المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سورة الواقعة : سر اختيار الفاكهة و تشهي اللحم و الحكمة في تقديم الفاكهة على اللحم



أبو عبد الله بلال الجزائري
25-Jan-2013, 11:11 PM
اختيار الفاكهة و تشهي اللحم و الحكمة في تقديم الفاكهة على اللحم

قال تعالى : (وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ* وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ*)[الواقعة :20-21]

أولا : اختيار الفاكهة و تشهي اللحم :

قال الفخر الرازي : '' هل في تخصيص التخيير بالفاكهة والاشتهاء باللحم بلاغة ؟ قلت : وكيف لا وفي كل حرف من حروف القرآن بلاغة وفصاحة ، وإن كان لا يحيط بها ذهني الكليل ، ولا يصل إليها علمي القليل ، والذي يظهر لي فيه أن اللحم والفاكهة إذا حضرا عند الجائع تميل نفسه إلى اللحم ، وإذا حضرا عند الشبعان تميل إلى الفاكهة ، والجائع مشته والشبعان غير مشته ، وإنما هو مختار إن أراد أكل ، وإن لم يرد لا يأكل ، ولا يقال في الجائع إن أراد أكل ؛ لأن " إن " لا تدخل إلا على المشكوك ، إذا علم هذا ثبت أن في الدنيا اللحم عند المشتهي مختار ، والفاكهة عند غير المشتهي مختارة ، وحكاية الجنة على ما يفهم في الدنيا فخص اللحم بالاشتهاء والفاكهة بالاختيار ، والتحقيق فيه من حيث اللفظ أن الاختيار هو أخذ الخير من أمرين ، والأمران اللذان يقع فيهما الاختيار في الظاهر لا يكون للمختار أولا ميل إلى أحدهما ، ثم يتفكر ويتروى ، ويأخذ ما يغلبه نظره على الآخر فالتفكه هو ما يكون عند عدم الحاجة ، وأما إن اشتهى واحد فاكهة بعينها فاستحضرها وأكلها فهو ليس بمتفكه ، وإنما هو دافع حاجة ، وأما فواكه الجنة تكون أولا عند أصحاب الجنة من غير سبق ميل منهم إليها ، ثم يتفكهون بها على حسب اختيارهم ، وأما اللحم فتميل أنفسهم إليه أدنى ميل فيحضر عندهم ، وميل النفس إلى المأكول شهوة ، ويدل على هذا قوله تعالى : (قطوفها دانية (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=4856&idto=4856&bk_no=132&ID=2511#docu))وقوله : (وجنى الجنتين دان (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=4856&idto=4856&bk_no=132&ID=2511#docu))وقوله تعالى : (وفاكهة كثيرة (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=4856&idto=4856&bk_no=132&ID=2511#docu)لا مقطوعة ولا ممنوعة (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=4856&idto=4856&bk_no=132&ID=2511#docu))فهو دليل على أنها دائمة الحضور ، وأما اللحم فالمروي أن الطائر يطير فتميل نفس المؤمن إلى لحمه فينزل مشويا ومقليا على حسب ما يشتهيه ، فالحاصل أن الفاكهة تحضر عندهم فيتخير المؤمن بعد الحضور واللحم يطلبه المؤمن وتميل نفسه إليه أدنى ميل ، وذلك لأن الفاكهة تلذ الأعين بحضورها ، واللحم لا تلذ الأعين بحضوره ، ثم إن في اللفظ لطيفة ، وهي أنه تعالى قال : (مما يتخيرون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=4856&idto=4856&bk_no=132&ID=2511#docu))ولم يقل : مما يختارون مع قرب أحدهما إلى الآخر في المعنى ، وهو أن التخير من باب التكلف فكأنهم يأخذون ما يكون في نهاية الكمال ، وهذا لا يوجد إلا ممن لا يكون له حاجة ولا اضطرار''([1] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftn1)) .

ثانيا : الحكمة في تقديم الفاكهة على اللحم :
قال الرازي : '' ما الحكمة في تقديم الفاكهة على اللحم ؟ نقول : الجواب عنه من وجوه :
أحدها : العادة في الدنيا التقديم للفواكه في الأكل والجنة وضعت بما علم في الدنيا من الأوصاف وعلى ما علم فيها ، ولا سيما عادة أهل الشرب ، وكأن المقصود بيان حال شرب أهل الجنة .
وثانيها : الحكمة في الدنيا تقتضي أكل الفاكهة أولا ؛ لأنها ألطف وأسرع انحدارا وأقل حاجة إلى المكث الطويل في المعدة للهضم ، ولأن الفاكهة تحرك الشهوة للأكل واللحم يدفعها .
وثالثها : يخرج مما ذكرنا جوابا خلا عن لفظ التخيير والاشتهاء ، هو أنه تعالى لما بين أن الفاكهة دائمة الحضور والوجود ، واللحم يشتهى ويحضر عند الاشتهاء دل هذا على عدم الجوع ؛ لأن الجائع حاجته إلى اللحم أكثر من اختياره اللحم فقال : (وفاكهة (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=4856&idto=4856&bk_no=132&ID=2511#docu))لأن الحال في الجنة يشبه حال الشبعان في الدنيا فيميل إلى الفاكهة أكثر فقدمها ، وهذا الوجه أصح ؛ لأن من الفواكه ما لا يؤكل إلا بعد الطعام ، فلا يصح الأول جوابا في الكل''([2] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftn2))


أبو عبد الله بلال القسنطيني الجزائري.





[1] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftnref1) : التفسير الكبير للرازي (29/153)
[2] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftnref2) : نفس المصدر.

ريان الصبحي
31-Jan-2013, 06:18 PM
جزاك الله خيراً

أبو عبد الله بلال الجزائري
31-Jan-2013, 07:24 PM
و جزاك خيرا أخي