المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أهمية معرفة الله تبارك و تعالى بأسمائه و صفاته .



أبو عبد الله بلال الجزائري
07-Mar-2013, 01:31 PM
أهمية معرفة الله تبارك و تعالى بأسمائه و صفاته .






الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:

قال الإمام ابن القيم رحمه الله في الكافية الشافية:


ولأجل ذا ضحى بجعد خالد الـ *** ـقسري يوم ذبائح القربان



إذ قال إبراهيمُ ليس خليلَــه *** كلاَّ ولا موسى الكـليمَ الدان



شكر الضَّحية كل صاحب سنة *** لله درُّك من أخـي قربـان ([1] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftn2))

إن الإيمان بالله تعالى و معرفة أسمائه الحسنى و صفاته العليا هو الأساس الذي تُبنى عليه الحياة الروحية ، و تحيا بها الحياة الطيبة ، و يبعث بالمرء على طلب معالي الأمور و أشرفها ، و ينأى به عن محقرات الأعمال و سفاسفها ([2] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftn3)) ، لهذا يكون (من لم يَفهم هذا الباب ولم يُؤمِن بصفاتِ اللهِ كما أَثبتَها في كتابِه حُرِمَ من هذا الخيرِ والعياذ بالله، بل قد كَفَّرَهُ السَّلف؛ لقد كَفَّرُوا من يُعَطِّلُ أسماءَ اللهِ وصفاتِه؛ بل كَفَّرُوا من أَنكَرَ الاستواء؛ بل قَتَلُوا من أَنكرَ أنَّ اللهَ اتَّخَذ إبراهيمَ خليلاً ـ يعني أنكرَ صِفَةَ الخُلَّة والمحبَّة ـ ، وكَلَّّم موسى تكليمًا، قال أميرُ العراق خالدٌ بن عبد الله القِسْرِي لما قَتَلَ الجَعْدَ بنَ دِرهَم قال: (أيُّها النَّاس تقرَّبُوا إلى اللهِ بِضحاياكم، فإنِّي مُتَقَرِبٌ إليه بالجَعْدِ بنِ دِرهَم؛ لأنَّه أنكرَ أن يكـون اللهُ اتَّخَذَ إبراهيمَ خليلاً، وكلَّم موسى تكليمًا)([3] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftn4)) كان في ذلك الوقت العلماءُ والحُكَّام على عقيدةٍ واحدة ومنهجٍ واحد، والحاكمُ المسلم لا يَقِلُّ غيرةً على دينِ الله وعلى توحيـدِ الله من كبارِ العلماء، كان للتوحيدِ هذا عندهم مَنْزلةً عظيمةَ لدرجةِ أنَّ مثلَ هذا الأمير الذي هو من أقلِّ الأُمراءِ شأنًا، ولعلَّه من أضعفِهم تَدَيُّنًا ولكنَّه يؤمن بهذا التوحيد، ولهذا أبرَزَ هذه الغيرةَ على دينِ الله تبارك وتعالى وأيَّد ما ذهب إليه العلماءُ، وغار للهِ عزَّ وجلَّ وأجرى هذا الحُكمَ على هذا الذي تطاول على شيءٍ من صفـاتِ الله تبارك وتعالى، وكان هذا مصيرَه وجزاءَه، وهذا يُذَكِّرُني بحادثة عند الخليفةِ هارون الرشيد ـ رحمه الله ـ الذي كان يغزو عامًا ويَحُجُّ عامًا، وكان يبكي من خشيةِ الله إذا ذُكِّرَ بالله عزَّ وجلَّ حتى يُغمى عليه أحيانًا، كان في مجلس يُحَدِّثُه فيه أبو معاوية محمد بنُ خادم الضرير، فَحَدَّثَهُ ببعضِ الأحاديث، ومن ضمنها حديث (إنَّ آدَمَ وَمُوسَى تَحَاجَّا فَحَجَّ آدمُ مُوسَى) يعني في قضيةِ القدر، قال: (فَحَجَّ آدمُ مُوسَى)([4] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftn5)). قال أحدُ كُبَرَاءِ قُريش، ومن كبارِ الأُسرةِ الحاكمة، من كبارِ الأُسرَةِ العبَّاسية الحاكمة التي تَحكُمُ الدنيا، ولعلَّه عمُّ الرشيد قال: فأين الْتَقَيَا ؟ فقال الخَلِيفةُ الغيورُ: " أين السَّيف والنطع([5] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftn6)) لأقتُلَ هذا المُلحد "؛ لأنَّه استنكر حَدِيثَ رسُولِ الله ـ عليه الصَّلاةُ والسَّلام ـ، الآن علماء ومدارس كبيرة وجامعات تقومُ على الاستخفاف بِخبرِ الآحاد وأنَّه لا يفيدُ العِلمَ، وأنَّه من الظُنون، وأنَّها ما تقومُ به عقيدة؛ لكن كان منهجُ السَّلفُ الصَّالح علماؤُها وحكامُها وغيرُهم على احترامِ سُنّةِ رسُوِل الله صلى الله عليه و سلم جميعًا؛ ما يقولون: هذا متواتر وهذا آحاد، ولا نقبَلُ العقيدةَ إلاّ عن طريقِ التواتر، والآحاد إنَّما تفيدُ الظنّ، لا يقولونَ مثلَ هذا الكلام الفارغ الذي اخترعه أعداءُ الله من كبارِ أهلِ البدع ومن غيرِهم. الشاهدُ أنَّ القُرُونَ المُفَضلة التي شهد لها رسُـولُ الله ـ عليه الصَّلاَةُ وَالسَّلاَم ـ ما فُضِّلَت على الأُمَمِ كُلِّها وعلى هذه الأُمَّة إلاّ بتَمسُّكِها بكتابِ الله وبِسُنَّةِ رسُولِ الله ـ عليه الصلاة والسَّلام ـ في أبوابِ التوحيد في الدَّرجةِ الأولى، ثُمَّ في سائرِ أَبوابِ الدِّين، مؤمنين بكتابِ الله، مؤمنينَ بهذه النُصوص، مؤمنين بسُّنةِ رسُول الله عَلَيْه الصَّلاَةُ وَالسَّلاًم)([6] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftn7)). نسأل الله أن يثبتنا على عقيدة السلف و ألا يزيغ قلوبنا و أن يحفظنا من فتنة الشبهات إنه وحده القادر على ذلك و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


أبو عبد الله بلال القسنطيني الجزائري.







[1] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftnref2): الكافية الشافية (ص:21)الأبيات : (50-51-52). من آثار الإمام ابن القيم .دار علم الفوائد من تمويل مؤسسة سليمان بن عبد العزيز الراجحي الخيرية.

[2] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftnref3): مقدمة كتاب إمتاع الجليس للشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله تعالى (ص:05).

[3] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftnref4): انظر هذه القصة في ( البداية والنهاية ) لابن كثير (10/26).

[4] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftnref5): متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، البخاري برقم (6614) كتاب القدر .باب تحاج آدم وموسى عند الله ، و مسلم برقم (2652 ) كتاب القدر .باب حجاج آدم وموسى صلى الله عليهما و سلم .

[5] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftnref6): النطع : بِسَاطٌ من الجلد ، كثيراً ما كان يُقتَلُ فوقَه المحكومُ عليه بالقتل .

[6] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftnref7): التوحيد أصل الأصول و قاعدة في الأسماء و الصفات للعلامة المجاهد ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله تعالى( ص: 8-9-10-11). طبعة الميراث النبوي الجزائرية.

أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
07-Mar-2013, 08:39 PM
جزاك الله خيرا اخي

أبو عبد الله بلال الجزائري
08-Mar-2013, 12:07 PM
بارك الله فيك اخي على المرور زادك الله حرصا