المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حكم الخروج على ولاة أمر المسلمين - أجوبة سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله



أبو خالد الوليد خالد الصبحي
25-Jan-2013, 01:31 PM
(بسم الله الرحمن الرحيم)

أجوبة سماحة الشيخ : عبد العزيز بن عبد الله ابن باز - رحمه الله - :

سؤال : سماحة الشيخ , هناك من يرى أن اقتراف بعض الحكام للمعاصي والكبائر موجب للخروج عليهم ومحاولة التغيير وإن ترتب عليه ضرر للمسلمين في البلد , والأحداث التي يعاني منها عالمنا الإسلامي كثيرة , فما رأي سماحتكم ؟

الجواب : بسم الله الرحمن الرحيم , الحمد لله رب العالمين , وصلى الله على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه , أما بعد :

فقد قال الله عز وجل : (( ياأيها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا )) - النساء 59 -

فهذه الآية نص في وجوب طاعة أولي الأمر وهم الأمراء والعلماء وقد جاءت السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تبين أن هذه الطاعة لازمة , وهي فريضة في المعروف .

والنصوص من السنة تبين المعنى , وتفيد بأن المراد : طاعتهم بالمعروف , فيجب على المسلمين طاعة ولاة الأمور في المعروف لا في المعاصي , فإذا أمروا بالمعصية فلا يطاعون في المعصية , لكن لا يجوز الخروج عليهم بأسبابها لقوله صلى الله عليه وسلم : ( ألا من ولي عليه وال , فرآه يأتي شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله , ولا ينزعن يدا من طاعة ) , ( ومن خرج من الطاعة , وفارق الجماعة, فمات , مات ميتة جاهلية ) وقال صلى الله عليه وسلم http://www.sahab.net/ipb/public/style_emoticons/default/sad.gif على المرء السمع والطاعة فيما أحب وكره , إلا أن يؤمر بمعصية , فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة )

وسأله الصحابة - لما ذكر أنه سيكون أمراء تعرفون منهم وتنكرون - قالوا : فما تأمرونا ؟ قال : ( أدوا إليهم حقهم وسلوا الله حقكم ) .

قال عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - : " بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا , وعسرنا ويسرنا , وأثرَة علينا , وأن لا ننازع الأمر أهله " , وقال :" إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان " .

فهذا يدل على أنهم لا يجوز لهم منازعة ولاة الأمور ولا الخروج عليهم إلا أن يروا كفرا بواحا عندهم من الله فيه برهان , وما ذاك إلا لأن الخروج على ولاة الأمور يسبب فسادا كبيرا , وشرا عظيما , فيختل به الأمن , وتضيع الحقوق , ولا يتيسر ردع الظالم ولا نصر المظلوم , وتختل السبل ولا تأمن , فيترتب على الخروج على ولاة الأمر فساد عظيم وشر كبير , إلا إذا رأى المسلمون كفرا بواحا عندهم من الله فيه برهان , فلا بأس أن يخرجوا على هذا السلطان لإزالته إذا كان عندهم قدرة , أما إذا لم يكن عندهم قدرة , فلا يخرجوا , أو كان الخروج يسبب شرا أكثر فليس لهم الخروج , رعاية للمصالح العامة , والقاعدة الشرعية المجمع عليها ( أنه لا يجوز إزالة الشر بما هو أشر منه , بل يجب درء الشر بما يزيله ويخففه ) .

وأما درء الشر بشر أكثر فلا يجوز بإجماع المسلمين , فإذا كانت هذه الطائفة التي تريد إزالة هذا السلطان الذي فعل كفرا بواحا وعندهم قدرة تزيله بها , وتضع إماما صالحا طيبا , من دون أن يترتب على هذا فساد كبير على المسلمين وشر أعظم من شر هذا السلطان فلا بأس .

أما إذا كان الخروج يترتب عليه فساد واختلال الأمن وظلم الناس واغتيال من لا يستحق الإغتيال , إلى غير هذا من الفساد العظيم , فهذا لا يجوز , بل يجب الصبر والسمع والطاعة في المعروف ومناصحة ولاة الأمور والدعوة لهم بالخير , والإجتهاد في تخفيف الشر وتقليله وتكثير الخير , هذا هو الطريق السوي الذي يجب أن يسلك لأن في ذلك مصالح للمسلمين عامة , ولأن في ذلك تقليل الشر وتكثير الخير , ولأن في ذلك حفظ الأمن وسلامة المسلمين من شر أكثر , نسأل الله للجميع التوفيق والهداية .


(*)(*)(*)(*)(*)
سؤال : سماحة الوالد : نعلم أن هذا الكلام أصل من أصول أهل السنة والجماعة ولكن هناك للأسف من أبناء أهل السنة والجماعة من يرى هذا فكرا انهزاميا , وفيه شيء من التخاذل , وقد قيل هذا الكلام , لذلك يدعون الشباب إلى تبني العنف في التغيير ؟

الجواب : هذا غلط من قائله وقلة فهم لأنهم ما فهموا السنة ولا عرفوها كما ينبغي , وإنما تحملهم الحماسة والغيرة لإزالة المنكر على أن يقعوا فيما يخالف الشرع كما وقعت الخوارج والمعتزلة , حملهم حب نصر الحق أو الغيرة للحق , حملهم ذلك على أن وقعوا في الباطل حتى كفروا المسلمين بالمعاصي , أو خلدوهم في النار بالمعاصي كما تفعل المعتزلة .

فالخوارج كفروا بالمعاصي وخلدوا العصاة في النار , والمعتزلة وافقوهم في العاقبة وأنهم في النار مخلدون فيها , ولكن قالوا : إنهم في الدنيا في منزلة بين المنزلتين , وكله ضلال .

والذي عليه أهل السنة هو الحق , أن العاصي لا يكفر بمعصيته ما لم يستحلها , فإذا زنا لا يكفر , وإذا سرق لا يكفر , وإذ شرب الخمر لا يكفر ولكن يكون عاصيا ضعيف الإيمان فاسقا , تقام عليه الحدود , ولا يكفر بذلك إلا استحل المعصية وقال إنها حلال , وما قاله الخوارج في هذا باطل , وتكفيرهم للناس باطل , ولهذا قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم http://www.sahab.net/ipb/public/style_emoticons/default/sad.gif أنهم يمرقون من الإسلام ثم لا يعودون فيه ) ( يقاتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان ) , هذه حال الخوارج بسبب غلوهم وجهلهم وضلالهم . فلا يليق بالشباب ولا غير الشباب أن يقلدوا الخوارج والمعتزلة , بل يجب أن يسيروا على مذهب أهل السنة والجماعة على مقتضى الأدلة الشرعية , فيقفون مع النصوص كما جاءت , وليس لهم الخروج على السلطان من أجل معصية أو معاص وقعت منه , بل عليهم المناصحة والمكاتبة والمشافهة بالطرق الطيبة الحكيمة , بالجدال بالتي هي أحسن حتى ينجحوا , وحتى يقل الشر أو يزول ويكثر الخير .

هكذا جاءت النصوص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم , والله عز وجل يقول : (( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لأنفضوا من حولك )) - آل عمران 159 -

فالواجب على الغيورين لله وعلى دعاة الهدى أن يلتزموا بحدود الشرع , وأن يناصحوا من ولاهم الله الأمور بالكلام الطيب والحكمة والأسلوب الحسن , حتى يكثر الخير ويقل الشر , وحتى يكثر الدعاة إلى الله , وحتى ينشطوا في دعوتهم بالتي هي أحسن لا بالعنف والشدة , ويناصحوا من ولاهم الله بشتى الطرق الطيبة السليمة , مع الدعاء لهم في ظهر الغيب : أن الله يهديهم , ويوفقهم , ويعينهم على الخير , وأن الله يعينهم على ترك المعاصي التي يفعلونها , وعلى إقامة الحق , هكذا يدعو الله ويضرع إليه : أن يهدي الله ولاة الأمور , وأن يعينهم عل ترك الباطل , وعلى إقامة الحق بالأسلوب الحسن بالتي هي أحسن , وهكذا مع إخوانه الغيورين ينصحهم ويعظهم ويذكرهم حتى ينشطوا في الدعوة بالتي هي أحسن لا بالعنف والشدة , وبهذا يكثر الخير ويقل الشر , ويهدي الله ولاة الأمور للخير والاستقامة عليه , وتكون العاقبة حميدة للجميع .


(*)(*)(*)(*)(*)
سؤال : لو افترضنا أن هناك خروجا شرعيا لدى جماعة من الجماعات , هل هذا يبرر قتل أعوان هذا الحاكم وكل من يعمل في حكومته مثل الشرطة والأمن وغيرهم ؟ .

الجواب : سبق أن أخبرتك أنه لا يجوز الخروج على السلطان إلا بشرطين :
أحدهما : وجود كفر بواح عندهم فيه من الله برهان .
والثاني : القدرة على إزالة الحاكم إزالة لا يترتب عليها شر أكبر , وبدون ذلك لا يجوز .


(*)(*)(*)(*)(*)
سؤال : يظن البعض من الشباب أن مجافاة الكفار ممن هم مستوطنون في البلاد الإسلامية أو من الوافدين من الشرع , ولذلك البعض يستحل قتلهم وسلبهم إذا رأوا منهم ما ينكرون ؟ .

الجواب : لا يجوز قتل الكافر المستأمن الذي أدخلته الدولة آمنا , ولا قتل العصاة , ولا التعدي عليهم بل يحالون للحكم الشرعي , هذه مسائل يحكم فيها بالحكم الشرعي .


(*)(*)(*)(*)(*)
سؤال : وإذا لم توجد محاكم شرعية ؟ .

الجواب : إذا لم توجد محاكم شرعية فالنصيحة فقط , النصيحة لولاة الأمور , وتوجيههم للخير والتعاون معهم حتى يحكموا شرع الله , أما أن الآمر والناهي يمد يده أو يقتل أو يضرب فلا يجوز , لكن يتعاون مع ولاة الأمور بالتي هي أحسن , حتى يحكموا شرع الله في عباد الله , وإلا فواجبه النصح , وواجبه التوجيه إلى الخير , وواجبه إنكار المنكر بالتي هي أحسن , هذا هو واجبه , قال الله تعالى (( فاتقوا الله ما استطعتم )) - التغابن 16 - ولأن إنكاره باليد بالقتل أو الضرب يترتب عليه شر أكثر , وفساد أعظم بلا شك ولا ريب لكل من سبَر هذه الأمور وعرفها .


(*)(*)(*)(*)(*)
سؤال : هل من منهج السلف نقد الولاة من فوق المنابر وما منهج السلف في نصح الولاة ؟

الجواب : ليس من منهج السلف التشهير بعيوب الولاة وذكر ذلك على المنابر , لأن ذلك يفضي إلى الفوضى وعدم السمع والطاعة في المعروف , ويفضي إلى الخوض الذي يضر ولا ينفع , ولكن الطريقة المتبعة عند السلف : النصيحة فيما بينهم وبين السلطان , والكتابة إليه أو الإتصال بالعلماء الذين يتصلون به حتى يوجه إلى الخير , وإنكار المنكر يكون من دون ذكر الفاعل فينكر الزنا وينكر الخمر وينكر الربا من دون ذكر من فعله , ويكفي إنكار المعاصي والتحذير منها من غير أن يذكر أن فلانا يفعلها لا حاكم ولا غير حاكم , ولما وقعت الفتنة في عهد عثمان رضي الله عنه قال بعض الناس لأسامة بن زيد رضي الله عنه http://www.sahab.net/ipb/public/style_emoticons/default/sad.gif ألا تكلم عثمان ؟) فقال http://www.sahab.net/ipb/public/style_emoticons/default/sad.gif إنكم ترون أني لا أكلمه إلا أسمعكم , إني لأكلمه فيما بيني وبينه دون أن افتتح أمرا لا أحب أن أكون أول من افتتحه ) .

ولما فتحوا الشر في زمان عثمان رضي الله عنه وأنكروا على عثمان جهرة تمت الفتنة والقتال والفساد الذي لا يزال الناس في آثاره إلى اليوم , حتى حصلت الفتنة بين علي ومعاوية , وقتل عثمان بأسباب ذلك , وقتل جمع كثير من الصحابة وغيرهم بأسباب الإنكار العلني وذكر العيوب علنا , حتى أبغض الناس ولي أمرهم وقتلوه , نسأل الله العافية .

(*)(*)(*)(*)(*)
---------
المصدر : فتاوى الأئمة في النوازل المدلهمة
=========

أبو خالد الوليد خالد الصبحي
25-Jan-2013, 01:32 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

سؤال أجاب عنه فضيلة الشيخ ربيع ابن هادي المدخلي حفظه الله تعالى

السؤال : ما رأيكم فيمن يقول : إنّ الخوارج هم الذين يخرجون على الحاكم العادل فقط ,أمّا من يخرج على الحاكم الظالم فليس من الخوارج ؟

الجواب : عبد الملك بن مروان كان حاكما ظالما وقتل عبد الله ابن الزبير ,وأميره هدم الكعبة وعبد الله بن عمر يبايعه بعد هذا كلّه والصحابة الموجودون يبايعونه , - والله - ظالم ,الله يرحمه ,عنده خيرات ,وله حسنات وله فتوحات وله جهاد ولكن والله ظالم جائر والرسول صلى الله عليه وسلم علّم وعلّم وعلّم ؛نصوصٌ في الصحيحين وغيرهما

( أطيعوهم ما أقاموا فيكم الصلاة ) ( تعرفون و تنكرون) قال : ( أطيعوهم ما أقاموا فيكم الصلاة ) ألا ننابذهم بسيوفنا ؟قال : لا , ما صلوا ) .

حكّام جور ومع هذا الرسول صلى الله عليه وسلم يأمر بالصبر عليهم ولا يجيز الخروج عليهم والذي يشق عصاهم شق عصا المسلمين يجب قتله ولو كان حاكما جائرا .

هذا فقه الخوارج يقول : ما يكون خارجي إلاّ إذا خرج على الحاكم العدل ؛هم يرون عليّا رضي الله عنه ليس بعادل ,عثمان رضي الله عنه ليس بعادل .

والذين يقدسون سيد قطب يرون عثمان ليس بعادل ولو تستروا وإلاّ كيف تقدسون سيد قطب الذي يطعن في عدالة عثمان ويسقط خلافته وهو لا يسقط إلاّ بالكفر لأنّه تكفيري ؛رئيس التكفيريين ؟!! فما يستطيع يجهر بتكفير عثمان والروافض وهو جمع بين فكر الخوارج والروافض وحمل راية الخوارج وراية الروافض ورايات أخرى جمعها فيجعل عثمان رضي الله عنه جائرا نخرج عليه وعليّ جائرا نخرج عليه وهكذا .

وذو الخويصرة رأيتم كيف طعن في عدالة الرسول صلى الله عليه وسلم ,فتكون المسألة ليس لها ميزان ,عادل عندك ليس بعادل عند الذي يخرج عليه !

إذن الحلّ أنّ الحاكم مادام في دائرة الإسلام ,والأمر ضبطه الرسول صلى الله عليه وسلم ولو كان هذا الحاكم فاجراً ,ظالما مادام في دائرة الإسلام ,مادام يقيم الصلاة ,لا يجوز الخروج عليه عرفتم هذا ؟ هذا حكم الله وحكم رسوله عليه الصلاة والسلام وليس حكم السفهاء .



المصدر
فتاوى في العقيدة والمنهج ( الحلقة الثانية )
لفضيلة الشيخ العلامة ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله تعالى
www.rabee.net (http://www.rabee.net)

أبو خالد الوليد خالد الصبحي
25-Jan-2013, 01:35 PM
قال الشيخ العلامة محمد أمان الجامي رحمه الله

((وفي الأصل الثالث يقول إن من تمام الاجتماع الذي تقدم ذكره السمع والطاعة إذ لا يحصل الاجتماع ولا تستقيم السلطة إلا بالسمع والطاعة ولا يستقيم الدين إلا بالسلطة ولا تستقيم السلطة إلا بالسمع والطاعة

إذن السمع والطاعة يعتبر هذا الأمر من الواجبات الأساسية في الإسلام لمن تأمر علينا ولو كان عبداً حبشياً ، أي بصرف النظر عن موقع ومكانة هذا الوالي ومن أي جنس كان ومن أي لون كان ،

عادلاً كان أو فاجراً .

ولا يشترط أن يكون الوالي التي تجب طاعته والسماع له والولاء له والدعوة له لا يشترط أن يكون عادلاً ؛ بل من تولى أمور المسلمين وجمع الله على يده كلمة المسلمين وجبت طاعته والسمع له .

فبين النبي صلى الله عليه وسلم بياناً شائعاً ذا عيان ذاع بين المسلمين قديماً وحديثاً وبكل وجه من أنواع البيان شرعاً وقدراً بين ذلك شرعاً بما شرع الله وما جاء به النبي عليه الصلاة والسلام قدراً فيما قدر الله .. علم وكتب عنده وشاء .. شاءَ الطاعة .. السمع والطاعة .. أو شاء خلاف ذلك بالنسبة للقدر .

وما أراد الله شرعاً وديناً ودعا إليه وأمر به ليس بلازم أن يتحقق إذ قد أمر الله الناس جميعاً بالإيمان ولم يؤمن الجميع وأمر العباد جميعاً بالطاعة أطاع من أطاع وخالف من خالف ولكن الإرادة التي لا يتخلف مرادها هي الإرادة القدرية الكونية إذاً فرقٌ بين الإرادة الشرعية والإرادة الكونية .

وأمر الله سبحانه وتعالى العبادَ جميعاً بطاعة الرسل وبطاعة أولي الأمر وبطاعته قبل ذلك منهم من أطاع ومنهم من عصى وعلم الله وقدر من يعصي ومن يطيع وما أراده الله كوناً وعلم وكتب وقدر وشاء لابد من تحققه فالله سبحانه وتعالى يريد بالإرادة الكونية الإيمان والكفر والطاعة والمعصية والخير والشر إذ لا يقع في ملكه إلا ما يشاء .

ومن الخطأ اعتقاد بعض الناس إن الله إنما يريد الخير فقط ، من يطلق هذا إن أراد بالإرادة الإرادة الشرعية الدينية فصحيح ، وإن أطلق ينصرف عند الإطلاق إلى الإرادة الكونية القدرية ويريد الله سبحانه وتعالى بهذه القدرة كل كائن إذ لا يكون في ملكه إلا ما يشاء ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن بعد هذا صار هذا الأصل لا يعرف عند أكثر من يدعي العلم أمر الطاعة والسمع لا يعرف على الحقيقة عند أكثر من يدعي العلم فكيف العمل به إذا كان العلم نفسه مفقود فالعمل من باب أولى .

وربما علم بعضهم إن الطاعة إنما تجب ، والسمع إنما يجب إذا كان الوالي عادلاً عالماً تجب طاعته ، وتجب بيعته ، ويجب السمع له ، وإذا كان بخلاف ذلك فلا طاعة ولا سمع ولا بيعة هذه من الأخطاء الشائعة اليوم بين الناس وهذا خطأ شرعاً وعقلاً .

ومن رزقه ا لله العقل السليم ويدرك الأمور على حقيقتها وله معرفة بتاريخ سلفنا وله معرفة بالدين يدرك تماماً بأن السمع والطاعة والبيعة والمحافظة على ذلك واجبة مطلقاً سواءٌ كان الوالي عادلاً أو فاجراً أو مؤثراً أو منفقاً محسناً مسيئاً مطلقاً .

مالم يظهر منه الكفر البواح


معنى البواح الكفر الذي يبوح به ويعلنه

هذا معنى البواح ليس الكفر الخفي الذي لا يدرك بل الكفر الذي يعلن به هو ويدعو إليه

لو دعا الحاكم إلى ترك الصلاة أباح بكفره أعلن ،

لو أمر المجتمع بأن يتركوا صيام رمضان لئلا يضعفوا عن الإنتاج لينتجوا أعلن بكفره فهو كافر لا طاعة له ولا بيعة له ولا سمع له

ولو أعلن أن الشريعة الإسلامية في الوقت الحاضر غير صالحة للعمل بها وقد كانت صالحة في العهد السابق أما الآن فلا تصلح ولابد من استيراد القوانين إما من الخارج أو من وضعها محلياً قوانين مرنة توافق رغبات الناس


وهذه الشريعة جافة لا تصلح أعلن بكفره كفراً بواحاً لا طاعة له ولا سمع ولا بيعة

هذا معنى الكفر البواح الكفر الذي أباح به أي أعلن به ولم يخف


مالم يصل الحاكم إلى هذه الدرجة تجب طاعته والسمع له.

لو راجعنا تاريخنا نجد إن بعض الصحابة صغار الصحابة الذين أدركوا بعض الخلفاء والملوك الجائرين الظالمين

كالحجاج كانوا يصلون خلفهم لأنه في العهد السابق الخلفاء هم الذين يؤمون الناس ،

يصلون خلفهم ، ويجاهدون تحت رايتهم ،

ويطيعونهم في كل ما يأمرون وينهون

مالم يأمروا بمعصية

على هذا مضوا السلف الصالح الذين أدركوا زمن الأهواء بعد أن فسدت أخلاق كثير من الأمراء والحكام .

هذا الذي عليه الناس قديماً واليوم لا يسع المسلمين إلا ما وسع الأولين يقول إمام دار الهجرة مالك بن أنس رحمه الله -

(( لا يُصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها ))

وفي رواية (( لا يصلُح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولوها )) ولعله (( لا يُصلح )) أوضح .

لا يصلح أمر المسلمين اليوم إلا ما أصلح أمر المسلمين الأولين وإنما صلح أمرهم بالاجتماع وعدم التفرق ،

وإنما صلح أمرهم بالطاعة والسمع ،

بالسمع والطاعة وعدم الخروج .

ولا يعني الخروج دائماً الخروج بالسلاح

بل التمرد يعتبر خروجاً على السلطة ؛

التمرد على الأوامر يعتبر خروجاً على السلطة

هذا ما يجهله كثير من المنتسبين إلى العلم فما بال الذين لا علم لديهم وإذا جهلوا هذا الجهل والعمل تابع لأن العلم قبل القول والعمل ؛

أولاً العلم ثانياً العمل ، ولا يتم العلم بمجرد الاطلاع على النصوص لأن النصوص الناس تتصرف فيها

فيجب أن تفهم النصوص بمفهوم السلف الصالح طالما نحاول أن نفهم نصوص الكتاب والسنة بمفهوم السلف الصالح فنحن على خير

فإذا أعرضنا عن منهجهم وعن مفهومهم وشققنا لنا طريقاً جديداً لنسير إلى الله مستقلين عن سلفنا الصالح ضعنا ضياعاً لا يمكن أن يعالج إلا بالتوبة والرجوع .

هذا ما وصل إليه أمر جمهور المسلمين اليوم إذ تركت العقيدة السلفية التي كان عليها سلف هذه الأمة

وتركت الأحكام ؛ الأحكام الكتاب والسنة تركاً واضحاً وأُعرض عنها

واستبدلت بأحكام وضعية

وجهلت السياسة الشرعية تماماً واستبدلت بسياسة النفاق والكذب السياسة العصرية التي كلها كذب ونفاق

هكذا أعرض جمهور المسلمين وخصوصاً المثقفين عن دين الله تعالى الذي جاء به هذا الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام

إذن لابد من الاجتماع على الدين

ولا يتم الاجتماع إلا بالسمع والطاعة على ما شُرح .))

شرح الأصول الستة .

أبو خالد الوليد خالد الصبحي
25-Jan-2013, 01:36 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


سؤال أجاب عنه فضيلة الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ -حفظه الله تعالى-



السؤال :
وهذا يقول ما حكم الدعاء لولي الأمر على المنبر، سواء كان في خطبة الجمعة أو غير ذلك، وما رأيك في عدم تجويز الشاطبي لذلك في كتابه الاعتصام؟


الجواب :
الدعاء لولاة الأمور لم يكن في عهد الخلفاء الراشدين، وظهر في آخر عهد الصحابة وفي عهد التابعين، واستمر سنة إلى يومنا هذا.

وبسبب ذلك أنه لما ظهرت الخوارج، وكان الخوارج يرون التدين ببغض ولاة أمور المسلمين وكراهتهم و الخروج عليهم، خالفهم أهل السنة بالدعاء ظاهرا على المنابر في العلن لولاة الأمور، كما خالف أهل السنة خالفوا الرافضة بالترضي عن زوجات النبي ( وعن آله على المنبر.

فلما ظهر الابتداع صارت مخالفة المبتدعة سنة ماضية، ولهذا يذكر العلماء إن من سنن خطبة الجمعة إن يدعا فيها لولي الأمر، والدعاء لولي الأمر سنة ماضية، ومن علامات أهل السنة الدعاء لولاة الأمور، ومن علامات أهل البدع الدعاء على ولاة الأمور كما صرح بذلك البربهاري وغيره في كتاب السنة.
لكن الدعاء شيء والمدح شيء آخر.

المدح لا يجوز؛ لأنه يراد به الدنيا.

وأما الدعاء فيراد به صلاح الدين والدنيا والآخرة، فالدعاء مبعثه أمر شرعي لله.

وأما المدح فلأهله مقاصد مختلفة، ولهذا العلماء يدعون ولا يمدحون مدحا مطلقا، قد يثني بعضهم بثناء خاص مقيد لظهور فائدة عمل عمله ولي الأمر؛ لكن هذا على الاستثناء ليس قاعدة مطَّردة يثني لتشجيعه على الخير وترغيبه فيه وحثه عليه.

أما المدح فإنه ليس من صنيع السلف الصالح، وإنما من صنيعهم الدعاء؛ لأن الدعاء مما يرجى به صلاح دينه، وإذا صلح دين ولي الأمر صلح به شيء كثير.

نكتفي بهذا القدر، وأسال الله جل وعلا لي ولكم البصيرة والختام والحسن.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.



المصدر
شريط بعنوان
وقفات مع كلمات لابن مسعود
رضي الله عنه
للشيخ
صالح بن عبد العزيز آل الشيخ
-حفظه الله تعالى-

أبو خالد الوليد خالد الصبحي
25-Jan-2013, 01:37 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


سؤال أجاب عنه فضيلة الشيخ زيد بن هادي المدخلي حفظه الله

السؤال :
فضيلة الشيخ, هل تجب طاعة ولي الأمر إذا كان يناصر المبتدعة, وهل الكلام فيه يعتبر غيبة ؟


الجواب:
طاعة ولي الأمر قيدها الرسول صلى الله عليه وسلم في المعروف , وأما الكلام فيه بما هو فيه فهذا من طريقة أهل البدع لا من طريقة أهل السنة والجماعة , لأن التشهير بولي الأمر بما فيه وعقد الجلسات لمثل هذا الصنيع لا ينتج عنها صلاح ولا إصلاح , و إنما ينتج عنها الشر المستطير و الاختلاف بين الناس والبغض للولاة , فتضطرب الأمور وتحل النقم محل النعم , فالحذر الحذر من ذلك فإنه تصرف سيء لا يجوز أبدا ولكن الدعاء لهم والنصيحة لمن يقدر على أداء النصيحة و بذلها هو الذي ينفع ويفيد , ومن لم يقدر على إيصال النصيحة بنفسه فليتصل بمن يقدر أن يوصل النصيحة السرية بالمعروف هذا هو الذي ينبغي أن يكون .

و أما الخوض في شأن حكام المسلمين و سياستهم فهو من الخطأ المحض الذي يجب تركه , لأنه من صفات أهل البدع لا من صفات أهل السنة و الجماعة .

فأما أهل السنة والجماعة فإنهم يدعون للحكام المسلمين و إن جاروا و فسقوا , ولا يدعون عليهم , و يظهرون محاسنهم و لا يظهرون مساوئهم و هذا معلوم قاله علماء السلف ويقول به أتباعهم اليوم , وما ذلك إلا لأنه يترتب على إظهار المساوئ وعقد المجالس لغيبتهم من السوء و المكروه و الفرقة و الفوضى ما يعلمه الكثير من طلاب العلم , وعلى كل حال فإن النصوص في هذا الشأن حاسمة منها قول النبي صلى الله عليه وسلم (( اسمع و أطع و إن ضرب ظهرك وأخذ مالك)).
فقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصبر على ما قد يجري من الحكام المسلمين على رعاياهم وحذر من الخروج لما فيه من الشر على الخاص و العام.

هذه طريقة السلف ومنهجهم ومنهج أتباعهم , أما عقد الجلسات في الخوض في أعراض الحكام أو العلماء أو غيرهم من فئات الناس , ولو وقعوا فيما وقعوا فيه فهذا لا يجوز , ولا يلزم مما ذكر عدم التحذير من أهل البدع و الداعين إليها و الناشرين لها والكلام فيهم بما يبعد الناس عنهم و يحذر الناس منهم , فرق بين هذا وهذا فإن التحذير من أهل البدع و الداعين إليها من ضروب الجهاد في سبيل الله , ومن باب النفع العام للمسلمين و ليس من باب الغيبة و البهتان المذمومين فليعلم .




المصدر
العقد المنضد الجديد
الجزء الأول ص ـ 89 ـ

أبو خالد الوليد خالد الصبحي
25-Jan-2013, 01:38 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

ثلاثة أسئلة أجاب عنها فضيلة الشيخ عبيد الجابري حفظه الله


السؤال الأول : ما حق الإمام على رعيته ؟
السؤال الثاني : ما حق الرعية على إمامها وولي أمرها ؟
السؤال الثالث : كيف تصنع الرعية إذا بخسها الإمام حقها أو منعها إياه بالكلية ؟ .





فللجواب على السؤال الأول نقول :
ما حق الإمام على رعيته ؟

اعلم أن حقوق الإمام على رعيته عشرة :
أولها : بذل الطاعة له ظاهرا وباطنا في كل ما يأمر به أو ينهى عنه إلا أن يكون معصية ، وقد
أوجب الله ورسوله طاعة ولي الأمر ولم يستثن منه سوى المعصية فبقي ما عداه على الإمتثال .
وثانيها : بذل النصيحة له سرا وعلانية ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الدين النصيحة قالوا لمن ؟ قال : لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم .
قلت : ويوضح نصيحة الحاكم ما رواه ابن أبي عاصم وغيره عن عياض بن غنم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( من كانت عنده نصيحة لذي سلطان فلا يبدها علانية وليأخذ بيده وليخل به فإن قبلها قبلها وإن ردها كان قد أدى ما عليه ) فلا قول لأحد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل قول خالف قوله فهو مردود .
وثالثها : القيام بنصرته باطنا وظاهرا ببذل المجهود في ذلك لما فيه نصر المسلمين وإقامة حرمة الدين وكف أيدي المعتدين .
ورابعها : أن يعرف له عظيم حقه وما يجب من تعظيم قدره فيعامل بما يجب له من الإحترام والإكرام وما جعل الله تعالى له من الإعظام ولذلك كان العلماء الأعلام من أئمة الإسلام يعظمون حرمتهم ويلبون دعوتهم مع زهدهم وورعهم وعدم الطمع فيما لديهم وما يفعله بعض المنتسبين إلى الزهد من قلة الأدب معهم فليس من السنة .
قلت : فلا تغتر بما يرويه بعض أهل الأهواء من تصرفات العز بن عبد السلام مع الحكام المنافية لهذا .
وخامسها : إيقاظه عند غفلته وإرشاده عند هفوته ، شفقة عليه ، وحفظا لدينه وعرضه وصيانة لما جعله الله إليه من الخطأ فيه .
وسادسها : تحذيره من عدو يقصده بسوء ، وحاسد يرومه بأذى ، أو خارجي يخاف عليه منه ، ومن كل شيء يخاف عليه منه على اختلاف أنواع ذلك وأجناسه ، فإن ذلك من آكد حقوقه وأوجبها .
وسابعها : إعلامه بسيرة عماله : الذين هو مطالب بهم ، ومشغول الذمة بسببهم لينظر لنفسه في خلاص ذمته ، وللأمة في مصالح ملكه ورعيته .
قلت : وذلك متواتر من فعل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن ذلك ما أخرجه الشيخان عن عائشة رضي الله عنها : ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث رجلا على سرية فكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم بـ ( قل هو الله أحد ) فلما رجعوا ذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال سلوه : لأي شيء يصنع ذلك . فسألوه فقال : لأنها صفة الرحمن عز وجل فأنا أحب أن أقرأ بها ) . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبروه أنه الله تعالى يحبه .
ومنلك قصة عمرو بن العاص حين صلى بأصحابه الصبح وهو جنب ولم يغتسل خشية البرد وهي في السنن .
وثامنها : إعانته على ما تحمله من أعباء الأمة ومساعدته على ذلك بقدر المكنة ، قال الله تعالى : (( وتعاونوا على البر والتقوى )) . وأحق من أعين على ذلك ولاة الأمور .
وتاسعها : رد القلوب النافرة عنه إليه ، وجمع محبة الناس عليه ؛ لما في ذلك من مصالح الأمة وانتظام أمور الملة .
وعاشرها : الذب عنه بالقول والفعل ، وبالمال والنفس والأهل في الظاهر والباطن ، والسر والعلانية .
وإذا وفت الرعية بهذه الحقوق العشرة الواجبة ، وأحسنت القيام بمجامعها والمراعاة لمواقعها ، صفت القلوب ، وأخلصت ، واجتمعت الكلمة وانتصرت . انتهى ملخصا من تحرير الأحكام ، بتصرف .






أما الجواب على السؤال الثاني :
ما حق الرعية على إمامها وولي أمرها ؟

فنذكرك بأن حقوق الرعية على إمامها عشرة حقوق وهي :
الأول : حماية بيضة الإسلام والذب عنها ، إما في كل إقليم إن كان خليفة ، أو في القطر المختص به إن كان مفوضا إليه ، فيقوم بجهاد المشركين ودفع المحاربين والباغين ، وتدبير الجيوش ، وتجنيد الجنود ، وتحصين الثغور بالعدة المانعة والعدة الدافعة ، وبالنظر في ترتيب الأجناد في الجهات على حسب الحاجات وتقدير إقطاعهم ، وأرزاقهم ، وصلاح أحوالهم .
الحق الثاني : حفظ الدين على أصوله المقررة ، وقواعده المحررة ، ورد البدع والمبتدعين وإيضاح حجج الدين ، ونشر العلوم الشرعية وتعظيم العلم وأهله ؛ ورفع مناره ومحله ، ومخالطة العلماء الأعلام ، النصحاء لدين الإسلام ومشاورتهم في موارد الأحكام ومصادر النقص والإبرام .
الحق الثالث : إقامة شعائر الإسلام : كفروض الصلوات ، والجمع والجماعات ، والأذان والإقامة ، والخطابة ، والإمامة ، ومنه النظر في أمر الصيام والفطر ، وأهلّته ، وحج البيت الحرام وعمرته .
ومنه : الإعتناء بالأعياد ، وتيسير الحجيج من نواحي البلاد ، وإصلاح طرقها وأمنها في مسيرهم ، وانتخاب من ينظر أمورهم .
الحق الرابع : فصل القضايا والأحكام ، بتقليد الولاة والحكام لقطع المنازعات بين الخصوم ، وكف الظالم عن المظلوم ، ولا يولي إلا من يثق بديانته وأمانته وصيانته من العلماء والصلحاء ، والكفاة النصحاء ، ولا يدع السؤال عن أخبارهم والبحث عن أحوالهم ، ليعلم حال الولاة مع الرعية ، فإنه مسؤول عنهم ، مطالب بالجناية منهم .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كل راع مسؤول عن رعيته ).
الحق الخامس : إقامة فرض الجهاد بنفسه ، وبجيوشه أو سراياه وبعوثه .
الحق السادس : إقامة الحدود الشرعية على الشروط المرعية ، صيانة لمحارم الله عن التجرئ عليها ، ولحقوق العباد عن التخطي إليها .
ويسوي في الحدود بين القوي والضعيف ، والوضيع والشريف .
الحق السابع : جباية الزكوات والجزية من أهلها ، وأموال الفيء والخراج عند محلها ، وصرف ذلك في مصارفه الشرعية ، وجهاته المرضية ، وضبط جهات ذلك ، وتفويضه إلى الثقات من العلماء .
الحق الثامن : النظر في أوقاف البر والقربات ، وصرفها فيما هي له من الجهات ، وعمارة القناطر وتسهيل سبل الخيرات .
الحق التاسع : النظر في قسم الغنائم وتقسيمها ، وصرف أخماسها إلى مستحقيها .
الحق العاشر : العدل في سلطانه ، وسلوك موارده في جميع شأنه . قال تعالى : (( إن الله يأمر بالعدل والإحسان )) وقال تعالى : (( وإذا قلتم فاعدلوا )) . انتهى ملخصا من تحرير الأحكام بتصرف .








وأما جوابنا على السؤال الثالث :

وهو كيف تصنع الرعية إذا بخسها الإمام حقها ... إلخ .

فنقول : لا عليك فقد كفيت البيان ممن جعله الله معدن البيان :
فقد أخرج الشيخان عن ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم http://www.sahab.net/ipb/public/style_emoticons/default/sad.gif إنها تكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها قالوا يا رسول الله كيف تأمر من أدرك منا ذلك ؟ قال : تأدون الحق الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم ) .
قال النووي في شرحه على هذا الحديث في صحيح مسلم ( 12/232): "هذا من معجزات النبوة ، وقد وقع هذا الإخبار متكررا ووجد مخبره متكررا وفيه الحث على السمع والطاعة وإن كان المتولي ظالما عسوفا فيعطى حقه من الطاعة ولا يخرج عليه ولا يخلع بل يتضرع إلى الله تعالى في كشف أذاه ودفع شره وإصلاحه " .
وأخرج الإمام مسلم في باب : يصبر على أذاهم وتؤدى حقوقهم من كتاب الإمارة والبيعة ، عن وائل بن حجر سأل سلمة بن يزيد الجعفي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إن قامت علينا أمراء يسألوننا حقهم ويمنعوناحقنا فماذا تأمرنا ؟ فأعرض عنه ثم سأله فأعرض ثم سأله في الثانية أو الثالثة فحدثه الأشعث بن قيس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم " .
قال القرطبي في المفهم ( 4/55) :" يعني أن الله تعالى كلف الولاة العدل وحسن الرعاية وكلف المولى عليهم الطاعة وحسن النصيحة فأراد أنه إن عصى الأمراء الله فيكم ولم يقوموا بحقوقكم فلا تعصوا الله أنتم فيهم وقوموا بحقوقهم فإن الله مجاز كل واحد من الفريقين بما عمل " .







المصدر : إمداد القاري بشرح كتاب التفسير من صحيح البخاري
لفضيلة الشيخ عبيد بن عبد الله الجابري ـ حفظه الله ـ [ ج1 ص 422 ] .

أبو خالد الوليد خالد الصبحي
25-Jan-2013, 01:39 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

قال الشيخ سعد بن حمد بن عتيق – رحمه الله – :

ومما انتحله بعض هؤلاء الجهلة المغرورين الاستخفاف بولاية المسلمين والتساهل بمخالفة إمام المسلمين ، والخروج عن طاعته، والافتيات عليه بالغزو وغيره، وهذا من الجهل والسعي في الأرض بالفساد بمكان، يعرف ذلك كل ذي عقل وإيمان، وقد علم بالضرورة من دين الإسلام أنه لا دين إلا بجماعة، ولا جماعة إلا بإمامة، ولا إمامة إلا بسمع وطاعة ، وإن الخروج عن طاعة ولي أمر المسلمين من أعظم أسباب الفساد في البلاد والعباد والعدول عن سبيل الهدى والرشاد – ثم قال – ومن ذلك ما وقع من غلاة هؤلاء من اتهام أهل العلم والدين، ونسبتهم إلى التقصير وترك القيام بما وجب عليهم من أمر الله سبحانه وتعالى، وكتمان ما يعلمون من الحق ، ولم يدر هؤلاء أن اغتياب أهل العلم والدين والتفكه بأعراض المؤمنين سم قاتل وداء دفين وإثم واضح مبين، قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً}

أقلوا عليهم لا أبا لأبيكموا من اللوم أو سدوا المكان الذي سدوا ا.هـ

الدرر السنية (ط2 (7/302) ، ط5 (9/139))



وقال الشيخ عمر بن محمد بن سليم في رسالة كتبها:

ومن كيد الشيطان إساءة الظن بولي الأمر وعدم الطاعة له وهو من دين أهل الجاهلية الذين لا يرون السمع والطاعة ديناً، بل كل منهم يستبد برأيه وهواه ، وقد تظاهرت الأدلة من الكتاب والسنة على وجوب السمع والطاعة لولي الأمر في العسر واليسر والمنشط والمكره، حتى قال " اسمع وأطع وإن أخذ مالك وضرب ظهرك " فتحرم معصية ولي الأمر ، والاعتراض عليه في ولايته وفي معاملته وفي معاقدته ومعاهدته ومصالحته الكفار، فإن النبي صلى الله عليه وسلم حارب وسالم وصالح قريشاً صلح الحديبية، وهادن اليهود وعاملهم على خيبر وصالح نصارى نجران، وكذلك الخلفاء الراشدون من بعده، ولا يجوز الاعتراض على ولي الأمر في شيء من ذلك لأنه نائب المسلمين والناظر في مصالحهم، ولا يجوز الافتيات عليه بالغزو وغيره وعقد الذمة والمعاهدة إلا بإذنه، فإنه لا دين إلا بجماعة ولا جماعة إلا بإمامة ولا إمامة إلا بسمع وطاعة ، فإن الخروج عن طاعة ولي الأمر من أعظم أسباب الفساد في البلاد والعباد ا.هـ



الدرر السنية (ط2 (7/ 313) ، ط5 (9/166) )



المصدر : لا للإرهلب

أبو خالد الوليد خالد الصبحي
25-Jan-2013, 01:39 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
عن قريش بن أنس : حدثنا عبد الحميد بن عبد الله بن مسلم بن يسار : أنّ السجّان قال لابن سيرين : إذا كان الليل ، فاذهب إلى أهلك ، فإذا أصبحت ، فتعال .

قال( ابن سيرين ) : لا والله ، لا أكون لك عونا على خيانة السلطان .

سير أعلام النبلاء للذهبي رحمه الله [ ج 4 ص 332 ] .

أبو خالد الوليد خالد الصبحي
25-Jan-2013, 01:40 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


قال فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله






كما أن ولاة الأمر من الأمراء والسلاطين يجب احترامهم وتوقيرهم تعظيمهم وطاعتهم ، حسب ما جاءت به الشريعة ؛ لأنهم إذا احتقروا أمام الناس ، وأذلوا ، وهون أمرهم ؛ ضاع الأمن وصارت البلاد فوضى ، ولم يكن للسلطان قوة ولا نفوذ .

فهذان الصنفان من الناس : العلماء والأمراء ، إذا احتقروا أمام أعين الناس فسدت الشريعة ، وفسدت الأمن ، وضاعت الأمور ، وصار كل إنسان يرى أنه هو العالم ، وكل إنسان يرى لأنه هو الأمير ، فضاعت الشريعة وضاعت البلاد ، ولهذا أمر الله تعالى بطاعة ولاة الأمور من العلماء والأمراء فقال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) [النساء: 59] .

ونضرب لكم مثلاً : إذا لم يعظم العلماء والأمراء ، فإن الناس إذا سمعوا من العالم شيئاً قالوا : هذا هين ، قال فلان خلاف ذلك .

أو قالوا : هذا هين هو يعرف ونحن نعرف ، كما سمعنا عن بعض السفهاء الجهال ، أنهم إذا جودلوا في مسألة من مسائل العلم ، وقيل لهم : هذا قول الإمام أحمد بن حنبل ، أو هذا قول الشافعي ، أو قول مالك ، أو قول أبي حنيفة ، أو قول سفيان ، أو ما أشبه ذلك قال : نعم ، هم رجال ونحن رجال ، لكن فرق بين رجولة هؤلاء ورجولة هؤلاء ، من أنت حتى تصادم بقولك وسوء فهمك وقصور علمك وتقصيرك في الاجتهاد وحتى تجعل نفسك نداً لهؤلاء الأئمة رحمهم الله ؟

فإذا استهان الناس بالعلماء كل واحد يقول : أنا العالم ، أنا النحرير ، أنا الفهامة ، أنا العلامة ، أنا البحر الذي لا ساحل له وصار كل يتكلم بما شاء ، ويفتي بما شاء ، ولتمزقت الشريعة بسبب هذا الذي يحصل من بعض السفهاء .

وكذلك الأمراء ، إذا قيل لواحد مثلاً : أمر الولي بكذا وكذا ، قال : لا طاعة له ؛ لأنه مخل بكذا ومخل بكذا ، وأقول : إنه إذا أخل بكذا وكذا ، فذنبه عليه ، وأنت مأمور بالسمع والطاعة ، حتى وإن شربوا الخمور وغير ذلك ما لم نر كفراً بواحاً عندنا فيه من الله برهان ، وإلا فطاعتهم واجبة ؛ ولو فسقوا ، ولو عتو ، ولو ظلموا

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( اسمع وأطع وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك ))(185) .

وقال لأصحابه فيما إذا أخل الأمراء بواجبهم ، قال : (( اسمعوا وأطيعوا فإنما عليكم ما حملتم وعليهم ما حملوا )) (186).

أما أن نريد أن تكون أمراؤنا كأبي بكر وعمر ، وعثمان وعلى ، فهذا لا يمكن ، لنكن نحن صحابة أو مثل الصحابة حتى يكون ولاتنا مثل خلفاء الصحابة .

أما والشعب كما نعلم الآن ؛ أكثرهم مفرط في الواجبات ، وكثير منتهك للحرمات ، ثم يريدون أن يولي الله عليهم خلفاء راشدين ، فهذا بعيد ، لكن نحن علينا أن نسمع ونطبع ، وإن كانوا هم أنفسهم مقصرين فتقصيرهم هذا عليهم . عليهم ما حملوا ، وعلينا ما حملنا .

فإذا لم يوقر العلماء ولم يوقر الأمراء ؛ ضاع الدين والدنيا . نسأل الله العافية .


* * *


شرح رياض الصالحين المجلد الثالث

أبو خالد الوليد خالد الصبحي
25-Jan-2013, 01:40 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله :

الأصل الثالث :

إنّ من تمام الاجتماع السمع والطاعة لمن تأمّر علينا ولو كان عبدا حبشيا ، فبينّ الله بيانا شافيا كافيا بوجوه من أنواع البيان شرعا وقدرا ، ثم صار هذا الأصل لا يُعرف عند أكثر من يدّعي العلم فكيف العمل به .

الشرح
لفضيلة الشيخ محمد بن هادي المدخلي حفظه الله

الله أكبر ، أظن أن هذا الأصل لا نحتاج اليوم فيه معكم خاصة إلى كلام كثير ، لأن الواقع الذي نعيشه يشرح هذا الأصل تماما .
ما يحصل الخير ويتم لنا إلا بالاجتماع والسمع والطاعة للأئمة ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم الذي أشار إليه المصنّف ، الذي جاء في حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه وكان ممن نزل فيهم (( ولا على الذين إذا مآ أتوك لتحملهم قلت لا أجد مآ أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون )) [ التوبة : 92 ].
وعظهم الرسول صلى الله عليه وسلم تلك الموعظة البليغة التي لم تنقل إلينا لكنها وُصفت بأنها بليغة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون بعد صلاة الصبح ، صلاة الغداة في آخر أيام حياته صلى الله عليه وسلم ففهموا منها أنها موعظة الموّدع ، الموّدع إذا فارق أصحابه وعظهم موعظة من يعتقد أنه لا يعود إليهم فيجتهد في الموعظة والوصية ، والنبي صلى الله عليه وسلم هنا هكذا وهو المبلّغ المجتهد صلوات الله وسلامه عليه في جميع أحواله ، لكن في آخر حياته كان أكثر ويستشهد ربه على البلاغ ، صلى الله عليه وسلم .
وعظهم موعظة بليغة وكان مما جاء فيها الأمر بعد تقوى الله تبارك وتعالى بالسمع والطاعة ـ وإن تأمّر علينا عبد حبشي ـ وفي رواية كأن رأسه زبيبة وهذا إنما هو في حال الغلبة والقهر ، وإلا في حال الرضا إنما يولىّ الحرّ ولكن إذا غلبنا وعَلِيَنا بالسيف ، بالقوة ، ظهر علينا حتى استتب له الأمرولو كان أقل الناس نسبا ، قال ولو كان عبدا حبشيا ، والمراد من هذا كسر أنفة العرب ، التي كانت في الجاهلية التي لا تقبل بأن يتأمر عليها من كان مثل هذا فإذا تأمر علينا مثل هذا وعَلِيَنا بالسيف وغلبنا بالقوة ، بالقهر والغلبة حتى استتب له الأمر لا يجوز منازعته ولا الخروج عنه أصبح الناس يدعونه له بالأمير ، بالخليفة ، بالإمام ، بالسلطان ، بالملك ، بالرئيس لا يجوز الخروج عليه مادام وقد استتب له الأمر ، واستقر له الوضع ، لا يجوز الخروج عليه .
" أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة ولوكان عبدا حبشيا "، وفي رواية كأن رأسه زبيبة كما قلنا ، في لفظ مجدّع الأطراف مادام قد استتب له الأمر وأصبح الناس كما قال الإمام أحمد يدعونه بالإمام فتجب طاعته وتحرم منازعته وهذا كسرا لأنفة الجاهلية ،ولا يقوم أمر الناس إلا بولاة وهذا الأمر متقرر بين جميع الأمم عند العقلاء جميعا لا يصلح الناس فوضى ،لا صراة لهم ولا صراة إذا جهالهم سادوا ، ما تقوم الأمم وتحمى البلدان والأعراض والأموال وتأمن السبل إلا بوجود الولاة هذا متفق عليه بين العقلاء . فكيف وقد جاء دين الإسلام يزيده قوة وتوكيدا وجاءت النصوص متضافرة متكاثرة في هذا ومع هذا ، خالف في هذا الأصل من خالف وفارقوا الجماعة في هذا وليُعلم أن الولاة فينا نحن المسلمين نعمة من الله علينا ، الولاة نعمة من الله علينا يدفع الله بهم الشرور (( ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين )) [ البقرة : 251 ] .
قالت طائفة من المفسرين لولا دفع الله الناس بعضهم ببعض يعني بأن يقيم السلطان فيدفع الظالم عن المظلوم ، ويوقف المظلوم من أن يقتل الظالم ، لأن المظلوم المقهور قد يكون ضعيفا فلا ينال من الظالم إلا بالحيلة والغيلة ، يغتاله فيحصل الفساد العريض ، تفسد الأرض ، لكن الله ذو فضل على العالمين حيث أقام علينا أئمة وولاة يدفعون هذا عن هذا وهذا عن هذا، فلا القوي يتسلط على الضعيف ولا الضعيف يخاتن ويغتال القوي ، فلا تأمن السبل إلا بهم ولا تقام الحدود إلا بهم ، ولا تأمن الأعراض إلا بهم ، ولا تأمن الناس على الأموال إلا بهم ، ولا تقوم الأسواق إلا بهم ، ولا تدر الأرزاق على الناس إلا بهم ، ولا تحفظ الثغور إلا بهم ، ولا تقام الجمع والجماعات إلا بهم ، فما يصلح الله بهم أكثر مما يفسدون كما قال الحسن البصري " وإن ّطاعتهم لغبطة وإنّ مفارقتهم لكفر " حينما قال رحمه الله هم يلون من أمورنا خمس .
وهذا الأصل أصل بين ظاهر وهو فارق بين أهل السنة والخوارج ، ومع هذا الأمر البيّن ومع هذا البيان الكثير ضلّ فيه من ضلّ وقد سمع كثير منكم ما تقدم من بعض هؤلاء الذين يشار إليهم بالذكاء والعلم والفكر كما يقال ، هذا المفكر الإسلامي ،وهذا المفكر الإسلامي فنازعوا في هذا منازعة عجيبة ، عظيمة وذهبوا إلى خلاف ما عليه أهل السنة والجماعة رحمهم الله تعالى . فما اعترفوا بولاية المتغلّب وأنكروها ، وأنّ الولاية إنما تكون شرعية إذا كانت عن طريق الإختيار وأما هؤلاء الحكام الذين جاءوا بالقوة فليسوا بولاة شرعيين وبالتالي يُسمع لهم لكن ما لهم بيعة , سبحان الله!! هذا سمعناه وسمعه معنا كثيرا من إخواننا ومشائخنا وخصوصا في أحداث الخليج الثانية غزو العراق للكويت قد سمعنا هذا الكلام وكثيرا منه في تلك الأيام ولم يزل يتردد لكن على قلة في هذه الأيام وبالخفاء .
فالشاهد إذا نظرت إلى بعض هؤلاء المتكلمين ، يقال لهذا شيخ ، يقال لهذا داعية ، يقال لهذا مفكر ، ويقال لهذا مفكر إسلامي ، ويقال لهذا مصلح إجتماعي ، ويقال لهذا دكتور متخصص في العقيدة ،ومع ذلك ضلّوا في هذا الأصل الذي بيّنه رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فالحمد لله الذي هدانا بفضله ورحمته لما اختلف فيه من الحق بإذنه ولنعلم أن الحياة لا تنتظم إلا بوجود الأئمة ، وإذا لم توجد الأئمة حصل الشر العظيم .
نسأل الله العافية والسلامة . نعم .


المصدر :
شرح الأصول الستة

أبو خالد الوليد خالد الصبحي
25-Jan-2013, 01:41 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

قال فضيلة الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله

ثم الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ في قضايا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كان ينظر إلى المصالح والمفاسد ، وربىّ أمته المخلصين وصحابته الأكرمين على بُعد النظر في المشاكل التي تلمّ بالمسلمين والأحداث التي تنزل بهم ، وبيّن لهم كيف تُواجه وكيف تُغيّر ؟ فوضع لنا منهجا نراعي فيه المصالح والمفاسد :

فأمرنا بطاعة الولاة فقال ـ عليه الصلاة والسلام ـ : ( من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاني فقد عصى الله ، ومن أطاع أميري فقد أطاعني ، ومن عصى أميري فقد عصاني ) ، وبيّن أن هناك حكّاما سينحرفون عن كتاب الله وعن سنة رسول الله ـ عليه الصلاة والسلام ـ ، ونعرف منهم وننكر ، وأنهم يهدون بغير هديه ويستنون بغير سنته ، فكيف نتعامل معهم ؟
الخوارج والمعتزلة جعلوا من أصولهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأدخلوا في ضمنه الخروج على الحكام ، بل أهم الأمور في تغيير المنكر عندهم الخروج بالسلاح على الحكام ! من أبرز ما عندهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي شرعه الله الخروج على الحكام بالسيف !
والرسول صلى الله عليه وسلم راعى المصالح والمفاسد ، وماذا يترتب على الخروج ؟ لا شك أنه يترتب على الخروج سفك الدماء وهتك الأعراض وتشتيت المسلمين وتسليط الأعداء عليهم ، يترتب على ذلك مفاسد عظيمة وخطيرة جدّا ، فأمر بالصبر عليهم .
وأمر أمته بقتال أهل البدع وقتلهم أيضا كما قال في الخوارج : ( أينما وجدتموهم فاقتلوهم ، هم شر الخلق والخليقة ) ، وفي المقابل أمرهم بالصبر على الحكام ؛ لأن في قتل الخوارج إزاحة لهذا الوباء عن صفوف الأمة ، لأن الخوارج يكفرون المسلمين ، ويستبيحون دماءهم ويسلّون السيوف عليهم ، ويمسكون سيوفهم عن عبّاد الأوثان ويسلّطونها على عباد الله المؤمنين !
فالحاكم مادام في دائرة الإسلام تجب طاعته في طاعة الله ولا طاعة له في معصية الله . ترى أهل الحديث هذا منهجهم ، لا نطيع أحدا في معصية الله كائنا من كان بعد رسول الله ـ عليه الصلاة والسلام ـ ؛ لو أمرك صحابي بمعصية الله لا تطعه ، حتى إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( بعث جيشا وأمّر عليهم رجلا فأوقد نارا وقال : ادخلوها فأراد ناس أن يدخلوها ، وقال الأخرون : إنّا قد فررنا منها ، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال للذين أرادوا أن يدخلوها : لو دخلتموها لم تزالوا فيها إلى يوم القيامة . وقال للآخرين قولا حسنا . وقال : لا طاعة في معصية الله ، إنما الطاعة في المعروف ) .
فهذا صحابي ! لا نطيعه في معصية الله .
والوالدان أمر الله ـ تبارك وتعالى ـ ببرّهما ولو كانا كافرين ، لكن لا طاعة لهما في معصية الله : (( وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي )) [ لقمان : 15 ] . أمرك بمصاحبتهما بالمعروف لكن في معصية الله ، لا .
فالحاكم إذا أمرك بمعصية الله وقال لك : اقتل فلانا مثلا ، خذ مال فلان ..الخ ؛ لا يجوز لك أن تطيعه ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق " ، وهو مخلوق مثلك ؛ أمّره الله سبحانه وتعالى عليك ، وأمرك أن تطيعه في طاعة الله .
إذن : طاعة هذا الأمير ترجع إلى طاعة الرسول وإلى طاعة الله عز وجل ، فإذا أمرك بالصلاة والزكاة والحج والصوم والجهاد وأمور من طاعة الله ؛ تطيعه . لماذا ؟ لأن هذا من طاعة الله عزوجل ، أما إذا أمرك بمعصية فهذا ليس من طاعة الله عزوجل بل هذا من معصية الله ، فلا تطعه . هذا معنى الحديث .
استأذنوه في قتالهم ـ يعني : قتال الحكام الظلمة ـ فأبى ـ عليه الصلاة والسلام ؛ فعن أم سلمة رضي الله عنها أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون ، فمن عرف برئ ، ومن أنكر سلم ، ولكن من رضي وتابع . قالوا : أفلا نقاتلهم ؟ قال : لا ما صّلوا " ، وقال صلى الله عليه وسلم في حديث آخر :" أدّوا إليهم حقّهم وسلوا الله الذي لكم ".
إذا استأثر الحاكم بالمال والمناصب فهل نثور عليه بالسلاح ؟
الجواب : نصبر لإبقاء الهيبة للمؤمنين وتبقى شوكتهم قوية وسيفهم مسلولا على الأعداء وليس على أنفسهم ؛ لأننا إذا ثرنا عليه جاءت مفاسد لا أول لها ولا آخر . يعني : بالصبر عليهم تتحقق مصالح عظيمة وتدرأ مفاسد كبيرة وخطيرة لانهاية لها .
فالشارع الحكيم أمرنا بالمعروف ونهانا عن المنكر ووضع لنا لذلك ضوابط .
منها : أنه بيّن لنا كيفية مواجهة المنكرات التي تحصل من الحكام؛ بأن لا نطيعهم في معصية الله ، وأمرنا إذا أردنا أن ننصحه ؛ أن ننصحه في السرّ فيما بيننا وبينه بالحكمة والموعظة الحسنة إن سمع وتقبل فذاك ؛ وإن لم يتقبل ،فالمنكر الذي ارتكبه يرتكبه على نفسه ، ونكون قد أدينا واجبنا والحمد لله . أما الخروج وسلّ السيف عليه فلا ، مادام في دائرة الإسلام ، قال صلى الله عليه وسلم :" خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ، ويُصلّون عليكم وتصلون عليهم ، وشرار أئمتكم الذين تُبغضونهم ويبغضونكم ، وتلعنونهم ويلعنونكم . قيل : يا رسول الله! أفلا ننابذهم بالسيف ؟ فقال : لا ، ما أقاموا فيكم الصلاة ، وإذا رأيتم من ولاتكم شيئا تكرهونه، فاكرهوا عمله ، ولا تنزعوا يدا من طاعة " ، " وأن لا ننازع الأمر أهله ، إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان " ، فلا يسمح لك أن تخرج على هذا الحاكم الجائر إلا إذا رأيت الكفر البواح ، كأن يبيح الخمر أو يبيح الخنزير أو يبيح الربا علانية ، فهذا كفر بواح ـ بارك الله فيكم ـ .
هذا إذا كان للمسلمين قدرة على تنحيته ؛ فليقوموا بذلك ، وأما إذا عجزوا فلا يكلّف الله نفسا إلا وسعها . أما مادام يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويصلي ويصوم ويجاهد ؛ مادام يصلي فقط نطيعهم " ما أقاموا فيكم الصلاة " .
فهذا هو المنهج الصحيح الذي سار عليه أهل الحديث انطلاقا من كتاب الله ومن سنة رسول الله ـ عليه الصلاة و السلام ـ في كل شؤونهم الدينية والدنيوية والاجتماعية والسياسية ؛ كلها تنطلق من كتاب الله ومن سنة رسول الله ـ عليه الصلاة و السلام ـ .
والإمام البخاري قالوا : كان لا يتحرك حركة إلا بحديث ، وفي إحدى سفراته اقترب من العدو واستلقى قالوا : بأي حديث ؟ قال : الرسول صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نأخذ بالقوة ـ أو كما قال ـ ، يعني : الرسول صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نعدّ العدّة للعدو وأن نتقوّى ؛ فأمرنا بالفطر لمواجهة العدو في رمضان ، نفطر في رمضان حتى نكتسب قوة على العدو .
الشاهد : أن أهل الحديث المخلصين الصادقين في أقوالهم وأفعالهم وحركاتهم وسكناتهم وعقائدهم ومناهجهم ملتزمون بكتاب الله ومن ذلك التعامل مع الحكام .
إذا تعاملنا مع الحكام انطلاقا من كتاب الله ومن سنة رسول الله ـ عليه الصلاة والسلام ـ قالوا : عملاء ، جواسيس !!هم خوارج !
الآن أصبحوا جسورا ؛ مدّوا الجسور مع الحكام ويمدحونهم بالكذب ويغرّونهم بالكذب ، لا يمدحونهم بالصدق ولا يأمرونهم بالمعروف ولا ينهونهم عن المنكر ! بل إذا رأوا الحاكم فيه خطأ توسعوا في هذا الباب ، ويجرونه إلى البلايا والمشاكل والعياذ بالله !
أما نحن فلا نزال عملاء ! حتى لو ما سلكنا هذه المسالك فنعوذ بالله من هذا البلاء ، وهي طريقة الخوارج والمعتزلة والروافض !!
الخوارج والروافض يطعنون في الصحابة وخرجوا على عثمان ، وخرجوا على عليّ وخرجوا على الحكام ، وكم لقيت الأمة منهم من المفاسد ومن المهالك ، وشتتوا أمر الأمة ومزقوها أشلاء حتى أصبحت أذلّ الأمم بسبب التفرق وبسبب مخالفة كتاب الله وسنة الرسول ـ عليه الصلاة و السلام في العقائد وفي السياسة ، فلم يلتزم الكثير منهم العقيدة الإسلامية ولا التزموا السياسة الإسلامية التي شرعها الله على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم.

قال المصنف رحمه الله : ( ويرى أصحاب الحديث الجمعة والعيدين )
وهذا بخلاف الروافض ، إذ إنهم لا يرون الجمعة والعيدين مع الحكام ، فالروافض ينتظرون المهدي الإمام المعصوم ! في الجمعة والجماعة ، وإذا صلوا معنا فهم كذابون وإنما ذلك من باب التقية ، ولو أنشؤوا المساجد فهم كذابون ، لأن في دينهم لا جمعة ولا جماعة حتى يأتي الإمام !
والصحابة كانوا يصلون خلف أهل البدع ، يصلون وراء الحجاج ، ويصلون وراء الخوارج لأن الرسول عليه السلام أمرهم بالجماعة ، ولما حاصرواعثمان وتغلبوا في المدينة وراح إمام الثوار قبّحه الله يصلي بالناس قالوا لعثمان : ( إنك إمام عامّة ونزل بك ما ترى ويصلي لنا إمام فتنة ونتحرّج فقال : " الصلاة أحسن ما يعمل الناس ، فإذا أحسن الناس فأحسن معهم وإذا أساؤوا فاجتنب إساءتهم " ؛ يعني : صلوا معهم لأن هذا إحسان ، فإن أساؤوا فلا تسىء معهم ،هذا الخليفة الراشد ظلموه وافتروا وكذبوا عليه وحاصروه ومنعوه من الماء ويقولون له : أنت إمام جماعة وهؤلاء يصلون بنا أهل فتنة فقال لهم: صلوا مع الجماعة فإن أحسنوا فأحسنوا .
انظروا الالتزام بكتاب الله وسنة رسوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ في أحلك الظروف وأشدها لا تغلب عليه عاطفة ولا هوى ؛ يُحكّم شرع الله ( إن أحسن الناس فأحسنوا ) .
فالمبتدع إذا صلّى فقد أحسن ، فصلّ معه مادام لم يكفر ، فإذا كفر فلا صلاة وراءه ، لكن مادام هذا المبتدع في دائرة الإسلام وتسلّط علينا وصلّى بنا فنصلي وراءه ، إذا أمكننا أن نبعده بدون مفاسد ونأتي بإمام سنيّ ، فهذا يجب علينا ، وإذا عجزنا فنصلّي .
ولهذا حدد الله المواقيت للصلاة والرسول ـ عليه الصلاةوالسلام ـ أكدها ، وأخبر أنه ستكون أمراء يؤخرون الصلاة إلى شرق الموتى ، ويعتبر هذه الصلاة كأنها صلاة المنافقين ومع ذلك أمر بالصلاة مع الجماعة وراء هذا الإمام الذي يؤخر الصلاة ، قال لك : صلّ في بيتك فإن وجدت جماعة يصلون في المسجد فصلّ معهم ، هؤلاء الذين يتعمدون تأخير الصلاة إلى آخر وقتها أو إلى دخول الوقت الثاني واقعين في جريمة ، لكنك إذا رأيتهم يصلون في جماعة فصلّ معهم ، ضبط في الأمور وحرص على وحدة الكلمة وإبعاد الأمة عن الخلافات التي تؤدي إلى تمزيقهم وتشتيتهم .
فأهل السنة أخذوا بهذا المنهج ، يصلون وراء ولاة الأمور ولوكانوا جورة ، يصلون وراءهم الجمعة والعيدين وغيرهما من الصلوات كصلاة الكسوف والاستسقاء أي صلاة يصلونها يصلي معهم ، أي صلاة تشرع فيها الجماعة لا نقول هذا الإمام مبتدع أو هذا الإمام فاجر أو فاسق بل نصلي معه الجماعة .
قال رحمه الله : ( خلف كل إمام مسلم ) فالكافر لا نصلي وراءه ( برّا كان أو فاجرا ) لأن الخوارج يكفرون بالكبائر ! والمعتزلة لا يقولون كافر بل هو في منزلة بين المنزلتين ! فالخوارج عندهم إذا وقع في أي كبيرة خرج من دائرة الإسلام حاكما كان أو محكوما ، أما أهل السنة فلا يخرج ـ عندهم ـ من الإسلام بارتكاب الكبيرة مالم يستحلها ، ولا يخرج من الإسلام إلا بالكفر والشرك ، أما بالمعاصي ولو كانت كبيرة ولو أصرّ عليها فهو مذنب مجرم ، متوعّد بالنار ، لكن لا نخرجه من دائرة الإسلام ولا نحكم عليه بالخلود في النار .
قال رحمه الله : ( ويرون جهاد الكفرة معهم ) لأن في جهاد الكفرة قوة للإسلام والمسلمين وحماية لهم .
ولو تركنا جهاد الكفار معهم وقلنا : والله هذا الإمام فاجر كيف نقاتل معه ؟! وجاء العدو وهجم على بلادنا لا نقاتله ولا ندافع عليه ؛ لأن الحاكم فاجر ، لضاعت بلاد المسلمين وتغلب الكفار وأنشئت الكنائس والبيع وأبيحت المحرمات إلى آخره .
فوجود الحاكم ـ ولو كان فاسقا ـ : فيه احترام للإسلام ،وتكون شعائر الإسلام قائمة ويحصل به خير كثير ولو كان فاجرا في نفسه ولو انتشر شيء من فجوره ، لكن إذا قارنت بين احتلال الكفار لبلاد المسلمين وبين حكم هذا الفاسق وما يوجد في حكمه من الفساد لوجدت المسافة كبيرة وعظيمةجدا .
إذن هم يراعون المصالح والمفاسد في التزامهم بالجهاد مع الحاكم الفاجر ، ولو أخذنا برأي الخوارج والروافض ( لا نقاتل مع حاكمنا لأنه فاجر ) وجاءتنا بريطانيا أو أي دولة يهودية أو نصرانية احتلوا بلادنا ولا نجاهد معهم ، ماهي النتيجة ؟ ! نسأل الله العافية .
قال رحمه الله : ( ويرون الدعاء لهم بالإصلاح والتوفيق والصلاح وبسط العدل في الرعية ) ندعو لهم بالصلاح والإصلاح ؛ وكان الأئمة ومنهم الإمام أحمد يقول :لو أن لي دعوة مستجابة لدعوت بها للحاكم ، لأن في صلاحه صلاح للأمة ، فإذا أصلحه الله أصلح به الأمة ويمثّلون الحاكم بالقلب ؛ إذا صلح صلح الجسد كله وإذا فسد فسد الجسد كله ـ والعياذ بالله ـ فنحن نحرص على إصلاح الحكام بالنصيحة وبالحكمة والموعظة الحسنة على الطريقة الشرعية ، وليس بالتشهير والتحدي والتهييج ، لا ، وإنما بالطريقة الحكيمة وهذا المسلك سلكه الصحابة ؛ فكانوا ينصحون الأمير فيما بينهم وبينه .
الآن ـ والله ـ العامّي في الشارع تتردد كيف تنصحه وبأي أسلوب تتعامل معه ؟ ! تأتيه بأسلوب لطيف ولطيف ثم ما أدري هل يقبل أو لا ؟ ! فكيف بواحد عنده شوكة وعنده سلطان وعنده قوة وتأتي تهينه أمام الناس وتشهّر به كيف يقبل منك؟! إذن هؤلاء الذين يشهّرون لا يريدون الخير ، يريدون إثارة الناس ويريدون الفتن ولا يريدون الإصلاح! فالإصلاح له طرقه بارك الله فيكم!
فندعو لهم بالإصلاح والتوفيق والصلاح وبسط العدل في الرعية ، ندعو لهم بهذه الأشياء كلها ،نسأل الله أن يصلحهم ويصلح لهم الرعايا ، ونؤلف الناس عليهم ونصبّرهم عليهم بالحكمة ونبيّن لهم المصالح الكبيرة الي تترتب على ذلك ، ونبين لهم المفاسد التي في الثورة وفي التهييج وفي سلّ السلاح وماذا يترتب عليه من مفاسد عظيمة و إلى آخره ، وكيف وجهنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونذكر الأحاديث التي وردت في هذا الباب .
كنا نذكر هذه الأحاديث وأحاديث كثيرة ونفصّل فيها فيعتبروننا عملاء ! الذي يبين للناس منهج الحق يعتبرونه عميلا ! فنعوذ بالله من الفتن .
قال رحمه الله : ( ولا يرون الخروج عليهم بالسيف وإن رأوا منهم العدول عن العدل إلى الجور والحيف ) ، فلا يرون الخروج عليه بالسيف كما يراه الروافض والخوارج وأهل الفتن الذين أخذوا بهذه المناهج الفاسدة ( وإن رأوا منهم العدول عن العدل ) يعني : مالوا إلى الجور والحيف .
قال رحمه : ( ويرون قتال الفئة الباغية حتى ترجع إلى طاعة الإمام العدل ) الفئة الباغية نقاتلها مع الحاكم ، إذا خرجت فئة على الحاكم ولو فاجرا نقوم إلى الفئة الباغية فننصحها ونتعرف على مطالبها فإن كانت حقا طلبنا من الحاكم إزالة شكواهم ؛فإن فاؤوا ورجعوا إلى طاعة الإمام وإلا قاتلناهم مع الحاكم المسلم .
وإن كانوا خوارج مكفرين للحاكم جهلا وظلما وخرجوا عليه ،فعلينا أن نقاتلهم مع الحاكم ، ولهذا قاتل الصحابة والتابعون مع بني أمية على مافيهم من الإنحراف ، قاتلوا الخوارج فهذا هو الطريق الصحيح .
والأصل في هذا قوله تعالى : (( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفىء إلى أمر الله )) [ الحجرات: 9 ] أي : إذا كان هناك فئتان من المسلمين حصل بينهما قتال ، فإننا نحاول الإصلاح بينهما ، فإذا بغت إحداهما على الأخرى نقاتل التي تبغي ، فإذا بغت وسلّت سيفها على الحاكم فإنما تبغي وتخرج على الأمة وتمزق كلمتها وتعرّضها للمحن والفتن والذلّ والهوان ، فيجب أن نقاتلهم .
نسأل الله ـ تبارك وتعالى ـ أن يوفقنا للتمسك بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وأن يجنبنا وإياكم الفتن ما ظهر منها وما بطن ؛ إن ربنا لسميع الدعاء ، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .


المصدر :
عقيدة السلف وأصحاب الحديث للإمام الصابوني رحمه الله
شرح فضيلة الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله ( ص :358 ) .