المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إرشاد الأنام إلى أن إيجاب قلب النعال المتجه إلى الأعلى من محدثات العوام للشيخ ماهر القحطاني حفظه الله.



أبو عبد الله بلال الجزائري
11-Jan-2013, 01:43 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد :
فقد انتشرت بين أهل الإسلام في الأعصار المتأخرة بدعة أوجبوها على أنفسهم نشأ عليه الصغير وهرم عليها الكبير واتخذها الناس سنة فإذا غيرت قالوا غيرت السنة([1] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftn1)) وهي أن أحدهم إذا رمق ببصره حذاءا مقلوبا أسفله إلى جهة السماء سارع إلى قلبه إلى جهة الأرض تعظيما لله سبحانه الذي استوى على عرشه ويخافه من فوقهم ملائكته قال تعالى : (ءَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تمور) [الملك :16]. وقال عن ملائكته يخافون ربهم من فوقهم مع كون ذلك البعض يتهاون ربما في كثير من معصية الرب سبحانه !! وهذا مقصد للخير يبغونه فنعم المقصد مقصد تعظيم الرب جل جلاله ولكن كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : '' وكم من مريد للخير لن يصيبه'' ([2] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftn2)).
أي أن إرادة الخير وقصده لا يكفي في صحة العمل وقبوله بل لابد من الإتباع للرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه لاكما ظن بعض الفضلاء من أهل العلم من كون المسلم يؤجر على قصده كحضور المولد ولو كان العمل محدثا فإنه يرده ما رواه البخاري في صحيحه عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : '' ضَحَّى خَالٌ لِي يُقَالُ لَهُ أَبُو بُرْدَةَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاتُكَ شَاةُ لَحْمٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عِنْدِي دَاجِنًا جَذَعَةً مِنْ الْمَعَزِ قَالَ اذْبَحْهَا وَلَنْ تَصْلُحَ لِغَيْرِكَ ثُمَّ قَالَ مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَإِنَّمَا يَذْبَحُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ وَأَصَابَ سُنَّةَ الْمُسْلِمِينَ''([3] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftn3))
فقوله شاتك شاة لحم بالرغم من إرادة ذلك الصحابي الخير وإصابة السنة دليل كما أفاد ابن حجر على أن القصد الحسن لفعل العبادة لا يصير العبد مؤجورا إذا فارق العبد فيها الإتباع وإنه من العجيب أنك ترى أحدهم يزين له الشيطان قلب النعال وهو تارك للصلاة وقد نقل ابن مفلح في الآداب الشرعية عن ابن عقيل إشارة إلى إنه من قلة فقه العوام قلبهم للنعال([4] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftn4)) ولما سألت اللجنة الدائمة من مشائخنا كما في فتاوى اللجنة الدائمة عن بعض كبار السن أنهم يقولون أن قلب النعال على ظهرها لا يجوز حيث تقابل وجه الله تعالى فهل هذا صحيح؟
أعرضت اللجنة عن هذا المعتقد وأجابت بمشروعية ذلك تقذرا فلو كان لذلك عندهم أصل وهو معتقد العامة بأنه لا يجوز لمقابلة وجه الله لذكروا ذلك رفع الله قدرهم آمين
فقالوا : قلب الحذاء بحيث يكون أسفله أعلاه فيه تقذر وكراهة لأن أسفله مما يلي الأرض فيكون لابس الحذاء يطأ على الأرض وقد يطأ به شيئا من الأقذار وبالله التوفيق ([5] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftn5))
فالسلف كانوا أشد الناس تعظيما لله ولكن على طريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، كما روي عن حذيفة أنه قال : '' أي عبادة لم يتعبدها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فلا تعبدوها وعليكم بالأمر العتيق''([6] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftn6)) وعن بن مسعود أنه قال : '' اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم ''([7] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftn7)).
فلو كان قلب النعال سنة منتشرة بينهم وهم أشد تعظيما لله لكان مما تتوفر الدواعي لنقله وهو أمر ممكن الوقوع والظهور في عصرهم رضي الله عنهم فلما لم ينقل علم أنه مما أحدثه العوام في الأعصار المتأخرة فلا واجب إلا ما أوجبه الله تعالى ورسوله وفهمه السلف الصالح رضي الله عنهم كما قالت عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : '' أي شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط''([8] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftn8))
فأين وجد هؤلاء أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بذلك أمر وجوب أو استحباب أو فعله سلفنا الصالح!؟
وقد كنت أمشي في الحرم المكي أنا وبعض المشائخ الفضلاء من أهل الحديث فرأى نعلا مقلوبا إلى السماء فاتجه ناحيته ليقلبه إلى الأرض فاستوقفته إلى أين هل هذا كان من هدي السلف رحمهم الله فاستدرك وترك قلبه رفع الله قدره كذا أهل الحديث كما عرفناهم منذ القديم فلا يزالون يتوارثون مذهبهم من الرجوع إلى الحديث والحق بعد ما تبين قال شعبة : '' إذا أتاكم الحديث فخذوه وإذا أتاكم رأيي فبولوا عليه''
قال بعضهم ( باب وليس كل ما انتشر بين الناس له أصل ) أو كما قال.

أقول : وهو كذلك فقد انتشر بينهم رفع الأيدي على الصفا والمروة مكبرين ثلاثا وهو محدث و الإضباع طيلة الإحرام بالحج والعمرة وهو محدث وتقبيل المصحف وهو محدث و الاستعاذة عند المثائبة وهو محدث و الاستنجاء عند الوضوء بلا بول وغائط وهو محدث وزخرفة المساجد وتلوينها وهو محدث ورفع اليدين عند الخطبة بلا استسقاء وهو محدث وقصد الشاخص برمي الجمرات وصعود جبل الرحمة وهو محدث وجعل الخط الأسود علامة على اكتمال شوط الطواف وهو محدث و الإضباع في السعي وهو محدث و الامتناع من الكلام في الخلاء مع أحد لا يتخلى بغير ذكر الله وهو محدث والتطريب في الدعاء وهو محدث وقول صدق الله العظيم عند ختم القراءة وهو محدث والدعاء عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم وهو محدث والمسح على الرقبة في الوضوء وهو محدث واعتقاد خطأ من صلى بنعاله وكثير من المحدثات والتي يطول ذكرها وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال: '' وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا '' وعند ذلك قال : '' فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة''([9] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftn9)) وفي حديث آخر عند النسائي : '' وكل ضلالة في النار''([10] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftn10)) ، وفي حديث عائشة: '' من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد''([11] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftn11)) وهو متفق عليه
وكان يقول : '' وشر الأمور محدثاتها''([12] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftn12)) والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.([13] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftn13))
[1] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftnref1) : قطعة من أثر عبد الله ابن مسعود رضي الله تعالى عنه ، قال رضي الله عنه :'' كيف أنتم إذا لبستكم فتنة يهرم فيها الكبير ويربو فيها الصغير ويتخذها الناس سنة فإذا غيرت قالوا : غيرت السنة قيل : متى ذلك يا أبا عبد الرحمن ؟ قال: إذا كثرت قراؤكم وقلت فقهاؤكم وكثرت أمراؤكم وقلت أمناؤكم والتمست الدنيا بعمل الآخرة [ وتفقه لغير الدين ] ".: رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (7/452)، و البيهقي في الشعب (5/361). وقال الألباني رحمه الله تعالى في تحريم آلات الطرب:'' رواه الدرامي ( 1 / 64 ) والحاكم ( 4 / 514 - 515 ) بسند صحيح والدرامي أيضا وابن عبد البر في " جامع بيان العلم وفضله " ( 1 / 188 ) من طريق أخرى عنه بسند حسن وفيه الزيادة التي بين المعكوفتين وهو موقوف في حكم المرفوع لأنه من أمور الغيب التي لا تدرك بالرأي ولا سيما وقد وقع كل ما فيه من التنبؤات . والله المستعان. ''


[2] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftnref2) : انظر سنن الدّارمي برقم (210)، وهو في السلسلة الصحيحة للألباني (5/11) برقم (2005).

[3] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftnref3) : البخاري برقم (5556) و برقم (( 5563 ، ومسلم برقم (1961).

[4] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftnref4) : قال ابن عقيل الحنبلي رحمه: " وَيْلٌ لِعَالِمٍ لَا يَتَّقِي الْجُهَّالَ بِجَهْدِهِ ... وَالْوَاحِدُ مِنْهُمْ يَحْلِفُ بِالْمُصْحَفِ لِأَجْلِ حَبَّةٍ ، وَيَضْرِبُ بِالسَّيْفِ مَنْ لَقِيَ بِعَصَبِيَّتِهِ ... وَالْوَيْلُ لِمَنْ رَأَوْهُ أَكَبَّ رَغِيفًا عَلَى وَجْهِهِ ، أَوْ تَرَكَ نَعْلَهُ مَقْلُوبَةً ظَهْرُهَا إلَى السَّمَاءِ " الآداب الشرعية (1 /268-269).

[5] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftnref5) : و هذا هو السؤال : بعض كبار السن يقولون : إن قلب الحذاء على ظهرها لا يجوز ، حيث إنها تقابل وجه الله ، فهل ذلك صحيح ؟
فأجابوا : " قلب الحذاء بحيث يكون أسفله أعلاه فيه تقذر وكراهة ؛ لأن أسفله مما يلي الأرض ، فيكون لابس الحذاء يطأ به على الأرض ، وقد يطأ به شيئا من الأقذار "( 26 /302-303 ). عبد العزيز بن باز عبدالرزاق عفيفي عبدالله الغديان. و سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : يوجد بعضٌ من الناس يقولون بأنه عند وجود الحذاء مقلوباً رأساً على عقب بأن الملائكة لا تدخل هذا البيت أو أن الله لا ينظر إلى هذا البيت ، فماذا تقولون في هذا الأمر ؟
فأجاب : " نقول : هذا لا صحة له ، ولا أعلم في كون النعل مقلوبة بأساً ، لكن هذا أمرٌ شديدٌ عند الناس ، وقد يكون الأمر شديداً عند الناس ولا أصل له ". نور على الدرب (13/65) .

[6] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftnref6) : عزاه أبو شامة إلى أبي داود في السنن انظر الباعث( ص:70-71) ت. مشهور سلمان. و الله أعلم بدرجته.

[7] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftnref7) : رواه الدارمي ( 205 ) ، و الطبراني في الكبير ( 9 / 154) ( 8770 ) .

[8] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftnref8) : صحيح مسلم رقم (3777) كتاب العتق : باب أن الولاء لمن أعتق.

[9] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftnref9) : رواه أبو داود و الترمذي و ابن ماجة ، و ابن حبان في صحيحه و قال الترمذي (حديث حسن صحيح ) و صححه الألباني في صحيح الترغيب (1/123) رقم (37).

[10] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftnref10) : النسائي (3/ 188-189 ) رقم (1578)

[11] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftnref11) : الحديث بهذا اللفظ أخرجه البخاري ، كتاب الصلح ، باب إذا اصطلحوا على صلح جور ، فالصلح مردود ، رقم (2697) و مسلم بلفظ : '' من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد '' كتاب الأقضية ، باب نقض الأحكام الباطلة ، رقم (1718) .

[12] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftnref12) : النسائي (3/ 188-189 ) رقم (1578)

[13] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftnref13) : هذا المقال منقول من موقع معرفة السنن و الآثار للشيخ ماهر القحطاني و قد قمت بتخريج الآيات و الأحاديث و الآثار فإن أصبت فمن الله و إن أخطأت فمن نفسي و من الشيطان فنسأل الله أن يتجاوز عنا و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.