أبو بكر يوسف لعويسي
24-Feb-2013, 05:46 PM
إرشاد العابد إلى فضل طلب العلم في المساجد على الجامعات لما فيها من المفاسد
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه إلى يوم الدين ، والصلاة والسلام على إمام المتقين ، وسيد الأولين والآخرين ، وعلى آله وصحبه الغر الميامين وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد :
ليعلم الجميع أن طلب العلم في المساجد محاط بالبركة ؛ لأن الإنسان إذا جلس في بيت من بيوت الله ، وتذكر عظمة المكان وقداسته ، وسمع الشيخ يقول : قال الله قال رسوله صلى الله عليه وسلم ، فهو يستشعر تلك البركة ، عظمة المكان والجلوس في ضيافة الرحمن فكان على استعداد أكثر لاستقبال ما يلقى عليه من المعلومات النافعة والحكم الجديرة بالاهتمام .
نعم ؛ إن طلب العلم في بيوت الله له مزايا عظيمة ، وفضائل جمة لو علم قدرها طلاب العلم لتنافسوا عليها تنافسا شديدا لا نظير له ولتزاحموا عليها بالركب ، ولحرصوا الحرص الشديد على التبكير إليها حتى لا يفوتهم ذلكم الفضل ، كما كان أسلافهم الأماجد فإليك أخي بعض تلك الفضائل لعلها تكون حافزا على تحصيل بعض منها ، أو دافعا قويا للاتصاف بها ، والعيش في كنفها .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - ضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: << .. وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَبْتَغِي بِهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ ، وَمَا جَلَسَ قَوْمٌ فِي مَسْجِدٍ مِنْ مَسَاجِدِ اللهِ يَتْلُونَ فِيهِ كِتَابَ اللهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا حَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ >> (1).
وعن أبي هريرة – رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال : << ما من قوم يجتمعون في بيت من بيوت الله يتعلمون القرآن ، ويتدارسونه بينهم ؛ إلا حفتهم الملائكة ، وغشيتهم الرحمة ، وتنزلت عليهم السكينة ، وذكرهم الله فيمن عنده ، وما من رجل يسلك طريقًا يلتمس فيها علمًا إلا سهل الله له طريقًا إلى الجنة، ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه >> (2).
هذا في الاجتماع على طلب العلم فكيف إذا كان ذلك في بيت من بيوت الله وسخر الله تعالى لطالب مشايخ سنين سلفيين ربوه على منهج النبوة ، وسبيل المؤمنين وعلموه العلم النافع والآداب الجامعة النافعة بعيدا عن المحدثات والأهواء والحزبيات فلا تسأل عن البركة والثمرة التي تحصل لطالب العلم .
وبوب البخاري في صحيحه باب من قعد حيث ينتهي به المجلس ومن رأى فرجة في الحلقة فجلس فيها. (ح 66 ) وبسنده عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ وَالنَّاسُ مَعَهُ إِذْ أَقْبَلَ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ فَأَقْبَلَ اثْنَانِ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَذَهَبَ وَاحِدٌ قَالَ فَوَقَفَا عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم- فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَرَأَى فُرْجَةً فِي الْحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا ، وَأَمَّا الآخَرُ فَجَلَسَ خَلْفَهُمْ ، وَأَمَّا الثَّالِثُ فَأَدْبَرَ ذَاهِبًا فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ :<< أَلاَ أُخْبِرُكُمْ ، عَنِ النَّفَرِ الثَّلاَثَةِ ؟ أَمَّا أَحَدُهُمْ فَأَوَى إِلَى اللهِ فَآوَاهُ اللَّهُ ، وَأَمَّا الآخَرُ فَاسْتَحْيَا فَاسْتَحْيَا اللَّهُ مِنْهُ ، وَأَمَّا الآخَرُ فَأَعْرَضَ ؛ فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ >>. وأخرجه مالك في الموطأ برقم ( 1724)ومسلم (2176).
وبوب عليه ابن حبان (1/286) باب ذِكْرُ أَمَانِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلاَ مِنَ النَّارِ مَنْ أَوَى إِلَى مَجْلِسِ عِلْمٍ وَنِيَّتُهُ فِيهِ صَحِيحَةٌ.
أنظر أخي الطالب إلى الاثنين اللذينِ أرادا الخير وحرص عليه ، أما أحدهما فآوى إلى الله فآواه الله ، وأما الآخر فاستحي فاستحى الله منه ، حتى لو لم يكن قصده العلم فجلس مع أهله الذاكرين لله فهم القوم لا يشقى بهم جليسهم .
أما من لم يقم للعلم وزنا ، وأعرض عن مجالسه وحلقه فهذا جزاؤه أن أعرض الله عنه ويا له من موقف شديد على النفس أن يعرض الله تعالى عن العبد فلا يقيم له وزنا لأن الجزاء من جنس العمل فكيف بالإعراض عن طالب العلم ؟؟؟
وبوب البخاري - رحمه الله - على نفس الحديث باب رقم (84): الحلق والجلوس في المسجد. حديث رقم ( 472).وذلك لما فيه من فضل عظيم ، وقرب من الله .
وإن طالب العلم إذا خرج إلى طلب العلم في المسجد فهو في سبيل الله ، وأن ذلك يعدل الجهاد في سبيل الله ؛ وقد نص القرآن الكريم على أن طلب العلم قسيم للجهاد في سبيل الله ، فقال تعالى : { وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ } سورة التوبة : (122).
وبينت ذلك السنة أن طلب العلم في المسجد وليس في غيره ففي صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان (1/321) (87) ذكر التسوية بين طالب العلم ومعلمه وبين المجاهد في سبيل الله .
وبسنده عن هريرة – رضي الله عنه - يقول إنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : << من دخل مسجدنا هذا ليتعلم خيرا أو يعلمه كان كالمجاهد في سبيل الله ومن دخله لغير ذلك كان كالناظر إلى ما ليس له >>. (3).
وأخرج مالك (1/175) باب انتظار الصلاة والمشي إليها، عن سمي مولى أبي بكر، أن أبا بكر بن عبد الرحمن كان يقول : << من غدا أو رواح إلى المسجد لا يريد غيره ليتعلم خيراً، أو ليعلمه ، ثم رجع إلى بيته كان كالمجاهد في سبيل الله رجع غانماً >>.
إن المسجد هو بيت الله ، وهو مكان مقدس طاهر ، عامر بالإيمان ، خصه الله بمزايا وتكفل لرواده بفضائل ومنن كبيرة وكثيرة ، تشهده الملائكة ، بل تقوم على أبوابه في كل حين وآن ، وتقام فيه الصلوات ، ويرفع فيه الآذان ، ويذكر فيه اسم الله تعالى ، ويتدارس فيه كلام الله وسنة رسوله ، وسير السلف الصالح ، وهو روح كل قرية وأمنها ، ومأوى كل تائب ومظلوم ، وبيت كل تقي ومكلوم ، ومستوطن كل مجاور ومعتكف . فيه السكينة والطمأنينة ، والراحة النفسية .
هذه الفضائل كلها وغيرها مما اجتمع لطالب العلم في المساجد مما ذكرته ، ومما سأذكره ومما تركته أو فاتني ؛ لا تجتمع في مكان غيرها مهما كان ، لذلك كانت المساجد أحب البقاع إلى الله تعالى ؛ كما جاء مصرحا به في السنة ؛ فعن عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَجُلاً قَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ أَيُّ الْبُلْدَانِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ ؟ وَأَيُّ الْبُلْدَانِ أَبْغَضُ إِلَى اللهِ ؟.. قَالَ : << لاَ أَدْرِي حَتَّى أَسْأَلَ جِبْرِيلَ صَلَّى الله عَلَيه وَسَلَّم ، فَأَتَاهُ فَأَخْبَرَهُ جِبْرِيلُ أَنَّ أَحَبَّ الْبِقَاعِ إِلَى اللهِ الْمَسَاجِدُ ، وَأَبْغَضُ الْبِقَاعِ إِلَى اللهِ الأَسْوَاقُ >>. ( 4)
هذا حديث حسن صحيح ، ويشهد له ما في صحيح مسلم عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ << أَحَبُّ الْبِلاَدِ إِلَى اللَّهِ مَسَاجِدُهَا وَأَبْغَضُ الْبِلاَدِ إِلَى اللَّهِ أَسْوَاقُهَا >> (5).
ورفع الله من شأن المساجد ، وأضافها لنفسه تشريفا وتكريما وتعظيما لها ولروادها ونزهها عن تدنيس الشرك والمشركين ، وشهد لمن يعمرها بالإيمان .
قال الله تعالى : {{ مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ * إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ }} سورة التوبة (17- 18) .
قال ابن كثير(4/119) : يقول تعالى : ما ينبغي للمشركين بالله أن يعمروا مساجد الله التي بنيت على اسمه وحده لا شريك له.
وقال في قوله تعالى :{{ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}} فشهد تعالى بالإيمان لعمار المساجد..
وقال الطبراني في التفسير المنسوب إليه في تفسير قوله تعالى : {{ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ }} . وكلمةُ عسى مِن الله واجبةٌ ، والفائدةُ في ذكرِها في آخرِ هذه الآية ليكونَ الإنسانُ على حذَرٍ من فعلِ ما يُحبطُ ثوابَ عملِهِ.
وجعل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد بيت كل تقي ، فعن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم – يقول :<< المسجد بيت كل تقي ، وتكفل الله لمن كان المسجد بيته بالرَوْحِ والرحمة ، والجواز على الصراط إلى رضوان الله ، إلى الجنة >> (6) .
الله أكبر ، أي فضل هذا أن يتكفل الله لطالب العلم الذي جعل المسجد بيته يقضي فيه فريضة ويتعلم فيه ما يقضي به فرائض الله تعالى عليه ، وليس هذا فحسب ؛ بل والجواز على الصراط إلى رضوان الله .
إن العلم يورث الخشية لله تعالى التي تجعل طالب العلم متقيا الله ؛ فكيف إذا جعل المسجد بيتا له يطلب فيه ذلك العلم المورث للخشية ، فكيف إذا جمع لذلك نية صادقة صالحة في تحصيل العلم على منهج النبوة فلا تسأل بعدها ، وانظر إلى المكافئة العظيمة والجزاء الكبير والكثير الذي أعده الله لمن كان المسجد بيته ؛ يغدوا ويروح في إقامة الصلاة ، وتعلم العلم النافع ، وقلبه معلق بالمساجد ، أن تكفل الله له بالروح والرحمة ـ والجواز على الصراط إلى رضوان الله ، إلى الجنة ، إلى الذين يظلهم الله في ظله ، ويجعل لهم نزلا في الجنة ، فكيف يغفل طالب العلم عن هذا ويزهد في حلقات العلم التي تقام في بيوت الله ؟؟؟
فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم – يقول : << سبعة يظلهم الله في ظله ، يوم لا ظل إلا ظله الإمام العادل ، وشاب نشأ في عبادة الله - عز وجل - ورجل قلبه معلق بالمساجد..>> متفق عليه . وتعلق القلب بالمسجد من أجل إقام العبادات فيه ، ومنها البكور لطلب العلم .
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – : << من غدا إلى المسجد أو راح أعدّ الله له في الجنة نزلا كلما غدا أو راح >> متفق عليه. والنُزل : هو ما يُهيأ للضيف من كرامة عند قدومه.
وقد جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - من توضأ في بيته وخرج إلى المسجد ليعمره بالإيمان والتقوى خطواته إحداها تحط خطيئة ًً والأخرى ترفع درجة .
فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : << من تطهر في بيته ثم مضى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله كانت خطواته إحداها تحط خطيئة ًً والأخرى ترفع درجة >> (7).
وقوله ليقضي فريضة من فرائض الله ، المتبادر من هذه الجملة أنها الصلوات الخمس ، ولكن لفظ فريضة جاءت نكرة لتعم جميع ما يمكن أن يكون فريضة ، والعلم فريضة من فرائض الله بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله : << طلب العلم فريضة على كل مسلم >> (8).
وقد جعل الله تعالى عمار المساجد جيرانه يوم القيامة ، فالمرتاد للمسجد المجاور فيه بأداء الفرائض وتتبع حلقات العلم والإيمان ، ومجالس الذكر والفقه ينادى عليه يوم القيامة ليكون جارا لله تعالى .
فعن عن أنس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : << إن الله لينادي يوم القيامة : أين جيراني ؟ أين جيراني ؟ قال : فتقول الملائكة : ربنا ومن ينبغي أن يجاورك ؟ فيقول : أين عمار المساجد >> حديث صحيح (9) .
وقد جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - لمن يجلس في المسجد يذكر الله تعالى ، ويحمده على نعمة الهداية للإسلام أن يباهي الله به الملائكة ، فعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ خَرَجَ مُعَاوِيَةُ عَلَى حَلْقَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ مَا أَجْلَسَكُمْ قَالُوا جَلَسْنَا نَذْكُرُ اللَّهَ.
قَالَ آللَّهِ مَا أَجْلَسَكُمْ إِلاَّ ذَاكَ قَالُوا وَاللَّهِ مَا أَجْلَسَنَا إِلاَّ ذَاكَ. قَالَ أَمَا إِنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفْكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ وَمَا كَانَ أَحَدٌ بِمَنْزِلَتِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- أَقَلَّ عَنْهُ حَدِيثًا مِنِّى وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- خَرَجَ عَلَى حَلْقَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ
فَقَالَ << مَا أَجْلَسَكُمْ >>. قَالُوا جَلَسْنَا نَذْكُرُ اللَّهَ وَنَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا لِلإِسْلاَمِ وَمَنَّ بِهِ عَلَيْنَا. قَالَ << آللَّهِ مَا أَجْلَسَكُمْ إِلاَّ ذَاكَ >>. قَالُوا وَاللَّهِ مَا أَجْلَسَنَا إِلاَّ ذَاكَ. قَالَ << أَمَا إِنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفْكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ وَلَكِنَّهُ أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَخْبَرَنِي أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبَاهِى بِكُمُ الْمَلاَئِكَةَ >>. أخرجه مسلم (7032 ) وغيره . (10)
وليس من شك أن حلق العلم هي من حلق الذكر لله تعالى ،أخرج الترمذي (ح3510) عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :<< إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا قالوا ما رياض الجنة ؟ قال حلق الذكر >> قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه .
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عمهما- قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: << إِذَا مَرَرْتُمْ بِرِيَاضِ الْجَنَّةِ فَارْتَعُوا >> قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَا رِيَاضُ الْجَنَّةِ؟ قَالَ: << مَجَالِسُ الْعِلْمِ >>.(11).
قال عبد الله بن مسعود قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : << إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا - أما إني لا أعني حلق القصاص ولكني أعني حلق الفقه >> (12).
وهو صريح في كتاب الترمذي (وما رياض الجنة ؟ قال : المساجد) وفي حديث أنس عند أحمد والترمذي : حلق الذكر. ولا منافاة بينهما لأنها تصدق بالمساجد وغيرها فهي أعم ، وخصت المساجد هنا لأنها أفضل ، قاله القاري.
وفسر في حديث ابن عباس عند الطبراني في الكبير بمجالس العلم. وفي حديث ابن مسعود حلق الفقه ، قال الشوكاني : لا مخالفة بين هذه الأحاديث ، فرياض الجنة تطلق على حلق الذكر ، ومجالس العلم ، وحلق الفقه والمساجد ، ولا مانع من ذلك- انتهى.
وفيها يحمد الطالب الله تعالى أن وفقه لطلب العلم في بيت من بيوته سبحانه ، كيف لا يحمده والملائكة تحفه بأجنحتها ، والسكينة تزل عليه ، وتغشاه الرحمة .
ففي حديث أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ – رضي الله عنهما - عن رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : << مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلا حَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ ، وَتَنَزَّلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ >> (14)
وفي سنن ابن ماجة (ح225 ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ :<<.. وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا ، سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ ، وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ ، فَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ ، إِلاَّ حَفَّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ ، وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ ، وَمَنْ أَبْطَأَ بِهِ عَمَلُهُ , لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ >>.
قال الشيخ عطية سالم – رحمه الله - وفضله في المسجد النبوي والمسجد الحرام أعظم بكثير لمكانة هذين المسجدين عند الله ، فقد خص النبي صلى الله عليه وسلم المسجد النبوي الشريف بطلب العلم .
فقال فيه : ( من راح إلى مسجدي هذا لعلم يُعلِّمُه أو يتعلمه كان كمن غزا في سبيل الله ) فخص المسجد النبوي الشريف؛ لأن المسجد النبوي كان مقراً لقيادة الإسلام، فكانت تعقد فيه الألوية للسرايا، وكانت تعقد فيه ألوية الجيوش، وكان يعقد فيه عهد الصلح....
وقد نص القرآن الكريم على أن طلب العلم قسيم للجهاد في سبيل الله، فقال تعالى: { وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ } سورة التوبة (122) .
فالذين ينفرون يجب أن ينقسموا قسمين: قسم في سبيل الله للقتال، وقسم لحلق العلم والتعلم لينذروا قومهم، وليعلموا قومهم، ومن هنا أخبر صلى الله عليه وسلم عن مسجده -حيث كان مقراً للقيادة وتوجيه الجيوش وعقد الصلح- بأن طلب العلم فيه كالجهاد في سبيل الله ، ولقد جربنا ولمسنا مدى البركة في هذا المسجد، سواءٌ أكان في الطلب أم في غيره ، والله أسأل أن يعيد المساجد إلى رسالتها، وأن يعيد المسلمين إلى بيوت ربهم.
نعم، جعل الله فيه خيرا كثيرا ، فالصلاة فيه بألف صلاة ، وجعله روضة رحبة لنشر العلم والإيمان ، وتلقي الوحي وتبليغه، فيه تعلم المسلمون أمور دينهم .
فخرّج رجالاً من خيرة الناس إنهم صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم – ، وتربى فيه أجيالا قوية عزائمهم ، راسخة عقائدهم ، فكان منهم علماء أجلاء ، دعاة إلى الله – تبارك وتعالى - ، هداة مهتدين ، ملئوا الدنيا خيرا وعلمًا ونورا وفتوحات . قال الله تعالى :- { فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ } [ النور 36 – 37) (15).انتهى كلامه .
أولئك هم أسلافنا وأجدادنا ، وما قيل في المسجد النبوي يمكن أن يقال في المسجد الحرام ؛ فلا يمكن أن تقارن هذه الفضائل بغيرها من الأماكن إطلاقا ، كيف نقارن تحصيل العلم في بيوت الله تعالى أحب البقاع إليه ، وأطهرها على وجه الأرض بالتحصيل في الجامعات والمدارس التي أصبحت أسواقا للاختلاط وأوكارا للرذيلة والفساد ونشرا للإلحاد في بعضها ، ومدعاة للفسق والفجور على أوسع نطاق ، وخاصة وأن روادها أغلبهم في قمة الشباب وتشبها بالكفار ، وتقليدا لهم ، بل ما وجدت هذه المؤسسات إلا للقضاء على دور المسجد ، وقد نجح أعداء الله تعالى إلى حد بعيد في أهدافهم الخبيثة ، وكيدهم الأثيم في كثير من بلاد الإسلام حتى أصبح المسجد شبه الكنيسة يفتح ويغلق في أوقات ميعنة ، ولأداء الصلوات فقط على حد المثل السائر عندنا (( صل وارفد سباطك وأمش)) يعني (( خذ حذاءك وانصرف )) .
فحلقات العلم ومجالس الذكر ، وتعليم القرآن ورياض الجنة الإيمانية ، ممنوعة ؛ لأنها تخرج الإرهاب – بزعمهم - وما فقهوا أن العيب ليس في بيوت الله وإنما في الاستعمار الذي غرس هذا الفكر في بلاد المسلمين التي استعمرها فكان يحارب وبضراوة العلماء والأئمة الذين يعلمون الأمة الدين الصحيح ، ويغرسون في نفسوا أبنائها الولاء لأهل الإسلام والبراء للكافرين ويحرضون على إخراجه من ديارهم فضيق على المساجد وحلق العلم التي تقام فيها ، ومن هنا جاءت الفكرة العلمانية لغلق المساجد وحصر وظيفتها في أداء الشعائر التعبدية وبرقابة على من يرتادها ...وهي جزء من الفكرة العلمانية فصل الدين عن السياسة كما فعلوا بالكنيسة .
ولا يفوتني أن أنبه أني لم أغفل أن هناك طوائف من أهل الغلو من أبناء جلدتنا إفراطا وتفريطا ممن شوهوا جمال الدين الحنيف ودور المسجد ، ولكن هذا لا يبرر لغلق المسجد في وجه المعتدلين من المصلحين من العلماء والمشايخ السلفيين .
وهذه المؤسسات التعليمية التربوية - زعموا - التي أنشئوها للقضاء على وظيفة المسجد لا تعطي حتى العلم الدنيوي التي أنشأت من أجله إلا نزرا؛ فضلا عن علم الشرع الحقيقي على منهج النبوة ، فالذين يَدرسون الشريعة في الفروع التي خُصصت لها يتخرجون منها ولم يحصلوا على شيء يذكر لأن الأغلبية فيهم يبحثون عن الشهادات شأنهم شأن أهل الدنيا ليس إلا ، ومن كان حريصا منهم على العلم النافع فلا يجده في المقررات والمحاضرات المقررة ، ناهيك عمن يقدم تلك الدروس والمحاضرات ؟؟؟
ولذلك لا تجد لهم أي أثر في المجتمع ، وعلى سبيل المثال لا الحصر جامعة الأمير عبد القادر بولاية قسنطينة في الشرق الجزائري فتحت أبوابها في سنة 1985م أي ما يقرب من ثلث قرن من الزمان ، وقد تخرج منها الآلاف بل قل عشرات الآلاف ولكن لا تجد لهم أي أثر إلا من - رحم الله - وقليل ما هم ، وكذلك قل في غيرها .. ناهيك عن الغش في نتائج الامتحانات وكيف تهدى النقاط ، وتحرم آخرين مع الأساتذة والتزوير في الشهادات ، وتسميتها بأسماء مستوردة بعضها كنهوتي ، كلقب دكتور ، أو الأستاذ دكتور إذا أطرقت أذنك وسمعتها خيل إليك أنك أمام جهبذ من الجهابذة إليه انتهى العلم ، حتى إذا سمعته يتكلم وفي تخصصه تنفست الصعداء ومددت رجليك قائلا : رحم الله أبا حنيفة حين قال : آن لأبي حنيفة أن يمد رجليه ..
وكذلك المحسوبية ، على الجنس والجهة والانتماء والصراعات الموجودة على الأحياء والإقامات الجامعية ، وغير ذلك من الفضائح والقبائح التي تصحب الطلاب من المرحلة الثانوية إلى الجامعة ، وإذا وجد بينهم وفيهم من أهل السنة على منهج السلف الصالح فهو نزر قليل مغمور مضايق عليه في جميع المجالات مما يدفعه ليصارع ويدافع ويضيع عليه بركة العلم التي يريد تحصيله .
وإذا أحببت أن تنظر الفارق بين طلب العلم في المساجد وبين طلبه في تلك المؤسسات فانظر إلى آثار وثمار طلب العلم في المساجد في هذا التراث الضخم الذي خلفه لنا علماء السلف الصالح حتى أصبح هو العمدة والمرجع إليه وفيه غنية عن غيره فأغلبه كان في المساجد وبيوت الله التي كانت مفتوحة لقاصديها وطلب العلم فيها ودور العلماء الذين كانت بيوتهم مفتوحة لطلاب العلم وكذلك دور العلم التي يشرف عليها الأئمة العلماء الربانيون بعيدا عن الخلط والاختلاط والفساد والإفساد ..
والحمد لله رب العالمين ، وصل اللهم على عبدك ورسول محمد الأمين وسلم تسليما كثيرا .
كتبه
أبو بكر يوسف لعويسي
وكان الفراغ منها عشية الخميس 26 ربيع الأول 1434هـ الموافق ل 07/02/2013م الدويرة الجزائر العاصمة .
===============
الهوامش :
1- أخرجه مسلم برقم (2699 ) والترمذي برقم (2045) وابن ماجة (225) وأحمد (2/252) والبيهقي في شعب الإيمان (3/364) (1823)وغيرهم . وأخرج البخاري تعليقا بصيغة الجزم في باب الْعِلْم قَبْلَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ. << وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ بِهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ >>.
2- رواه مسلم (ح2696)، والترمذي (2646)، وأبو داود (3643)، أخرجه أبو داود (2/71 رقم 1455) . قال الشيخ الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : (ح 5509 ) في صحيح الجامع .
3 – إسناده حسن، أخرجه الحاكم في المستدرك(1/91 )وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.
وأخرجه ابن أبي شيبة (12/209) ومن طريقه ابن ماجة (227) في المقدمة: قال البوصيري في الزوائد ورقة 16: هذا إسناد صحيح احتج مسلم بجميع رواته.
وأخرجه أحمد (2/350 و418 و527 )من طرق عن أبي صخر حميد، به.وله شاهد من حديث سهل بن سعد عند الطبراني في الكبير(5911)، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: << من دخل مسجدي ليتعلم خيراً، أو ليعلمه كان بمنزلة المجاهد في سبيل الله، ومن دخله لغير ذلك من أحاديث الناس كان بمنزلة من يرى ما يعجبه وهو شيء لغيره >>، ومن حديث أبي أمامة عند الحاكم 1/91، و الطبراني في الكبير، ولفظه عند الطبراني: << من غدا إلى المسجد لا يريد إلا أن يتعلم خيراً أو يعلمه كان له كأجر حاج تاماً حجته >> قال الهيثمي في المجمع(1/123): رواه الطبراني في الكبير، ورجاله موثوقون كلهم.
قال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (1/20) 86 - رواه الطبراني في الكبير بإسناد لا بأس به
4 - قال نور الدين الهيثمي في مجمع الزوائد بعد ما أخرجه في باب الأسواق (4/135)(ح 6326) ورجال أحمد وأبي يعلى والبزار رجال الصحيح خلا عبد الله بن محمد بن عقيل وهو حسن الحديث وفيه كلام. قال الحافظ في ( الفتح ) ( 4 / 269 ) : ( أخرجه أحمد والبزار وصححه الحاكم وإسناده حسن ) وهو في صحيح الترغيب والترهيب ( 325 ) وقال الألباني ( حسن صحيح ).
5 - أخرجه مسلم (ح 671 ) وابن خزيمة في صحيحه (ح 1293)وابن حبان (1600)وغيرهم .
6 - أخرجه أبو نعيم فى الحلية (1/214) ، وابن عساكر (47/153) وعبد الرزاق عن معمر في الجامع (11/96) وهناد في الزهد (2/471) رقم (951) ، والطبراني في الأوسط (7/158) رقم (7149) ، والخطيب (8/340) ، والديلمي (4/217) من حديث أبي الدرداء.
وأخرجه الطبراني (6/254 ، رقم 6143) ، والبيهقي في شعب الإيمان (3/83 ، رقم 2950) .من حديث سلمان
قال نور الدين الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (2/32): رواه الطبراني في الكبير والأوسط والبزار وقال: إسناده حسن،قلت: ورجال البزار كلهم رجال الصحيح.وهو مخرج في السلسة الصحيحة( 716) وصحيح الترغيب والترهيب (330).
7 - مختصر مسلم (666)وابن حبان (ح2044) والبيهقي في السنن الكبرى ( 5166)والطبراني في الأوسط (1117).
8 – حسن بشواهده رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم جمع من الصحابة رضي الله عنهم وهم أنس بن مالك وعبد الله بن مسعود وأبو سعيد الخدري وابن عباس والحسين بن علي وابن عمر وعلي بن أبي طالب وجابر .وقد حسنه بعض الأئمة وصححه غيرهم أنظر تخريجا مستوفى له في جامع بيان العلم وفضله تحقيق أبو الأشبال الزهيري (ص22- 52). قال الشيخ الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : (3913) في صحيح الجامع .
9 - انظر له : السلسلة الصحيحة (6/512) رقم (2728).
10 - أخرجه مسلم (7032 ) وغيره .
11 - قال الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة (2562 ): حسن .
12- أخرجه الطبرانى (11/95 ، رقم 1158) . قال المنذرى (1/63) ، والهيثمى (1/126) : فيه رجل لم يسم . قال الشيخ الألباني : ( ضعيف ) انظر حديث رقم :( 700) في ضعيف الجامع .وإن كان سنده ضعيف فمعناه صحيح ويشهد له الذي قبله والآتي بعده .
13 - الفقيه والمتفقه (1/46)(41).
14 - قال البغوي في شرح السنة للبغوي (947 ) هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طُرُقٍ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ. مسلم برقم (2700 ) وابن ماجة(3791 ) وأحمد (3/92).
15 - شرح بلوغ المرام للشيخ عطية بن محمد سالم (13/52).
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه إلى يوم الدين ، والصلاة والسلام على إمام المتقين ، وسيد الأولين والآخرين ، وعلى آله وصحبه الغر الميامين وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد :
ليعلم الجميع أن طلب العلم في المساجد محاط بالبركة ؛ لأن الإنسان إذا جلس في بيت من بيوت الله ، وتذكر عظمة المكان وقداسته ، وسمع الشيخ يقول : قال الله قال رسوله صلى الله عليه وسلم ، فهو يستشعر تلك البركة ، عظمة المكان والجلوس في ضيافة الرحمن فكان على استعداد أكثر لاستقبال ما يلقى عليه من المعلومات النافعة والحكم الجديرة بالاهتمام .
نعم ؛ إن طلب العلم في بيوت الله له مزايا عظيمة ، وفضائل جمة لو علم قدرها طلاب العلم لتنافسوا عليها تنافسا شديدا لا نظير له ولتزاحموا عليها بالركب ، ولحرصوا الحرص الشديد على التبكير إليها حتى لا يفوتهم ذلكم الفضل ، كما كان أسلافهم الأماجد فإليك أخي بعض تلك الفضائل لعلها تكون حافزا على تحصيل بعض منها ، أو دافعا قويا للاتصاف بها ، والعيش في كنفها .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - ضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: << .. وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَبْتَغِي بِهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ ، وَمَا جَلَسَ قَوْمٌ فِي مَسْجِدٍ مِنْ مَسَاجِدِ اللهِ يَتْلُونَ فِيهِ كِتَابَ اللهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا حَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ >> (1).
وعن أبي هريرة – رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال : << ما من قوم يجتمعون في بيت من بيوت الله يتعلمون القرآن ، ويتدارسونه بينهم ؛ إلا حفتهم الملائكة ، وغشيتهم الرحمة ، وتنزلت عليهم السكينة ، وذكرهم الله فيمن عنده ، وما من رجل يسلك طريقًا يلتمس فيها علمًا إلا سهل الله له طريقًا إلى الجنة، ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه >> (2).
هذا في الاجتماع على طلب العلم فكيف إذا كان ذلك في بيت من بيوت الله وسخر الله تعالى لطالب مشايخ سنين سلفيين ربوه على منهج النبوة ، وسبيل المؤمنين وعلموه العلم النافع والآداب الجامعة النافعة بعيدا عن المحدثات والأهواء والحزبيات فلا تسأل عن البركة والثمرة التي تحصل لطالب العلم .
وبوب البخاري في صحيحه باب من قعد حيث ينتهي به المجلس ومن رأى فرجة في الحلقة فجلس فيها. (ح 66 ) وبسنده عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ وَالنَّاسُ مَعَهُ إِذْ أَقْبَلَ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ فَأَقْبَلَ اثْنَانِ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَذَهَبَ وَاحِدٌ قَالَ فَوَقَفَا عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم- فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَرَأَى فُرْجَةً فِي الْحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا ، وَأَمَّا الآخَرُ فَجَلَسَ خَلْفَهُمْ ، وَأَمَّا الثَّالِثُ فَأَدْبَرَ ذَاهِبًا فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ :<< أَلاَ أُخْبِرُكُمْ ، عَنِ النَّفَرِ الثَّلاَثَةِ ؟ أَمَّا أَحَدُهُمْ فَأَوَى إِلَى اللهِ فَآوَاهُ اللَّهُ ، وَأَمَّا الآخَرُ فَاسْتَحْيَا فَاسْتَحْيَا اللَّهُ مِنْهُ ، وَأَمَّا الآخَرُ فَأَعْرَضَ ؛ فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ >>. وأخرجه مالك في الموطأ برقم ( 1724)ومسلم (2176).
وبوب عليه ابن حبان (1/286) باب ذِكْرُ أَمَانِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلاَ مِنَ النَّارِ مَنْ أَوَى إِلَى مَجْلِسِ عِلْمٍ وَنِيَّتُهُ فِيهِ صَحِيحَةٌ.
أنظر أخي الطالب إلى الاثنين اللذينِ أرادا الخير وحرص عليه ، أما أحدهما فآوى إلى الله فآواه الله ، وأما الآخر فاستحي فاستحى الله منه ، حتى لو لم يكن قصده العلم فجلس مع أهله الذاكرين لله فهم القوم لا يشقى بهم جليسهم .
أما من لم يقم للعلم وزنا ، وأعرض عن مجالسه وحلقه فهذا جزاؤه أن أعرض الله عنه ويا له من موقف شديد على النفس أن يعرض الله تعالى عن العبد فلا يقيم له وزنا لأن الجزاء من جنس العمل فكيف بالإعراض عن طالب العلم ؟؟؟
وبوب البخاري - رحمه الله - على نفس الحديث باب رقم (84): الحلق والجلوس في المسجد. حديث رقم ( 472).وذلك لما فيه من فضل عظيم ، وقرب من الله .
وإن طالب العلم إذا خرج إلى طلب العلم في المسجد فهو في سبيل الله ، وأن ذلك يعدل الجهاد في سبيل الله ؛ وقد نص القرآن الكريم على أن طلب العلم قسيم للجهاد في سبيل الله ، فقال تعالى : { وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ } سورة التوبة : (122).
وبينت ذلك السنة أن طلب العلم في المسجد وليس في غيره ففي صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان (1/321) (87) ذكر التسوية بين طالب العلم ومعلمه وبين المجاهد في سبيل الله .
وبسنده عن هريرة – رضي الله عنه - يقول إنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : << من دخل مسجدنا هذا ليتعلم خيرا أو يعلمه كان كالمجاهد في سبيل الله ومن دخله لغير ذلك كان كالناظر إلى ما ليس له >>. (3).
وأخرج مالك (1/175) باب انتظار الصلاة والمشي إليها، عن سمي مولى أبي بكر، أن أبا بكر بن عبد الرحمن كان يقول : << من غدا أو رواح إلى المسجد لا يريد غيره ليتعلم خيراً، أو ليعلمه ، ثم رجع إلى بيته كان كالمجاهد في سبيل الله رجع غانماً >>.
إن المسجد هو بيت الله ، وهو مكان مقدس طاهر ، عامر بالإيمان ، خصه الله بمزايا وتكفل لرواده بفضائل ومنن كبيرة وكثيرة ، تشهده الملائكة ، بل تقوم على أبوابه في كل حين وآن ، وتقام فيه الصلوات ، ويرفع فيه الآذان ، ويذكر فيه اسم الله تعالى ، ويتدارس فيه كلام الله وسنة رسوله ، وسير السلف الصالح ، وهو روح كل قرية وأمنها ، ومأوى كل تائب ومظلوم ، وبيت كل تقي ومكلوم ، ومستوطن كل مجاور ومعتكف . فيه السكينة والطمأنينة ، والراحة النفسية .
هذه الفضائل كلها وغيرها مما اجتمع لطالب العلم في المساجد مما ذكرته ، ومما سأذكره ومما تركته أو فاتني ؛ لا تجتمع في مكان غيرها مهما كان ، لذلك كانت المساجد أحب البقاع إلى الله تعالى ؛ كما جاء مصرحا به في السنة ؛ فعن عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَجُلاً قَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ أَيُّ الْبُلْدَانِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ ؟ وَأَيُّ الْبُلْدَانِ أَبْغَضُ إِلَى اللهِ ؟.. قَالَ : << لاَ أَدْرِي حَتَّى أَسْأَلَ جِبْرِيلَ صَلَّى الله عَلَيه وَسَلَّم ، فَأَتَاهُ فَأَخْبَرَهُ جِبْرِيلُ أَنَّ أَحَبَّ الْبِقَاعِ إِلَى اللهِ الْمَسَاجِدُ ، وَأَبْغَضُ الْبِقَاعِ إِلَى اللهِ الأَسْوَاقُ >>. ( 4)
هذا حديث حسن صحيح ، ويشهد له ما في صحيح مسلم عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ << أَحَبُّ الْبِلاَدِ إِلَى اللَّهِ مَسَاجِدُهَا وَأَبْغَضُ الْبِلاَدِ إِلَى اللَّهِ أَسْوَاقُهَا >> (5).
ورفع الله من شأن المساجد ، وأضافها لنفسه تشريفا وتكريما وتعظيما لها ولروادها ونزهها عن تدنيس الشرك والمشركين ، وشهد لمن يعمرها بالإيمان .
قال الله تعالى : {{ مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ * إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ }} سورة التوبة (17- 18) .
قال ابن كثير(4/119) : يقول تعالى : ما ينبغي للمشركين بالله أن يعمروا مساجد الله التي بنيت على اسمه وحده لا شريك له.
وقال في قوله تعالى :{{ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}} فشهد تعالى بالإيمان لعمار المساجد..
وقال الطبراني في التفسير المنسوب إليه في تفسير قوله تعالى : {{ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ }} . وكلمةُ عسى مِن الله واجبةٌ ، والفائدةُ في ذكرِها في آخرِ هذه الآية ليكونَ الإنسانُ على حذَرٍ من فعلِ ما يُحبطُ ثوابَ عملِهِ.
وجعل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد بيت كل تقي ، فعن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم – يقول :<< المسجد بيت كل تقي ، وتكفل الله لمن كان المسجد بيته بالرَوْحِ والرحمة ، والجواز على الصراط إلى رضوان الله ، إلى الجنة >> (6) .
الله أكبر ، أي فضل هذا أن يتكفل الله لطالب العلم الذي جعل المسجد بيته يقضي فيه فريضة ويتعلم فيه ما يقضي به فرائض الله تعالى عليه ، وليس هذا فحسب ؛ بل والجواز على الصراط إلى رضوان الله .
إن العلم يورث الخشية لله تعالى التي تجعل طالب العلم متقيا الله ؛ فكيف إذا جعل المسجد بيتا له يطلب فيه ذلك العلم المورث للخشية ، فكيف إذا جمع لذلك نية صادقة صالحة في تحصيل العلم على منهج النبوة فلا تسأل بعدها ، وانظر إلى المكافئة العظيمة والجزاء الكبير والكثير الذي أعده الله لمن كان المسجد بيته ؛ يغدوا ويروح في إقامة الصلاة ، وتعلم العلم النافع ، وقلبه معلق بالمساجد ، أن تكفل الله له بالروح والرحمة ـ والجواز على الصراط إلى رضوان الله ، إلى الجنة ، إلى الذين يظلهم الله في ظله ، ويجعل لهم نزلا في الجنة ، فكيف يغفل طالب العلم عن هذا ويزهد في حلقات العلم التي تقام في بيوت الله ؟؟؟
فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم – يقول : << سبعة يظلهم الله في ظله ، يوم لا ظل إلا ظله الإمام العادل ، وشاب نشأ في عبادة الله - عز وجل - ورجل قلبه معلق بالمساجد..>> متفق عليه . وتعلق القلب بالمسجد من أجل إقام العبادات فيه ، ومنها البكور لطلب العلم .
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – : << من غدا إلى المسجد أو راح أعدّ الله له في الجنة نزلا كلما غدا أو راح >> متفق عليه. والنُزل : هو ما يُهيأ للضيف من كرامة عند قدومه.
وقد جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - من توضأ في بيته وخرج إلى المسجد ليعمره بالإيمان والتقوى خطواته إحداها تحط خطيئة ًً والأخرى ترفع درجة .
فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : << من تطهر في بيته ثم مضى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله كانت خطواته إحداها تحط خطيئة ًً والأخرى ترفع درجة >> (7).
وقوله ليقضي فريضة من فرائض الله ، المتبادر من هذه الجملة أنها الصلوات الخمس ، ولكن لفظ فريضة جاءت نكرة لتعم جميع ما يمكن أن يكون فريضة ، والعلم فريضة من فرائض الله بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله : << طلب العلم فريضة على كل مسلم >> (8).
وقد جعل الله تعالى عمار المساجد جيرانه يوم القيامة ، فالمرتاد للمسجد المجاور فيه بأداء الفرائض وتتبع حلقات العلم والإيمان ، ومجالس الذكر والفقه ينادى عليه يوم القيامة ليكون جارا لله تعالى .
فعن عن أنس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : << إن الله لينادي يوم القيامة : أين جيراني ؟ أين جيراني ؟ قال : فتقول الملائكة : ربنا ومن ينبغي أن يجاورك ؟ فيقول : أين عمار المساجد >> حديث صحيح (9) .
وقد جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - لمن يجلس في المسجد يذكر الله تعالى ، ويحمده على نعمة الهداية للإسلام أن يباهي الله به الملائكة ، فعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ خَرَجَ مُعَاوِيَةُ عَلَى حَلْقَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ مَا أَجْلَسَكُمْ قَالُوا جَلَسْنَا نَذْكُرُ اللَّهَ.
قَالَ آللَّهِ مَا أَجْلَسَكُمْ إِلاَّ ذَاكَ قَالُوا وَاللَّهِ مَا أَجْلَسَنَا إِلاَّ ذَاكَ. قَالَ أَمَا إِنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفْكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ وَمَا كَانَ أَحَدٌ بِمَنْزِلَتِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- أَقَلَّ عَنْهُ حَدِيثًا مِنِّى وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- خَرَجَ عَلَى حَلْقَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ
فَقَالَ << مَا أَجْلَسَكُمْ >>. قَالُوا جَلَسْنَا نَذْكُرُ اللَّهَ وَنَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا لِلإِسْلاَمِ وَمَنَّ بِهِ عَلَيْنَا. قَالَ << آللَّهِ مَا أَجْلَسَكُمْ إِلاَّ ذَاكَ >>. قَالُوا وَاللَّهِ مَا أَجْلَسَنَا إِلاَّ ذَاكَ. قَالَ << أَمَا إِنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفْكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ وَلَكِنَّهُ أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَخْبَرَنِي أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبَاهِى بِكُمُ الْمَلاَئِكَةَ >>. أخرجه مسلم (7032 ) وغيره . (10)
وليس من شك أن حلق العلم هي من حلق الذكر لله تعالى ،أخرج الترمذي (ح3510) عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :<< إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا قالوا ما رياض الجنة ؟ قال حلق الذكر >> قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه .
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عمهما- قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: << إِذَا مَرَرْتُمْ بِرِيَاضِ الْجَنَّةِ فَارْتَعُوا >> قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَا رِيَاضُ الْجَنَّةِ؟ قَالَ: << مَجَالِسُ الْعِلْمِ >>.(11).
قال عبد الله بن مسعود قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : << إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا - أما إني لا أعني حلق القصاص ولكني أعني حلق الفقه >> (12).
وهو صريح في كتاب الترمذي (وما رياض الجنة ؟ قال : المساجد) وفي حديث أنس عند أحمد والترمذي : حلق الذكر. ولا منافاة بينهما لأنها تصدق بالمساجد وغيرها فهي أعم ، وخصت المساجد هنا لأنها أفضل ، قاله القاري.
وفسر في حديث ابن عباس عند الطبراني في الكبير بمجالس العلم. وفي حديث ابن مسعود حلق الفقه ، قال الشوكاني : لا مخالفة بين هذه الأحاديث ، فرياض الجنة تطلق على حلق الذكر ، ومجالس العلم ، وحلق الفقه والمساجد ، ولا مانع من ذلك- انتهى.
وفيها يحمد الطالب الله تعالى أن وفقه لطلب العلم في بيت من بيوته سبحانه ، كيف لا يحمده والملائكة تحفه بأجنحتها ، والسكينة تزل عليه ، وتغشاه الرحمة .
ففي حديث أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ – رضي الله عنهما - عن رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : << مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلا حَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ ، وَتَنَزَّلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ >> (14)
وفي سنن ابن ماجة (ح225 ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ :<<.. وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا ، سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ ، وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ ، فَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ ، إِلاَّ حَفَّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ ، وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ ، وَمَنْ أَبْطَأَ بِهِ عَمَلُهُ , لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ >>.
قال الشيخ عطية سالم – رحمه الله - وفضله في المسجد النبوي والمسجد الحرام أعظم بكثير لمكانة هذين المسجدين عند الله ، فقد خص النبي صلى الله عليه وسلم المسجد النبوي الشريف بطلب العلم .
فقال فيه : ( من راح إلى مسجدي هذا لعلم يُعلِّمُه أو يتعلمه كان كمن غزا في سبيل الله ) فخص المسجد النبوي الشريف؛ لأن المسجد النبوي كان مقراً لقيادة الإسلام، فكانت تعقد فيه الألوية للسرايا، وكانت تعقد فيه ألوية الجيوش، وكان يعقد فيه عهد الصلح....
وقد نص القرآن الكريم على أن طلب العلم قسيم للجهاد في سبيل الله، فقال تعالى: { وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ } سورة التوبة (122) .
فالذين ينفرون يجب أن ينقسموا قسمين: قسم في سبيل الله للقتال، وقسم لحلق العلم والتعلم لينذروا قومهم، وليعلموا قومهم، ومن هنا أخبر صلى الله عليه وسلم عن مسجده -حيث كان مقراً للقيادة وتوجيه الجيوش وعقد الصلح- بأن طلب العلم فيه كالجهاد في سبيل الله ، ولقد جربنا ولمسنا مدى البركة في هذا المسجد، سواءٌ أكان في الطلب أم في غيره ، والله أسأل أن يعيد المساجد إلى رسالتها، وأن يعيد المسلمين إلى بيوت ربهم.
نعم، جعل الله فيه خيرا كثيرا ، فالصلاة فيه بألف صلاة ، وجعله روضة رحبة لنشر العلم والإيمان ، وتلقي الوحي وتبليغه، فيه تعلم المسلمون أمور دينهم .
فخرّج رجالاً من خيرة الناس إنهم صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم – ، وتربى فيه أجيالا قوية عزائمهم ، راسخة عقائدهم ، فكان منهم علماء أجلاء ، دعاة إلى الله – تبارك وتعالى - ، هداة مهتدين ، ملئوا الدنيا خيرا وعلمًا ونورا وفتوحات . قال الله تعالى :- { فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ } [ النور 36 – 37) (15).انتهى كلامه .
أولئك هم أسلافنا وأجدادنا ، وما قيل في المسجد النبوي يمكن أن يقال في المسجد الحرام ؛ فلا يمكن أن تقارن هذه الفضائل بغيرها من الأماكن إطلاقا ، كيف نقارن تحصيل العلم في بيوت الله تعالى أحب البقاع إليه ، وأطهرها على وجه الأرض بالتحصيل في الجامعات والمدارس التي أصبحت أسواقا للاختلاط وأوكارا للرذيلة والفساد ونشرا للإلحاد في بعضها ، ومدعاة للفسق والفجور على أوسع نطاق ، وخاصة وأن روادها أغلبهم في قمة الشباب وتشبها بالكفار ، وتقليدا لهم ، بل ما وجدت هذه المؤسسات إلا للقضاء على دور المسجد ، وقد نجح أعداء الله تعالى إلى حد بعيد في أهدافهم الخبيثة ، وكيدهم الأثيم في كثير من بلاد الإسلام حتى أصبح المسجد شبه الكنيسة يفتح ويغلق في أوقات ميعنة ، ولأداء الصلوات فقط على حد المثل السائر عندنا (( صل وارفد سباطك وأمش)) يعني (( خذ حذاءك وانصرف )) .
فحلقات العلم ومجالس الذكر ، وتعليم القرآن ورياض الجنة الإيمانية ، ممنوعة ؛ لأنها تخرج الإرهاب – بزعمهم - وما فقهوا أن العيب ليس في بيوت الله وإنما في الاستعمار الذي غرس هذا الفكر في بلاد المسلمين التي استعمرها فكان يحارب وبضراوة العلماء والأئمة الذين يعلمون الأمة الدين الصحيح ، ويغرسون في نفسوا أبنائها الولاء لأهل الإسلام والبراء للكافرين ويحرضون على إخراجه من ديارهم فضيق على المساجد وحلق العلم التي تقام فيها ، ومن هنا جاءت الفكرة العلمانية لغلق المساجد وحصر وظيفتها في أداء الشعائر التعبدية وبرقابة على من يرتادها ...وهي جزء من الفكرة العلمانية فصل الدين عن السياسة كما فعلوا بالكنيسة .
ولا يفوتني أن أنبه أني لم أغفل أن هناك طوائف من أهل الغلو من أبناء جلدتنا إفراطا وتفريطا ممن شوهوا جمال الدين الحنيف ودور المسجد ، ولكن هذا لا يبرر لغلق المسجد في وجه المعتدلين من المصلحين من العلماء والمشايخ السلفيين .
وهذه المؤسسات التعليمية التربوية - زعموا - التي أنشئوها للقضاء على وظيفة المسجد لا تعطي حتى العلم الدنيوي التي أنشأت من أجله إلا نزرا؛ فضلا عن علم الشرع الحقيقي على منهج النبوة ، فالذين يَدرسون الشريعة في الفروع التي خُصصت لها يتخرجون منها ولم يحصلوا على شيء يذكر لأن الأغلبية فيهم يبحثون عن الشهادات شأنهم شأن أهل الدنيا ليس إلا ، ومن كان حريصا منهم على العلم النافع فلا يجده في المقررات والمحاضرات المقررة ، ناهيك عمن يقدم تلك الدروس والمحاضرات ؟؟؟
ولذلك لا تجد لهم أي أثر في المجتمع ، وعلى سبيل المثال لا الحصر جامعة الأمير عبد القادر بولاية قسنطينة في الشرق الجزائري فتحت أبوابها في سنة 1985م أي ما يقرب من ثلث قرن من الزمان ، وقد تخرج منها الآلاف بل قل عشرات الآلاف ولكن لا تجد لهم أي أثر إلا من - رحم الله - وقليل ما هم ، وكذلك قل في غيرها .. ناهيك عن الغش في نتائج الامتحانات وكيف تهدى النقاط ، وتحرم آخرين مع الأساتذة والتزوير في الشهادات ، وتسميتها بأسماء مستوردة بعضها كنهوتي ، كلقب دكتور ، أو الأستاذ دكتور إذا أطرقت أذنك وسمعتها خيل إليك أنك أمام جهبذ من الجهابذة إليه انتهى العلم ، حتى إذا سمعته يتكلم وفي تخصصه تنفست الصعداء ومددت رجليك قائلا : رحم الله أبا حنيفة حين قال : آن لأبي حنيفة أن يمد رجليه ..
وكذلك المحسوبية ، على الجنس والجهة والانتماء والصراعات الموجودة على الأحياء والإقامات الجامعية ، وغير ذلك من الفضائح والقبائح التي تصحب الطلاب من المرحلة الثانوية إلى الجامعة ، وإذا وجد بينهم وفيهم من أهل السنة على منهج السلف الصالح فهو نزر قليل مغمور مضايق عليه في جميع المجالات مما يدفعه ليصارع ويدافع ويضيع عليه بركة العلم التي يريد تحصيله .
وإذا أحببت أن تنظر الفارق بين طلب العلم في المساجد وبين طلبه في تلك المؤسسات فانظر إلى آثار وثمار طلب العلم في المساجد في هذا التراث الضخم الذي خلفه لنا علماء السلف الصالح حتى أصبح هو العمدة والمرجع إليه وفيه غنية عن غيره فأغلبه كان في المساجد وبيوت الله التي كانت مفتوحة لقاصديها وطلب العلم فيها ودور العلماء الذين كانت بيوتهم مفتوحة لطلاب العلم وكذلك دور العلم التي يشرف عليها الأئمة العلماء الربانيون بعيدا عن الخلط والاختلاط والفساد والإفساد ..
والحمد لله رب العالمين ، وصل اللهم على عبدك ورسول محمد الأمين وسلم تسليما كثيرا .
كتبه
أبو بكر يوسف لعويسي
وكان الفراغ منها عشية الخميس 26 ربيع الأول 1434هـ الموافق ل 07/02/2013م الدويرة الجزائر العاصمة .
===============
الهوامش :
1- أخرجه مسلم برقم (2699 ) والترمذي برقم (2045) وابن ماجة (225) وأحمد (2/252) والبيهقي في شعب الإيمان (3/364) (1823)وغيرهم . وأخرج البخاري تعليقا بصيغة الجزم في باب الْعِلْم قَبْلَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ. << وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ بِهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ >>.
2- رواه مسلم (ح2696)، والترمذي (2646)، وأبو داود (3643)، أخرجه أبو داود (2/71 رقم 1455) . قال الشيخ الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : (ح 5509 ) في صحيح الجامع .
3 – إسناده حسن، أخرجه الحاكم في المستدرك(1/91 )وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.
وأخرجه ابن أبي شيبة (12/209) ومن طريقه ابن ماجة (227) في المقدمة: قال البوصيري في الزوائد ورقة 16: هذا إسناد صحيح احتج مسلم بجميع رواته.
وأخرجه أحمد (2/350 و418 و527 )من طرق عن أبي صخر حميد، به.وله شاهد من حديث سهل بن سعد عند الطبراني في الكبير(5911)، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: << من دخل مسجدي ليتعلم خيراً، أو ليعلمه كان بمنزلة المجاهد في سبيل الله، ومن دخله لغير ذلك من أحاديث الناس كان بمنزلة من يرى ما يعجبه وهو شيء لغيره >>، ومن حديث أبي أمامة عند الحاكم 1/91، و الطبراني في الكبير، ولفظه عند الطبراني: << من غدا إلى المسجد لا يريد إلا أن يتعلم خيراً أو يعلمه كان له كأجر حاج تاماً حجته >> قال الهيثمي في المجمع(1/123): رواه الطبراني في الكبير، ورجاله موثوقون كلهم.
قال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (1/20) 86 - رواه الطبراني في الكبير بإسناد لا بأس به
4 - قال نور الدين الهيثمي في مجمع الزوائد بعد ما أخرجه في باب الأسواق (4/135)(ح 6326) ورجال أحمد وأبي يعلى والبزار رجال الصحيح خلا عبد الله بن محمد بن عقيل وهو حسن الحديث وفيه كلام. قال الحافظ في ( الفتح ) ( 4 / 269 ) : ( أخرجه أحمد والبزار وصححه الحاكم وإسناده حسن ) وهو في صحيح الترغيب والترهيب ( 325 ) وقال الألباني ( حسن صحيح ).
5 - أخرجه مسلم (ح 671 ) وابن خزيمة في صحيحه (ح 1293)وابن حبان (1600)وغيرهم .
6 - أخرجه أبو نعيم فى الحلية (1/214) ، وابن عساكر (47/153) وعبد الرزاق عن معمر في الجامع (11/96) وهناد في الزهد (2/471) رقم (951) ، والطبراني في الأوسط (7/158) رقم (7149) ، والخطيب (8/340) ، والديلمي (4/217) من حديث أبي الدرداء.
وأخرجه الطبراني (6/254 ، رقم 6143) ، والبيهقي في شعب الإيمان (3/83 ، رقم 2950) .من حديث سلمان
قال نور الدين الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (2/32): رواه الطبراني في الكبير والأوسط والبزار وقال: إسناده حسن،قلت: ورجال البزار كلهم رجال الصحيح.وهو مخرج في السلسة الصحيحة( 716) وصحيح الترغيب والترهيب (330).
7 - مختصر مسلم (666)وابن حبان (ح2044) والبيهقي في السنن الكبرى ( 5166)والطبراني في الأوسط (1117).
8 – حسن بشواهده رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم جمع من الصحابة رضي الله عنهم وهم أنس بن مالك وعبد الله بن مسعود وأبو سعيد الخدري وابن عباس والحسين بن علي وابن عمر وعلي بن أبي طالب وجابر .وقد حسنه بعض الأئمة وصححه غيرهم أنظر تخريجا مستوفى له في جامع بيان العلم وفضله تحقيق أبو الأشبال الزهيري (ص22- 52). قال الشيخ الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : (3913) في صحيح الجامع .
9 - انظر له : السلسلة الصحيحة (6/512) رقم (2728).
10 - أخرجه مسلم (7032 ) وغيره .
11 - قال الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة (2562 ): حسن .
12- أخرجه الطبرانى (11/95 ، رقم 1158) . قال المنذرى (1/63) ، والهيثمى (1/126) : فيه رجل لم يسم . قال الشيخ الألباني : ( ضعيف ) انظر حديث رقم :( 700) في ضعيف الجامع .وإن كان سنده ضعيف فمعناه صحيح ويشهد له الذي قبله والآتي بعده .
13 - الفقيه والمتفقه (1/46)(41).
14 - قال البغوي في شرح السنة للبغوي (947 ) هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طُرُقٍ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ. مسلم برقم (2700 ) وابن ماجة(3791 ) وأحمد (3/92).
15 - شرح بلوغ المرام للشيخ عطية بن محمد سالم (13/52).