخلاف ابن المنذر المعروف الشّهير قد طُبع مُؤخّرًا -ولله الحمد- وإن كان فيه جزء ناقص منه وهو: كتاب إيش؟ (كتاب الأوسط) من أمتع الكُتب وهذا كثيرًا ما يُعوّل عليه كان ابن قُدامة والنّووي في (المجموع شرح المُهذّب)، فطالب العِلم إذا كان مُتمكِّنًا ورجع إلى مثل هذا الكتاب وإلى الكتب المُصنّفات في الآثار والمسائل الخلافيّة يرجع إلى كتاب مثل: (المجموع شرح المُهذّب)؛ مثل: (المغني لابن قدامة) لأنّه يبسط المسألة ويذكر فيها أقوال أصحاب المذاهب وأدلّتهم؛ (التّمهيد لابن عبد البرّ) ونحو ذلك؛ وكانت عنده هذه الأصول فهذا إذا علِم الله سبحانه وتعالى منهُ الصِّدق والإخلاص في الوصول للحقّ مع أهليّته فإنّه يُوفَّق في الغالب كما قال شيخ الإسلام ابن تيميّة -رحمه الله تعالى-، فهذا هو طالب العِلم المُتمكِّن.

ولا بأس إذا حكى الخلاف في المسألة ورأى ونظر أن يحكيَ خلاف المعاصرين من أئمّة الهُدى الذين يُصدر عن أقوالهم؛ أمّا الذين لا يُصدر عن أقوالهم كالقرضاوي وأمثاله فلا عِبرة به، وإنّما الذين يُصدر عن أقوالهم أمثال الشّيخ: عبد العزيز بن باز؛ أمثال الشّيخ: محمّد ناصر الدّين الألباني؛ أمثال الشّيخ: ابن عثيمين -رحِم اللهُ الجميع- هؤُلاء يُحكَون لأنّ هؤلاء في مصافّ الأئمّة الأوّلين ما عُرفوا إلاّ بالعلم والتّبحّر فيه وسعته ودقّة الفقه والحِرص على معرفة الرّاجح والحرص على اتّباع الصّحيح من حديث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- والثّابت؛ هؤلاء لا بأس من أن ينقُل لهم ويذكرهم مع الأئمّة الأولى -رحمه الله الجميع-، فهذا إذا نظر في أقوال هؤلاء بأدّلتهم وكانت عنده المُواصفات التي ذكرناها سابقًا فهذا غالبًا يُوفَّق للحقّ فله الحقّ أن يُفتي، أمّا مَن دُونه فإنّما يكون ناقلاً؛ يقول: سمعت الشّيخ الفلاني يقول كذا؛ سمعت العالم الفلاني يقول كذا؛ وإن حصل أن يُعطي النّاس هذا ويُشير لهم ويُرشدهم إلى كتابه الذي قال فيه هذا القول أو هذه الفتوى فهذا واجبٌ عليه، وبالله التَّوفيق.

السّائل:
هل تُشترط التّزكية لطالب العِلم إذا أراد أن يُفتي أو يُدرِّس؟

الشّيخ محمّد المدخلي:
لابدّ لابدّ، (ما أقعدتُّ حتّى قِيل لي) يقول الإمام مالك، نعم؛ لابُدّ أن يُشهد له بأنّه أهل بأن يَقعُد للتّعليم.

السّائل:
بعض إخواننا شيخنا غير معروفين بهذا مثلاً؛ قد درس وعُرف بين إخوانه بالعقيدة الصّحيحة والمنهج السّليم، وإخواننا يعرفون أنّ تدريسه فيه خير كثير والعُلماء لا يعرفونه فكيف نستطيع أن نتحصّل له على تزكية في هذه الصّورة.

الشّيخ محمّد المدخلي:
هذا يكون بمسلكين:

• المسلك الأوّل: الاشتهار بالعِلم والتّدريس والقعود للنّاس في هذا الباب.

• الثّاني: التّزكية.

فإذا لم يكُن معروفًا ولم يكُن مُزكّى هذا لا يكُن أهلاً للفتوى مهما كان، أمّا إذا اشتهر بين النّاس بالعِلم وبالتّعليم والاجتهاد في ذلك وعُرف به هذا كافٍ لأهل بلده.

السّائل:
هُو ليس له تزكية حتّى في مسألة التّدريس ليس عنده تزكية من أهل العلم في التّدريس أصلاً.

الشّيخ محمّد المدخلي:
ما يُؤخذ إلاّ عمّن عُرف واشتهر بذلك أو شهِد له أهل العلم بذَلك هذا لابُدَّ منه.

السّائل:
إذا عُرف بصحّة العقيدة والمنهج ولم يعرفه أحدٌ من العلماء وشهد له باقي إخوانه بصحّة العقيدة والمنهج...

الشّيخ محمّد المدخلي:
الاشتهار يقصدون به الاشتهار في القُطر الذي هُو فيه يشهد له النّاس بالعِلم والمعرفة، فإذا شاع ذلك بينهم (كلمة لم أفهمها)، نعم.

السّائل:
طالب العلم المُبتدئ -يا شيخ- لو نقل فتوى العلماء الكبار؛ وقال: قال العلماء كذا وكذا بدُون أن يُسمّي المُفتي.

الشّيخ محمّد المدخلي:
غلط؛ ما يُقبل، من هُم العلماء؟!

السّائل:
في بلادنا ما يرضون بأمثال العلماء الكبار -شيخنا- كبار السّن مثلاً ما يعرفون الشّيخ ابن باز والشّيخ ابن عثيمين أوالشّيخ الألباني.

الشّيخ محمّد المدخلي:
إذا كان لغرض صحيح مثل هذا لا بأس به.اهـ


وفرّغه:/ أبو عبد الرحمن أسامة

06 / ذو القعدة / 1433هـ