أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
15-Jan-2013, 01:59 PM
http://www.up.noor-alyaqeen.com/uploads/thumbs/www.noor-alyaqeen.com13583332921.jpg
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وعلى آله وصحبه وسلم .
أما بعد : أحبتي في الله ، لقد حذر الله سبحانه وتعالى من البدع ، وجعل عواقبها وخيمة قال تعالى : {{ فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم }} النور :63] قال ابن كثير – رحمه الله – في تفسير هذه الآية : أي يخالفون عن امر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو سبيله ومنهاجه وطريقته وسنته ، وشريعته ، فتوزن الأقوال والأعمال بأقواله وأفعاله ، فما وافق ذلك قبل ، وما خالفه فهو مردود على قائله كائنا من كان ، أي فليحذر وليخش من خالف شريعته ومنهاجه باطنا وظاهرا أن يرد عليهم عملهم فتصيبهم فتنة من كفر أو نفاق أو بدعة ، ويكون مصيرهم أن يصيبهم العذاب الأليم .
فإذا عرفنا هذا – أنه لا يجوز مخالفة الله ورسوله ، فكذلك لا يجوز تقديم عقل أو قول عليهما قال تعالى : {{ يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم }} الحجرات :1] والمعنى أنه لا يجوز لأي كان أن يقدم بفعله الطاعة على خلاف ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، فمن فعل أو قال شيئا دون متابعة له وإذن منه فقد قدم عليه وتعدى على حقه إذ هو المتبوع بحق ، ومن تعدى عليه فإنما يتعدى على حق الله تعالى ، ومن حق الله أنه أوجب على جميع الأمة طاعته ومتابعته .
قال القرطبي رحمه الله [ج16/ 300-302] .أي لا تقدموا قولا وفعلا بين يدي الله وقول رسوله وفعله فيما سبيله أن تأخذوه عنه من أمر الدنيا والدين ، ومن قدم قوله أو فعله على قول أو فعل الرسول صلى الله عليه وسلم فقد قدمه على الله تعالى ، لأن الرسول إنما يأمر عن أمر الله وينهى عن نهيه .
وقد أخبر الله تعالى أنه أكمل لنا الدين فلا يحتاج إلى زيادة ، أما النقصان فقد قال لنا سبحانه : {{فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا ..}} وقال جل في علاه :{{ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها }} وقال صلى الله عليه وسلم : <<: دعوني ما تركتكم، إنما أهلك من كان قبلكم سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم >>.البخاري ( 6858)ومسلم وأحمد .
وقد نهانا عن الإحداث في الدين فقال: <<.. إياكم ومحدثات الأمور ..>> أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه والحاكم عن العرباض بن سارية ، وهو في صحيح الجامع [ 2546] وبين أن كل محدثة ضلالة فقال :<< .. فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة >>، وأخبر أن التوبة محجوبة عن كل ذي صاحب بدعة فقال :<< إن الله احتجز التوبة عن صاحب كل بدعة >> الصحيحة [1620].التوبة المحجوبة هي الكونية أما الشرعية فهي مطلوبة منه ، فإن تاب ، تاب الله عليه ، أفاده الشيخ الألباني .
وكذلك عمله مردود عليه بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم :<< من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد >> متفق عليه .
وأنه لا يرد الحوض ، ولا يحظى بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم يبين هذا قوله صلى الله عليه وسلم :<< أنا فرطكم على الحوض ، ليرفعن رجال منكم ، حتى إذا أهويت لأناولهم اختلجوا دوني ، فأقول : أي رب ، أصحابي . فيقول : لا تدري ما أحدثوا بعدك >> وفي رواية << إنك لا تدري ما بدلوا بعدك . فأقول : سحقا لمن بدل بعدي >> رواه البخاري ومسلم ، وانظر الفتح [ج13/3-4] الطبعة السلفية .
ومن خطورة البدع وأثارها على صاحبها أنه يحمل وزر كل من عمل ببدعته إلى يوم القيامة ، قال تعالى : {{ ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم }} النحل:25] وقال صلى الله عليه وسلم :<< من سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء>> أخرجه مسلم .
وهو ملعون والعياذ بالله ،قال عليه الصلاة والسلام : من أحدث فيها ، أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين >> البخاري ومسلم .
فإذا عرف العبد أن البدع بهذه الخطورة حذرها وفر منها فراره من الأسد المفترس ، وكلما ذكرت له إلا استعاذ بالله وتحصن بالسنة ومنهج السلف حتى لايزيغ قلبه على الصراط المستقيم والمنهج القويم ، ولا ينبغي أن ينظر إلى صغر البدعة وحسنها، ولكن ينظر خطرها وعاقبتها ، وإلى محلها من الدين الكامل والبنيان المرصوص ، ونبينا عليه الصلاة والسلام ما ترك شيئا تعبدنا الله به إلا بينه غاية البيان ، ولم يمت حتى أتم الله له هذه النعمة بإكمال الدين ، ولن تكمل عبودية العبد لربه حتى يجرد توحيد المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم ، فلا يحرك ساكنا ولا يسكن متحركا مما تعبدنا الله به إلا بدليل ومن هنا قال محمد ابن سرين رحمه الله : إن استطعت أن لا تحك رأسك إلا بأثر فافعل ..
واعلم -رحمني الله وإياك – أن شأن البدع خطير فهو كالسوس ينخر في جسم الأمة كما ينخر السوس في الخشب ، أو كالسرطان يفتك في جسم المريض ، لذلك وجب التحذير منها بجميع أنواعها ، كما يجب التصدي لأهلها أي كانوا ومن أي جهة أتوا ، فيجب على العلماء وطلبة العلم السنيين السلفيين بيان حالهم لأن ما وصلت إليه الأمة من ضعف وهوان ، وتفريط وإفراط إلا بسببهم ، ولأن الخطر المحدق بالأمة لا يأتي إلا من جهتهم ، فهم من بني جلدتنا ويتكلمون بألسنتها وقد تلبسوا بلبوس السنة ولكنهم يهدون بغير هديها فإن القيام بهذا الواجب يعد من أفضل الجهاد ، والقائم بذلك على ثغر من ثغور أهل السنة لذلك ينبغي أن تتفطن أيها المرابط في سبيل نصر السنة والدفاع عنها أن يؤتى المنهج القويم والصراط المستقيم من قبلك ، فيحدث فيه سبلا أخرى غير سبيل المؤمنين ، فدسائس الحزبيين أهل البدع ملبسة بزخرف القول غرورا،كالسم في العسل يبتهج له الغافل سرورا وإليك هذين الحديثين في بيان فضل الأخذ بالسنة والدفاع عنها ، وأن ذلك جهاد في سبيل الله ،فعن ابن مسعود -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال :<< ما من نَبِيٍّ بَعَثَهُ الله في أُمَّةٍ قَبْلِي إلا كان له من أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابٌ، يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ، ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ من بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ يَقُولُونَ مالا يَفْعَلُونَ وَيَفْعَلُونَ مالا يُؤْمَرُونَ، فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بيده فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَيْسَ وَرَاءَ ذلك من الْإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ>>.أخرجه مسلم كتاب الإيمان [ح50].
والحديث الثاني في فضل القائم على ذلك وأنه على ثغر من ثغور السنة ، أن ترك مجاهدة أهل البدع فيه خطورة بالغة ، إذا تركوا وما أرادوا فضررها يرجع حتى على أهل الاستقامة على جادة الحق ، ومنهج السلف الصالح فعن النُّعْمَان بن بَشِيرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قال: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- : << مَثَلُ الْمُدْهِنِ فِي حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا مَثَلُ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا سَفِينَةً فَصَارَ بَعْضُهُمْ فِي أَسْفَلِهَا وَصَارَ بَعْضُهُمْ فِي أَعْلَاهَا فَكَانَ الَّذِي فِي أَسْفَلِهَا يَمُرُّونَ بِالْمَاءِ عَلَى الَّذِينَ فِي أَعْلَاهَا فَتَأَذَّوْا بِهِ فَأَخَذَ فَأْسًا فَجَعَلَ يَنْقُرُ أَسْفَلَ السَّفِينَةِ فَأَتَوْهُ فَقَالُوا مَا لَكَ قَالَ تَأَذَّيْتُمْ بِي وَلَا بُدَّ لِي مِنْ الْمَاءِ فَإِنْ أَخَذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَنْجَوْهُ وَنَجَّوْا أَنْفُسَهُمْ وَإِنْ تَرَكُوهُ أَهْلَكُوهُ وَأَهْلَكُوا أَنْفُسَهُمْ>>أخرجه البخاري [ح2686] والإمام أحمد[ج4/ 268-269].
قال الحافظ ابن حجر [الفتح [5/ 348] وقوله [ المدهن فيها ] بضم أوله وسكون المهملة وكسر الهاء بعدها نون أي المحابي بالمهملة والموحدة ، والمهن والمداهن واحد ، والمراد به من يرائي ويضيع الحقوق ولا يغير المنكر .
والإبقاء على الإسلام نقياً كما أنزله الله، وكما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكما طبقه الصحابة الكرام - رضوان الله عليهم -، مطلب شرعي وغاية نبوية دعا إليها القرآن، وحث عليها النبي - عليه الصلاة والسلام - حيث دعا - عليه السلام - إلى الالتزام بسنته، وحذر من الخروج عن شرعته، وسلوك طريق أهل الأهواء المخالفين والمختلفين عليه ،من خوارج ، وقدرية ، ومرجئة ، وشيعة ، وغيرها من الفرق الضالة ، وقد كان السلف الصالح رضوان الله عليهم من أشد الناس تحذيرا من البدع ، وأهلها ، وهذه كتبهم طافحة على الساحة السلفية ، وجعلوا لهم علامات ، وأسماء يُعرفون بها ، أخذوها من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وآثار أصحابه ؛ نسبة إلى أفعالهم أو أقوالهم أو أوصافهم ، أو رؤسائهم ، أو أوطانهم وهكذا استمر تفريخ البدع وأهل الأهواء عبر التاريخ ، تخمد نار فتنهم وبدعهم مرة ، وتضرم مرات ، يظهرون أحيانا ، ويختفون أخرى ؛ إلى عصرنا الذي كان لهم فيه ظهورا واضحا ، تمثل في حزبيات مقيتة ، بغيضة فرقوا بها الأمة شذر مدر ، وأيدي سبأ ، ساعدهم في ذلك الغزو الديمقراطي، والفكر العلماني ، والتطور التكنلوجي ، وخاصة الإعلام بجميع أنواعه ، حتى أصبحنا نسمع ممن يحسب على السنة يتغنى بمصطلاحات القوم ، السينما والمسرح والدرامة ، وغيرها... هؤلاء يمثلون جانب التفريط فقد ميعوا الدين حتى أصبح كثير من المحرمات والبدع عندهم مباحا أو حلالا ، وقابلهم في الجانب الآخر الإفراط ، يمثله الذين رفضوا الانفتاح على الدنيا بجميع أشكاله -إلا السلاح الذي يقتلون به المسلمين- والتفسخ الأخلاقي فخرجوا على الأمة بمصطلحات ، وتسميات ما أنزل الله بها من سلطان وكفروها ، الهجرة والتكقير جاهلية القرن العشرين ، المفاصلة الشعورية ، الجماعة الجهادية ، الجماعة السلفية للدعوة والقتال ، وغير ذلك .. واستباحوا دمائها ،وأموالها وأعراضها ،ولا يظنن أحد أن تلك الفرق الهالكة انقرضت وذهبت ، كلا وألف لا ، فها هو التاريخ يعيد نفسه بل في هذا العصر أشد وأشد ..
فقد جعل لهم النبي صلى الله عليه وسلم علامات ، وأنا أذكر بعضا منها ها هنا منها :
1- الجهل بالكتاب والسنة ، وسوء الفهم لمعانيهما ؛ كما قال صلى الله عليه وسلم : " يقرءون القرآن يحسبون أنه لهم وهو عليهم "(رواه مسلم1066) .
وسبب هذا الجهل: زهدهم في العلماء وترفعهم عن الأخذ منهم وثني الركب في حلقهم ؛ وفقدان الثقة في علمهم ، لأنهم كما يظنون : أوصياء على العلماء.. ! بل على الدين ، ولم يقف بهم الجهل عند هذا الحد حتى وصموا العلماء بأنهم علماء حيض ونفاس ، وعلماء بلاط ، وأنهم لا يعرفون فقه الواقع ، هكذا في سلسلة من الألقاب المسقطة لأولي الألباب .
2- ومنها : الجرأة على العلماء بل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما قال ذو الخويصرة التميمي :" يا محمد اعدل " وقال :" يا رسول الله اتق الله " فعندهم جرأة على من خالفهم ولو كان من أهل الفضل والعلم ، بل ولو كان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما فعلها كبيرهم مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وفعلها بعضهم مع بعض الصحابة ، فقد خرّج الإمام أحمد في مسنده ( 4/382) من طريق سعيد بن جُمْهان ، قال كنا مع عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه يُقاتل الخوارج ، وقد لحق غلام لابن أبي أوفى بالخوارج ، فناديناه : يا فيروز ، هذا ابن أبي أوفى . قال الغلام الخارجي : نعم الرجل ـ يعني الصحابي ابن أبي أوفى رضي الله عنه ـ لو هاجر ! ـ يعني إلى الخوارج ـ قال ابن أبي أوفى : ما يقول عدو الله ؟ فقيل له : يقول نعم الرجل لو هاجر . فقال : هجرة بعد هجرتي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " طوبى لمن قتلهم وقتلوه " . حديث حسن .فلا تعجبوا من جرأتهم الآن على مشايخنا وعلمائنا ، فإنهم لا يرضون عن أحد حتى ينزع البيعة ويتبرأ من الحكام والمجتمعات ، ويهاجر إليهم وينضم إلى حزبهم ولو كان القائم لله بحجة ممن اتفقت الأمة على علمهم وفضلهم .
3- ومن صفاتهم: إظهار شيء من الحق للتوصل إلى الباطل فيظهرون الإصلاح والمطالبة بتحكيم الشريعة ـ مع أنها محكّمة ـ ليتوصلوا بذلك إلى حمل السلاح وإسقاط الدولة .
فقد قال ذو الخويصرة :" يا محمد اتق الله ..." فهاهو يأمر سيد المتقين بالتقوى ، وفعله هذا كفعل إبليس حين نصح أبا هريرة رضي الله عنه ، وقال له النبي صلى الله عليه وسلم :<< صدقك وهو كذوب >> وهو في الصحيحين .
في صحيح مسلم (1066) من حديث عبيد الله بن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن الحرورية ـ يعني الخوارج ـ لما خرجت وهو مع على ابن أبي طالب ، قالوا : لا حكم إلا لله . قال على رضي الله عنه : كلمة حق أريد بها باطل !وصدق رضي الله عنه ، فكم من كلمة حق أريد بها باطل ، فلا تغتروا بمن يزعم أنه ينطق بكلمة الحق لكن هواه ووجه ونصرته لغير أهل السنة السلفيين . الخوارج كفّروا علياً رضي الله عنه ومن معه بعد قضية التحكيم واستباحوا دماء أصحاب رسول صلى الله عليه وسلم وأموالهم ؛ وهم في ذلك يحسبون أنهم ينكرون المنكر وينصرون الدين ويلبّسون على الناس بذلك .
وقول عبيد الله بن أبي رافع -رضي الله عنه - في هذا الحديث [أن الحرورية ] وقول أمنا الصديقة عائشة رضي الله عنها للمرأة التي جاءت تسألها عن قضاء الصيام وعدم قضاء الصلاة : أحرورية أنت ؟ فيه بيان جواز نسبة أهل البدع لأوطانهم ، ومعتقداتهم . فحروراء وطن الخوارج ، وهم يعتقدون أن الحائض تقضي الصلاة كما تقضي الصوم .
4- ومن أوصافهم التحليق، كما ثبت في صحيح "البخاري" مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في وصفهم :( سيماهم التحليق ) والمراد به : حلق رؤوسهم على صفة خاصة، أو حلقها بالكلية، بقصد زيادة التعبد ، والتميز ، حيث لم يكن ذلك من عادة المسلمين ولا من هديهم، وهنا أنبه كثيرا من إخواننا السلفيين إلى ظاهرة التميز بالحلق من غير داع لذلك ، فقد انتشرت هذه الظاهرة عند الكثير منهم حتى أن بعضا منهم يحلق رأسه في فصل الشتاء البارد ليتميز بذلك ، وأذكر إخواني أنه إذا ذُكر أمرٌ في الشرع على وجه الذم فإنه ينبغي لمن أطاع الله واتبع الرسول أن يجتنبه ، لأن الرسول لا يذم شيئا إلا وهو يكرهه ، فهل تحبون ما يحب الرسول ، وتكرهون ما يكره ؟ أم تحبون ما يكره وتكرهون ما يحب ؟فلا شك أنك أخي السني السلفي تحب ما يحب وتكره ما يكره مما ذكره على وجه الذم فلا تتشبه بمن ذمهم رسول الله من غير داع ولا ضرورة .
5- ومن صفاتهم يحسنون القول ويسيئون العمل
وهذا وصف نبوي آخر يصف به النبي صلى الله عليه وسلم الخوارج ، فهم يتشدقون برفع الظلم ومحاربة الطغاة إلا أنهم في حقيقة الأمر أشد فتكا بالمسلمين من غيرهم من الطغاة، والظلمة ، فمن قَتَلَ وسَلَّ السيف على المسلمين واستباح منهم ما يستباح من الكافر الحربي هو أشد طغيانا وأشد ظلما ممن جار في حكمه ومسَّ ظلمه أفرادا من الرعية ، في حين أن ظلم الخوارج قد شمل غالبية مخالفيهم ، فانظر إلى هذا البون الشاسع بين حلاوة القول ومرارة العمل . يقول " ذو الخويصرة : اتق الله يا محمد " ويقول : يقول الخوارج لما خرجوا على علي رضي الله عنه :" لا حكم إلا لله " هذا قول حق ، وصدق ، ولكن تعال معي وتأمل في واقعهم فهل هم كذلك يحكمون شرع الله في نفوسهم ، بل هم أول من خرج على حكم الله ولم يقبله فقال : يا محمد :" اعدل " فإن لم يعدل رسول صلى الله عليه وسلم فمن يعدل ، وقد قال الله تعالى : {{ فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ...}}
6- ومن صفاتهم يظهرون الموافقة ، ويبطنون المخالفة ، وهذه الصفات يتفق فيها أهل الإفراط والتفريط على جد سواء ، فتراهم يتناجون فيما بينهم ، ويعملون في سرية تامة ، ويخشون أن يفتضح أمرهم للحكومات الإسلامية ، معتقدين في ذلك المفاصلة الشعورية أو العمل بالتقية وكلاهما ضلال ...حتى يتوصلوا إلى أغراضهم الدنيئة ، فتجد أحدهم ينغمس وسط المسلمين في زيهم ، وبعدها بلحظات يفجر نفسه فيهم ...
7- ومن علامات أهل البدع المعاصرين ، تقسيم التوحيد إلى أربعة أقسام وجعلوا قسما رابعا وهو : توحيد الحاكمية ، وتجدهم يدندنون حول هذه القضية كثيرا ولا يلتفتون إلى التوحيد الذي دعت إليه الأنبياء وأرسلت من أجله الرسل ، بل يقولون أنه يمكن تعلمه في بضع دقائق أما القضية الكبرى وهي توحيد الحاكمية فهي أم القضايا التي أهملها علماء الأمة ، فهذه هي التي ينبغي للأمة أن تعنى بها وأن تحرص عليها مع أن هذا النوع من التوحيد هو ضمن توحيد الربوبية من جهة أن الله هو المشرع ، قال سبحانه وتعالى :{{ شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك ..}} فهو وحده سبحانه الذي شرع لنا الدين ..
ومن جهة توحيد الألوهية أن الله تعبدنا بما شرع من أحكامه في توحيده ، وعبادته والمعاملات بين خلقه ..قال عز وجل : {{ فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ... }} ومنها العلاقة بين الحاكم والمحكوم ، فليس هو قسم رابع لأنه ضمن توحيد الربوبية ، وتوحيد الألوهية .
8- ومن علاماتهم إقرار الحزبية ، والتحزب ، والتعصب ،والولاء والبراء على ذلك ، فيقدسون مشايخهم ودعاتهم ، ويجاملونهم ، ولا ينكرون عليهم ، كالصوفية والشيعة تماما واستغلال الجمعيات الخيرية لحزبيتهم ، والتكتل الديمقراطي من أجل الدخول في البرلمانات ، والمجالس النيابية ، ولا يهمهم من دخل معهم أو ناصرهم أن يكون قبوري ، أو علماني ملحد ، أو صوفي ، أو أشعري أو من أهل وحدة الوجود ، المهم أن ينخرط معهم ويعطيهم صوته ، ويوافقهم على باطلهم .
هذا عند أهل التفريط ، أما عند أهل الإفراط ، فهم يكفرون الحزبيين ، والحكام المسلمين ، وكل من كان تحت ولايتهم ؛ ولم يكفرهم ، أو يعلن براءته منهم ..
9- ومن علامتهم الوقيعة في علماء السنة ، والتمويه والتشويه لأشخاصهم ودعوتهم وكتبهم وأشرطتهم ..وهذه يشترك فيها أهل الغلو ، وأهل الجفاء ، أهل التفريط المميعة ، وأهل الإفراط الحدادية التكفيريين ..
وقد أعجبني كلام رائع وقوي الحجة للشيخ العلامة المجاهد ربيعا في مقاله : نصيحة إلى من يتكلم بالسنة ، حيث قال : ومثل "المنهج الواسع الأفيح الذي يسع أهل السنة -على اصطلاحهم هم-، ويسع الأمة كلها"، ولكنه يضيق بأهل السنة وبمنهجهم وأصولهم.
10- ومنها دندنتهم حول التغيير وتحكيم الشريعة عن طريق الديمقراطية ، ودخول البرلمانات ، وإنشاء أحزاب –سموها إسلامية زورا – هذا عند المميعين ، يعتمدون على بعض القواعد الفاسدة التي أصلها أعداء الإسلام، مثل ، التعددية الحزبية ، والتداول على السلطة ، والمطالبة والمغالبة ،عن طريق الصناديق ، والحكم للشعب ، والإصلاح والتغيير يكون من الأعلى ، لأن الله يزع بالسلطان مالا يزع بالقرآن ، فإذا وصلوا إلى السلطة غيروا الفساد الذي عليه الشعوب التي لم تكن معهم في الحزب والانتخاب ..وقد شوهدوا أنهم يطالبون بالتغيير ويرفعون المصاحف ، فلما وصلوا إلى السلطة تغيروا ، بل باعوا آخرتهم بدنيا غيرهم والعياذ بالله .
ويقابلهم الذين يقصدون التغيير عند طريق الجهاد -زعموا – فيخرجون على السلطة الحاكمة ، ويقاتلونها ، ويقاتلون كل من اعترض طريقهم ، باستعمال جميع وسائل الدمار ، كما حصل ويحصل ..
11- ومن علاماتهم ما ذكره الشيخ محمد بن هادي المدخلي جواب على سؤالا ورد عليه وهو :أحسن الله إليكم في زمن تعددت فيه البدع كيف نعرف صاحب سنة من المبتدع وما هي الحزبية ،وما هي علامات الحزبيين التي يُعرفون بها.
فأجاب حفظه الله : هذا السؤال يحتاج إلى درس مستقل ولكن أقول: من علامات أهل البدع تركهم لعقيدة أهل السنة والجماعة هذا من أظهر العلامات ، تركهم لعقيدة أهل السنة و الجماعة ؛ فمثلا في باب توحيد العبادة تجدهم مخالفين لما عليه أهل الإسلام، تجدهم يعكفون على أهل القبور وينذرون لأهل هذه القبور ويطوفون على هذه القبور أو يتعلقون على أصحاب هذه القبور، ونحو ذلك ، فهذا شرك بالله سبحانه و تعالى وإذا نظرت في باب الصفات وجدت هذا يعطل أسماء الله سبحانه وتعالى وصفاته ؛وذاك يعطل صفات الله سبحانه وتعالى؛ وذاك يعطلها كلها إلا بعضها ؛فهذا أيضا ضلال وهكذا إذا نظرت تجد آخر يشبه الله بخلقه فلا يفهم من إثبات الصفات إلا التشبيه ؛ فيقل إن لله يد كيدي وعين كعيني وساق كساقي ورجل كرجلي ؛وينزل كنزولي ؛ويستوي كاستوائي ؛ونحو ذلك هذا ضلال من شبه الله بخلقه فقد كفر؛ ومن عطل الله سبحانه وتعالى مما وصف به نفسه فقد كفر ،فالمشبه يعبد صنما؛ والمعطل يعبد عدما والموحد السني يعبد إله واحدا حيا قيوما فردا صمدا ليس كمثله شيء وهو السميع البصير سبحانه وتعالى فنفى المشابهة والمماثلة له من أي أحد وأثبت لنفسه السمع والبصر فإذا نظرت إلى هؤلاء تجدهم ضلالا في هذا الباب ، هكذا في باب الوعد والوعيد تجد الخوارج و المعتزلة ضلوا يحكمون على أصحاب الكبائر من فساق المسلمين أهل الإيمان ؛ فساق المؤمنين الذين يشربون الخمر أو يقعون في السرقة أو في الزينة يحكمون عليهم أنهم عند الخوارج في الدنيا كفار وفي الآخرة في النار وهذا ضلال، وعند المعتزلة في الدنيا ليسوا بمسلمين ولا كفار ،طيب ؛ ماذا يكونون لا ندري نحن ما نعرف إلا الله سبحانه وتعالى يقول :{{ هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن }} ما في ثالث المعتزلة يقولون لا هو مؤمن ولا هو كافر ماذا يكون لا تدري لا يسمونه هو في منزلة بين المنزلتين هذه المنزلة ما اسمها هل هو مؤمن ؟ قالوا: لا. هل هو كافر؟ قالوا : لا ما هو؟ لا يدرون وفي الآخرة ما نتيجته عندكم ؟ قالوا: هو في النار. أشبه في الآخرة في الحكم النهائي الخوارج فهذا ضلال ، إذا نظرت إلى هذا وجدت هذا كله ضلال ، وهكذا من اتخذ شخصا يوالي عليه على صوابه وخطأه غير رسول الله صلى الله عليه و سلم فهو ضلال فما منا من أحد إلا وَيرد وُيرد عليه ويؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه و سلم كما قال ذلك الإمام مالك رحمه الله تعالى فإذا رأيت الطائفة تتعصب أو الحزب يتعصب لرأس حزبه فهذا هو التحزب نسال الله العافية و السلامة .
ومن علاماتهم ما ذكره حامل راية الجرح والتعديل والدنا الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله ومتع الأمة بعلمه .في نصيحته للذين يتكلمون باسم السلفية ..
الدفاع عن أهل البدع الكبرى من الحلول ووحدة الوجود ووحدة الأديان وأخوة الأديان ومساواة الأديان، وخرافات ، وشركيات، والشهادة لهم بأنهم من أهل السنة، بل وصل الأمر ببعض رؤوسهم إلى أن يزكي عُتات الروافض وعُتات الصوفية، ويصفهم بأنهم علماء ثقات، ويزكي مذاهبهم، ويؤيده على كل ذلك أتباعه الجهلاء اختراع أصول مضادة لأصول أهل السنة ومنهجهم لمحاربة أهل السنة وللدفاع عن أهل تلك البدع الكبرى، مثل: مثل نصحح ولا نجرح ..
قلت : فهذه نقابلها ، نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه .
وأخيرا أسجل هنا كلمة رائعة لابن القيم ينصح فيه السنيين أن يلزموا غرز السنة فيقول : فحيقي بمن لنفسه عنده قدر وقيمة ألا يلتفت إلى هؤلاء ، ولا يرضى لها بما لديهم ن هذيان ، وحدثان ، وإذا رفع له علم السنة النبوية والطريقة السلفية شمر إليه ، ولم يحبس نفسه عليهم أو يغتر بما عندهم ، فما هي إلا ساعة حتى يبعثر ما في القبور ويحصل ما في الصدور ويقع التمييز بين المحقين والمبطلين ، ويعلم المعرضون عن كتاب ربهم وسنة نبيهم أنهم كاذبون ، وعلى ما كانوا عليه نادمون ، ولا ينفع الندم حينئذ . انتهى كلامه بتصرف يسير.
وكتب :
أبو بكر يوسف لعويسي
الجزائر العاصمة :11/صقر/1432هـ الموافق ل15/1/2011م
http://www.up.noor-alyaqeen.com/uploads/thumbs/www.noor-alyaqeen.com13583332921.jpg
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وعلى آله وصحبه وسلم .
أما بعد : أحبتي في الله ، لقد حذر الله سبحانه وتعالى من البدع ، وجعل عواقبها وخيمة قال تعالى : {{ فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم }} النور :63] قال ابن كثير – رحمه الله – في تفسير هذه الآية : أي يخالفون عن امر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو سبيله ومنهاجه وطريقته وسنته ، وشريعته ، فتوزن الأقوال والأعمال بأقواله وأفعاله ، فما وافق ذلك قبل ، وما خالفه فهو مردود على قائله كائنا من كان ، أي فليحذر وليخش من خالف شريعته ومنهاجه باطنا وظاهرا أن يرد عليهم عملهم فتصيبهم فتنة من كفر أو نفاق أو بدعة ، ويكون مصيرهم أن يصيبهم العذاب الأليم .
فإذا عرفنا هذا – أنه لا يجوز مخالفة الله ورسوله ، فكذلك لا يجوز تقديم عقل أو قول عليهما قال تعالى : {{ يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم }} الحجرات :1] والمعنى أنه لا يجوز لأي كان أن يقدم بفعله الطاعة على خلاف ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، فمن فعل أو قال شيئا دون متابعة له وإذن منه فقد قدم عليه وتعدى على حقه إذ هو المتبوع بحق ، ومن تعدى عليه فإنما يتعدى على حق الله تعالى ، ومن حق الله أنه أوجب على جميع الأمة طاعته ومتابعته .
قال القرطبي رحمه الله [ج16/ 300-302] .أي لا تقدموا قولا وفعلا بين يدي الله وقول رسوله وفعله فيما سبيله أن تأخذوه عنه من أمر الدنيا والدين ، ومن قدم قوله أو فعله على قول أو فعل الرسول صلى الله عليه وسلم فقد قدمه على الله تعالى ، لأن الرسول إنما يأمر عن أمر الله وينهى عن نهيه .
وقد أخبر الله تعالى أنه أكمل لنا الدين فلا يحتاج إلى زيادة ، أما النقصان فقد قال لنا سبحانه : {{فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا ..}} وقال جل في علاه :{{ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها }} وقال صلى الله عليه وسلم : <<: دعوني ما تركتكم، إنما أهلك من كان قبلكم سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم >>.البخاري ( 6858)ومسلم وأحمد .
وقد نهانا عن الإحداث في الدين فقال: <<.. إياكم ومحدثات الأمور ..>> أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه والحاكم عن العرباض بن سارية ، وهو في صحيح الجامع [ 2546] وبين أن كل محدثة ضلالة فقال :<< .. فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة >>، وأخبر أن التوبة محجوبة عن كل ذي صاحب بدعة فقال :<< إن الله احتجز التوبة عن صاحب كل بدعة >> الصحيحة [1620].التوبة المحجوبة هي الكونية أما الشرعية فهي مطلوبة منه ، فإن تاب ، تاب الله عليه ، أفاده الشيخ الألباني .
وكذلك عمله مردود عليه بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم :<< من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد >> متفق عليه .
وأنه لا يرد الحوض ، ولا يحظى بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم يبين هذا قوله صلى الله عليه وسلم :<< أنا فرطكم على الحوض ، ليرفعن رجال منكم ، حتى إذا أهويت لأناولهم اختلجوا دوني ، فأقول : أي رب ، أصحابي . فيقول : لا تدري ما أحدثوا بعدك >> وفي رواية << إنك لا تدري ما بدلوا بعدك . فأقول : سحقا لمن بدل بعدي >> رواه البخاري ومسلم ، وانظر الفتح [ج13/3-4] الطبعة السلفية .
ومن خطورة البدع وأثارها على صاحبها أنه يحمل وزر كل من عمل ببدعته إلى يوم القيامة ، قال تعالى : {{ ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم }} النحل:25] وقال صلى الله عليه وسلم :<< من سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء>> أخرجه مسلم .
وهو ملعون والعياذ بالله ،قال عليه الصلاة والسلام : من أحدث فيها ، أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين >> البخاري ومسلم .
فإذا عرف العبد أن البدع بهذه الخطورة حذرها وفر منها فراره من الأسد المفترس ، وكلما ذكرت له إلا استعاذ بالله وتحصن بالسنة ومنهج السلف حتى لايزيغ قلبه على الصراط المستقيم والمنهج القويم ، ولا ينبغي أن ينظر إلى صغر البدعة وحسنها، ولكن ينظر خطرها وعاقبتها ، وإلى محلها من الدين الكامل والبنيان المرصوص ، ونبينا عليه الصلاة والسلام ما ترك شيئا تعبدنا الله به إلا بينه غاية البيان ، ولم يمت حتى أتم الله له هذه النعمة بإكمال الدين ، ولن تكمل عبودية العبد لربه حتى يجرد توحيد المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم ، فلا يحرك ساكنا ولا يسكن متحركا مما تعبدنا الله به إلا بدليل ومن هنا قال محمد ابن سرين رحمه الله : إن استطعت أن لا تحك رأسك إلا بأثر فافعل ..
واعلم -رحمني الله وإياك – أن شأن البدع خطير فهو كالسوس ينخر في جسم الأمة كما ينخر السوس في الخشب ، أو كالسرطان يفتك في جسم المريض ، لذلك وجب التحذير منها بجميع أنواعها ، كما يجب التصدي لأهلها أي كانوا ومن أي جهة أتوا ، فيجب على العلماء وطلبة العلم السنيين السلفيين بيان حالهم لأن ما وصلت إليه الأمة من ضعف وهوان ، وتفريط وإفراط إلا بسببهم ، ولأن الخطر المحدق بالأمة لا يأتي إلا من جهتهم ، فهم من بني جلدتنا ويتكلمون بألسنتها وقد تلبسوا بلبوس السنة ولكنهم يهدون بغير هديها فإن القيام بهذا الواجب يعد من أفضل الجهاد ، والقائم بذلك على ثغر من ثغور أهل السنة لذلك ينبغي أن تتفطن أيها المرابط في سبيل نصر السنة والدفاع عنها أن يؤتى المنهج القويم والصراط المستقيم من قبلك ، فيحدث فيه سبلا أخرى غير سبيل المؤمنين ، فدسائس الحزبيين أهل البدع ملبسة بزخرف القول غرورا،كالسم في العسل يبتهج له الغافل سرورا وإليك هذين الحديثين في بيان فضل الأخذ بالسنة والدفاع عنها ، وأن ذلك جهاد في سبيل الله ،فعن ابن مسعود -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال :<< ما من نَبِيٍّ بَعَثَهُ الله في أُمَّةٍ قَبْلِي إلا كان له من أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابٌ، يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ، ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ من بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ يَقُولُونَ مالا يَفْعَلُونَ وَيَفْعَلُونَ مالا يُؤْمَرُونَ، فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بيده فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَيْسَ وَرَاءَ ذلك من الْإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ>>.أخرجه مسلم كتاب الإيمان [ح50].
والحديث الثاني في فضل القائم على ذلك وأنه على ثغر من ثغور السنة ، أن ترك مجاهدة أهل البدع فيه خطورة بالغة ، إذا تركوا وما أرادوا فضررها يرجع حتى على أهل الاستقامة على جادة الحق ، ومنهج السلف الصالح فعن النُّعْمَان بن بَشِيرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قال: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- : << مَثَلُ الْمُدْهِنِ فِي حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا مَثَلُ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا سَفِينَةً فَصَارَ بَعْضُهُمْ فِي أَسْفَلِهَا وَصَارَ بَعْضُهُمْ فِي أَعْلَاهَا فَكَانَ الَّذِي فِي أَسْفَلِهَا يَمُرُّونَ بِالْمَاءِ عَلَى الَّذِينَ فِي أَعْلَاهَا فَتَأَذَّوْا بِهِ فَأَخَذَ فَأْسًا فَجَعَلَ يَنْقُرُ أَسْفَلَ السَّفِينَةِ فَأَتَوْهُ فَقَالُوا مَا لَكَ قَالَ تَأَذَّيْتُمْ بِي وَلَا بُدَّ لِي مِنْ الْمَاءِ فَإِنْ أَخَذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَنْجَوْهُ وَنَجَّوْا أَنْفُسَهُمْ وَإِنْ تَرَكُوهُ أَهْلَكُوهُ وَأَهْلَكُوا أَنْفُسَهُمْ>>أخرجه البخاري [ح2686] والإمام أحمد[ج4/ 268-269].
قال الحافظ ابن حجر [الفتح [5/ 348] وقوله [ المدهن فيها ] بضم أوله وسكون المهملة وكسر الهاء بعدها نون أي المحابي بالمهملة والموحدة ، والمهن والمداهن واحد ، والمراد به من يرائي ويضيع الحقوق ولا يغير المنكر .
والإبقاء على الإسلام نقياً كما أنزله الله، وكما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكما طبقه الصحابة الكرام - رضوان الله عليهم -، مطلب شرعي وغاية نبوية دعا إليها القرآن، وحث عليها النبي - عليه الصلاة والسلام - حيث دعا - عليه السلام - إلى الالتزام بسنته، وحذر من الخروج عن شرعته، وسلوك طريق أهل الأهواء المخالفين والمختلفين عليه ،من خوارج ، وقدرية ، ومرجئة ، وشيعة ، وغيرها من الفرق الضالة ، وقد كان السلف الصالح رضوان الله عليهم من أشد الناس تحذيرا من البدع ، وأهلها ، وهذه كتبهم طافحة على الساحة السلفية ، وجعلوا لهم علامات ، وأسماء يُعرفون بها ، أخذوها من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وآثار أصحابه ؛ نسبة إلى أفعالهم أو أقوالهم أو أوصافهم ، أو رؤسائهم ، أو أوطانهم وهكذا استمر تفريخ البدع وأهل الأهواء عبر التاريخ ، تخمد نار فتنهم وبدعهم مرة ، وتضرم مرات ، يظهرون أحيانا ، ويختفون أخرى ؛ إلى عصرنا الذي كان لهم فيه ظهورا واضحا ، تمثل في حزبيات مقيتة ، بغيضة فرقوا بها الأمة شذر مدر ، وأيدي سبأ ، ساعدهم في ذلك الغزو الديمقراطي، والفكر العلماني ، والتطور التكنلوجي ، وخاصة الإعلام بجميع أنواعه ، حتى أصبحنا نسمع ممن يحسب على السنة يتغنى بمصطلاحات القوم ، السينما والمسرح والدرامة ، وغيرها... هؤلاء يمثلون جانب التفريط فقد ميعوا الدين حتى أصبح كثير من المحرمات والبدع عندهم مباحا أو حلالا ، وقابلهم في الجانب الآخر الإفراط ، يمثله الذين رفضوا الانفتاح على الدنيا بجميع أشكاله -إلا السلاح الذي يقتلون به المسلمين- والتفسخ الأخلاقي فخرجوا على الأمة بمصطلحات ، وتسميات ما أنزل الله بها من سلطان وكفروها ، الهجرة والتكقير جاهلية القرن العشرين ، المفاصلة الشعورية ، الجماعة الجهادية ، الجماعة السلفية للدعوة والقتال ، وغير ذلك .. واستباحوا دمائها ،وأموالها وأعراضها ،ولا يظنن أحد أن تلك الفرق الهالكة انقرضت وذهبت ، كلا وألف لا ، فها هو التاريخ يعيد نفسه بل في هذا العصر أشد وأشد ..
فقد جعل لهم النبي صلى الله عليه وسلم علامات ، وأنا أذكر بعضا منها ها هنا منها :
1- الجهل بالكتاب والسنة ، وسوء الفهم لمعانيهما ؛ كما قال صلى الله عليه وسلم : " يقرءون القرآن يحسبون أنه لهم وهو عليهم "(رواه مسلم1066) .
وسبب هذا الجهل: زهدهم في العلماء وترفعهم عن الأخذ منهم وثني الركب في حلقهم ؛ وفقدان الثقة في علمهم ، لأنهم كما يظنون : أوصياء على العلماء.. ! بل على الدين ، ولم يقف بهم الجهل عند هذا الحد حتى وصموا العلماء بأنهم علماء حيض ونفاس ، وعلماء بلاط ، وأنهم لا يعرفون فقه الواقع ، هكذا في سلسلة من الألقاب المسقطة لأولي الألباب .
2- ومنها : الجرأة على العلماء بل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما قال ذو الخويصرة التميمي :" يا محمد اعدل " وقال :" يا رسول الله اتق الله " فعندهم جرأة على من خالفهم ولو كان من أهل الفضل والعلم ، بل ولو كان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما فعلها كبيرهم مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وفعلها بعضهم مع بعض الصحابة ، فقد خرّج الإمام أحمد في مسنده ( 4/382) من طريق سعيد بن جُمْهان ، قال كنا مع عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه يُقاتل الخوارج ، وقد لحق غلام لابن أبي أوفى بالخوارج ، فناديناه : يا فيروز ، هذا ابن أبي أوفى . قال الغلام الخارجي : نعم الرجل ـ يعني الصحابي ابن أبي أوفى رضي الله عنه ـ لو هاجر ! ـ يعني إلى الخوارج ـ قال ابن أبي أوفى : ما يقول عدو الله ؟ فقيل له : يقول نعم الرجل لو هاجر . فقال : هجرة بعد هجرتي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " طوبى لمن قتلهم وقتلوه " . حديث حسن .فلا تعجبوا من جرأتهم الآن على مشايخنا وعلمائنا ، فإنهم لا يرضون عن أحد حتى ينزع البيعة ويتبرأ من الحكام والمجتمعات ، ويهاجر إليهم وينضم إلى حزبهم ولو كان القائم لله بحجة ممن اتفقت الأمة على علمهم وفضلهم .
3- ومن صفاتهم: إظهار شيء من الحق للتوصل إلى الباطل فيظهرون الإصلاح والمطالبة بتحكيم الشريعة ـ مع أنها محكّمة ـ ليتوصلوا بذلك إلى حمل السلاح وإسقاط الدولة .
فقد قال ذو الخويصرة :" يا محمد اتق الله ..." فهاهو يأمر سيد المتقين بالتقوى ، وفعله هذا كفعل إبليس حين نصح أبا هريرة رضي الله عنه ، وقال له النبي صلى الله عليه وسلم :<< صدقك وهو كذوب >> وهو في الصحيحين .
في صحيح مسلم (1066) من حديث عبيد الله بن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن الحرورية ـ يعني الخوارج ـ لما خرجت وهو مع على ابن أبي طالب ، قالوا : لا حكم إلا لله . قال على رضي الله عنه : كلمة حق أريد بها باطل !وصدق رضي الله عنه ، فكم من كلمة حق أريد بها باطل ، فلا تغتروا بمن يزعم أنه ينطق بكلمة الحق لكن هواه ووجه ونصرته لغير أهل السنة السلفيين . الخوارج كفّروا علياً رضي الله عنه ومن معه بعد قضية التحكيم واستباحوا دماء أصحاب رسول صلى الله عليه وسلم وأموالهم ؛ وهم في ذلك يحسبون أنهم ينكرون المنكر وينصرون الدين ويلبّسون على الناس بذلك .
وقول عبيد الله بن أبي رافع -رضي الله عنه - في هذا الحديث [أن الحرورية ] وقول أمنا الصديقة عائشة رضي الله عنها للمرأة التي جاءت تسألها عن قضاء الصيام وعدم قضاء الصلاة : أحرورية أنت ؟ فيه بيان جواز نسبة أهل البدع لأوطانهم ، ومعتقداتهم . فحروراء وطن الخوارج ، وهم يعتقدون أن الحائض تقضي الصلاة كما تقضي الصوم .
4- ومن أوصافهم التحليق، كما ثبت في صحيح "البخاري" مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في وصفهم :( سيماهم التحليق ) والمراد به : حلق رؤوسهم على صفة خاصة، أو حلقها بالكلية، بقصد زيادة التعبد ، والتميز ، حيث لم يكن ذلك من عادة المسلمين ولا من هديهم، وهنا أنبه كثيرا من إخواننا السلفيين إلى ظاهرة التميز بالحلق من غير داع لذلك ، فقد انتشرت هذه الظاهرة عند الكثير منهم حتى أن بعضا منهم يحلق رأسه في فصل الشتاء البارد ليتميز بذلك ، وأذكر إخواني أنه إذا ذُكر أمرٌ في الشرع على وجه الذم فإنه ينبغي لمن أطاع الله واتبع الرسول أن يجتنبه ، لأن الرسول لا يذم شيئا إلا وهو يكرهه ، فهل تحبون ما يحب الرسول ، وتكرهون ما يكره ؟ أم تحبون ما يكره وتكرهون ما يحب ؟فلا شك أنك أخي السني السلفي تحب ما يحب وتكره ما يكره مما ذكره على وجه الذم فلا تتشبه بمن ذمهم رسول الله من غير داع ولا ضرورة .
5- ومن صفاتهم يحسنون القول ويسيئون العمل
وهذا وصف نبوي آخر يصف به النبي صلى الله عليه وسلم الخوارج ، فهم يتشدقون برفع الظلم ومحاربة الطغاة إلا أنهم في حقيقة الأمر أشد فتكا بالمسلمين من غيرهم من الطغاة، والظلمة ، فمن قَتَلَ وسَلَّ السيف على المسلمين واستباح منهم ما يستباح من الكافر الحربي هو أشد طغيانا وأشد ظلما ممن جار في حكمه ومسَّ ظلمه أفرادا من الرعية ، في حين أن ظلم الخوارج قد شمل غالبية مخالفيهم ، فانظر إلى هذا البون الشاسع بين حلاوة القول ومرارة العمل . يقول " ذو الخويصرة : اتق الله يا محمد " ويقول : يقول الخوارج لما خرجوا على علي رضي الله عنه :" لا حكم إلا لله " هذا قول حق ، وصدق ، ولكن تعال معي وتأمل في واقعهم فهل هم كذلك يحكمون شرع الله في نفوسهم ، بل هم أول من خرج على حكم الله ولم يقبله فقال : يا محمد :" اعدل " فإن لم يعدل رسول صلى الله عليه وسلم فمن يعدل ، وقد قال الله تعالى : {{ فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ...}}
6- ومن صفاتهم يظهرون الموافقة ، ويبطنون المخالفة ، وهذه الصفات يتفق فيها أهل الإفراط والتفريط على جد سواء ، فتراهم يتناجون فيما بينهم ، ويعملون في سرية تامة ، ويخشون أن يفتضح أمرهم للحكومات الإسلامية ، معتقدين في ذلك المفاصلة الشعورية أو العمل بالتقية وكلاهما ضلال ...حتى يتوصلوا إلى أغراضهم الدنيئة ، فتجد أحدهم ينغمس وسط المسلمين في زيهم ، وبعدها بلحظات يفجر نفسه فيهم ...
7- ومن علامات أهل البدع المعاصرين ، تقسيم التوحيد إلى أربعة أقسام وجعلوا قسما رابعا وهو : توحيد الحاكمية ، وتجدهم يدندنون حول هذه القضية كثيرا ولا يلتفتون إلى التوحيد الذي دعت إليه الأنبياء وأرسلت من أجله الرسل ، بل يقولون أنه يمكن تعلمه في بضع دقائق أما القضية الكبرى وهي توحيد الحاكمية فهي أم القضايا التي أهملها علماء الأمة ، فهذه هي التي ينبغي للأمة أن تعنى بها وأن تحرص عليها مع أن هذا النوع من التوحيد هو ضمن توحيد الربوبية من جهة أن الله هو المشرع ، قال سبحانه وتعالى :{{ شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك ..}} فهو وحده سبحانه الذي شرع لنا الدين ..
ومن جهة توحيد الألوهية أن الله تعبدنا بما شرع من أحكامه في توحيده ، وعبادته والمعاملات بين خلقه ..قال عز وجل : {{ فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ... }} ومنها العلاقة بين الحاكم والمحكوم ، فليس هو قسم رابع لأنه ضمن توحيد الربوبية ، وتوحيد الألوهية .
8- ومن علاماتهم إقرار الحزبية ، والتحزب ، والتعصب ،والولاء والبراء على ذلك ، فيقدسون مشايخهم ودعاتهم ، ويجاملونهم ، ولا ينكرون عليهم ، كالصوفية والشيعة تماما واستغلال الجمعيات الخيرية لحزبيتهم ، والتكتل الديمقراطي من أجل الدخول في البرلمانات ، والمجالس النيابية ، ولا يهمهم من دخل معهم أو ناصرهم أن يكون قبوري ، أو علماني ملحد ، أو صوفي ، أو أشعري أو من أهل وحدة الوجود ، المهم أن ينخرط معهم ويعطيهم صوته ، ويوافقهم على باطلهم .
هذا عند أهل التفريط ، أما عند أهل الإفراط ، فهم يكفرون الحزبيين ، والحكام المسلمين ، وكل من كان تحت ولايتهم ؛ ولم يكفرهم ، أو يعلن براءته منهم ..
9- ومن علامتهم الوقيعة في علماء السنة ، والتمويه والتشويه لأشخاصهم ودعوتهم وكتبهم وأشرطتهم ..وهذه يشترك فيها أهل الغلو ، وأهل الجفاء ، أهل التفريط المميعة ، وأهل الإفراط الحدادية التكفيريين ..
وقد أعجبني كلام رائع وقوي الحجة للشيخ العلامة المجاهد ربيعا في مقاله : نصيحة إلى من يتكلم بالسنة ، حيث قال : ومثل "المنهج الواسع الأفيح الذي يسع أهل السنة -على اصطلاحهم هم-، ويسع الأمة كلها"، ولكنه يضيق بأهل السنة وبمنهجهم وأصولهم.
10- ومنها دندنتهم حول التغيير وتحكيم الشريعة عن طريق الديمقراطية ، ودخول البرلمانات ، وإنشاء أحزاب –سموها إسلامية زورا – هذا عند المميعين ، يعتمدون على بعض القواعد الفاسدة التي أصلها أعداء الإسلام، مثل ، التعددية الحزبية ، والتداول على السلطة ، والمطالبة والمغالبة ،عن طريق الصناديق ، والحكم للشعب ، والإصلاح والتغيير يكون من الأعلى ، لأن الله يزع بالسلطان مالا يزع بالقرآن ، فإذا وصلوا إلى السلطة غيروا الفساد الذي عليه الشعوب التي لم تكن معهم في الحزب والانتخاب ..وقد شوهدوا أنهم يطالبون بالتغيير ويرفعون المصاحف ، فلما وصلوا إلى السلطة تغيروا ، بل باعوا آخرتهم بدنيا غيرهم والعياذ بالله .
ويقابلهم الذين يقصدون التغيير عند طريق الجهاد -زعموا – فيخرجون على السلطة الحاكمة ، ويقاتلونها ، ويقاتلون كل من اعترض طريقهم ، باستعمال جميع وسائل الدمار ، كما حصل ويحصل ..
11- ومن علاماتهم ما ذكره الشيخ محمد بن هادي المدخلي جواب على سؤالا ورد عليه وهو :أحسن الله إليكم في زمن تعددت فيه البدع كيف نعرف صاحب سنة من المبتدع وما هي الحزبية ،وما هي علامات الحزبيين التي يُعرفون بها.
فأجاب حفظه الله : هذا السؤال يحتاج إلى درس مستقل ولكن أقول: من علامات أهل البدع تركهم لعقيدة أهل السنة والجماعة هذا من أظهر العلامات ، تركهم لعقيدة أهل السنة و الجماعة ؛ فمثلا في باب توحيد العبادة تجدهم مخالفين لما عليه أهل الإسلام، تجدهم يعكفون على أهل القبور وينذرون لأهل هذه القبور ويطوفون على هذه القبور أو يتعلقون على أصحاب هذه القبور، ونحو ذلك ، فهذا شرك بالله سبحانه و تعالى وإذا نظرت في باب الصفات وجدت هذا يعطل أسماء الله سبحانه وتعالى وصفاته ؛وذاك يعطل صفات الله سبحانه وتعالى؛ وذاك يعطلها كلها إلا بعضها ؛فهذا أيضا ضلال وهكذا إذا نظرت تجد آخر يشبه الله بخلقه فلا يفهم من إثبات الصفات إلا التشبيه ؛ فيقل إن لله يد كيدي وعين كعيني وساق كساقي ورجل كرجلي ؛وينزل كنزولي ؛ويستوي كاستوائي ؛ونحو ذلك هذا ضلال من شبه الله بخلقه فقد كفر؛ ومن عطل الله سبحانه وتعالى مما وصف به نفسه فقد كفر ،فالمشبه يعبد صنما؛ والمعطل يعبد عدما والموحد السني يعبد إله واحدا حيا قيوما فردا صمدا ليس كمثله شيء وهو السميع البصير سبحانه وتعالى فنفى المشابهة والمماثلة له من أي أحد وأثبت لنفسه السمع والبصر فإذا نظرت إلى هؤلاء تجدهم ضلالا في هذا الباب ، هكذا في باب الوعد والوعيد تجد الخوارج و المعتزلة ضلوا يحكمون على أصحاب الكبائر من فساق المسلمين أهل الإيمان ؛ فساق المؤمنين الذين يشربون الخمر أو يقعون في السرقة أو في الزينة يحكمون عليهم أنهم عند الخوارج في الدنيا كفار وفي الآخرة في النار وهذا ضلال، وعند المعتزلة في الدنيا ليسوا بمسلمين ولا كفار ،طيب ؛ ماذا يكونون لا ندري نحن ما نعرف إلا الله سبحانه وتعالى يقول :{{ هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن }} ما في ثالث المعتزلة يقولون لا هو مؤمن ولا هو كافر ماذا يكون لا تدري لا يسمونه هو في منزلة بين المنزلتين هذه المنزلة ما اسمها هل هو مؤمن ؟ قالوا: لا. هل هو كافر؟ قالوا : لا ما هو؟ لا يدرون وفي الآخرة ما نتيجته عندكم ؟ قالوا: هو في النار. أشبه في الآخرة في الحكم النهائي الخوارج فهذا ضلال ، إذا نظرت إلى هذا وجدت هذا كله ضلال ، وهكذا من اتخذ شخصا يوالي عليه على صوابه وخطأه غير رسول الله صلى الله عليه و سلم فهو ضلال فما منا من أحد إلا وَيرد وُيرد عليه ويؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه و سلم كما قال ذلك الإمام مالك رحمه الله تعالى فإذا رأيت الطائفة تتعصب أو الحزب يتعصب لرأس حزبه فهذا هو التحزب نسال الله العافية و السلامة .
ومن علاماتهم ما ذكره حامل راية الجرح والتعديل والدنا الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله ومتع الأمة بعلمه .في نصيحته للذين يتكلمون باسم السلفية ..
الدفاع عن أهل البدع الكبرى من الحلول ووحدة الوجود ووحدة الأديان وأخوة الأديان ومساواة الأديان، وخرافات ، وشركيات، والشهادة لهم بأنهم من أهل السنة، بل وصل الأمر ببعض رؤوسهم إلى أن يزكي عُتات الروافض وعُتات الصوفية، ويصفهم بأنهم علماء ثقات، ويزكي مذاهبهم، ويؤيده على كل ذلك أتباعه الجهلاء اختراع أصول مضادة لأصول أهل السنة ومنهجهم لمحاربة أهل السنة وللدفاع عن أهل تلك البدع الكبرى، مثل: مثل نصحح ولا نجرح ..
قلت : فهذه نقابلها ، نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه .
وأخيرا أسجل هنا كلمة رائعة لابن القيم ينصح فيه السنيين أن يلزموا غرز السنة فيقول : فحيقي بمن لنفسه عنده قدر وقيمة ألا يلتفت إلى هؤلاء ، ولا يرضى لها بما لديهم ن هذيان ، وحدثان ، وإذا رفع له علم السنة النبوية والطريقة السلفية شمر إليه ، ولم يحبس نفسه عليهم أو يغتر بما عندهم ، فما هي إلا ساعة حتى يبعثر ما في القبور ويحصل ما في الصدور ويقع التمييز بين المحقين والمبطلين ، ويعلم المعرضون عن كتاب ربهم وسنة نبيهم أنهم كاذبون ، وعلى ما كانوا عليه نادمون ، ولا ينفع الندم حينئذ . انتهى كلامه بتصرف يسير.
وكتب :
أبو بكر يوسف لعويسي
الجزائر العاصمة :11/صقر/1432هـ الموافق ل15/1/2011م
http://www.up.noor-alyaqeen.com/uploads/thumbs/www.noor-alyaqeen.com13583332921.jpg