أبو أنس بشير بن سلة الأثري
15-Mar-2013, 11:33 PM
[CENTER]وقفة مع من يريد المغالطة فيما يخص الدراسة في المدارس المختلطة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه
أما بعد :
فهذه وقفة مع تعليق بعض إخواننا في " منتديات البيضاء العلمية " على موضوع " موقف الشيخ ربيع المدخلي - حفظه الله - من يحيى الحجوري وأتباعه."
ومما جاء في تعليقه : ((فقد ذكر العلماء الحالة الاستثنائية لقضاء الحاجة أو الضرورة في الاختلاط مع التحرز في الوقوع في المحذور من النظر المحرم والخضوع في القول وغيره . ونقل لهم أقوال العلماء من ذلك الشيخ العثيمين وأحمد بن يحي النجمي و الفوزان و العباد و اللحيدان رحم الله ميتهم وحفظ الله حيهم . لكنهم رموه بالتقليد وما استطاعوا أن يردوا عن هؤلاء العلماء لأن الرد عليهم يورثهم سموما قاتلة . وما قرأوا رسالة الشيخ أصلا " الصراط في توضيح حالات الاختلاط " ))
أقول :
اعلم ـ أرشدك الله لطاعته وبصرك بنور الحق ـ إن أهل السنة والجماعة قد أوقفوا أنفسهم واشغلوا أعمارهم وبروا أقلامهم لبيان كل باطل وحصد كل عاطل ، فهم إذا تكلموا في الحجوري وغير الحجوري من أهل الضلال والفساد فلذب عن الدين الحنيف واحتياط لسنة المصطفى الشريف ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فلا تأخذهم في ذلك لومة لائم ولا يحابون في ذلك أحدا كائنا من كان
فهم قد ردوا وبينوا عوار الجمعيات ومضارها ، وبينوا فساد المدارس المختلطة وشرها، وصاحوا على المميعة الذين ميعوا أصول المنهج السلفي ، الذين أرادوا أن يقربوا بين الحق والباطل ويساووا بين أهل الحق والباطل ، فقعدوا لذلك قواعد للمحافظة على البدع وأهلها ، والتي منها منهج الموازنات ، وحمل المجمل على المفصل ، وخذ الحق ورد الباطل ، ونصحح ولا نهدم وإلى غير ذلك من القواعد الباطلة والتأصيلات الفاشلة .
اعلم ـ رحمك الله ـ أن ديننا الحنيف وشرعنا الشريف مبني على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فما عرف حسنه في الشرع أقره وحث عليه ودعا إليه ، وما عرف قبحه رده وحصده ونفر منه ومن أهله .
فإذا كان كذلك يا أُخي لا نخلط بين الأمور ونمويه على أنفسنا ونكذب عليها ، فالاختلاط في المدارس قد عرف شره ، ووقف على ضرره ، وصاح عليه أئمتنا وعلى أهله وبينوا مضاره ، والواقع أكبر الشاهد على ذلك
وإلا فالذين ردوا وزلزلوا ضلال الحجوري ، قد ردوا أيضا على الاختلاط ومنهم الإمام المحدث أحمد بن يحيى النجمي رحمه الله ، والإمام ربيع المدخلي والإمام محمد الوصابي والعلامة محمدبن عبدالله الإمام والعلامة محمد بن هادي المدخلي والعلامة عبدالعزيز البرعي وغيرهم ـ حفظهم الله ـ ، وإلا فتحذيرات أركان السنة أئمة الأعلام ومشايخ الإسلام العظام ابن باز والألباني ومقبل ـ رحمهم الله ـ مشهورة معروفة ، فقد دمروا الاختلاط وطحنوا فساده ، ونصحوا من يَدرس ويُدرس في هذه المدارس على أن ينتهي منها ويهجرها ، لكن لا حياة لمن تنادي لمن قد أشرب قلبه الهوى ومرض الشبهات والشهوات .
وعليه يا أهل السنة لتجتمع كلمتنا في محاربة فساد الحجوري والحلبي وفالح و
بن حنفية والمأربي والجمعيات والاختلاط ، وكل طرق وسبل الفساد والضلال ، وإياكم وإياكم ثم إياكم من أخذ بعض الحق وترك بعضه لما قد يتسلط على النفوس من الهوى ، ويكون ذلك سببا في خرق الصف السلفي وتوالي المصائب والهزائم والخسائر علينا، وإلا فما من جماعة مبتدعة إلا وتجد فيها بعض الحق الذي كان سببا في ترويج باطلها وإنفاق ضلالها في المجتمعات المسلمة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في ( الاستقامة ) (1 / 39): (( ولا تقع فتنة إلا من ترك ما أمر الله به فإنه سبحانه أمر بالحق وأمر بالصبر فالفتنة إما من ترك الحق وإما من ترك الصبر ))
وقال في (مجموع الفتاوى ) (4 / 189 ـ 190) : (( فَإِنَّ اتِّبَاعَ الْإِنْسَانِ لِمَا يَهْوَاهُ هُوَ أَخْذُ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ الَّذِي يُحِبُّهُ وَرَدُّ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ الَّذِي يُبْغِضُهُ بِلَا هُدًى مِنْ اللَّهِ قَالَ تَعَالَى : { وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ } وَقَالَ : { فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ } وَقَالَ تَعَالَى لدَاوُد : { وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ } وَقَالَ تَعَالَى : { فَإِنْ شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ } وَقَالَ تَعَالَى : { قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ } وَقَالَ تَعَالَى : { وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ } . فَمَنْ اتَّبَعَ أَهْوَاءَ النَّاسِ بَعْدَ الْعِلْمِ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ وَبَعْدَ هُدَى اللَّهِ الَّذِي بَيَّنَهُ لِعِبَادِهِ : فَهُوَ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ . وَلِهَذَا كَانَ السَّلَفُ يُسَمُّونَ أَهْلَ الْبِدَعِ وَالتَّفَرُّقِ - الْمُخَالِفِينَ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ - أَهْلَ الْأَهْوَاءِ : حَيْثُ قَبِلُوا مَا أَحَبُّوهُ وَرَدُّوا مَا أَبْغَضُوهُ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ هُدًى مِنْ اللَّهِ .)) ا.هـ
وقال في (ج 4 / ص 11 ـ 17 ـ 20) : (( وَكَذَلِكَ الْمَسَائِلُ الِاعْتِقَادِيَّةُ الْخَبَرِيَّةُ ؛ لَمْ يَنْبُلْ أَحَدٌ مِنْ الطَّوَائِفِ وَرُءُوسِهِمْ عِنْدَ الْأُمَّةِ إلَّا بِمَا مَعَهُ مِنْ الْإِثْبَاتِ وَالسُّنَّةِ فَالْمُعْتَزِلَةُ أَوَّلًا - وَهُمْ فُرْسَانُ الْكَلَامِ - إنَّمَا يُحْمَدُونَ وَيُعَظَّمُونَ عِنْدَ أَتْبَاعِهِمْ وَعِنْدَ مَنْ يُغْضِي عَنْ مَسَاوِئِهِمْ لِأَجْلِ مَحَاسِنِهِمْ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ بِمَا وَافَقُوا فِيهِ مَذْهَبَ أَهْلِ الْإِثْبَاتِ وَالسُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ وَرَدِّهِمْ عَلَى الرَّافِضَةِ بَعْضَ مَا خَرَجُوا فِيهِ عَنْ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ : مِنْ إمَامَةِ الْخُلَفَاءِ وَعَدَالَةِ الصَّحَابَةِ وَقَبُولِ الْأَخْبَارِ وَتَحْرِيفِ الْكَلِمِ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَالْغُلُوِّ فِي عَلِيٍّ وَنَحْوِ ذَلِكَ . وَكَذَلِكَ الشِّيعَةُ الْمُتَقَدِّمُونَ كَانُوا يُرَجَّحُونَ عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ بِمَا خَالَفُوهُمْ فِيهِ مِنْ إثْبَاتِ الصِّفَاتِ وَالْقَدَرِ وَالشَّفَاعَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ كَانُوا يَسْتَحْمِدُونَ بِمَا خَالَفُوا فِيهِ الْخَوَارِجَ مِنْ تَكْفِيرِ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ وَغَيْرِهِمَا وَمَا كَفَّرُوا بِهِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ الذُّنُوبِ وَيَسْتَحْمِدُونَ بِمَا خَالَفُوا فِيهِ الْمُرْجِئَةَ مِنْ إدْخَالِ الْوَاجِبَاتِ فِي الْإِيمَانِ . وَلِهَذَا قَالُوا بِالْمَنْزِلَةِ وَإِنْ لَمْ يَهْتَدُوا إلَى السُّنَّةِ الْمَحْضَةِ . وَكَذَلِكَ مُتَكَلِّمَةُ أَهْلِ الْإِثْبَاتِ مِثْلَ الْكُلَّابِيَة والكَرَّامِيَة وَالْأَشْعَرِيَّةِ إنَّمَا قُبِلُوا وَاتُّبِعُوا واستحمدوا إلَى عُمُومِ الْأُمَّةِ بِمَا أَثْبَتُوهُ مِنْ أُصُولِ الْإِيمَانِ مِنْ إثْبَاتِ الصَّانِعِ وَصِفَاتِهِ وَإِثْبَاتِ النُّبُوَّةِ وَالرَّدِّ عَلَى الْكُفَّارِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ وَبَيَانِ تَنَاقُضِ حُجَجِهِمْ وَكَذَلِكَ استحمدوا بِمَا رَدُّوهُ عَلَى الْجَهْمِيَّة وَالْمُعْتَزِلَةِ ؛ وَالرَّافِضَةِ وَالْقَدَرِيَّةِ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَقَالَاتِ الَّتِي يُخَالِفُونَ فِيهَا أَهْلَ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ . فَحَسَنَاتُهُمْ نَوْعَانِ : إمَّا مُوَافَقَةُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ . وَإِمَّا الرَّدُّ عَلَى مَنْ خَالَفَ السُّنَّةَ وَالْحَدِيثَ بِبَيَانِ تَنَاقُضِ حُجَجِهِمْ . وَلَمْ يَتَّبِعْ أَحَدٌ مَذْهَبَ الْأَشْعَرِيِّ وَنَحْوَهُ إلَّا لِأَحَدِ هَذَيْنِ الْوَصْفَيْنِ أَوْ كِلَيْهِمَا . وَكُلُّ مَنْ أَحَبَّهُ وَانْتَصَرَ لَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَعُلَمَائِهِمْ فَإِنَّمَا يُحِبُّهُ وَيَنْتَصِرُ لَهُ ....
وَلِهَذَا كَانَ الشَّيْخُ أَبُو إسْحَاقَ يَقُولُ : " إنَّمَا نَفَقَتْ الْأَشْعَرِيَّةُ عِنْدَ النَّاسِ بِانْتِسَابِهِمْ إلَى الْحَنَابِلَةِ "
وَهَذَا ظَاهِرٌ عَلَيْهِ وَعَلَى أَئِمَّةِ أَصْحَابِهِ فِي كُتُبِهِمْ وَمُصَنَّفَاتِهِمْ قَبْلَ وُقُوعِ الْفِتْنَةِ القشيرية بِبَغْدَادَ وَلِهَذَا قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَسَاكِرَ فِي مَنَاقِبِهِ : " مَا زَالَتْ الْحَنَابِلَةُ وَالْأَشَاعِرَةُ فِي قَدِيمِ الدَّهْرِ مُتَّفِقِينَ غَيْرَ مُفْتَرِقِينَ حَتَّى حَدَثَتْ فِتْنَةُ " ابْنِ القشيري " ثُمَّ بَعْدَ حُدُوثِ الْفِتْنَةِ وَقَبْلَهَا لَا تَجِدُ مَنْ يَمْدَحُ الْأَشْعَرِيَّ بِمِدْحَةِ ؛ إلَّا إذَا وَافَقَ السُّنَّةَ وَالْحَدِيثَ وَلَا يَذُمُّهُ مَنْ يَذُمُّهُ إلَّا بِمُخَالَفَةِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ . وَهَذَا إجْمَاعٌ مِنْ جَمِيعِ هَذِهِ الطَّوَائِفِ عَلَى تَعْظِيمِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ وَاتِّفَاقِ شَهَادَاتِهِمْ عَلَى أَنَّ الْحَقَّ فِي ذَلِكَ . وَلِهَذَا تَجِدُ أَعْظَمَهُمْ مُوَافَقَةً لِأَئِمَّةِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ أَعْظَمَ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ مِمَّنْ هُوَ دُونَهُ . فَالْأَشْعَرِيُّ نَفْسُهُ لَمَّا كَانَ أَقْرَبَ إلَى قَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَد وَمَنْ قَبْلَهُ مِنْ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ كَانَ عِنْدَهُمْ أَعْظَمَ مِنْ أَتْبَاعِهِ وَالْقَاضِي " أَبُو بَكْرٍ بْنُ الْبَاقِلَانِي " لَمَّا كَانَ أَقْرَبَهُمْ إلَى ذَلِكَ كَانَ أَعْظَمَ عِنْدَهُمْ مِنْ غَيْرِهِ . وَأَمَّا مِثْلُ الْأُسْتَاذِ أَبِي الْمَعَالِي ؛ وَأَبِي حَامِدٍ ؛ وَنَحْوِهِمَا مِمَّنْ خَالَفُوا أُصُولَهُ فِي مَوَاضِعَ فَلَا تَجِدُهُمْ يُعَظَّمُونَ إلَّا بِمَا وَافَقُوا فِيهِ السُّنَّةَ وَالْحَدِيثَ وَأَكْثَرُ ذَلِكَ تَقَلَّدُوهُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فِي الْفِقْهِ الْمُوَافِقِ لِلسُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ وَمِمَّا ذَكَرُوهُ فِي الْأُصُولِ مِمَّا يُوَافِقُ السُّنَّةَ وَالْحَدِيثَ وَمَا رَدُّوهُ مِمَّا يُخَالِفُ السُّنَّةَ وَالْحَدِيثَ . وَبِهَذَا الْقَدْرِ يَنْتَحِلُونَ السُّنَّةَ وَيَنْحَلُونَهَا وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ ......
فَصَارُوا بِمَا يُقِيمُونَهُ مِنْ السُّنَّةِ وَيَرُدُّونَهُ مِنْ بِدْعَةِ هَؤُلَاءِ وَنَحْوِهِمْ لَهُمْ مِنْ الْمَكَانَةِ عِنْدَ الْأُمَّةِ بِحَسَبِ ذَلِكَ . وَكَذَلِكَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ الَّذِينَ وَافَقُوهُ : " كَأَبِي الْوَلِيدِ الباجي " وَالْقَاضِي " أَبِي بَكْرِ بْنِ الْعَرَبِيِّ " وَنَحْوِهِمَا لَا يُعَظَّمُونَ إلَّا بِمُوَافَقَةِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ وَأَمَّا الْأَكَابِرُ : مِثْلُ " ابْنِ حَبِيبٍ " و " ابْنِ سحنون " وَنَحْوِهِمَا ؛ فَلَوْنٌ آخَرُ . وَكَذَلِكَ أَبُو مُحَمَّدٍ بْنُ حَزْمٍ فِيمَا صَنَّفَهُ مِنْ الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ إنَّمَا يُسْتَحْمَدُ بِمُوَافَقَةِ
السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ مِثْلَ مَا ذَكَرَهُ فِي مَسَائِلِ " الْقَدَرِ " وَ " الْإِرْجَاءِ " وَنَحْوِ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا انْفَرَدَ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ فِي التَّفْضِيلِ بَيْنَ الصَّحَابَةِ . وَكَذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ فِي " بَابِ الصِّفَاتِ " فَإِنَّهُ يُسْتَحْمَدُ فِيهِ بِمُوَافَقَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ لِكَوْنِهِ يَثْبُتُ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَيُعَظِّمُ السَّلَفَ وَأَئِمَّةَ الْحَدِيثِ وَيَقُولُ إنَّهُ مُوَافِقٌ لِلْإِمَامِ أَحْمَد فِي مَسْأَلَةِ الْقُرْآنِ وَغَيْرِهَا وَلَا رَيْبَ أَنَّهُ مُوَافِقٌ لَهُ وَلَهُمْ فِي بَعْضِ ذَلِكَ .)) ا.هـ
وعليه فلا يكون حالنا من يريد أن يهدم باطلا بإحياء باطل أخر في مقابله ، هذا لعمري في القياس شنيع .
وما تعليقك هذا إلا جناية على الشريعة وعلى أئمة السنة الذين حذروا من الدراسة في الاختلاط ، وهو من جنس المغالطة والتمويه وقلب الحقائق ، وإياك وإياك يا أُخي من هذه المسالك التي لا يغبط عليها أهلها ، ودونك هذا المصنف يبين لك خلاف ما ذهبت إليه
http://www.ibnalislam.net/view.php?file=84180f0997
تنبيه : ما كان ردي علنا إلا لما كان ذاك التعليق منشورا علنا ويدخل بسببه من التلبيس والتمويه وإخفاء الحق وإظهار الباطل ما يدخله ، والحمد لله رب العالمين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه
أما بعد :
فهذه وقفة مع تعليق بعض إخواننا في " منتديات البيضاء العلمية " على موضوع " موقف الشيخ ربيع المدخلي - حفظه الله - من يحيى الحجوري وأتباعه."
ومما جاء في تعليقه : ((فقد ذكر العلماء الحالة الاستثنائية لقضاء الحاجة أو الضرورة في الاختلاط مع التحرز في الوقوع في المحذور من النظر المحرم والخضوع في القول وغيره . ونقل لهم أقوال العلماء من ذلك الشيخ العثيمين وأحمد بن يحي النجمي و الفوزان و العباد و اللحيدان رحم الله ميتهم وحفظ الله حيهم . لكنهم رموه بالتقليد وما استطاعوا أن يردوا عن هؤلاء العلماء لأن الرد عليهم يورثهم سموما قاتلة . وما قرأوا رسالة الشيخ أصلا " الصراط في توضيح حالات الاختلاط " ))
أقول :
اعلم ـ أرشدك الله لطاعته وبصرك بنور الحق ـ إن أهل السنة والجماعة قد أوقفوا أنفسهم واشغلوا أعمارهم وبروا أقلامهم لبيان كل باطل وحصد كل عاطل ، فهم إذا تكلموا في الحجوري وغير الحجوري من أهل الضلال والفساد فلذب عن الدين الحنيف واحتياط لسنة المصطفى الشريف ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فلا تأخذهم في ذلك لومة لائم ولا يحابون في ذلك أحدا كائنا من كان
فهم قد ردوا وبينوا عوار الجمعيات ومضارها ، وبينوا فساد المدارس المختلطة وشرها، وصاحوا على المميعة الذين ميعوا أصول المنهج السلفي ، الذين أرادوا أن يقربوا بين الحق والباطل ويساووا بين أهل الحق والباطل ، فقعدوا لذلك قواعد للمحافظة على البدع وأهلها ، والتي منها منهج الموازنات ، وحمل المجمل على المفصل ، وخذ الحق ورد الباطل ، ونصحح ولا نهدم وإلى غير ذلك من القواعد الباطلة والتأصيلات الفاشلة .
اعلم ـ رحمك الله ـ أن ديننا الحنيف وشرعنا الشريف مبني على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فما عرف حسنه في الشرع أقره وحث عليه ودعا إليه ، وما عرف قبحه رده وحصده ونفر منه ومن أهله .
فإذا كان كذلك يا أُخي لا نخلط بين الأمور ونمويه على أنفسنا ونكذب عليها ، فالاختلاط في المدارس قد عرف شره ، ووقف على ضرره ، وصاح عليه أئمتنا وعلى أهله وبينوا مضاره ، والواقع أكبر الشاهد على ذلك
وإلا فالذين ردوا وزلزلوا ضلال الحجوري ، قد ردوا أيضا على الاختلاط ومنهم الإمام المحدث أحمد بن يحيى النجمي رحمه الله ، والإمام ربيع المدخلي والإمام محمد الوصابي والعلامة محمدبن عبدالله الإمام والعلامة محمد بن هادي المدخلي والعلامة عبدالعزيز البرعي وغيرهم ـ حفظهم الله ـ ، وإلا فتحذيرات أركان السنة أئمة الأعلام ومشايخ الإسلام العظام ابن باز والألباني ومقبل ـ رحمهم الله ـ مشهورة معروفة ، فقد دمروا الاختلاط وطحنوا فساده ، ونصحوا من يَدرس ويُدرس في هذه المدارس على أن ينتهي منها ويهجرها ، لكن لا حياة لمن تنادي لمن قد أشرب قلبه الهوى ومرض الشبهات والشهوات .
وعليه يا أهل السنة لتجتمع كلمتنا في محاربة فساد الحجوري والحلبي وفالح و
بن حنفية والمأربي والجمعيات والاختلاط ، وكل طرق وسبل الفساد والضلال ، وإياكم وإياكم ثم إياكم من أخذ بعض الحق وترك بعضه لما قد يتسلط على النفوس من الهوى ، ويكون ذلك سببا في خرق الصف السلفي وتوالي المصائب والهزائم والخسائر علينا، وإلا فما من جماعة مبتدعة إلا وتجد فيها بعض الحق الذي كان سببا في ترويج باطلها وإنفاق ضلالها في المجتمعات المسلمة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في ( الاستقامة ) (1 / 39): (( ولا تقع فتنة إلا من ترك ما أمر الله به فإنه سبحانه أمر بالحق وأمر بالصبر فالفتنة إما من ترك الحق وإما من ترك الصبر ))
وقال في (مجموع الفتاوى ) (4 / 189 ـ 190) : (( فَإِنَّ اتِّبَاعَ الْإِنْسَانِ لِمَا يَهْوَاهُ هُوَ أَخْذُ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ الَّذِي يُحِبُّهُ وَرَدُّ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ الَّذِي يُبْغِضُهُ بِلَا هُدًى مِنْ اللَّهِ قَالَ تَعَالَى : { وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ } وَقَالَ : { فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ } وَقَالَ تَعَالَى لدَاوُد : { وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ } وَقَالَ تَعَالَى : { فَإِنْ شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ } وَقَالَ تَعَالَى : { قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ } وَقَالَ تَعَالَى : { وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ } . فَمَنْ اتَّبَعَ أَهْوَاءَ النَّاسِ بَعْدَ الْعِلْمِ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ وَبَعْدَ هُدَى اللَّهِ الَّذِي بَيَّنَهُ لِعِبَادِهِ : فَهُوَ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ . وَلِهَذَا كَانَ السَّلَفُ يُسَمُّونَ أَهْلَ الْبِدَعِ وَالتَّفَرُّقِ - الْمُخَالِفِينَ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ - أَهْلَ الْأَهْوَاءِ : حَيْثُ قَبِلُوا مَا أَحَبُّوهُ وَرَدُّوا مَا أَبْغَضُوهُ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ هُدًى مِنْ اللَّهِ .)) ا.هـ
وقال في (ج 4 / ص 11 ـ 17 ـ 20) : (( وَكَذَلِكَ الْمَسَائِلُ الِاعْتِقَادِيَّةُ الْخَبَرِيَّةُ ؛ لَمْ يَنْبُلْ أَحَدٌ مِنْ الطَّوَائِفِ وَرُءُوسِهِمْ عِنْدَ الْأُمَّةِ إلَّا بِمَا مَعَهُ مِنْ الْإِثْبَاتِ وَالسُّنَّةِ فَالْمُعْتَزِلَةُ أَوَّلًا - وَهُمْ فُرْسَانُ الْكَلَامِ - إنَّمَا يُحْمَدُونَ وَيُعَظَّمُونَ عِنْدَ أَتْبَاعِهِمْ وَعِنْدَ مَنْ يُغْضِي عَنْ مَسَاوِئِهِمْ لِأَجْلِ مَحَاسِنِهِمْ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ بِمَا وَافَقُوا فِيهِ مَذْهَبَ أَهْلِ الْإِثْبَاتِ وَالسُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ وَرَدِّهِمْ عَلَى الرَّافِضَةِ بَعْضَ مَا خَرَجُوا فِيهِ عَنْ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ : مِنْ إمَامَةِ الْخُلَفَاءِ وَعَدَالَةِ الصَّحَابَةِ وَقَبُولِ الْأَخْبَارِ وَتَحْرِيفِ الْكَلِمِ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَالْغُلُوِّ فِي عَلِيٍّ وَنَحْوِ ذَلِكَ . وَكَذَلِكَ الشِّيعَةُ الْمُتَقَدِّمُونَ كَانُوا يُرَجَّحُونَ عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ بِمَا خَالَفُوهُمْ فِيهِ مِنْ إثْبَاتِ الصِّفَاتِ وَالْقَدَرِ وَالشَّفَاعَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ كَانُوا يَسْتَحْمِدُونَ بِمَا خَالَفُوا فِيهِ الْخَوَارِجَ مِنْ تَكْفِيرِ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ وَغَيْرِهِمَا وَمَا كَفَّرُوا بِهِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ الذُّنُوبِ وَيَسْتَحْمِدُونَ بِمَا خَالَفُوا فِيهِ الْمُرْجِئَةَ مِنْ إدْخَالِ الْوَاجِبَاتِ فِي الْإِيمَانِ . وَلِهَذَا قَالُوا بِالْمَنْزِلَةِ وَإِنْ لَمْ يَهْتَدُوا إلَى السُّنَّةِ الْمَحْضَةِ . وَكَذَلِكَ مُتَكَلِّمَةُ أَهْلِ الْإِثْبَاتِ مِثْلَ الْكُلَّابِيَة والكَرَّامِيَة وَالْأَشْعَرِيَّةِ إنَّمَا قُبِلُوا وَاتُّبِعُوا واستحمدوا إلَى عُمُومِ الْأُمَّةِ بِمَا أَثْبَتُوهُ مِنْ أُصُولِ الْإِيمَانِ مِنْ إثْبَاتِ الصَّانِعِ وَصِفَاتِهِ وَإِثْبَاتِ النُّبُوَّةِ وَالرَّدِّ عَلَى الْكُفَّارِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ وَبَيَانِ تَنَاقُضِ حُجَجِهِمْ وَكَذَلِكَ استحمدوا بِمَا رَدُّوهُ عَلَى الْجَهْمِيَّة وَالْمُعْتَزِلَةِ ؛ وَالرَّافِضَةِ وَالْقَدَرِيَّةِ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَقَالَاتِ الَّتِي يُخَالِفُونَ فِيهَا أَهْلَ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ . فَحَسَنَاتُهُمْ نَوْعَانِ : إمَّا مُوَافَقَةُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ . وَإِمَّا الرَّدُّ عَلَى مَنْ خَالَفَ السُّنَّةَ وَالْحَدِيثَ بِبَيَانِ تَنَاقُضِ حُجَجِهِمْ . وَلَمْ يَتَّبِعْ أَحَدٌ مَذْهَبَ الْأَشْعَرِيِّ وَنَحْوَهُ إلَّا لِأَحَدِ هَذَيْنِ الْوَصْفَيْنِ أَوْ كِلَيْهِمَا . وَكُلُّ مَنْ أَحَبَّهُ وَانْتَصَرَ لَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَعُلَمَائِهِمْ فَإِنَّمَا يُحِبُّهُ وَيَنْتَصِرُ لَهُ ....
وَلِهَذَا كَانَ الشَّيْخُ أَبُو إسْحَاقَ يَقُولُ : " إنَّمَا نَفَقَتْ الْأَشْعَرِيَّةُ عِنْدَ النَّاسِ بِانْتِسَابِهِمْ إلَى الْحَنَابِلَةِ "
وَهَذَا ظَاهِرٌ عَلَيْهِ وَعَلَى أَئِمَّةِ أَصْحَابِهِ فِي كُتُبِهِمْ وَمُصَنَّفَاتِهِمْ قَبْلَ وُقُوعِ الْفِتْنَةِ القشيرية بِبَغْدَادَ وَلِهَذَا قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَسَاكِرَ فِي مَنَاقِبِهِ : " مَا زَالَتْ الْحَنَابِلَةُ وَالْأَشَاعِرَةُ فِي قَدِيمِ الدَّهْرِ مُتَّفِقِينَ غَيْرَ مُفْتَرِقِينَ حَتَّى حَدَثَتْ فِتْنَةُ " ابْنِ القشيري " ثُمَّ بَعْدَ حُدُوثِ الْفِتْنَةِ وَقَبْلَهَا لَا تَجِدُ مَنْ يَمْدَحُ الْأَشْعَرِيَّ بِمِدْحَةِ ؛ إلَّا إذَا وَافَقَ السُّنَّةَ وَالْحَدِيثَ وَلَا يَذُمُّهُ مَنْ يَذُمُّهُ إلَّا بِمُخَالَفَةِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ . وَهَذَا إجْمَاعٌ مِنْ جَمِيعِ هَذِهِ الطَّوَائِفِ عَلَى تَعْظِيمِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ وَاتِّفَاقِ شَهَادَاتِهِمْ عَلَى أَنَّ الْحَقَّ فِي ذَلِكَ . وَلِهَذَا تَجِدُ أَعْظَمَهُمْ مُوَافَقَةً لِأَئِمَّةِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ أَعْظَمَ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ مِمَّنْ هُوَ دُونَهُ . فَالْأَشْعَرِيُّ نَفْسُهُ لَمَّا كَانَ أَقْرَبَ إلَى قَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَد وَمَنْ قَبْلَهُ مِنْ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ كَانَ عِنْدَهُمْ أَعْظَمَ مِنْ أَتْبَاعِهِ وَالْقَاضِي " أَبُو بَكْرٍ بْنُ الْبَاقِلَانِي " لَمَّا كَانَ أَقْرَبَهُمْ إلَى ذَلِكَ كَانَ أَعْظَمَ عِنْدَهُمْ مِنْ غَيْرِهِ . وَأَمَّا مِثْلُ الْأُسْتَاذِ أَبِي الْمَعَالِي ؛ وَأَبِي حَامِدٍ ؛ وَنَحْوِهِمَا مِمَّنْ خَالَفُوا أُصُولَهُ فِي مَوَاضِعَ فَلَا تَجِدُهُمْ يُعَظَّمُونَ إلَّا بِمَا وَافَقُوا فِيهِ السُّنَّةَ وَالْحَدِيثَ وَأَكْثَرُ ذَلِكَ تَقَلَّدُوهُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فِي الْفِقْهِ الْمُوَافِقِ لِلسُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ وَمِمَّا ذَكَرُوهُ فِي الْأُصُولِ مِمَّا يُوَافِقُ السُّنَّةَ وَالْحَدِيثَ وَمَا رَدُّوهُ مِمَّا يُخَالِفُ السُّنَّةَ وَالْحَدِيثَ . وَبِهَذَا الْقَدْرِ يَنْتَحِلُونَ السُّنَّةَ وَيَنْحَلُونَهَا وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ ......
فَصَارُوا بِمَا يُقِيمُونَهُ مِنْ السُّنَّةِ وَيَرُدُّونَهُ مِنْ بِدْعَةِ هَؤُلَاءِ وَنَحْوِهِمْ لَهُمْ مِنْ الْمَكَانَةِ عِنْدَ الْأُمَّةِ بِحَسَبِ ذَلِكَ . وَكَذَلِكَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ الَّذِينَ وَافَقُوهُ : " كَأَبِي الْوَلِيدِ الباجي " وَالْقَاضِي " أَبِي بَكْرِ بْنِ الْعَرَبِيِّ " وَنَحْوِهِمَا لَا يُعَظَّمُونَ إلَّا بِمُوَافَقَةِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ وَأَمَّا الْأَكَابِرُ : مِثْلُ " ابْنِ حَبِيبٍ " و " ابْنِ سحنون " وَنَحْوِهِمَا ؛ فَلَوْنٌ آخَرُ . وَكَذَلِكَ أَبُو مُحَمَّدٍ بْنُ حَزْمٍ فِيمَا صَنَّفَهُ مِنْ الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ إنَّمَا يُسْتَحْمَدُ بِمُوَافَقَةِ
السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ مِثْلَ مَا ذَكَرَهُ فِي مَسَائِلِ " الْقَدَرِ " وَ " الْإِرْجَاءِ " وَنَحْوِ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا انْفَرَدَ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ فِي التَّفْضِيلِ بَيْنَ الصَّحَابَةِ . وَكَذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ فِي " بَابِ الصِّفَاتِ " فَإِنَّهُ يُسْتَحْمَدُ فِيهِ بِمُوَافَقَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ لِكَوْنِهِ يَثْبُتُ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَيُعَظِّمُ السَّلَفَ وَأَئِمَّةَ الْحَدِيثِ وَيَقُولُ إنَّهُ مُوَافِقٌ لِلْإِمَامِ أَحْمَد فِي مَسْأَلَةِ الْقُرْآنِ وَغَيْرِهَا وَلَا رَيْبَ أَنَّهُ مُوَافِقٌ لَهُ وَلَهُمْ فِي بَعْضِ ذَلِكَ .)) ا.هـ
وعليه فلا يكون حالنا من يريد أن يهدم باطلا بإحياء باطل أخر في مقابله ، هذا لعمري في القياس شنيع .
وما تعليقك هذا إلا جناية على الشريعة وعلى أئمة السنة الذين حذروا من الدراسة في الاختلاط ، وهو من جنس المغالطة والتمويه وقلب الحقائق ، وإياك وإياك يا أُخي من هذه المسالك التي لا يغبط عليها أهلها ، ودونك هذا المصنف يبين لك خلاف ما ذهبت إليه
http://www.ibnalislam.net/view.php?file=84180f0997
تنبيه : ما كان ردي علنا إلا لما كان ذاك التعليق منشورا علنا ويدخل بسببه من التلبيس والتمويه وإخفاء الحق وإظهار الباطل ما يدخله ، والحمد لله رب العالمين