أبو ياسر إسماعيل بن علي
20-Jan-2013, 06:15 PM
قصة تحولي من مذهب الإباضية ، إلى مذهب أهل الحق أهل السنة والجماعة
كتبه : الطارق بخير
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد :
فهذه قصة رجوعي من مذهب الإباضية ، إلى مذهب أهل الحق ، وطريقة أهل الاستقامة ،
وقد سبق لي أن ذكرت شيئا من هذا في السبلة الإباضية ، ولكن تعجل بعض من هناك بالتكذيب ، وكأنهم لا يعلمون أن كثيرا من الإباضية في عمان وخارجها قد تركوا مذهب آبائهم إلى مذهب أهل السنة والجماعة ،
وهذا أمر معلوم لكل من يعيش في عمان تقريبا ، بل لا أظن أحدا من أهل عمان إلا ويعرف واحدا أو أكثر ممن ترك المذهب الإباضي ورجع إلى مذهب الحق ،
ثم إن الله – عز وجل – أراد أن يكشف تسرع أولئك المكذبين ، فدخل السبلة بعض من يعرفني شخصيا ، وهو من الإباضية ، فصرح بأني كنت إباضيا ، ثم رجعت إلى مذهب أهل السنة والجماعة ، فالحمد لله أن جعل لي من يصدقني .
على أية حال ، فليس المراد من سياق هذه القصة أن يصدق الناس أني كنت إباضيا أولا ،
ولكن المراد أن يطلع المنصف على السبب الذي جعلني أترك مذهب الآباء والأجداد ، لعله إن سلك طريقي أن يصل إلى نفس القناعة التي وصلت إليها .
وأول ذلك أني كنت يوما من الأيام أصلي في مسجد حينا على الهيئة الإباضية ، فجاءني رجل من أهل المسجد وقال : " يا أخي لم لا تكبر تكبيرة الإحرام ، فالصلاة لا تصح إلا بتكبيرة الإحرام " ،
طبعا أنا كنت أكبر تكبيرة الإحرام ، لكني لم أكن أرفع يدي مع التكبير لأن هذا هو المذهب الإباضي ، مع أن أحاديث الرفع كثيرة وكثيرة جدا ، منها في الصحيحين وغيرها ، بل هي متواترة ،
على أية حال قلت له : " بل أنا أكبر تكبيرة الإحرام ، ولكن سرا " ،
فقال لي : " إذن لا أراك ترفع يديك ! " ،
قلت له : " نحن الإباضية لا نرفع أيدينا في تكبيرة الإحرام " ، وظننت أن هذا الجواب كاف له ليتركني وشأني ،
ولكنه قال : " أنت إباضي ! " ،
قلت : " نعم " ،
قال : " لا يمكن أن أتركك على هذا المذهب ، هذا من المذاهب الضالة " ،
فكبرت هذه الكلمة عليَ ، واستعظمتها جدا ، ولذلك ينبغي الرفق في الدعوة ، خاصة مع الذين لا يعلمون شيئا
فذكر لي كلاما يستدل به على ذلك ، لكني لا أذكر منه شيئا الآن ، لأني لم أكن أفهم ما يقول ،
على أية حال ، أحدث هذا عندي شكا ، فلما ذهبت إلى عمان جئت أحد أخوالي فقصصت له ما سبق ، فأعطاني كتاب الحق الدامغ ، ولكني أيضا لم أفهم منه شيئا ، لأنه كان فوق المستوى ،
ولكن رأى أحد طلبة العلم عندي الكتاب ، فأخذه وقرأه ، ثم أعطاني محاضرة حوله ، لكني أيضا لم أفهم شيئا ، لأن ذلك كله كان فوق المستوى ، وفي هذا فائدة مهمة للداعية ، وهي أن يحدث الناس على قدر عقولهم ، لأن المراد هداية الناس ، فلو كلم الناس بما لا يفهمونه لم يستفد الناس من فعله شيئا .
ثم إني في أحد سفراتي إلى عمان جلست مع خال لي فسألته عن الخلاف بين أهل السنة والإباضية ، حيث كنت أظن سابقا أن الخلاف إنما هو في الصلاة فقط ، الإباضية يسدلون أيديهم وأهل السنة يكفتونها ، يضعونها على صدورهم ،
فأعلمني أن الخلاف أوسع من ذلك ، وأن أهل السنة مشبهة ،
فقلت له : " وما معنى مشبهة ؟ " ،
قال : " أي أنهم يشبهون الله بعباده ، فيقولون : الله له يد كيد البشر " ،
فاستعظمت هذا ورأيت أن مذهب أهل السنة من أبطل ما يكون ، وطبعا فرحت بهذا من قرارة نفسي ،
لأني كنت أريد أن يكون الإباضية هم على الحق ، لأنه المذهب الذي ولدت عليه ، والذي رأيت كل أهلي عليه ، بل كنت إذا جاءنا ضيف فصلى على مذهب أهل السنة استنكرت فعله جدا ،
فذهبت إلى أهل السنة ، وعرضت على أحد طلبة العلم ما علمته من خالي ،
وقلت له : " أنتم مشبهة ، لأنكم تقولون : إن لله يدا كأيدي الناس " ،
فقال لي : " أعوذ بالله ، بل نحن نقول : الله له يد تليق به ، كما أن للمخلوق يدا تليق به " ،
ثم طرح علي هذا السؤال : " هل الله يسمع ؟ " ،
قلت : " نعم " ،
قال : " يسمع كسمعنا ؟ "
قلت له : " لا "
قال : " كذلك الله له يد لا كأيدنا " ،
وأعطاني الدليل على ذلك وهو قوله تعالى : " بل يداه مبسوطتان " ، وقوله تعالى لإبليس : " ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي " .
فاطمأنت نفسي لذلك جدا ، ووقع كلامه في قلبي موقعا عظيما ، ورأيت أنه كلام سلس مفهوم واضح موافق للفطرة ،
فقنعت به ، وصرت من يومها أصلي على مذهب أهل السنة ،
ثم إني ذهبت إلى عمان مرة أخرى ، فقلت لخالي : " أهل السنة ليسوا مشبهة ، بل يقولون : الله له صفات تليق به ، كما أن للمخلوق صفات تليق به ، وصفة الله لا تشبه صفة المخلوق " ،
فلم يعرف ما يقول ، لأنه كان مبتدئا في العلم ،
ولكنه حول مجرى الكلام فقال : " هل تعلم أن ابن تيمية يقول : إن الله يستوي على جناح بعوضة ؟ " ،
فقلت : له : " وما معنى يستوي ؟ " ،
قال : " يجلس " ،
قلت : " ومن ابن تيمية هذا ؟ " ،
قال : " عالم من علماء السنة " ،
فانقدح في نفسي أن هذا الرجل يتبرأ منه أهل السنة ، لأنه لا يمكن لأحد أن يقبل مثل هذه المقولة ،
فرجعت إلى طلاب العلم من أهل السنة فسألتهم عن ذلك ،
فقال لي أحدهم : " ليس بصحيح ، ابن تيمية لا يقول ذلك ، ومن زعم أن ابن تيمية يقوله فليأت بكلامه " ،
وفهمني أن ابن تيمية إمام عظيم ، وأن العلماء اتفقوا على توثيقه [ طبعا إلا من شذ ] ،
ثم إني بعد أن قرأت كتب ابن تيمية عرفت أصل المسألة ، وهو أن ابن تيمية نقل عن عثمان بن سعيد الدارمي في رده على المريسي أنه – أي المريسي – أنكر أن يكون الله فوق العرش ،
فقال الدارمي : " ولو قد شاء لاستقر على ظهر بعوضة فاستقلت به بقدرته ولطف ربوبيته " [ انظر نقض تأسيس الجهمية (1/568) ] ،
وهذا أولا : ليس من كلام ابن تيمية ، بل نقله عن الدارمي ،
وثانيا : هذا من باب فرض ما لم يكن ، كقوله تعالى : " لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا " ، وكقوله : " ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض " ، وكقوله : " قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين " ، ونحوها من الآيات ،
فكل هذا من باب التنزل وفرض المستحيل ، فهذا كما ترى ليس فيه غضاضة على الإطلاق ، والله قد استوى على العرش وهو مخلوق من مخلوقاته جل وعلا ، فهو لا يسأل عما يفعل وهم يسألون .
على أية حال هذه كان بداية سلسة كذبات سمعتها على هذا الإمام العظيم ، ليس من خالي ، إنما من غيره فيما بعد ، وكثير منها تولى كبرها بعض من يكتب في السبلة العمانية ،
وفي النية إن يسر الله أن أجمع بعض ذلك وأرد عليه ، ذبا عن عرض هذا الإمام العظيم ، فيعلم الله كم له من فضل علي خاصة ، وعلى المسلمين عامة ، اللهم اجزه عنا خير الجزاء ، اللهم اجمعنا به في دار كرامتك .
وللكلام تتمة إن شاء الله
كتبه : الطارق بخير
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد :
فهذه قصة رجوعي من مذهب الإباضية ، إلى مذهب أهل الحق ، وطريقة أهل الاستقامة ،
وقد سبق لي أن ذكرت شيئا من هذا في السبلة الإباضية ، ولكن تعجل بعض من هناك بالتكذيب ، وكأنهم لا يعلمون أن كثيرا من الإباضية في عمان وخارجها قد تركوا مذهب آبائهم إلى مذهب أهل السنة والجماعة ،
وهذا أمر معلوم لكل من يعيش في عمان تقريبا ، بل لا أظن أحدا من أهل عمان إلا ويعرف واحدا أو أكثر ممن ترك المذهب الإباضي ورجع إلى مذهب الحق ،
ثم إن الله – عز وجل – أراد أن يكشف تسرع أولئك المكذبين ، فدخل السبلة بعض من يعرفني شخصيا ، وهو من الإباضية ، فصرح بأني كنت إباضيا ، ثم رجعت إلى مذهب أهل السنة والجماعة ، فالحمد لله أن جعل لي من يصدقني .
على أية حال ، فليس المراد من سياق هذه القصة أن يصدق الناس أني كنت إباضيا أولا ،
ولكن المراد أن يطلع المنصف على السبب الذي جعلني أترك مذهب الآباء والأجداد ، لعله إن سلك طريقي أن يصل إلى نفس القناعة التي وصلت إليها .
وأول ذلك أني كنت يوما من الأيام أصلي في مسجد حينا على الهيئة الإباضية ، فجاءني رجل من أهل المسجد وقال : " يا أخي لم لا تكبر تكبيرة الإحرام ، فالصلاة لا تصح إلا بتكبيرة الإحرام " ،
طبعا أنا كنت أكبر تكبيرة الإحرام ، لكني لم أكن أرفع يدي مع التكبير لأن هذا هو المذهب الإباضي ، مع أن أحاديث الرفع كثيرة وكثيرة جدا ، منها في الصحيحين وغيرها ، بل هي متواترة ،
على أية حال قلت له : " بل أنا أكبر تكبيرة الإحرام ، ولكن سرا " ،
فقال لي : " إذن لا أراك ترفع يديك ! " ،
قلت له : " نحن الإباضية لا نرفع أيدينا في تكبيرة الإحرام " ، وظننت أن هذا الجواب كاف له ليتركني وشأني ،
ولكنه قال : " أنت إباضي ! " ،
قلت : " نعم " ،
قال : " لا يمكن أن أتركك على هذا المذهب ، هذا من المذاهب الضالة " ،
فكبرت هذه الكلمة عليَ ، واستعظمتها جدا ، ولذلك ينبغي الرفق في الدعوة ، خاصة مع الذين لا يعلمون شيئا
فذكر لي كلاما يستدل به على ذلك ، لكني لا أذكر منه شيئا الآن ، لأني لم أكن أفهم ما يقول ،
على أية حال ، أحدث هذا عندي شكا ، فلما ذهبت إلى عمان جئت أحد أخوالي فقصصت له ما سبق ، فأعطاني كتاب الحق الدامغ ، ولكني أيضا لم أفهم منه شيئا ، لأنه كان فوق المستوى ،
ولكن رأى أحد طلبة العلم عندي الكتاب ، فأخذه وقرأه ، ثم أعطاني محاضرة حوله ، لكني أيضا لم أفهم شيئا ، لأن ذلك كله كان فوق المستوى ، وفي هذا فائدة مهمة للداعية ، وهي أن يحدث الناس على قدر عقولهم ، لأن المراد هداية الناس ، فلو كلم الناس بما لا يفهمونه لم يستفد الناس من فعله شيئا .
ثم إني في أحد سفراتي إلى عمان جلست مع خال لي فسألته عن الخلاف بين أهل السنة والإباضية ، حيث كنت أظن سابقا أن الخلاف إنما هو في الصلاة فقط ، الإباضية يسدلون أيديهم وأهل السنة يكفتونها ، يضعونها على صدورهم ،
فأعلمني أن الخلاف أوسع من ذلك ، وأن أهل السنة مشبهة ،
فقلت له : " وما معنى مشبهة ؟ " ،
قال : " أي أنهم يشبهون الله بعباده ، فيقولون : الله له يد كيد البشر " ،
فاستعظمت هذا ورأيت أن مذهب أهل السنة من أبطل ما يكون ، وطبعا فرحت بهذا من قرارة نفسي ،
لأني كنت أريد أن يكون الإباضية هم على الحق ، لأنه المذهب الذي ولدت عليه ، والذي رأيت كل أهلي عليه ، بل كنت إذا جاءنا ضيف فصلى على مذهب أهل السنة استنكرت فعله جدا ،
فذهبت إلى أهل السنة ، وعرضت على أحد طلبة العلم ما علمته من خالي ،
وقلت له : " أنتم مشبهة ، لأنكم تقولون : إن لله يدا كأيدي الناس " ،
فقال لي : " أعوذ بالله ، بل نحن نقول : الله له يد تليق به ، كما أن للمخلوق يدا تليق به " ،
ثم طرح علي هذا السؤال : " هل الله يسمع ؟ " ،
قلت : " نعم " ،
قال : " يسمع كسمعنا ؟ "
قلت له : " لا "
قال : " كذلك الله له يد لا كأيدنا " ،
وأعطاني الدليل على ذلك وهو قوله تعالى : " بل يداه مبسوطتان " ، وقوله تعالى لإبليس : " ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي " .
فاطمأنت نفسي لذلك جدا ، ووقع كلامه في قلبي موقعا عظيما ، ورأيت أنه كلام سلس مفهوم واضح موافق للفطرة ،
فقنعت به ، وصرت من يومها أصلي على مذهب أهل السنة ،
ثم إني ذهبت إلى عمان مرة أخرى ، فقلت لخالي : " أهل السنة ليسوا مشبهة ، بل يقولون : الله له صفات تليق به ، كما أن للمخلوق صفات تليق به ، وصفة الله لا تشبه صفة المخلوق " ،
فلم يعرف ما يقول ، لأنه كان مبتدئا في العلم ،
ولكنه حول مجرى الكلام فقال : " هل تعلم أن ابن تيمية يقول : إن الله يستوي على جناح بعوضة ؟ " ،
فقلت : له : " وما معنى يستوي ؟ " ،
قال : " يجلس " ،
قلت : " ومن ابن تيمية هذا ؟ " ،
قال : " عالم من علماء السنة " ،
فانقدح في نفسي أن هذا الرجل يتبرأ منه أهل السنة ، لأنه لا يمكن لأحد أن يقبل مثل هذه المقولة ،
فرجعت إلى طلاب العلم من أهل السنة فسألتهم عن ذلك ،
فقال لي أحدهم : " ليس بصحيح ، ابن تيمية لا يقول ذلك ، ومن زعم أن ابن تيمية يقوله فليأت بكلامه " ،
وفهمني أن ابن تيمية إمام عظيم ، وأن العلماء اتفقوا على توثيقه [ طبعا إلا من شذ ] ،
ثم إني بعد أن قرأت كتب ابن تيمية عرفت أصل المسألة ، وهو أن ابن تيمية نقل عن عثمان بن سعيد الدارمي في رده على المريسي أنه – أي المريسي – أنكر أن يكون الله فوق العرش ،
فقال الدارمي : " ولو قد شاء لاستقر على ظهر بعوضة فاستقلت به بقدرته ولطف ربوبيته " [ انظر نقض تأسيس الجهمية (1/568) ] ،
وهذا أولا : ليس من كلام ابن تيمية ، بل نقله عن الدارمي ،
وثانيا : هذا من باب فرض ما لم يكن ، كقوله تعالى : " لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا " ، وكقوله : " ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض " ، وكقوله : " قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين " ، ونحوها من الآيات ،
فكل هذا من باب التنزل وفرض المستحيل ، فهذا كما ترى ليس فيه غضاضة على الإطلاق ، والله قد استوى على العرش وهو مخلوق من مخلوقاته جل وعلا ، فهو لا يسأل عما يفعل وهم يسألون .
على أية حال هذه كان بداية سلسة كذبات سمعتها على هذا الإمام العظيم ، ليس من خالي ، إنما من غيره فيما بعد ، وكثير منها تولى كبرها بعض من يكتب في السبلة العمانية ،
وفي النية إن يسر الله أن أجمع بعض ذلك وأرد عليه ، ذبا عن عرض هذا الإمام العظيم ، فيعلم الله كم له من فضل علي خاصة ، وعلى المسلمين عامة ، اللهم اجزه عنا خير الجزاء ، اللهم اجمعنا به في دار كرامتك .
وللكلام تتمة إن شاء الله