المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التفريق بين التقليد المذموم عند أهل العلم والتقليد الذي يدندن حوله أبو الحسن وأتباعه؟



أبو خالد الوليد خالد الصبحي
23-Mar-2013, 02:17 PM
هذا سائل يسأل ويقول: نودّ التفريق بين التقليد المذموم عند أهل العلم والتقليد الذي يدندن حوله أبو الحسن وأتباعه؟
الشيخ: التقليد في اللغة: مَن قلّد الشيء ،من تقلد الشيء يتقلده إذا وضعه في رقبته، ويقال: قلّد غيره قلادة: إذا وضع القلادة في رقبته. وأما في اصطلاح أهل العلم فإنه« قبول قول من ليس قوله حجة من غير معرفة دليله»، وبهذا يجب التفطن إلى ما تضمنّه التعريف من قيود، فقوله: قبول من ليس قوله حجة من غير معرفة دليله هذا قيدان.
القيد الأول:" قبول من ليس قوله حجة": هذا مُخْرِج رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن قوله حجة، فإذا قيل لك: قال رسول الله، لا يجوز أن تسأل عن الدليل ،قوله حجة، لكن لك –إن استغربتَ- أن تسأل عن صحة الحديث ،وكذلك الإجماع فإذا انعقد الإجماع من أهله في عصر من العصور وجب قبوله إلى يوم القيامة ولا يجوز نقضه، فإن الإجماع حجة بنفسه سواء عرف دليله أم لم يعرف، ومن الإجماع من قام عليه الدليل من الكتاب والسنة الصحيحة، ومن الإجماع ما استند على حديث ضعيف فقوي به الحديث، ومن الإجماعات ما لم يُعرف دليله لكنه انعقد عليه قول الأئمة، ولهذا يعرِّفون الإجماع فيقولون« هو اتفاق المجتهدين، اتفاق جميع العلماء المجتهدين من أئمة محمد صلى الله عليه وسلم في عصر من العصور بعد وفاته على أمر ديني»، هذا هو الإجماع، وهنا أنبه إلى أن كل فن المعتبر فيه إجماع أهله، فالقضايا الحديثية المعتبَر فيها ليس قول الفقهاء، ولا قول المؤرخين ولا قول علماء العربية، المعتبر فيها من؟ إجماع من؟ المحدثين، لأنها قضية حديثية، القاعدة الأصولية يُعتبَر فيها إجماع أهل الأصول، والقضية التاريخية يعتبَر فيها إجماع علماء التاريخ العارفين بالغزوات، فمثلا حين يُجمِع المؤرخون من علماء الإسلام على أن غزوة الخندق سنة أربعة من الهجرة، لا يحتاج إلى بحث، يكفي أهل الفن وكما يعبّرون أهل الاختصاص كفونا هذا، كذلك لو أجمعوا على أن عمرة القضاء في سنة سبع، كفانا، وهكذا.
القيد الثاني: انظروا،" قبول قول من ليس قوله حجة من غير معرفة دليله" هذا يخرج قول العالم الذي عُرِف دليله، فإن قبول قوله مع دليله ليس بالتقليد بل هو ماذا؟ اتباع، بل هو اتباع، تفطنوا، ومن هنا نقول:
-أولا: الفرق بين التقليد والاتباع، فإن التقليد هو قبول القول من غير معرفة للدليل، تسليم ،هكذا، من غير معرفة دليله، وأما الاتباع فهو قبول القول الذي يسنده الدليل.
-ثانيا: تقسيم الناس من حيث التقليد وعدمه، وإن شئت فقل من حيث جواز التقليد وعدم جوازه، فالناس في هذا الباب صنفان:
*صنف يسوغ له التقليد بل قد يجب عليه وهذا هو العامي، وكذلك المتعلم الذي ليس عنده قدرة على الاجتهاد، ويقول بعض أهل العلم: حتى العالم المجتهد الذي قصُر باعُه عن تقليد هذه المسألة بعد أن يستفرغ وسعه ويبذل جُهده أو جَهده فإنه يسوغ له تقليد من مضى قبله من الأئمة، وأذكر هنا مثالا في قضية الاسم: هل هو مسمى أو شيء أو غيره؟ هو أن الطبري رحمه الله وهو من هو في الإمامة وجلالة القدر والسابقة في الفضل قال في هذه القضية: «ليس عندي إلا من في قوله الغنى والشفاء» –يعني الإمام أحمد رحمه الله- قلده، قلده.
وفي الجرح والتعديل فإن العلماء يقلدون من سبقهم: وثّـقه اين معين وثّـقه فلان، وثقه فلان، إذا لم يعرف لهم مخالف، فإذا عرف المخالف نظر –كما قدمنا- في الدليل.
*الصنف الثاني: من يحرم عليه التقليد ولا يسوغ له بحال، وهو العالم المجتهد الذي يستطيع أن يستفرغ الوسع بالنظر في الأدلة وصولا إلى الحكم الشرعي، إما على سبيل القطع باليقين، أو على سبيل الظن بالـ… فإنه يطلب منه الاجتهاد والنظر في الأدلة، وبهذا تعلمون أن من يَنهى عن التقليد مطلقا أحد رجلين لا ثالث لهما:
-إما أنه جاهل سمع الناس يدندنون في ذم التقليد فقال مثلما يقول الناس.
-أو صاحب هوى، وهو قائدٌ مَنْ يسمع قوله إلى قبوله هو، إلى قبول قوله هو فقط،( شيخنا قال)، وهذا هو التعصب المذموم وهو التقليد المذموم، فالتقليد المذموم هو تعصب، وهذا هو الذي يدعو إليه ذلكم الرجل الذي ينهى عن التقليد على سبيل الإطلاق، طلاب في باكورة الطلب لا يعرفون اتباعا ولا تقليدا، يُشيع فيهم وينفخ فيهم: نحن لا نقلد، لا نقلد أحدا هذا ليس من سياسة السلف ولا من فقه السلف، فإن العالم السلفي هو الذي يعلِّم الناس السنة، وإذا كانت المسألة فيها خلاف فإنه يعرض الأقوال، ويعرض أدلتها ويرجِّح ما يراه راجحا، نعم.

إجابات شيخنا عبيد الجابري على الشباب السلفي من المغرب العربي