المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أيها المتحمس فرق بين هذه المصطلحات أولا



أبو عبد الله بلال الجزائري
23-Feb-2013, 04:42 AM
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:

فإنه بعد ما مررنا الفتن الهالكة التي أهلكت الحرث و النسل رأيت الناس لا تفرق بل لا تعرف الفتنة من غير الفتنة ، فقلبوا الأمور و جعلوا الفتنة جهادا و الجهاد فتنة و جعلوا الثورات حضارة و الخروج على الحكام أمرا بالمعروف و نهيا عن المنكر ، فما زادوا إلا النار اشتعالا و الطين بلة ، و لهذا أردت أن أجمع بعض التعريفات المتعلقة بالخروج و الثورات و الجهاد و الفتنة نصحا للشباب المتحمس حتى يفرق بين هذه المصطلحات و يعرف قدر نفسه ، فما حمله على التهور إلا الجهل و الله المستعان.

التعريف ببعض المصطلاحات :

أولا : الخروج :
الخروج لغةً مِن: (خرج من الشيء) إذا برز من مقرِّه أو حاله وانفصل .

والخوارج في اللغة جمع خارج، وخارجي اسم مشتق من الخروج، وقد أطلق علماء اللغة كلمة الخوارج في آخر تعريفاتهم اللغوية في مادة (خرج) على هذه الطائفة من الناس؛ معللين ذلك بخروجهم عن الدين أو على الإمام علي، أو لخروجهم على الناس.

التعريف الإصطلاحي للخوارج عند الشهرستاني:

(هو كل من خرج على الإمام الحق الذي اتفقت الجماعة عليه يسمى خارجياً، سواء كان الخروج في أيام الصحابة على الأئمة الراشدين أو كان بعدهم على التابعين لهم بإحسان والأئمة في كل زمان)([1] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftn1)).
و قال بن حزم : (اسم الخارجي يلحق كل من أشبه الخارجين على الإمام عليّ أو شاركهم في آرائهم في أي زمن).
من هم الخوارج عند الإمام ابن باز رحمه الله و هل هم كفار عنده أم مسلمون ؟:

سئل الشيخ ابن باز رحمه الله هذا السؤال : من هم الخوارج و هل كفار أم مسلمون ؟ .

فأجاب فضيلة الشيخ رحمه الله كالآتي : ( الخوارج طائفة عندها غلو، مجتهدة في الدين عندهم اجتهاد في الصلاةوالقراءة وغير ذلك، ولكن عندهم غلو، يكفرون أهل المعاصي لشدة غلوهم يرون من زنىكفر، من شرب الخمر كفر، من عق والديه كفر، يكفرون بالذنوب، قال فيهم النبي - صلىالله عليه وسلم-: (يمرق مارقة على حين ... من المسلمين يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم،وقراءته مع قراءتهم، يمرقون من الإسلام ثم لا يعودون إليه)، هؤلاء هم الخوارج عندهمتنطع، إذا قرأ تعجبك قراءتهم إذا صلوا تعجبك صلاتهم ولكنهم عندهم غلو في تكفيرالناس، يرون من زنى كفر من سرق كفر، من شرب الخمر كفر، فلهذا قال فيهم النبي صلىالله عليه وسلم: (يمرقون من الإسلام مروق السمن من الرضيع، لئن أدركتهم لأقتلنهمقتل عاد، فإنه أينما لقيتهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم) والجمهور علىأنهم عصاة مبتدعة ضالون، ولكن لا يكفرونهم، والصواب أنهم كفار بهذا، قوله: (يمرقونمن الإسلام ثم لا يعودون إليه) دليل على أنهم كفار، (ولئن أدركتهم لأقتلنهم قتلعاد) عاد كفار، والصحيح والظاهر من الأدلة أنهم بهذا التنطع وبتكفيرهم المسلمين،وتخليدهم في النار أنهم كفارٌ بهذا؛ لأنهم يرون العاصي كافر ومخلد في النار، فهذاضلال بعيد والعياذ بالله، وخروجاً عن دائرة الإسلام نعوذ بالله. نسأل الله العفووالعافية شكر الله لكم... ) انتهى كلامه رحمه الله .

و من هنا نستطيع أن نقول أن الخوارج هم من خرجوا على الحاكم المسلم العدل أو الجائر و فارقوا الجماعة و شقوا عصى المسلمين .
ثانيا : الثورة([2] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftn2)) :

الثورة لغةً مِن: ثار الشيء ثورانًا وثورًا وثورةً: إذا هاج وانتشر([3] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftn3)).

والخروج على السلطان أو وليِّ الأمر يكون إذا تمرَّد عليه المحكومُ وهاج وانتشر وثار، ومن هذه العلاقة التلازمية بين المعنيين، يتجلَّى المعنى الاصطلاحي للثورة بأنه:
( حركةٌ جماعيةٌ تضمُّ مختلف شرائح الشعب أو عناصر الأمة، بما فيهم الدهماء والغوغاء في حركة خروجٍ على الحاكم وتمرُّدٍ عليه بقصد تغيير الأوضاع السياسية المضطربة والاجتماعية المنهارة)([4] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftn4)) .
ومصطلح الثورة قد يُطلق ويُراد به معنيين :

معنى ذو طابع سياسي اجتماعي .
و معنى ذو طابع ثقافي فكرة مثل الثورة الصناعية.

و لكن نحن نأخذ بالمعنى الأول الذي يدور حوله الموضوع .
الثورة ذو الطابع السياسي و الاجتماعي : (تَرِدُ هذه الحالة بصورةٍ فجائية وجذرية يصحبها عادةً استعمالُ القوَّة واستخدام العنف وحملُ السلاح، فوضعية الثورة بهذا المعنى -من حيث تكييفها- وسطٌ بين الانقلاب والعصيان والتمرُّد من جهةٍ، وبين الحرب الأهلية من جهةٍ أخرى)([5] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftn5)).

و عُرف هذا الاصطلاح مع مبدإ الثورة الفرنسية التي تُعَدُّ مقدِّمةً للثورات العالمية كالثورة الأوربيَّة والحروب المختلفة والانقلاب العثماني والانقلاب الروسي وما تلاها من الثورات الأخرى، وهذا بخلاف المعنى الثاني للثورة فهو مؤوَّلٌ يُعلم بقرينة التقييد بالعلم أو الثقافة أو الصناعة ونحو ذلك.
فمصطلح الثورة -إذن- مصطلحٌ غربيٌّ دخيلٌ على المفاهيم الإسلامية لم يصطلح عليه السلف، وإنما كانوا يعبِّرون عن الثورة باصطلاح الخروج سواء كان بتأويلٍ سائغٍ أو غير سائغٍ، مثل: خروج الحسين بن علي رضي الله عنهما، وخروج الزنج على الدولة العباسية، وخروج ابن الأشعث، وغيرهم.
و حقيقة الخروج بيناه عند الشهرستاني فيما سبق .
ثالثا : المظاهرات([6] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftn6)):

في ( القاموس) و ( تاج العروس) : و تظاهروا عليه :تعاونوا ضده .
و الظّهير كأمير : المعين ، الواحد و الجمع في ذلك سواء ، و إنما لم يجمع ظهير لأن فعيلا و فعولا قد يستوي فيهما المذكر و المؤنث و الجمع كما قال تعالى : (وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ)[ التحريم:04]
قال ابن سيده : و هذا كما حكاه سيبويه من قولهم للجماعة ، هم صديق و هم فريق .
و قال ابن عرفة في قوله تعالى : (وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا)[ الفرقان:55]
أي : مظاهرا لأعداء الله تعالى ، كالظّهرة بالضم ، و الظّهرة بالكسر .
إلى أن قال : و يقال : هم في ظهرة واحدة ، أي يتظاهرون على الأعداء .
و يقال : جاءنا في في ظهرته بالضم ، و بالكسر و بالتحريك ، و ظاهرته أي في عشيرته و قومه ، و ناهضته الذين يعينونه.
و ظاهر عليه : أعان و استظهره عليه : استعانه ، و استظهر عليه به : استعان . إ.هـ المراد منهما .
و في القرآن الكريم قال الله سبحانه وتعالى: ﴿إنّما ينهاكم الله عن الّذين قاتلوكم في الدّين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولّوهم ومن يتولّهم فأولئك هم الظّالمون﴾. [ الممتحنة :09]
وقال تعالى: ﴿إلاّ الّذين عاهدتم من المشركين ثمّ لم ينقصوكم شيئًا ولم يظاهروا عليكم أحدًا﴾. [ التوبة : 04].
وقال تعالى: ﴿وأنزل الّذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم وقذف في قلوبهم الرّعب فريقًا تقتلون وتأسرون فريقًا﴾.[ الأحزاب :26].
وقال تعالى: ﴿قل لئن اجتمعت الإنس والجنّ على أن يأتوا بمثل هذا القرءان لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرًا﴾.[ الإسراء :88].
وقال تعالى: ﴿ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرّهم وكان الكافر على ربّه ظهيرًا﴾. الفرقان:55].
وقال سبحانه وتعالى: ﴿ثمّ أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقًا منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان﴾.[ البقرة :85].
ولولا قوله تعالى: ﴿والملائكة بعد ذلك ظهير﴾، لقلنا: إن التظاهر بمعنى التعاون لأنه ما استعمل في القرآن إلا في التعاون على الظلم والباطل، والذي يظهر أنه في هذه الآية من باب المقابلة، كقوله تعالى: ﴿وجزاء سيّئة سيّئة مثلها﴾[ الشورى:40].
وقال تعالى: ﴿وإن تظاهرا عليه فإنّ الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير﴾.[التحريم : 04].
رابعا : الجهاد :

يقول شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله : ( و الجهاد : هو بذل الوسع – و هو القدرة – في حصول محبوب الحق و دفع ما يكرهه )( [7] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftn7)).

و قال أيضا : ( و ذلك لأن الجهاد حقيقة : الإجتهاد في حصول ما يحبه الله من الإيمان و العمل الصالح ، و من دفع ما يبغضه الله من الكفر و الفسوق و العصيان )([8] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftn8)).
قال الحافظ بن حجر في الفتح (6/3) كتاب الجهاد و السير : باب فضل الجهاد و السير : ( أصله لغة : المشقة ، يقال : جهِدتُ جهادا ، بلغتُ المشقة ).
ثم قال رحمه الله : ( و شرعا : بذل الجهد في قتال الكفار ).
و الجهاد اسم جامع لسلوك كل سبب ووسيلة لتحقيق ما يحبه الله تعالى و يرضاه من الأفعال و الأقوال و الإعتقادات ، و لدفع ما يكرهه الله سبحانه و يبغضه من ألفعال و الأقوال و الإعتقادات ([9] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftn9)).
أنواع الجهاد :

لما يطلق لفظ الجهاد يتبادر إلى أذهان الجهال أن معناه القتال في سبيل الله فقط و هذا غلط فهناك عدة أنواع من الجهاد ، فالقتال ما هو إلا نوع من الجهاد .
قال الحافظ في الفتح : '' و يطلق أيضا على مجاهدة النفس و الشيطان و الفساق فأما مجاهدة النفس فعلى تعلم أمور الدين ، ثم على العمل بها ، ثم على تعليمها .''
قال العلامة ابن القيم الجوزية في زاد المعاد (3/10) : '' الجهاد أربع مراتب : جهاد النفس ، و جهاد الشيطان ، و جهاد الكفار و المنافقين ، و جهاد أرباب الظلم و البدع و المنكرات ''
و دليل جهاد النفس من حديث فضالة بن عبيد قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " المجاهد من جاهد نفسه "([10] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftn10)).
وهو أيضا أربع مراحل كما قال بن القيم : '' فجهاد النفس أربع مراتب أيضا :
إحداها : أن يجاهد على تعلم الهدى و دين الحق الذي لا فلاح لها و لا سعادة في معاشها و معادها إلا به ، و متى فاتها علمه شقيت في الدارين .
الثانية: أن يجاهد ها على العمل بعد علمه ، و إلا فمجرد العلم بلا عمل إن لم يضرها لم ينفعها .
الثالثة : أن يجاهدها على الدعوة إليه و تعليمه من لا يعلمه و إلا كان من الذين يكتمون ما أنزل الله من الهدى و البينات ، و لا ينفعه علمه و لا ينجيه من عذاب الله .
الرابعة : أن يجاهدها على الصبر على مشاق الدعوة إلى الله و أذى الخلق ، و يتحمل ذلك كله . ''([11] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftn11)).
و أما مجاهدة الشيطان فعلى دفع ما يأتي به من الشبهات و ما يزينه من الشهوات . قال الله تعالى في مجاهدة الشيطان : ( و لا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين ، إنما يأمركم بالسوء و الفحشاء و أن تقولوا على الله ما لا تعلمون ) [ البقرة 168:-169]. فجمعت الآية على أمرين :
الأول : بيان عداوة الشيطان لبي آدم حتى يبقوا في مجاهدته و لا يلقوا سلاحهم معه إلى أن يلقوا الله .
الثاني : الإخبار عن الطرق التي يتبعها لمهاجمتهم ، و هنا ثلاثة أشياء :
الأول و الثاني الأمر بالسوء و الفحشاء ،و الثالث أمرهم أن يقولوا على الله ما لا يعلمون ، فالسوء و الفحشاء كلمة واحدة و هي " الشهوات" و القول على الله بغير علم هو الابتداع في الدين و الشبهات ، و هذا ما ذكره ابن القيم رحمه الله .
و لعل اقتران السوء بالفحشاء كاقتران المنكر بالفحشاء ، و هو من باب أن الأول تنكره النفوس و ليس لها ميل إليه كالقتل و الظلم و التباغض ، و الثاني تشتهيه و تميل إليه كالزنا و شرب الخمر([12] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftn12)).
قال ابن تيمية : (و إذا قرن المنكر بالفحشاء فإن الفحشاء مبناها على المحبة و الشهوة ، و المنكر هو الذي تنكره القلوب ، فقد يظن أن ما في الفاحشة من المحبة يخرجها عند الدخول في المنكر و إن كانت مما تنكرها القلوب ، فإنها تشتهيها النفوس " ثم قال في الموضع السابق " و منشؤه – أي المنكر – من قوة الغضب ، كما ان الفحشاء منشؤها من قوة الشهوة)([13] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftn13)).
و أما مجاهدة الكفار فتقع باليد و المال و اللسان و القلب .
و أما مجاهدة الفساق فالبيد ثم اللسان ثم القلب ، و قد روى النسائي من حديث سبرة قال : "فيقول –أي الشيطان-يخاطب الإنسان : تجاهد فهو جهد النفس و المال؟" ([14] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftn14))
خامسا : الفتنة :

لغة : قال الأزهري في ( تهذيب اللغة ) تحت مادة ( فتن) : ( جماع معنى الفتنة في كلام العرب الإبتلاء و الإمتحان ، و أصلها مأخوذ من قولك فتنت الفضة و الذهب إذا أذبتهما بالنار لتمييز الرديء من الجيد ، و من هذا قوله عز وجل : ( يوم هم على النار يفتنون)[ الذاريات :13] ، أي يحرقون بالنار ).

اصطلاحا:
وردت في عدة معان منها :

الكفر :[البقرة :217]: (وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ ).
الإضلال : [المائدة :41]: (وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا).
الصد : [الإسراء : 73]: (وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ).
الأموال و الأولاد :[ التغابن :15]: (إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ ).
الإختيار و البلاء : [العنكبوت :2-3] :(أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ، وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ).
العذاب :[ العنكبوت:10]: (جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ ).
الحرق بالنار : [الذاريات :13] :( يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ).
المعذرة : [الأنعام : 23 ]:( ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ).
الإختلاف و تغير الأحوال : [التوبة :47] : (يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ ) .
القتل أو القتال : [النساء:101] :(إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا).
هذا ملخص مما جاء به ابراهيم الحربي في ( غريب الحديث ) ، (3/939) ، و الراغب الأصفهاني في ( المفردات في غريب القرآن ). ( ص 317). و انظر فتح الباري لإبن حجر (11/176) و ( 13/3) ([15] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftn15))
و ما يهمنا هنا المعنيين الأخيرين أي الإختلاف و القتال و ليس المعنى العام من القال بل القتال الذي يشمل الأمة و يجعلها مضطربة أي هناك فتنة خاصة تخص الرجل بنفسة كفتنة الأولاد و فتنة عامة تعم الناس و التي تموج كموج البحر كفتنة عثمان حيث اضطرب الناس و افترقت قلوب المسلمين ، و تكفير بعضهم بعضا و سفك الدماء ، و مراد هذا هو كل شجار بين المسلمين و اقتتال و قد بينه ابن حجر في الفتح (13/31) " و المراد بالفتنة ما ينشأ عن الإختلاف في طلب الملك حيث لا يعلم المحق من المبطل و المقصود هنا عند عامة الناس اما بالنسبة للعلماء فهم يفرقون و يعرفون متى يكون جهادا و متى يكون قتال فتنة .
فقتال الفتنة بين المسلمين من أعظم البلايا التي تصيبهم و خاصة أن دم المسلم حرام على أخيه فلا يجوز قتل من يقول لا اله الا الله و هذا كما جاء في صحيح مسلم (158) أن أسامة بن زيد رضي الله عنه لما قص ما جرى له من قتل الرجل المشرك في المعركة بعد أن نطق بالشهادة ، ذكر ندمه على ذلك و أن ذلك الخطأ جعله من أورع الناس في الدماء ، و نص الرواية هو الآتي : " عن أسامة بن زيد قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه و سلم في سريَّة ، فصبَّحنا الحُراقاَت من جُهينة ، فأدركت ُ رجلا فقال: لا اله إلا الله ، فطعنته فوقع في نفسي من ذلك ، فذكرته للنبي صلى الله عليه و سلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أقال لا اله إلا الله و قتلته ؟ قال : قلت : يا رسول الله إنما قالها خوفا من السلاح ، قال: أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا؟ فما زال يكررها علي حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ ."
و قال الشيخ محمد الإمام حفظه الله في '' تمام المنة في فقه قتال الفتنة '' ( ص 7).
قتال الفتنة : هو كل قتال بين المسلمين اشتبه فيه الحق و الباطل .
و جاء في الفتح ( 13/40) : قال الطبري : ( و الصواب أن يقال إن الفتنة أصلها الإبتلاء ، و إنكار المنكر واجب على كل من قدر عليه ، فمن أعان المحق أصاب و من أعان المخطئ أخطأ ، و إن أشكل الأمر فهي الحالة التي ورد النهي عن القتال فيها ) .
هذا باختصار ما جاء من معاني هذه المصطلحات فنسأل الله أن ينفع بها و أن يجنبنا الفتن ما ظهر منها و ما بطن و أن يفقهنا في الدين و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.



أبو عبد الله بلال القسنطيني الجزائري





[1] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftnref1):الملل والنِّحَل للشهرستاني (1/113).
[2] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftnref2):نقلا من : في بيان أصناف الخارجين على الحاكم وأحكام الثورات الشعبية لفضيلة الشيخ فركوس حفظه الله .
[3] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftnref3):القاموس المحيط (1/ 102- 224).
[4] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftnref4): انظر: الموسوعة الميسّرة (2/ 1032).
[5] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftnref5): المصدر السابق .

[6] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftnref6): الإلحاد الخميني للشيخ مقبل رحمه الله.
[7] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftnref7):مجموع الفتاوى ( 10/192- 193) .
[8] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftnref8):مجموع الفتاوى (10/191).
[9] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftnref9):الشيخعبد الرزاق البدر : القطوف الجياد من حكم و أحكام الجهاد.
[10] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftnref10):رواه الترميذي (1621) و صححه الألباني في تعليقه عليه
[11] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftnref11): زاد المعاد (3/10).
[12] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftnref12):تمييز ذوي الفطن بين شرف الجهاد و سرف الفتن (ص: 6-7).
[13] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftnref13):مجموع الفتوى (10/348).
[14] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftnref14):الحديث صححه الألباني في سنن النسائي ( 3134).
[15] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftnref15):تمييز ذوي الفطن بين شرف الجهاد و سرف الفتن (ص: 15) .