المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أخي الحبيب، يا من غلبه الدّيْن وأعياه



أبو خالد الوليد خالد الصبحي
08-Apr-2010, 10:24 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الحبيب، يا من غلبه الدَيْن وأعياه، أردت أن أضع بين يديك مقتطفات من مقال [تنوير الحوالك في الكلام على حديث "اللهم اكفني بحلالك عن حرامك"] لشيخنا عمر الحاج مسعود حفظه الله، المنشور في مجلة الاصلاح السلفية الجزائرية أدامها الله العدد التاسع عشر، لعل الله عز وجل أن يفرّج عنك كربك... آمين.



[ أتى عليًا رضي الله عنه رجلٌ، فقال: يا أمير المؤمنين إني عَجَزتُ عن مُكاتبتي فأعنِّي، فقال عليٌ رضي الله عنه: ألا أُعلمك كلمات علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لو كان عليك مثل جَبَلِ صِيرٍ دنانير لأدَّاهُ عنك، قلت: بلى، قال: قل:


اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك.





رواه عبد الله بن احمد في زيادات "المسند" (1/153)، والترمذي (3563)، وقال "هذا حديث حسن غريب" والحاكم (1/538)، وقال "صحيح الإسناد ولم يُخرِّجاه" ووافقه الذهبي، وعنه البيهقي في "الدعوات الكبير" (303)، والضياء المقدسي في "المختارة" (490)، والطبراني في "الدعاء" (1042)، والبزار (563)، وقال: "وهذا الحديث لا نعلمه يُروى عن علي رضي الله عنه إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد".


والحديث حسنٌ...





...

فوائد الحديث






يؤخذ من هذا الحديث فوائد عظيمة، وأصول جليلة:

الفائدة الاولى:
التوكل على الله حقًّا، والاستعانة به صدقًا على قضاء الدَّين والوفاء به، قال الله تعالى: "ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب" [سورة الطلاق]، قال قتادة: "من حيث لا يرجو ولا يُؤَمِّل" [تفسير الطبري 46/23].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو انكم كنتم توكلون على الله حق توكله، لرزقكم كما يرزق الطير، ألا ترون أنها تغدو خماصا وتروح بطانا" [رواه احمد30/1 والترمذي 2344 وقال: هذا حديث حسن صحيح، وصححه الألباني في صحيح الجامع 5254].
فالتوكل على الله عز وجل من أعظم الأسباب التي يُستجلب بها الرزق ويُتوسل بها لقضاء الدَّين، قال بعض السلف: "بحسبك من التوسل إليه أن يعلم من قلبك حُسن توكُّلك عليه، فكم من عبدٍ من عباده قد فوَّض إليه أمره فكفاه منه ما أهمَّه، ثم قرأ: "ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث يحتسب" [جامع العلوم والحكم 407/2]، ثم لابد مع التوكل من السعي الصادق، والعمل بالأسباب المشروعة، واتخاذ التدابير اللازمة، وطرح الكسل والبطالة.
ومن أخلصَ في نيته وتوكله، وصدق في سعيه وهمَّته أدَّى عنه ربُّه وقُضي دَيْنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أخذ أموال الناس يريد أداءها أداها الله عنه، ومن أخذها يريدُ إتلافها أتلفه الله عز وجل" [رواه احمد 361/2، والبخاري 2387].

الفائدة الثانية:
التوجه إلى الله تعالى وإنزال الحوائج به، ففضله عظيم، ورزقه كريم، قال الله تعالى: "واسألوا الله من فضله" [سورة النساء]، وقال "فإذا فرغت فانصب * وإلى ربك فارغب" [سورة الشرح]، أي ارغب إليه وحده ولا ترغب إلى غيره، وجاء في وصيَّته صلى الله عليه وسلم إلى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: "إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله"، أي اسأله ولا تسأل أحدًا سواه، "لأن السُؤال فيه إظهار الذُّلِّ من السائل والمسكنة والحاجة والافتقار، وفيه الاعتراف بقدرة المسؤول على رفع هذا الضّرّ ونيل المطلوب وجلب المنافع ودر المضارّ، ولا يصلح الذُّلُّ والافتقار إلا لله وحده، لأنه حقيقة العبادة" [قاله ابن رجب في جامع العلوم 395/1].
إن الله تعالى يحب من عباده أن يسألوه ويطمعوا فيما عنده،وينزلوا حوائجهم به، فإذا فعلوا ذلك، رزقهم من خزائنه وأغناهم من فضله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من نزلت به فاقة فأنزلها بالناس لم تُسدَّ فاقته، من نزلت به فاقة فأنزلها بالله فيوشك الله له برزق عاجل أو آجل" [رواه الترمذي 2326، وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب، وصححه الألباني في صحيح الجامع 6566].
فعلى المدين أن يُوطِّن نفسه على سؤال ربِّه والرَّغبة في فضله، ويَدَعَ سؤال العبد الضعيف الذي إذا أعطى منَّ، وإذا أحسن استعبد، إلا من رحم الله تعالى.
قال عطاء: جاءني طاووس رحمه الله فقال لي: "يا عطاء، إيَّاك أن ترفع حوائجك إلى من أغلق دونك بابه، وجعل دونك حجابًا، وعليك بطلب حوائجك إلى من بابُه مفتوح لك إلى يوم القيامة طلب منك أن تدعوَه، ووعدك بالإجابة" [حلية الأولياء 11/4].
ومن أصبح وأمسى لا يرجو إلا ربَّه ولا يرغب إلا فيما عنده كان غنيًّا قنوعًا، وعاش سعيدا عزيزا.
كان من دعاء الإمام المبجل أحمد بن حنبل رحمه الله: "اللَّهمَّ كما صُنتَ وجهي عن السجود لغيرك، فصن وجهي عن المسألة لغيرك" [حلية الأولياء 233/9].

الفائدة الثالثة:
فضيلة هذا الدعاء وأهميته في قضاء الدَّين، فالداعي يدعو ربه الرزاق ذا القوة المتين ان ريزقه الكفاية من الحلال، والاستغناء بفضله عمَّن سواه.
فمن حرص على هذا الدعاء وواظب عليه محقِّقًا شروط الإجابة مجتنبا موانعها، كفاه الله وأغناه وأدَّى عنه وأعانه، مهما عَظُمَ ذلك الدَّين، فخزائنه عز وجل لا تنفد، ورزقه لا ينقص، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن يمين الله ملأى لا يغيضها نفقة سحّاءُ الليل والنهار، أرأيتم ما أنفق منذ خلق السموات والأرض فإنه لم ينقص ما في يمينه" [رواه البخاري 7419 ومسلم 993] ومن رزقه الله من فضله لم يحتج إلى غيره.... ] اهـ.