المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حديث : " اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ... " : منكر مع شهرته ويحول إلى الضعيفة ـ للشيخ المحدث علي رضا ـ حفظه الله تعالى ـ



عبدالله بن العيد عدونة
02-Apr-2013, 09:13 PM
قال شيخنا الإمام الألباني رحمه الله تعالى في" الصحيحة "
برقم ( 199 ) حديث :


" ما أصاب أحداً قط هم ولا حزن، فقال: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو علمته أحدا من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي. إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرحاً. قال: فقيل: يا رسول الله ألا نتعلمها؟ فقال : بلى ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها ".


رواه أحمد (3712) والحارث بن أبي أسامة في مسنده (ص 251 من زوائده) وأبو يعلى (ق 156 / 1) والطبراني في " الكبير " (3 / 74 / 1) وابن حبان في " صحيحه " (2372) والحاكم (1 / 509) من طريق فضيل بن مرزوق حدثنا أبو سلمة الجهني عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.
وقال الحاكم:
" حديث صحيح على شرط مسلم، إن سلم من إرسال عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه،فإنه مختلف في سماعه من أبيه ".



وتعقبه الذهبي بقوله:
" قلت: وأبو سلمة لا يدري من هو ولا رواية له في الكتب الستة ".
قلت: وأبو سلمة الجهني ترجمه الحافظ في " التعجيل " وقال:
" مجهول. قاله الحسيني. وقال مرة: لا يدري من هو. وهو كلام الذهبي في
" الميزان "، وقد ذكره ابن حبان في " الثقات "، وأخرج حديثه في " صحيحه "، وقرأت بخط الحافظ بن عبد الهادي: يحتمل أن يكون خالد بن سلمة.
قلت: وهو بعيد لأن خالداً مخزومي وهذا جهني ".
قلت: وما استبعده الحافظ هو الصواب، لما سيأتي، ووافقه على ذلك الشيخ أحمد شاكر رحمه الله تعالى في تعليقه على المسند (5 / 267) وأضاف إلى ذلك قوله:
" وأقرب منه عندي أن يكون هو " موسى بن عبد الله أو ابن عبد الجهني ويكنى أبا سلمة، فإنه من هذه الطبقة ".
قلت: وما استقر به الشيخ هو الذي أجزم به بدليل ما ذكره، مع ضميمة شيء آخر وهو أن موسى الجهني قد روى حديثا آخر عن القاسم بن عبد الرحمن به، وهو الحديث الذي قبله فإذا ضمت إحدى الروايتين إلى الأخرى ينتج أن الراوي عن القاسم هو موسى أبو سلمة الجهني، وليس في الرواة من اسمه موسى الجهني إلا موسى بن عبد الله الجهني وهو الذي يكنى بأبي سلمة وهو ثقة من رجال مسلم، وكأن الحاكم رحمه الله أشار إلى هذه الحقيقة حين قال





في الحديث " صحيح على شرط مسلم ... " فإن معنى ذلك أن رجاله رجال مسلم ومنهم أبو سلمة الجهني ولا يمكن أن يكون كذلك إلا إذا كان هو موسى بن عبد الله الجهني. فاغتنم هذا التحقيق فإنك لا تراه في غير هذا الموضع. والحمد لله على توفيقه.
انتهى كلام شيخنا الألباني رحمه الله تعالى .
وليت أن شيخنا بقي على حكمه القديم كما في " تخريج الطحاوية " ص44
فقد قال : " حديث صحيح ,وقد كنت ذكرت خلاف هذا في تعليقي على أحاديث
" شرح العقيدة الطحاوية " ثم بدا لي أنه صحيح في مقال طويل وبحث دقيق أعددته لينشر ان شاء الله تعالى في الصحيحة برقم " 199 " !
انظر : وانظر الترغيب 1822 والمشكاة 2452 والتوسل 31 وهداية الرواة 2387 .


وقبل البدء بذكر الكلام حول هذا الحديث ؛ فإني أحب أن أبين أن الحكم على الأحاديث عموماً وعلى هذا الحديث بشكل خاص يخضع لقواعد علمية معلومة عند أئمة هذا الشأن ؛ وليس للعاطفة فيها مجال ؛ بل ليس لحسن الظن فيها جانب أصلاً كما قال الإمام الكبير عبد الرحمن بن مهدي رحمه الله تعالى :


" خصلتان لا يستقيم فيهما حسن الظن : الحكم والحديث " ! " الضعفاء الكبير " للعقيلي 1 / 9 و" الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم 2 / 35 وقد قال ابن أبي حاتم شارحاً ذلك بقوله : " يعني لا يستعمل حسن الظن في قبول الرواية عمن ليس بمرضي " .





ذكرت هذه المقدمة لأن الحديث الذي سأبين حكمه من الأحاديث النادرة التي لا يخلو كتاب من كتب الأذكار منها ؛
وقد تبين لي يقيناً أنه حديث منكر ؛ ذلك لأن إمام العلل الدارقطني سئل عنه في " العلل " 5 / 200 فقال :
" يرويه القاسم بن عبد الرحمن واختلف عنه ؛
فرواه فضيل بن مرزوق، عن أبي سلمة الجهني، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن ابن مسعود.
وتابعه محمد بن صالح الواسطي، رواه عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن القاسم، عن أبيه، عن ابن مسعود.
وخالفهما علي بن مسهر، فرواه عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن القاسم، عن ابن مسعود مرسلا، وإسناده ليس بالقوي " .


فتبين لنا من كلام الدارقطني أن فضيل بن مرزوق جعله من حديث أبي سلمة الجهني ؛ وأخطأ في ذلك ؛ فالفضيل هذا يهم كثيراً كما قال أبو حاتم ؛ بل قال ابن حبان : منكر الحديث جداً ؛ ورواية مسلم له في المتابعات فقط ؛ فرواية فضيل هذه منكرة بلا ريب ؛ بل هي خطأ محض .
وخالفه عبد الواحد بن زياد – وهو حافظ ثقة – فجعله من حديث عبد الرحمن بن إسحاق الواسطي :
أخرجه ابن السني في " عمل اليوم والليلة " 1 / 301 فقال :
حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، ثنا الْحَجَبِيُّ، ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، وَسُلَيْمَانُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَا: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ، ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ أَصَابَهُ هَمٌّ أَوْ حَزَنٌ فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ فِي قَبْضَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ - يَعْنِي فِي كِتَابِكَ - أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ بَصَرِي، وَشِفَاءَ صَدْرِي، وَجَلَاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي ". قَالَ: «فَمَا قَالَهُنَّ عَبْدٌ قَطُّ إِلَّا أَبْدَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَكَانَ حُزْنِهِ فَرَحًا» . قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلَا نُعَلِّمُهُنَّ؟ قَالَ: «بَلَى، فَعَلِّمُوهُنَّ» .
وتابعه : علي بن مسهر – وهو إمام لكن لم أقف على روايته – كما ذكر الدارقطني
فجعله من حديث عبد الرحمن بن إسحاق كذلك ؛ غير أنه مرسل – أي منقطع بين القاسم وبين ابن مسعود ؛ كرواية عبد الواحد بن زياد .
وتابعه كذلك : محمد بن صالح الواسطي : أخرجه البزار في " مسنده " برقم
( 1994 ) لكن وقع فيه : (مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ الثَّقَفِيُّ ) ولعله من أوهام البزار ؛ فإنه
يخطىء في الإسناد والمتن كما قال الدارقطني ، والواسطي هذا هو البطيخي ليس فيه
توثيق لأحد ؛ وهو أخطأ في وصل السند ؛ بينما الصحيح أنه مرسل - أي منقطع –
كما رواه الثقتان : علي بن مسهر وعبد الواحد بن زياد !
فخلص لنا أن الحديث حديث عبد الرحمن بن إسحاق الواسطي يقيناً لاتفاق هذين الثقتين على ذلك ؛ كما أن الصحيح فيه أنه منقطع .
بقي أن نحكم على سنده ؛ فنقول : عبد الرحمن بن إسحاق الواسطي ضعيف جداً
قال البخاري : فيه نظر , وقال أحمد وأبو حاتم : منكر الحديث , وقال ابن حبان : يقلب الأخبار والأسانيد , وبنفرد بالمناكير عن المشاهير , لا يحل الاحتجاج به .
فالحديث ضعيف جداً سنداً ؛ وإن شئت فقل : الحديث منكر جداً .
تنبيه :
مع كون الحديث حديث عبد الرحمن بن إسحاق الواسطي هذا المتروك ؛ وليس حديث أبي سلمة الجهني الذي روي في بعض الطرق ؛ فإن شيخنا الألباني رحمه الله تعالى أخطأ في اتباعه ما ادعاه العلامة أحمد شاكر من كون أبي سلمة الجهني هذا هو موسى أبو سلمة الجهني ؛ وقد جزما بذلك ؛ لأن كنية موسى هي ( أبو سلمة ) وقد جاء في " كبير الطبراني " حديث قبل حديث ( دعاء الهم ) هذا في سنده : موسى الجهني عن القاسم بن عبد الرحمن , عن أبيه , عن جده , مرفوعاً في التسمية إذا نسي في أول الطعام !!
وهذا خطأ منهما رحمهما الله تعالى ؛ فإن البخاري وأبا حاتم وابن سعد وشيخ بندار : محمد بن شعيب جزموا بأن كنية موسى بن عبد الله الجهني هي ( أبو عبد الله ) ولم يقل أحد منهم أنه ( أبو سلمة ) إلا ما جاء عن المزي وابن حجر فقد قالا : ( أبو سلمة ويقال أبو عبد الله ) .
وقال الذهبي : " يكنى أبا عبد الله " . " تاريخ الإسلام " 3 / 985 .
على أن الحديث الذي استدلا به لإثبات كلامهما : سنده ضعيف جداً لا قيمة له !
فقد رواه الطبراني برقم ( 10354 ) فقال : حَدَّثَنَا عَبْدَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ، ثنا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنِي مُوسَى الْجُهَنِيُّ، حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَنْ نَسِيَ أَنْ يَذْكُرَ اسْمَ اللهِ فِي أَوَّلِ طَعَامِهِ فَلْيَقُلْ حِينَ يَذْكُرُ: بِسْمِ اللهِ فِي أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ؛ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ طَعَامًا جَدِيدًا، وَيَمْنَعُ الْخَبِيثَ مَا كَانَ يُصِيبُ مِنْهُ " .
وعمر بن علي هو المقدمي يدلس أخبث التدليس وهو تدليس السكوت أو القطع فيقول حدثنا ويسكت ! فلا يفيد تصريحه بالتحديث هنا شيئاً !
ثم إن خليفة بن خياط المعروف بشباب تفرد بالحديث المذكور ؛ وهو ممن لا يحتمل تفردهم بمثل هذا الحديث في الأحكام ؛فقد تركه أبو زرعة الرازي , وقال أبو حاتم : لا أحدث عنه , هو غير قوي , وذكره ابن الجنيد عن ابن معين فيمن : " ليسوا بأصحاب حديث , ليسوا بشيء " ! " سؤلات ابن الجنيد " برقم ( 71 ) .
وقال ابن حجر : صدوق ربما أخطأ .
وعليه فلا يعتمد على سند منكر كهذا السند لإثبات أن الذي حدث عن القاسم بن عبد الرحمن هو موسى الجهني !



والخلاصة : يحول هذا الحديث من " الصحيحة " إلى " الضعيفة " وأجزم أن شيخنا رحمه الله تعالى لو اطلع على هذا التحقيق لتراجع عن تصحيحه بإذن الله تعالى .

منقول