تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : (لكن من انشغل بالرد على المبتدعة لا يقال له لما تركت اليهود والنصارى...) الشيخ صالح أل الشيخ ـ حفظه الله ـ



أبو هنيدة ياسين الطارفي
18-Mar-2013, 05:56 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الإمام موفق الدين بن قدامة المقدسي - رحمه الله - في كتابه القيم - لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد - ص:(159):

" ومِنَ السُّنّةِ هِجْرانُ أهْلِ البِدعِ ومُبَايَنَتُهُم وتَرْكُ الجِدَالِ والخُصُومَاتِ في الدّينِ، وتَرْكُ النَّظَرِ في كُتُبِ المبتدعةِ، والإصْغاءُ إلى كلامِهِم ، وكلُّ مُحْدَثَةٍ في الدِّينِ بِدْعَةٌ " .

قال الشيخ صالح آل الشيخ - حفظه الله -:
" ونلاحظ اليوم أنه في هذه المسألة فيه تَرْكٌ لهذا الأصل ، فكثير من الناس يُخالط المبتدعة ولا يهجرهم بحجج شتى ؛ إمَّا دنيوية ، وإما تارة تكون دعوية أو دينية ، وهذا مما ينبغي التنبه له والتحذير منه ؛ لأن هِجران أهل البدع متعين ، فلا يجوز مخالطتهم بدعوى أن ذلك للدعوة ، ولا مخالطتهم بدعوى أن ذلك للدنيا ، ولا مخالطتهم وعدم الإنكار عليهم بدعوى أن هذا فيه مصلحة كذا وكذا ، إلا لمن أراد أن ينقلهم لما هو أفضل لما هم فيه ، وأن ينكر عليهم ويغيّر عليهم.

الاهتمام بالسنة والرد على المبتدعة هذا كما تعلمون ظاهر في حال أئمة أهل الإسلام ، فقد كانت حياتهم في الرد على المبتدعة ، ولم يشغلوا أنفسهم بالرد على الكفار الأصليين من اليهود والنصارى، فإذا رأيت كلام الإمام أحمد ، وسفيان ، وحمّاد بن زيد ، أو حمّاد بن سلمة ، ونعيم وهم أئمة أهل السنة ، والأوزاعي ، وإسحاق ، وعلي بن المديني ، ونحوهم من أهل السنة والإسلام ، وجدتَ أن جُلّ كلامهم وجهادهم إنما هو في الرد على المبتدعة وفي نقض أصول المبتدعة ، وإن كانوا باقين على أصل الإسلام ، ولم يشغلوا أنفسهم بالرد على اليهود والنصارى وسائر ملل أهل الكفر ، وذلك لأن شر المبتدع لا يظهرعلى أهل الإسلام ، ولا يؤمَن على أهل الإسلام ، أما الكافر الأصلي من اليهود والنصارى فشرُّه وضرره بين وواضح لكل مسلم ؛ لأن الله جل وعلا بيّن ذلك في كتابه ، وهم ظاهرون ، أما أهل البدع فالشر منهم كثير ، ولهذا لا يحسن أن يُنسب لأهل السنة والجماعة أنهم مفرّطون في الرد على اليهود والنصارى ومنشغلون بالرد على أهل الإسلام ، كما قاله بعض العقلانيين من المعتزلة وغيرهم : إن أهل السنة انشغلوا بالرد على أهل الإسلام ، وتركوا الرد على الكفار من اليهود والنصارى ، وسائر أهل الملل الزائفة .
وهذا سببه هو ما بينته لك أن شر البدع أعظم ؛ لأن هؤلاء يدخلون على المسلمين باسم الإسلام ، وأما أولئك ففي القلب منهم نفرة من اليهود والنصارى ، فهدي أئمة الإسلام كان ظاهرا في الرد على المبتدعة ، والرد على أهل الأهواء ، ولم يعرف عنهم كبير عمل في الرد على اليهود والنصارى ، وليس معنى ذلك أن المؤمنين من أهل السنة لا ينشغلوا بالرد على اليهود والنصارى ، لا ، ولكن نذكر ما تميز به أئمة أهل السنة وإلا فالرد على كل معادٍ للإسلام من الكفار الأصليين ، ومن أهل البدع متعيِّن وفرض ، لكن من انشغل بالرد على المبتدعة لا يقال له لما تركت اليهود والنصارى لم ترد عليهم وانشغلت بهؤلاء ، نقول هذا هدي الأئمة الأولين ، وكلٌّ يرد في مجاله ؛ منا من يرد على اليهود والنصارى ، ومنا من يرد على المبتدعة ، ونحن جميعا نكون حامين لبيضة الإسلام من تلبيسات الملبِّسين ، وبدع المبتدعين ، وشرك المشركين ، وضلالات الكفار من اليهود والنصارى وغيرهم " .
المصدر :
شريط : شرح لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد للشيخ - حفظه الله -
منقول.