المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أيها المثقف المزعوم حديث العمل عبادة لا أصل له



أبو عبد الله بلال الجزائري
01-Feb-2013, 04:39 PM
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:

فإن المسلم الصادق مع ربه و نفسه وقاف على حدود الله متثبت فيما ينقله من أخبار عملا بقوله تعالى : (يأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا ) [الحجرات:6] ، و أما المتسرع المندفع الذي يجمع الغث مع السمين لا يهمه هذا كله ، بل الذي يهمه و يعمل جاهدا على تحصيله أن يظهر أمام الناس بزي المثقفين و ليقول الناس فلان مثقف في الدين!!!!، فالعجب من هؤلاء ذهب بهم حب الظهور إلى الكذب على رسول الله صلى الله عليه و سلم أولم يسمعوا بحديث :" إن كذبا علي ليس ككذب على أحد من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار" ([1] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftn1)) ؟ و مما تعود الناس على قوله و الإستدلال به حديث : '' العمل عبادة '' و ما هَمُّ هؤلاء إلا إسقاط العباد الزهاد لما رأوهم في تلك الحالة الطيبة فاختلقوا لهم هذا الحديث حتى يسخرون منهم و يبينوا للجهلة أن العابد و طالب العلم ليس أفضل حالا من المفتون بالدنيا ، و مما عجبت له كذلك قول بعضهم : '' لا خير في أمة تأكل مما لا تزرع وتلبس مما لا تصنع'' و قصدوا بهذا القول أن هذا العصر لا يحتاج إلى العلم الشرعي!!! بل الهم كل الهم أن نعمل لتحقيق المطالب الدنيوية !!! أفلا شاهت الوجوه ، بلغ بكم الأمر إلى هذا الحد ؟ فاعلم إذا أيها المتهوك أن الأحاديث الضعيفة و ليس فقط الموضوعة لا يعمل بها في الفضائل ولا في الأحكام و لا في غير ذلك على القول الصحيح من كلام أهل العلم ، و حتى لا تبقى مذهولا سنُعلِّمك أن حديث : '' العمل عبادة '' لا أصل له في شيء من كتب السنة المتداولة عندنا فمن أين أتيت به ؟ و ربما تتشدق أيها المثقف بتلك القصة الواهية التي تدور وقائعها حول ذلك الرجل الذي كان يتعبد الله في المسجد ليل نهار وله أخ يعمل طول الوقت لينفق عليه ، فلما رآه النبى صلى الله عليه وسلم قال له : '' من ينفق عليك ؟ قال : أخي . قال : أخوك أعبد منك'' ، و منهم من يقول تعقبا على هذا الحديث : '' فأدخل الله العابد النار و أدخل الآخر الجنة ''!!! ، و هذا كذلك باطل لا أصل له كسابقه فلا تتعب نفسك إذا، و ضف إلى معلوماتك هذا الحديث الصحيح الذي يعارض ما جئت به حتى تكون أكثر تثقيفا من ذي قبل ، و هذا الحديث أخرجه الترمذي و غيره ، فقد قال الترمذى : ''حدثنا ‏ ‏محمد بن بشار ‏ ‏حدثنا ‏ ‏أبو داود الطيالسي ‏ ‏حدثنا ‏ ‏حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس قال : '' كان أخوان على عهد النبى صلى الله عليه وسلم فكان أحدهما يأتى النبى صلى الله عليه وسلم والأخر يحترف فشكى المحترف أخاه إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال له : لعلك ترزق به "([2] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftn2)) ، و لزيادة معلومتك أيضا فحديث : '' لا خير في أمة تأكل مما لا تزرع وتلبس مما لا تصنع'' لا أصل له ، بل ليس بحديث أصلا إنما هو قول أحد الكتاب المعاصرين ، و هذا فيه تهكم على أمة محمد إذ كيف ينفي عليها الخيرية بالكلية ؟ أليس هذا تعسفا في حق إخوانه المسلمين ؟ أم أن الحضارة الغربية و زبالات الفلاسفة أخذت عقله ؟ و مع هذا لا نقول لا تعملوا و من قال هذا فقد عارض الأحاديث النبوية التي تحث على الكسب الحلال و كسب اليد فعن المقدام رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : '' ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده ''([3] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftn3)) و الأحاديث كثيرة في هذا الباب ، و مما جاء عن السلف رحمة الله عليهم أن علي بن الفضيل قال:'' سمعت أبي وهو يقول لابن المبارك: أنت تأمرنا بالزهد والتقلل والبلغة ونراك تأتي بالبضائع من بلاد خراسان إلى البلد الحرام كيف ذا؟! فقال ابن المبارك: يا أبا علي إنما أفعل ذا لأصون به وجهي وأكرم به عرضي وأستعين به على طاعة ربي ، لا أرى لله حقاً إلا سارعت إليه حتى أقوم به ، فقال له الفضيل: يا ابن المبارك ما أحسن ذا ، إن تم ذا'' ([4] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftn4)).



هذا و لتعلم جيدا أن طلب العلم الشرعي يعد من أعظم العبادات ، فطالب العلم سيحيي الله على يده أمة كاملة أماتها الجهل ، فإن كنت مثقفا كما تدعي فبادر بإعانتهم فالنفقة على طلبة العلم من أعظم الأشياء التي يؤجر عليها الإنسان و تأمل في الحديث الصحيح الذي مر عليك لتعلم قيمة طلب العلم و قيمة من ينفق عليهم و لولا الخشية من إطالة الموضوع لنقلة لك أقوال الأئمة في فضل النفقة على طلبة العلم .


هذا و الله أسأل أن يجعلنا من عباده الصالحين السائرين على طريقة السلف الصالح , ان يوفقنا لطلب العلم و أن يصحح نياتنا و آخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدّين، وسلّم تسليمًا.




أبو عبد الله بلال القسنطيني الجزائري.




[1] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftnref1) : متفق عليه ، و عند مسلم دون قوله : " إن كذبا علي ليس ككذب على أحد "


[2] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftnref2) : الترمذي برقم ( 2345 ) و قال : حديث حسن صحيح .


[3] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftnref3): أخرجه البخاري برقم (2072).


[4] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftnref4) : رواه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ( 10 / 160 ).