أبو خالد الوليد خالد الصبحي
17-Mar-2013, 03:13 PM
سؤال :السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
أحسن الله إليك وبارك.
حكم حلق جميع الرأس من دون حاجة أي كعادة ؟
وشكرا.
الجواب:
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد :
فقد اختلف العلماء في اتخاذ الشعر للرجل على قولين :
أحدهما : أن العناية بالشعر سنة والحلق مكروه وهو قول المالكية ورواية عن أحمد، وصرح ابن العربي من المالكية بأنه بدعة.
واستدل أهل هذا القول بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان له شعر، وجاء في الحديث أنه: (كان له شعر يبلغ شحمة أذنيه). وجاء عن عائشة أنها قالت: (كنت أرجل - أي : أمشط - رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا حائض).
واستدلوا على كراهة حلقه بأن حلقه أصبح وصفا للخوارج - وهم من أهل البدع، كما في الحديث الذي رواه الشيخان في صحيحهما وفيه: (سيماهم التحليق).
والقول الثاني : أن الشعر أفضل والحلق جائز، وهو مذهب الحنفية والشافعية ورواية عن أحمد ومذهب أكثر العلماء.
واستدلوا بالأحاديث المتقدمة على فضل تربية الشعر، وأدلتهم على جواز الحلق بحديث ابن عمر أن النبي (رأى صبيا حلق بعض رأسه وترك بعضه، فنهى عن ذلك وقال: (احلقوه كله أو اتركوه كله). رواه أبو داود.
قال الشوكاني : (فيه دليل على جواز حلق الرأس جميعه).
واستدلوا كذلك بقوله (إذا دخل عشر ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئا حتى يضحي). رواه مسلم، قالوا: ففي هذا الحديث دليل على أن المسلم يشرع له حلق شعره والأخذ منه في غير عشر ذي الحجة، أو إذا لم ينوي الأضحية.
وأما الاستدلال بقوله صلى الله عليه وسلم في الخوارج: (سيماهم التحليق) فقد أجيب عنه بأن هذا لمن حلق رأسه على ليكون علامة عليه وشعار على مذهبه، أو على سبيل التعبد والتدين - في غير مواضع التعبدية التي ورد بها النص كالحج والعمرة ونحوهما - وهذا كما كانت الخوارج تفعل.
قال القرطبي في "المفهم": (قوله: "سيماهم التحليق" أي جعل ذلك علامة لهم على رفضهم زينة الدنيا، وشعارا ليعرفوا به).
وهذا القول هو الراجح من القولين - إن شاء الله تعالى - وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية فقد حكى الخلاف في "شرح العمدة" ثم قال :
(وما جاء فيه من الكراهة فهو - والله أعلم - فيمن يعتقده قربة وشعار الصالحين، وهكذا كانت الخوارج، فأما إن حلقه على أنه مباح وإن تركه أفضل فلا، فأما المرأة فيكره لها قولا واحدا) ا.هـ
وهو ترجيح جماعة النووي في "شرح مسلم". [1]
وقد نقل بعضهم اتفاق الفقهاء على أنه يكره القزع، وهو أن يحلق بعض الرأس دون بعض، وقيل: أن يحلق مواضع متفرقة منه.
وأما المرأة فلا يجوز لها حلق رأسها مطلقا، [2] إلا عند الضرورة فقد أجاز الحنفية والمالكية حلق المرأة شعر رأسها عند الضرورة.
ويرى الشافعية والحنابلة الكراهة لا التحريم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله.
كتبه : أبو عمار علي الحذيفي
5 جمادى الأولى 1434 هـ
__________________________________________________ ____________________________ _______________
[1]ومن المعاصرين فضيلة الشيخ العلامة الإمام محمد ناصر الدين الألباني وفضيلة الشيخ العلامة عبد المحسن العباد في "شرح سنن أبي داود".
[2] حتى المولودة الصغيرة لا يحلق شعر رأسها.
أحسن الله إليك وبارك.
حكم حلق جميع الرأس من دون حاجة أي كعادة ؟
وشكرا.
الجواب:
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد :
فقد اختلف العلماء في اتخاذ الشعر للرجل على قولين :
أحدهما : أن العناية بالشعر سنة والحلق مكروه وهو قول المالكية ورواية عن أحمد، وصرح ابن العربي من المالكية بأنه بدعة.
واستدل أهل هذا القول بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان له شعر، وجاء في الحديث أنه: (كان له شعر يبلغ شحمة أذنيه). وجاء عن عائشة أنها قالت: (كنت أرجل - أي : أمشط - رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا حائض).
واستدلوا على كراهة حلقه بأن حلقه أصبح وصفا للخوارج - وهم من أهل البدع، كما في الحديث الذي رواه الشيخان في صحيحهما وفيه: (سيماهم التحليق).
والقول الثاني : أن الشعر أفضل والحلق جائز، وهو مذهب الحنفية والشافعية ورواية عن أحمد ومذهب أكثر العلماء.
واستدلوا بالأحاديث المتقدمة على فضل تربية الشعر، وأدلتهم على جواز الحلق بحديث ابن عمر أن النبي (رأى صبيا حلق بعض رأسه وترك بعضه، فنهى عن ذلك وقال: (احلقوه كله أو اتركوه كله). رواه أبو داود.
قال الشوكاني : (فيه دليل على جواز حلق الرأس جميعه).
واستدلوا كذلك بقوله (إذا دخل عشر ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئا حتى يضحي). رواه مسلم، قالوا: ففي هذا الحديث دليل على أن المسلم يشرع له حلق شعره والأخذ منه في غير عشر ذي الحجة، أو إذا لم ينوي الأضحية.
وأما الاستدلال بقوله صلى الله عليه وسلم في الخوارج: (سيماهم التحليق) فقد أجيب عنه بأن هذا لمن حلق رأسه على ليكون علامة عليه وشعار على مذهبه، أو على سبيل التعبد والتدين - في غير مواضع التعبدية التي ورد بها النص كالحج والعمرة ونحوهما - وهذا كما كانت الخوارج تفعل.
قال القرطبي في "المفهم": (قوله: "سيماهم التحليق" أي جعل ذلك علامة لهم على رفضهم زينة الدنيا، وشعارا ليعرفوا به).
وهذا القول هو الراجح من القولين - إن شاء الله تعالى - وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية فقد حكى الخلاف في "شرح العمدة" ثم قال :
(وما جاء فيه من الكراهة فهو - والله أعلم - فيمن يعتقده قربة وشعار الصالحين، وهكذا كانت الخوارج، فأما إن حلقه على أنه مباح وإن تركه أفضل فلا، فأما المرأة فيكره لها قولا واحدا) ا.هـ
وهو ترجيح جماعة النووي في "شرح مسلم". [1]
وقد نقل بعضهم اتفاق الفقهاء على أنه يكره القزع، وهو أن يحلق بعض الرأس دون بعض، وقيل: أن يحلق مواضع متفرقة منه.
وأما المرأة فلا يجوز لها حلق رأسها مطلقا، [2] إلا عند الضرورة فقد أجاز الحنفية والمالكية حلق المرأة شعر رأسها عند الضرورة.
ويرى الشافعية والحنابلة الكراهة لا التحريم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله.
كتبه : أبو عمار علي الحذيفي
5 جمادى الأولى 1434 هـ
__________________________________________________ ____________________________ _______________
[1]ومن المعاصرين فضيلة الشيخ العلامة الإمام محمد ناصر الدين الألباني وفضيلة الشيخ العلامة عبد المحسن العباد في "شرح سنن أبي داود".
[2] حتى المولودة الصغيرة لا يحلق شعر رأسها.