المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إلى متى الرقاد إلى متى البعاد من الذي يوقظك أيها الجماد.. للشيخ أبي بكر يوسف لعويسي



أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
03-Feb-2013, 01:50 PM
إلى متى الرقاد إلى متى البعاد من الذي يوقظك أيها الجماد



بسم الرحمن الرحيم : الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد : السلام عليكم ورحمة الله .
هذه قصيدة زهدية في التنبيه على الغفلة والتسويف والرقاد ، نسأل الكريم المنان ان يمن علينا بتوبة صادقة ، وأن يعيننا على أنفسنا وعدونا الشيطان الذي يزينا لنا النوم الطويل على الفرش ولين المهاد ، ويسوف لنا بالتوبة وطول الأمل ، والعمر ينقضي بسرعة البرق ، والزمان قد تقارب ، والفائز هو من شمر وجد واجتهد ، وأخذ من صغره إلى كبره ، ومن كبره إلى قبره ، ومن يومه إلى غده ، ومن دنياه إلى آخرته ، يوم يرى السابقين قد فازوا ، وهو قد أُخر ، لأنه كان يتأخر ، ولا يبالي بما قدم أو أخر . إليكم عني لا توقظوني ، فأنا في لذة فلا تحرموني ، قضاء ليلي في النوم والمجون ، ونهاري في الغفلة والفنون ، يتغنى بقول عدوه : نوموا ولا تستقيظوا ما فاز إلا النوام .

إلى متى يا عينُ هذا الرقاد ُ ***** أما آن أن تكتحلي بالسهاد
تنبهي من رقدة وانظري ***** ما فات من خير على ذي الرقاد
يا أيها الغافل في نومه ***** قم لترى لطف الكريم الجواد
مولاك يدعوك إلى بابه ***** وأنت في النوم شبيه بالجماد
يبسط الكفين هل تائب ***** من ذنبه هل من له من مراد
وأنت من جنب إلى جانب ***** تدور في الفرش ولين المهاد
يدعوك مولاك إلى قربه ***** وأنت تختار الجفا والبعاد
كم هكذا التسويف في غفلة ***** ليس على العمر العزيز اعتماد
لقد مضى ليل الصبا مسرعا ***** ونير صبح الشيب فوق الفؤاد
أفق فإن الله سبحانه ***** رحمته عمت جميع العباد .
دخل عمر بن عبد العزيز رحمه الله على سابق البربري وهو يتمثل بالأبيات المشهورة من قصيدة الأعشى .
أجِدّكَ لَم تَذكُر وِصَاةَ محمّدٍ ***** نبيَ الإلهِ حينَ أوصَى وأشهدَا
إذا أنت لم ترحل بزادٍ من التُقَى ***** وأبصرتَ بعدَ الموتِ من قد تزودَا
ندمتَ على أن لا تكونَ كمثله ***** وأنكَ لم تُرصِد كما كان ارصدَا

فغشي على عمر رحمه الله فلما أفاق قال : زدنا .قلت هكذا تفعل الكلمات الصادقة في النفوس الأبية الزكية المخلصة .
فقال سابق البربري القصيدة التي تلي :
بسم الذي أنزلت من عنده السور ***** الحمد لله أما بعد يا عمر
إن كنت تعلم ما تبقي وما تذر ***** فكن على حذر قد ينفع الحذر
واصبر على القدر المقدور وارض به ***** وان أتاك بما لا تشتهي القدر
فما صفى لامرئ عيش يسر به ***** إلا وأعقب يوما صفوه كدر
قد يرعوي المرء يوما بعد هفوته ***** وتحكم الجاهل الأيام والعبر
إن التقى خير زاد أنت حامله ***** والبر أفضل ما تأتي وما تذر
من يطلب الجور لايظفر بحاجته ***** وطالب العدل قد يهدى له الظفر
وفي الهدى عبر تشفى القلوب بها ***** كالغيث يحي به من موته الشجر
وليس ذو العلم بالتقوى كجاهلها ***** ولا البصير كأعمى ماله بصر
والذكر فيه حياة للقلوب كما ***** تحيا البلاد إذا ما جاءها المطر
والعلم يجلو عن قبل صاحبه ***** كما يجلى سواد الظلمة القمر
لا ينفع الذكر قلبا قاسيا ابدا ***** وهل يلين لقول الواعظ الحجر .
فقلت :
فهل ينفعك شيء أيها الرقاد ****** وهل يحرك ضميرك شيئ أيها الجماد ؟!
قم وصلي وتحرك للجهاد ***** نفسك التي بين جنبيك فداك أكبر الجهاد
وتجهز بالتقوى فإنها خير زاد ***** واعمل لغدك فذاك يوم المعاد
وصلى اللهم وسلم على عبدك ورسولك محمد،وعلى آله وصحبه أجمعين ، والحمد لله رب العالمين .

وهذه أبيات في الغفلة مقتسبة من قصيدة الضاعر صالح محمّد جرّار
بعنوان غفلة وتوبة رأيت أنها تناسب الموضع .

غفلت عن المصير فضل سعيي *** فـيـا ويلاهُ من سوء المصيرِ
ويـا ويل الذي ضحى بأخرى *** لعـيش بهارجِ العمر القصيرِ
ويـا ويـلي غررت بما دعتنيِ *** إلـيـه الـنفس من وهمٍ وزورِ
فـقـد هتفت بي الأهواءُ يوماً *** وزيـنـت الـمظاهرَ بالقشورِ
وأهـدتـنـي جناحاً من خيالٍ *** لـيـحـملني إلى أفقِ السرورِ
وقـالـت لـلضمير الآن فارقدْ *** فـمـا مـتع تنال مع الضّميرِ
وغـابـتْ خـشيةُ الجبّار عنّي *** فـألـقـيت الزمام إلى الغرورِ
فـأظـهـر شوك دربي ياسميناً *** ومـنّـانـي البقاء على الدهورِ
وخـلّـى بين ضعفيَ والخطايا *** وقـال مقهقهاً : " وإلى السعير
فـيـا ويـلاه مـاذا قد دهاني *** فـلـم أنصت لتحذير النذيرِ؟
وأطـلـقت الندامة صوت حقٍ *** يـنـاقـش كل أسرار الضميرِ
وهـل تـجدي الندامة من فتيلٍ *** إذا لـم يـغـشها عفو القديرِ؟
فـبـادر قـبل موتكَ يا بنَ فانٍ *** وفـانـيـةٍ إلـى باب الغفورِ
تـذلـل لـلـعـليّ وتب إليه *** فـمـا لك غير ربك من مجيرِ

أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
30-Jul-2013, 01:52 PM
للرفع