المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الوقفات المشرقة على جنايات حاج عيسى الجزائري على سيرة الألباني وأصول المنهج السلفي



أبو أنس بشير بن سلة الأثري
10-Feb-2013, 01:07 AM
الوقفات المشرقة على جنايات حاج عيسى الجزائري على سيرة الألباني وأصول المنهج السلفي


بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحمده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم .
أما بعد :
فإنه مما لا شك فيه أننا أمة وجبت علينا النصيحة -وفقهها- لله...، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم، الأحياء منهم والميتين.
وتفاصيل القول في هذا الباب الشامل الكامل، وهذا الموضوع المهم الذي عظَّم شأنه ربنا - جل وعز- في كتابه الجليل إذ قال- وقوله الحق-:{ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ } [التوبة: 91]. كما عظَّم قدره رسولنا الناصح الأمين -عليه من ربه أزكى الصلاة وأتم التسليم- بقوله وقوله الصدق: ((الدين النصيحة. قالوا: لمن يا رسول الله؟! قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم)) ([1]) .
أقول: تفاصيل ذلك معلومة في أبوابِها من كتب الاعتقاد وكتب السنة الغراء وشروحها التي يعرفها من نذروا أنفسهم للعناية بِها من أولي العلم والنهى، ألا وإن من هذه الأبواب كتب الردود على أهل الأخطاء، أو أهل البدع والأهواء الَّتِي قام بِها ويقوم بِها في كل زمان ومكان علماء السلف السابق منهم والمعاصر واللاحق: { سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً } [الأحزاب:62].
وكم فيها يا أخي الكريم، من خير عميم، وأجر عظيم، وكم فيها من فوائد جمة، تعود على الأمة، وبالأخص على من صدرت منهم أخطاء يتعين الرد عليها من ذوي الكفاءات العلمية، سواء كان أهل الأخطاء من الأحياء، أو ممن قد أفضوا إلى ربِّهم، وما ذلك إلا لأن في الرد المذكور ـ بالإضافة إلى نصرة الحق الذي يحبه الله ورسوله وقمع الباطل الذي يبغضه الله ورسوله ـ تحذيرًا للناس
الذين قلَّ نصيبهم من العلوم الشرعية، بحيث لا يميزون بين الغث والسمين، أو الذين ديدنُهم التعصب للأشخاص([2] )، أو التقليد الأعمى، والتبعية الحزبية، لمن ذاع صيتهم، واشتهر نشاطهم
في دعوة الخلق إلى تحكيم الشريعة الإسلامية ـ كما قالواـ بيد أنَّهم لَم يوفقوا للسير في منهج
الدعوة الصحيح الذي سار عليه علماء السلف وأتباعهم قديْمًا وحديثًا، كما هو مفصَّل في كتبهم السلفية، وسيرهم الدعوية."([3])
إلا أنه يا أيها الأخ الكريم إن هذا العمل الجليل والعبادة العظيمة تفتقر إلى شروط وضوابط حتى تقبل ويتحقق أمرها وينتفع بها كما هو الشأن في جميع العبادات ، ومن أهمها الإخلاص والمتابعة ، فالآمر بالمعروف والناهي عن المنكر والراد على المخالف يجب أن يكون الحامل له على بيان الأخطاء والمخالفات من خالف أولا وقبل كل شيء هو الإخلاص لله تعالى ، منقيا قلبه من رعونات الرياء والسمعة والشهرة والحسد والعصبية والمذهبية واللون والزي والتشفي والانتقام وإلى غير ذلك من رعونات النفس وحماقاتها ودعاويها الباطلة ، والأغراض الفاسدة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في "مجموع الفتاوى " (28 / 221) : (( وَإِذَا كَانَ مُبْتَدِعًا يَدْعُو إلَى عَقَائِدَ تُخَالِفُ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ أَوْ يَسْلُكُ طَرِيقًا يُخَالِفُ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَيُخَافُ أَنْ يُضِلَّ الرَّجُلُ النَّاسَ بِذَلِكَ : بَيَّنَ أَمْرَهُ لِلنَّاسِ لِيَتَّقُوا ضَلَالَهُ وَيَعْلَمُوا حَالَهُ . وَهَذَا كُلُّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهِ النُّصْحِ وَابْتِغَاءِ وَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى لَا لِهَوَى الشَّخْصِ مَعَ الْإِنْسَانِ : مِثْلَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ دُنْيَوِيَّةٌ أَوْ تَحَاسُدٌ أَوْ تَبَاغُضٌ أَوْ تَنَازُعٌ عَلَى الرِّئَاسَةِ فَيَتَكَلَّمُ بِمَسَاوِئِهِ مُظْهِرًا لِلنُّصْحِ وَقَصْدُهُ فِي الْبَاطِنِ الْغَضُّ مِنْ الشَّخْصِ وَاسْتِيفَاؤُهُ مِنْهُ فَهَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ وَ { إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى } بَلْ يَكُونُ النَّاصِحُ قَصْدُهُ أَنَّ اللَّهَ يُصْلِحُ ذَلِكَ الشَّخْصَ وَأَنْ يَكْفِيَ الْمُسْلِمِينَ ضَرَرَهُ فِي دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ وَيَسْلُكُ فِي هَذَا الْمَقْصُودِ أَيْسَرَ الطُّرُقِ الَّتِي تُمَكِّنُهُ . )) ا.هـ
هذا أمر ، والأمر الثاني ـ كما قلت ـ الذي ينبغي على الراد أيضا أن يراعيه في عبادته هذه أن يستحضر متابعته لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلا يجوز له أن يرد على المخالف بإحداث في الدين ما ليس منه من الأقوال كما هو شأن الطوائف المبتدعة في هذا الباب ـ والعياذ بالله ـ ، بل يجب أن ترد المخالفة بالسنة ، لأن المقصود من رد الخطأ هو إظهار الحق فكيف يرد الباطل بالباطل !!، بل رد الباطل بما هو مقابله من الباطل يستدعي إلى استطالة المبطل على هذا الراد .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في " درء تعارض العقل والنقل "( 3 / 209) : (( الرد على أهل الباطل لا يكون مستوعبا إلا إذا اتبعت السنة من كل الوجوه وإلا فمن وافق السنة من وجه وخالفها من وجه طمع فيه خصومه من الوجه الذي خالف فيه السنة واحتجوا عليه بما وافقهم عليه من تلك المقدمات المخالفة للسنة
وقد تدبرت عامة ما يحتج به أهل الباطل على من هو أقرب إلى الحق منهم فوجدته إنما تكون حجة الباطل قوية لما تركوه من الحق الذي أرسل الله به رسوله وأنزل به كتابه فيكون ما تركوه من ذلك الحق من أعظم حجة المبطل عليهم ووجدت كثيرا من أهل الكلام الذين هم أقرب إلى الحق ممن يردون عليه يوافقون خصومهم تارة على الباطل ويخالفونهم في الحق تارة أخرى ويستطيلون عليهم بما وافقهم عليه من الباطل وبما خالفوهم فيه من الحق )) ا.هـ
وقال الإمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ في " الصواعق المرسلة " (4 / 1255) : (( ولا يمكن الرد على أهل الباطل إلا مع أتباع السنة من كل وجه وإلا فإذا وافقها الرجل من وجه وخالفها من وجه طمع فيه خصومه من الوجه الذي خالفها فيه واحتجوا عليه بما وافقهم فيه من تلك المقدمات المخالفة للسنة ومن تدبر عامة ما يحتج به أهل الباطل على من هو أقرب إلى الحق منهم وجد حجتهم إنما تقوى على من ترك شيئا من الحق الذي أرسل الله به رسوله وأنزل به كتابه فيكون ما تركه من الحق أعظم حجة للمبطل عليهم ويجد كثيرا من أهل الكلام يوافقون خصومهم على الباطل تارة ويخالفونهم في الحق تارة فيتسلطون عليهم بما وافقوهم فيه من الباطل وبما خالفوهم من الحق وليس لمبطل بحمد الله حجة ولا سبيل بوجه من الوجوه على من وافق السنة ولم يخرج عنها حتى إذا خرج عنها قدر أنملة
تسلط عليه المبطل بحسب القدر الذي خرج به عن السنة فالسنة حصن الله الحصين الذي
من دخله كان من الآمنين وصراطه المستقيم الذي من سلكه كان إليه من الواصلين وبرهانه
المبين الذي من استضاء به كان من المهتدين فمن وافق مبطلا على شيء من باطله جره بما
وافقه منه إلى نفي باطله )) ا.هـ
فمن هذا الباب قرر أهل العلم والإيمان ، أن الذي نصب نفسه لانتقاد مقالات المخالفين وتقويمها ، والناظر في المسائل العلمية المختلف فيها ، ينبغي أن يكون على جانب عظيم من العلم الصحيح الْمَبْنِي عَلَى الوَحْيَين بِفَهْم السَّلفِ رَضي الله عنهم ، وإلا فلا يتكلف .
قال شيخنا المحقق الهمام عبدالله بن عبدالرحيم البخاري ـ حفظه الله ـ في مقالات " أهمِّيةُ الرَّدِّ علَى المخالفِ، وبيانُ جُمْلَةٍ مِنْ ثَمَارهِ " ( الحلقة الرَّابعة ) : (( العِلْمُ الصَّحِيْحُ الْمَبْنِي عَلَى الوَحْيَين بِفَهْم السَّلفِ رَضي الله عنهم. : وهذا مطلبٌ أساس، لا مَعدلَ عنْه لِمَنْ رَامَ بَيَانَ الْحَقّ لِلْخَلقِ، وَرَدّ البَاطلِ وَدَحْض شُبه أَهْلهِ، وَفُقْدَانُهُ فُقْدانٌ للسِّلاَحِ الَّذي به يُدَافِعُ وَيُنَاضِلُ، قَال الحافظ صالح بن مهران الشيباني:" كُلُّ صاحب صناعةٍ لا يقدر أن يعمل في صناعته إلاَّ بآلةٍ، وآلةُ الإسلام العلم"([4]).
وقَدْ ذمَّ الله - وحذَّر- القَولَ بِغَيْر عِلْمٍ وَلاَ هُدَىً ولا كتَابٍ منير، فقال َالله تعالى : { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ} [الحج:3].
قال العلاَّمة السَّعديُّ في "التفسير "(ص 573) : ( ومنَ النَّاسِ طَائفةٌ وَ فِرْقَةٌ، سَلَكُوا طَريقَ الضَّلالِ، وَ جَعلُوا يُجَادِلُون بِالبَاطِل الْحقَّ، يُريدونَ إِحْقَاقَ البَاطلِ، وَإبْطَالَ الْحقِّ، وَالْحَالُ أنَّهُم: فِي غَايَةِ الْجَهْلِ، مَا عنْدَهُم مِنَ العِلْمِ شَيءٌ، وَغَايةُ مَا عنْدَهُم تَقليد أئمَّة الضَّلال، مِنْ كُلِّ شَيطانٍ مَريدٍ، مُتَمَرِّدٍ عَلَى الله وَ عَلَى رُسُلهِ، مُعَانِدٍ لَهُم، قَد شَاق اللهَ وَ رَسُولَهُ، وَصَار مِنَ الأئمَّة الَّذين يَدْعُونَ إلَى النَّار) .
إلى أن قال حفظه الله :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في "المجموع "(3/245) :( ومما يجبُ أن يعلم أنَّ الذي يريد أن ينكر على النَّاس ليس له أنْ ينكر إلاَّ بِحُجَّةٍ وَبَيَانٍ..).
وقالَ أيضاً في "الرَّدِّ على المنطقيين"(ص 273): ( فليسَ لأحدٍ أنْ يتَكلَّم بِلاَ عِلْمٍ، بَلْ يُحْذَرُ مِمَّنْ يَتَكَلَّمُ فِي الشَّرْعِيَّات بِلاَ عِلْمٍ، وفي العَقليَّات بِلاَ عِلْمٍ؛ فَإنَّ قوماً أرَادُوا بِزَعْمِهم نَصر الشَّرعِ بِعُقُولِهم النَّاقِصة وَ أَقْيِسَتِهِمُ الفَاسِدة، فَكان مَا فَعلوه مِمَّا جَرَأَ الْمُلْحِدينَ أَعْدَاء الدِّين عليهِ، فَلاَ لِلإسْلاَمِ نَصَرُوا، ولاَ لأَعْدَائهِ كَسَرُوا ). )) ([5] )
ومن هنا تجدهم أنهم قد صاحوا وشنعوا على من رد البدعة بالبدعة ، ولم يعدوا عمله شيئا
قال الشيخ عبدالله البخاري : (( 6/ عَدَمُ ردِّ البَاطل بِبَاطِلٍ، وإنَّما يُرَدُّ البَاطل بالْحَقِّ.
سبقَ أنْ ذَكرتُ أنَّ المقصودَ مِنَ الرَّدِّ عَلَى الْمُخَالِفِ (الوصُول إلى الْحَقِّ وَبيانه) وَردِّ الباطل ودَحْضهِ، فَيُؤدِّي الْمُفْروضَ عليهِ بتجرُّدٍ تامٍّ لله جلَّ وعلاَ، قَالَ العلاَّمة السجزيُّ في " الرَّد عَلى مَنْ أنكر الحرف والصَّوت" (ص 235):( قَالَ الحسن: المؤمنُ ينشرُ حِكْمَة الله، فإنْ قُبِلتْ منْه حَمِد الله، وإنْ رُدَّت حَمِدَ الله.
- قَال السِّجزيُّ معلِّقاً- وَمَوضِعُ الْحَمدِ فِي الرَّدِّ أنَّهُ قَدْ وفِّق لأدَاءِ مَا عَليهِ).
لذَا فَأهلُ السُّنَّة سَمْتُهم وَ سِيْمَاهُم أَبداً ( لُزُومُ الْحَقِّ، وَ اتِّباعُهُ )، فِي كلِّ شأنٍ مِنْ شُؤون أُمُورهم، ومنْها الرَّد عَلَى الْمُخَالِفِ، وَلا حَاجة فِي رَدِّ بَاطلهِ بِبَاطلٍ آخر، وقَد سَبق نَقْلُ تَحذيرُ بَعض الأئمَّة مِنْ ردِّ البَاطلِ بباطلٍ؛ كَالإمام الآجري وكذَا الإمام ابن بطة العكبري حيثُ قالَ مُحذِّراً مِنْ ( إِرَادَة الْحقِّ مِنْ غَير طَريق السُّنَّة فإنَّه باطلٌ، وكَلامك عَلى السُّنَّةِ مِنْ غَيرِ السُّنَّة بِدْعةٌ).
وقَال الإمامُ البربهاري في "شَرح السُّنة" (رقم 157/119): ( و لاَ تَطْلُب مِنْ عِنْدكَ حيلةً ترُدُّ بها علَى أَهْلِ البِدَعِ..).
وقيلَ للإمام عبدالرَّحمن بْن مَهدي: ( إنَّ فُلاناً صنَّفَ كِتَاباً يَردُّ فيه على الْمُتْبَدعة ، قالَ: بِأَيِّ شَيءٍ؟ بالكتَابِ وَالسُّنَّةِ؟ قَالَ: لاَ، لَكِنْ بِعِلْمِ الْمَعْقُول وَالنَّظرِ ، فَقَال: أَخْطأَ السُّنَّةَ، وَرَدَّ بِدْعَةً بِبِدْعَةٍ) ([6]).
قالَ شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في "درء تعارض العقل والنقل"(7/182): (... وأهلُ الكلام الَّذين ذَمَّهُم السَّلف لاَ يَخْلُو كَلام أَحَدٍ مِنْهُم عَلَى مُخَالَفَةِ السُّنَّةِ وَ رَدِّ بَعْض مَا أَخْبَر بهِ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم، كَالْجَهْميَّة وَ الْمُشبِّهة وَالْخَوارِج وَ الرَّوَافضِ وَالقَدَريَّة وَالْمُرْجئَةِ.
وَيُقالُ: بِأَنَّه لاَ بُدَّ أَنْ تُحْرَسَ السُّنَّةُ بالْحَقِّ وَالصِّدْقِ وَالعَدْلِ، كَمَا لا تُحْرسُ بِكَذبٍ وَلاَ ظُلْمٍ، فَإذَا رَدَّ الإنْسَانُ بَاطلاً بِبَاطِلٍ، وَقَابَلَ بِدْعَةً بِبِدْعَةٍ كَانَ هَذَا مِمَّا ذَمَّهُ السَّلف وَالأئمَّة ). )) ([7] )
وقال في "مجموع الفتاوى " (3 / 325) : (( ... وَقَالَ أَنْبَأَنَا المروذي قَالَ كُتِبَ إلَى عَبْدِ الْوَهَّابِ فِي أَمْرِ حَسَنِ بْنِ خَلَفٍ العكبري وَقَالَ إنَّهُ تَنَزَّهَ عَنْ مِيرَاثِ أَبِيهِ ؛ فَقَالَ رَجُلٌ قَدَرِيٌّ : إنَّ اللَّهَ لَمْ يُجْبِرْ الْعِبَادَ عَلَى الْمَعَاصِي فَرَدَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ بْنُ رَجَاءٍ فَقَالَ : إنَّ اللَّهَ جَبَرَ الْعِبَادَ عَلَى مَا أَرَادَ ، أَرَادَ بِذَلِكَ إثْبَاتَ الْقَدَرِ ، فَوَضَعَ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ كِتَابًا : يَحْتَجُّ فِيهِ فَأَدْخَلْته عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ فَأَخْبَرْته بِالْقِصَّةِ فَقَالَ : وَيَضَعُ كِتَابًا وَأَنْكَرَ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا : عَلَيَّ ابْنُ رَجَاءٍ حِينَ قَالَ جَبَرَ الْعِبَادَ ، وَعَلَى الْقَدَرِيِّ الَّذِي قَالَ : لَمْ يُجْبِرْ ، وَأَنْكَرَ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ فِي وَضْعِهِ الْكِتَابَ وَاحْتِجَاجِهِ ، وَأَمَرَ بِهِجْرَانِهِ لِوَضْعِهِ الْكِتَابَ وَقَالَ لِي : يَجِبُ عَلَى ابْنِ رَجَاءٍ أَنْ يَسْتَغْفِرَ رَبَّهُ لَمَّا قَالَ " جَبَرَ الْعِبَادَ " . فَقُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ فَمَا الْجَوَابُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ؟ قَالَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ . قَالَ المروذي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ؟ إنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ لَمَّا أَنْكَرَ عَلَى الَّذِي قَالَ : " لَمْ يُجْبِرْ " ، وَعَلَى مَنْ رَدَّ عَلَيْهِ جَبَرَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : كُلَّمَا ابْتَدَعَ رَجُلٌ بِدْعَةً اتسعوا فِي جَوَابِهَا ، وَقَالَ : يَسْتَغْفِرُ رَبَّهُ الَّذِي رَدَّ عَلَيْهِمْ بِمُحَدِّثِهِ ، وَأَنْكَرَ عَلَى مَنْ رَدَّ بِشَيْءِ مِنْ جِنْسِ الْكَلَامِ ؛ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهَا إمَامٌ مُقَدَّمٌ . قَالَ المروذي فَمَا كَانَ بِأَسْرَعَ مِنْ أَنْ قَدِمَ أَحْمَدَ بْنُ عَلِيٍّ مِنْ عكبر وَمَعَهُ مَشْيَخَةٌ وَكِتَابٌ مِنْ أَهْلِ عكبر فَأَدْخَلْت أَحْمَدَ بْنَ عَلِيٍّ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ . فَقَالَ : يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ هُوَ ذَا الْكِتَابُ ادْفَعْهُ إلَى أَبِي بَكْرٍ حَتَّى يُقَطِّعَهُ ، وَأَنَا أَقُومُ عَلَى مِنْبَرِ عكبر وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - فَقَالَ : أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لِي : يَنْبَغِي أَنْ تَقْبَلُوا مِنْهُ فَرَجَعُوا إلَيْهِ ))
قلت ( بن سلة ) :
ومما وقفت عليه من هذا القبيل الذي شنع وصاح به سلفنا أئمة الحديث والأثر على أهله بالهجر والذم والتشنيع ، كتاب قد نشره منتدى الحلبي لـ "محمد حاج عيسى الجزائري " ، المسمى بـ " منهج العلامة الألباني في مسائل التبديع والتعامل مع المخالفين " ، زعم صاحبه فيه أنه يرد على محمود الحداد و اتباعه الغلاة ، لكنه من جهله بمقالات المخالفين ومقاصدهم وما عليه أهل السنة والجماعة فيما رام انتقاده على القوم وقع فيما لا تحمد عقباه ورد البدعة بالبدعة ، بل أشر من ذلك أنه رد السنة وإجماع سلف الأمة المتمثل في الهجر والتحذير من أهل البدع والأهواء ، وعدم تلقي وأخذ العلم عنهم ، وأطاح بإجماع أئمة السنة والجماعة المتمثل في تحذيرهم من الجماعات المعاصرة والحزبية وتبديع رموزها وأهلها ، وشن الغارات الخفية على السلفيين الخلص الذين حاربوا الغلو والحدادية ،ورماهم بأنهم غلاة التبديع ، وأنهم وإن أنكروا على الحداد ولكن على أصوله يمشون ، وإلا فنقول له
يا مسكين من أين لك معرفة منهج الحداد والغلاة وما هم عليه من البدعة ، لو لم يكن من طريق الشيخ الإمام المجاهد ربيع المدخلي وإخوانه ـ حفظهم الله ـ الذين سخروا أقلامهم ووظفوا أعمارهم في كشف هذه الطوائف المبتدعة المعاصرة !؟
وإلا فلا يخدعنك ويرعبنك يا أيها القارئ الكريم عنوان كتابه ، من أن الذي رام بيانه وتوضيحه فيه ما هو إلا منهج الإمام الألباني ـ رحمه الله ـ ، فأنى له منهج إمامنا الألباني الذي أحيا الله تعالى به علم الحديث وعلومه ، وزلزل بدروسه وكتاباته البدع القديمة والحديثة والحزبية وقواعدها وكشف به أهلها ، وشن الغارات السنية على الحيل والانتخابات والجمعيات المبتدعة والمدارس المختلطة وغير ذلك، وما له من التأييد القوي لأهل السنة والحديث فيما هم فيه من جهاد وبيان حال أهل البدع والأهواء من الإخوان والقطبية والسرورية كما هو الشأن في ثنائه على الشيخ العلامة ربيع المدخلي وغيره من أهل العلم لما هم عليه قائمون بهذا العمل الجليل ، فهل لمحمد حاج عيسى هذه الصراحة والوضاحة والمتانة التي كان عليها الشيخ ـ رحمه الله ـ !؟
ما به مثله كمثل الجمل الأعور الذي مر بأرض ذات ربيع وجانب منها قد أُكل ورُعي ، ولكن العين السليمة في الجانب الذي قد أُكل ورُعي فلا يرى إلا هـٰذا ويترك الخير الكثير لأنه لا يراه" ([8] ) !!
أهكذا يكون تقويم وتصنيف رجال وعمالقة الأمة وأئمتها ؟!!
تترك جهاده ومواقفه القوية من أهل البدع والأهواء ومن كتبهم وتصوره للأمة بأنه ليس له أي عناية بباب جهاد أهل الأهواء والانحراف !!
عجيب والله هذا المسلك الإرهابي الذي أتخذه المميعة مع أئمة السنة والحديث ، وإلا فقد نص أهل العلم والفقه أن الذي يريد أن يحرر مسألة ينبغي له أن يجمع كل ما جاء في بابها وما قيل فيها ، فهلا حاج عيسى حرر منهجية الإمام الألباني وجمع كل ما جاء عنه في الجماعات الحزبية ورموزهم !! حتى يشهد له بالإنصاف والأمانة ، أما وأنه قد أخل بهذا فلا كرامة له ولا نعمة ، وأن كل ما جمعه في ذاك المصنف ما هو إلا خيانة للألباني وغش للأمة والله المستعان .
هذا أمر ، والأمر الآخر : إن المسائل التي تكلم فيها ، فهي من أهم المهمات في الشريعة الإسلامية التي مرجع أمرها إلى الكتاب والسنة وإجماع الأمة لا إلى فلان وفلان الذي قد يعتريه الخطأ والجهل والنسيان والغفلة وعدم العصمة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في " المجموع " ( 3 / 229): (( أَنِّي فِي عُمْرِي إلَى سَاعَتِي هَذِهِ لَمْ أَدْعُ أَحَدًا قَطُّ فِي أُصُولِ الدِّينِ إلَى مَذْهَبٍ حَنْبَلِيٍّ وَغَيْرِ حَنْبَلِيٍّ ، وَلَا انْتَصَرْت لِذَلِكَ ، وَلَا أَذْكُرُهُ فِي كَلَامِي ، وَلَا أَذْكُرُ إلَّا مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ سَلَفُ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتُهَا . وَقَدْ قُلْت لَهُمْ غَيْرَ مَرَّةٍ : أَنَا أُمْهِلُ مَنْ يُخَالِفُنِي ثَلَاثَ سِنِينَ إنْ جَاءَ بِحَرْفِ وَاحِدٍ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْقُرُونِ الثَّلَاثَةِ يُخَالِفُ مَا قُلْته فَأَنَا أُقِرُّ بِذَلِكَ . وَأَمَّا مَا أَذْكُرُهُ فَأَذْكُرُهُ عَنْ أَئِمَّةِ الْقُرُونِ الثَّلَاثَةِ بِأَلْفَاظِهِمْ وَبِأَلْفَاظِ مِنْ نَقْلِ إجْمَاعِهِمْ مِنْ عَامَّةِ الطَّوَائِفِ )) ا.هـ
فإذا كان كذلك فلنقف مع محمد حاج عيسى وقفات يسيرة بعون الله تعالى وتوفيقه ، لننظر مدى صحة وقرب ما جاء في ذلك الكتاب للكتاب والسنة وما عليه سلف الأمة


..... ونترك القراء الكرام مع رابط باقي الكتابة وما جاء في الوقفات

http://afifup.com/up/download.php?id=20498 (http://afifup.com/up/download.php?id=20498)




([1]) أخرجه البخاري (1 / 30) ، ومسلم ( 1 / 74) من حدبث تميم الداري بهذا اللفظ
([2]) غير شخص النبي صلى الله عليه وسلم الذي زكاه ربه ظاهرا وباطنا قولا وفعلا ، وائتمنه على الوحي الكريم والشرع المطهر
([3] ) " البحث الوجيز في نصرة الحق العزيز " ( ص 33 ـ 34 ) من مجموع رسائل العلامة الفقيه الشيخ زيد بن محمد بن هادي المدخلي ـ حفظه الله ـ
([4]) " طبقات المحدثين بأصبهان " (2/216)
([5]) أنصح القراء الكرام بالرجوع إلى مقالات الشيخ بجميع حلقاتها ، ففيها من العلم الذي يقرر آداب الرَّدِّ علَى المخالفِ وبيان مقاصده وثمارته ما يكفي ويشفي ولله الحمد والمنة ، أما أنا هنا فقد اختصرت .
([6]) "صون المنطق" (ص 131)
([7]) مع الاختصار
([8]) شريط " تناقضات المخالفين " للعلامة محمد بن هادي حفظه الله

أبو هنيدة ياسين الطارفي
10-Feb-2013, 11:17 AM
جزاك الله خيرا أخي الفاضل بشير,وموفق إن شاء الله .

أبو أنس بشير بن سلة الأثري
10-Feb-2013, 01:39 PM
وإياك أخي الكريم العزيز ياسين ، ونفع الله بك

أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
10-Feb-2013, 07:02 PM
جزاك الله خيرا أخي

أبو عبد الله بلال الجزائري
10-Feb-2013, 10:43 PM
بارك الله فيك أمتعتنا

أبو أنس بشير بن سلة الأثري
11-Feb-2013, 01:39 PM
بارك الله في الأحبة ونفع الله بهم أمتهم الإسلامية

محبكم في الله