المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من خالف السنة فقد كفر



أبو خالد الوليد خالد الصبحي
08-Apr-2010, 10:22 PM
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه

أما بعد :

فقد قال ابن عمر :" صلاة السفر ركعتان فمن خالف السنة كفر" رواه عبد الرزاق في المصنف (2/520) عبد بن حميد في مسنده ( 829 )من طريق معمر عن قتادة عن مورق العجلي عن ابن عمر

وفي رواية معمر عن قتادة فيها كلام وقد خولف

فرواه أبان بن يزيد عن قتادة عن صفوان بن محرز عن ابن عمر . رواه ابن عبد البر في التمهيد (11/175) وإسناده قوي

ورواه الطحاوي في شرح المعاني ( 2265 ) أبو نعيم في الحلية (7/185) من طريق شعبة عن قتادة به

ورواه البيهقي في الكبرى (3/140) من طريق أبي التياح عن مورق العجلي عن صفوان به

ورواه الطبراني في (718) من طريق عبد الله بن رجاء عن هشام بن حسان عن أيوب عن نافع عن ابن عمر به

قلت : هذا نصٌ عام والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب وإن كان سبب الورود قطعي الدخول

لقد وصف ابن عمر الزيادة على الركعتين في السفر بالكفر لأنه رآها من باب البدع العملية ، ومن خالفه من الصحابة لم يجوز البدع وإنما كان له مأخذ آخر وهو أن هذه رخصة ونحن مخيرون بين الرخصة والعزيمة

فإن قلت : ما وجه وصف البدعة العملية بالكفر ؟

قلت : لأنها حكمٌ بغير ما أنزل الله وتشريعٌ من دون كما شرحته في مقال مستقل ،و إليك بعض مما ذكرته هناك

قالالإمام الشاطبي في المبتدع:"قد نزل نفسه منزلة المضاهي للشارع،لأن الشارع وضع الشرائع وألزم الخلقالجريَ على سنن، وصار هو المنفرد بذلك، لأنه حكم بين الخلق فيما كانوا فيه يختلفون،وإلا فلو كان التشريع من مدركات الخلق لم تنزل الشرائع، ولم يبق الخلاف بين الناس،ولا احتيج لبعث الرسل – عليهم السلام – فهذا الذي ابتدع في دين الله قد صبَّر نفسهنظيرا ومضاهيا حيث شرع مع الشارع" _ الإعتصام ( 1/50_51)

وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب فيرسالته فضل الإسلام :" باب ما جاء أن البدعة أشد من الكبائر
وقوله تعالى: ( إِنَّاللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْيَشَاءُ)
قالالشيخ ابن باز في شرحه لكلامه هذا :" والمعنى: أن البدعة أكبر من الكبائر لأنهاتنقص للإسلام وإحداث في الإسلام واتهام للإسلام بالنقص، فلهذا يبتدع ويزيد. وأماالمعاصي فهي اتباع للهوى وطاعة للشيطان فهي أسهل من البدعة وصاحبها قد يتوب ويسارعويتعض، أما صاحب البدعة فيرى أنه مصيب وأنه مجتهد فيستمر بالبدعة نعوذ بالله، ويرىالدين ناقص فهو بحاجة إلى بدعته. ولهذا صار أمر البدعة أشد وأخطر من المعصيةقال تعالى في أهل المعاصي: (وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَلِمَنْ يَشَاءُ)فأهل المعاصي تحت المشيئة،وأما أهل البدع فذنبهم عظيم وخطرهم شديد لأن بدعتهم معناهاالتنقص للإسلاموأنه محتاج لهذه البدعة ويرى صاحبها أنهمحق ويستمر عليها ويبقى عليها ويجادل عنها نسأل الله العافية"


وقالالشيخ صالح الفوزان في شرح نواقض الإسلام ص103 _ 104 :" ومما يتعلق بهذه المسألة أنالحكم بما أنزل الله ليس كما يفهم بعض الناس الذين ينتسبون إلى الدعوة إنه الحكم فيالمنازعات المالية والحقوقية فقط ، ولا يطالبون إلا بهذا الشيء أن يحكم بما أنزلالله في الخصومات التي تجري في المحاكم ، وأن تحل الخصومات والمنازعات بين الناسبالشريعة لكن ليس الأمر قاصراً على هذا ،بل يجب الحكم بما أنزل الله في العقائدالتي هي أهم شيء "

ثم قال الشيخ بعدها في ص 105 " وكذلك لابد منتحكيم الشريعةفي العباداتلأنهناك عبادات تتمشى على الكتاب والسنة ، وهناك عبادات محدثة ليس لها أصل في الكتابوالسنةفهذهبدعيجب بيانبطلانها "

قلت : فانظر كيف جعل البدع في العباداتمن ترك تحكيم شرع الله فيها

واعلم أن كلمة ابن عمر هذه تنطبق على جميع البدع لعموم اللفظ كم قدمنا ، والكفر هنا ليس الأكبر بل الأصغر كما يعلم بداهةً

ومن هذا تعلم عظيم فقه البربهاري حيث قال في شرح السنة :"فمن خالف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء من أمر الدين فقد كفر " ، فإنه أراد البدع التي هي حكمٌ بغير ما أنزل الله وتشريعٌ من دون الله لا فرق في ذلك بين بدعةٍ عملية أو أخرى اعتقادية ، وأراد بالكفر هنا الكفر الأصغر وقد يصل إلى الكفر الأكبر كما هو الشأن في بدعة الرافضة وبدعة الجهمية

ومن هذا التقرير تعلم غلط من زعم أن بعض المعاصي أشد من بعض البدع بحجة أن الشارع وصف بعض المعاصي بأنها كفر وقد قال العلماء :" ليس بعد الكفر ذنب "

فالجواب : أن البدع كذلك موصوفةٌ بذلك على لسان هذا الصحابي الفقيه ، وكلمة ( ليس بعد الكفر ذنب ) إنما أرادوا بها الكفر الأكبر لا الكفر الأصغر ، والعجيب أن هذا المعترض يحتج بإطلاق الشارع على بعض المعاصي اسم الكفر على أنها أشر من البدع كما هو يأتي بمعاصي لم يطلق عليها الشارع اسم الكفر مثل الزنا والربا ويزعم أنها شرٌ من بعض البدع

وقول سفيان :" البدعة أحب إلى إبليس من المعصية فإن البدعة لا يتاب منها والمعصية يتاب منها " التعليل فيه يدل على العموم فإن الوصف التي علق الحكم عليه ، يشمل جميع البدع وجميع المعاصي

إخواننا بارك فيكم ، الحق ينبغي أن يقبل من قائله كائناً من كان فالحق لنا وإن جاء من مبطل والباطل ليس لنا وإن جاء من صاحب حق

فلا يتسرع المرء بالنقد حميةً لنفسه ويتنمر بالعلم فالحق ينبغي أن يقبل وإن جاء ممن لا يفرق بين ( الحال ) و ( الصفة )

وإن كان الذي لا يفرق بين الحال والصفة أحسن حالاً ممن لا يفرق بين السنة والبدعة وبين البدعة المفسقة والبدعة المكفرة

فاللحن في اللسان أهون من اللحن في المنهج

روى الخطيب البغدادي في اقتضاء العلم العمل (151 ) عن مالك بن دينار أنه قال : ( تلقى الرجل وما يلحن حرفا وعمله لحن كله )

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم