أبو أنس بشير بن سلة الأثري
06-May-2013, 02:40 PM
جناية يوسف العنابي على علم العلل وتطاوله على الشيخ ربيع بالسفه والضلال
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .
أما بعد :
فقد أتحفنا الوالد الإمام الجهبذ ربيع بن هادي المدخلي ـ حفظه الله ورعاه ـ ببيان علة أثر ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ المتمثل في قوله عن الأذان الأول يوم الجمعة بأنه " بدعة "
وقد أجاد وأفاد في ذلك ، ومما زاد من رونقه وجماله أنه تضمن دفاع عن خليفة من الخلفاء الراشدين عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم" عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ " ، وفضائل عثمان ـ رضي الله عنه ـ ومزاياه لا تخفى على أهل الإسلام ، فمن أراد الوقوف على بعضها فليرجع إلى كتاب ( مطاعن سيد قطب في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ) فقد جعل لها العلامة ربيع المدخلي فصلا جمع فيه أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيان مناقبه وفضائله في الإسلام ـ جزاه الله خيرا ـ وكما قال في شأنه ( ص 59) :
(( رضي الله عن عثمان بن عفان الخليفة الراشد وأرضاه ، فإن فضائله ومزاياه كثيرة لا يتسع المقام لاستيفائها والمسلمون الصادقون يعرفون قدره ومكانته وعلى رأسهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يعرف الفضل إلا ذووه ولا عبرة بالروافض والرعاع وأمثالهم من سقط المتاع ))
ومن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين عرفوا قدر هذا الخليفة الراشد المبجل المعظم عبدالله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ وقد أبان ذلك العلامة الشيخ ربيع بما يكفي ويغني ، مما يستبعد أن يخرج ابن عمر في حقه تلك اللفظة الشديدة على عمله المشروع ، فهذا مما يتنزه عنه عامة أهل الإسلام ، وفضلا علماء الأمة ، ومن باب أولى فقهاء الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ الذين عُرفوا بالعلم والتعظيم للسنة ـ ومنها احترام سنة الخلفاء الراشدين ـ والورع ، فلما رأى ذلك المجاهد ربيع المدخلي ـ حفظه الله ـ أخذته غيرة على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعرف عظم جناية تلك اللفظة المنسوبة إلى أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يترتب عليها من الفساد من الطعن في الخليفة الراشد من أنه أبتدع ، ويجر ذلك إلى الطعن في غيره من الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ الذين أقروه على هذه البدعة ـ على زعمهم الباطل ـ ، وفيهم علي رضي الله عنه الذي هو من الخلفاء الراشدين ، وفقيهة الأمة عائشة ـ رضي الله عنها ـ ، بل فيها أيضا ـ اللفظة ـ الطعن في نزاهة وعلم عالم الأمة عبدالله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ إذ كيف له أن يتجرأ على الخليفة الراشد عثمان وينسب عمله المشروع إلى البدعة .
فلما رأى الشيخ ربيع فساد هذا القول وما يؤول أمره من الفساد هرع إلى بيان فساده ، وذلك في رده على العفري الجاني على حرمة الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ وعلى العلم ، بل هذا فيه الرد على كل من يؤزه على هذا العمل الشنيع والتهور الفظيع
فقال الشيخ في ( الذب عن الخليفة الراشد عثمان –رضي الله عنه- ) ( المنشور في شبكة سحاب السلفية )
قال العفري في (ص 3 )
(( قال ابن أبي شيبة ـ رحمه الله ـ: حدثنا شبابة قال حدثنا هشيم بن الغاز عن نافع عن ابن عمر قال : الأذان الأول يوم الجمعة بدعة . قال شيخنا ـ حفظه الله ـ : وهذا إسناد صحيح إلى ابن عمر ؛ فشبابة هو ابن سوار : ثقة حافظ وهشام بن الغز([1] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=137261#_ftn1)) : ثقة ونافع مولى ابن عمر إمام مشهور اهـ وقال ابن أبي شيبة ـ رحمه الله ـ أيضاً : حدثنا وكيع قال حدثنا هشام بن الغاز قال سألت مولى ابن عمر الأذان الأول يوم الجمعة بدعة فقال : قال ابن عمر : بدعة . وهذا إسناد صحيح وهو أصرح من الأول في الدلالة ))
التعليق
(( أولاً- إن الأقوال في الأذان الأول إنه بدعة إنما مدارها على هشام بن الغاز
وهو: 1- لم يوصف بالحفظ والإتقان
وإن أطلق عليه بعض أهل الحديث أنه ثقة، وهم يحيى بن معين ودحيم ومحمد بن عبد الله ابن عمار، فالصواب أنه صالح كما قال الإمام أحمد، ولابن معين قول آخر فيه
حيث قال فيه : لا بأس به ، ومن هنا قال الذهبي فيه: إنه صدوق
وقول الحافظ ابن حجر فيه: إنه ثقة ، فيه نظر
ومثل هذا إذا انفرد لا يقال في حديثه : إنه صحيح ولا حسن
2 ـ الذي يظهر لي أن روايته هذه عن نافع تعتبر منكرة
لأنه تفرد بها من بين أصحاب نافع الكثر ، وفيهم فحول أهل بلده المدينة النبوية، فمن الرواة عنه : "أولاده أبو عمر وعمر وعبد الله وعبد الله بن دينار وصالح بن كيسان وعبد ربه ويحيى ابنا سعيد الأنصاري ويونس ين عبيد ويزيد بن أبي حبيب وأبو إسحاق السبيعي والزهري وموسى بن عقبة وميمون بن مهران وابن عجلان وأيوب السختياني وجرير بن حازم والحكم بن عتيبة وسعد بن إبراهيم وعبد الله بن سعيد بن أبي هند وعبيد الله بن عمر العمري وأخوه عبدالله وابن جريج والأوزاعي وابن إسحاق وعبد الكريم الجزري وعطاء الخراساني وليث بن أبي سليم ومحمد بن سوقة وهشام بن سعد ومطر الوراق ومالك بن أنس وإسماعيل بن أمية وأسامة بن زيد الليثي وإسماعيل بن إبراهيم بن عقبة وأيوب بن موسى القرشي وبكير بن عبدالله بن الأشج ويعلى بن حكيم وجويرية بن أسماء وأبو صخر حميد بن زياد وحنظلة بن أبي سفيان ورقبة بن مصقلة وسعيد بن هلال وصخر بن جويرية والضحاك بن عثمان وعبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز وعبيد الله بن أبي جعفر وعمر بن زيد بن عبدالله بن عمر وعيسى بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب ويونس بن يزيد وفليح بن سليمان وكثير بن فرقد والوليد بن كثير وشعيب بن أبي حمزة والليث بن سعد وخلق كثير" "تهذيب التهذيب" (10/ 413 )
فتفرّد هشام بن الغاز عن نافع من بين هذا العدد الكبير ومنهم أبناؤه، وفيهم الفحول من أهل المدينة، ولم ينقل عنهم هذا النص العجيب هذا مع أن الناقل عنه هشام بن الغاز ، وهو ليس من أهل المدينة
وإنما هو غريب أصله من دمشق ، ثم صار نزيل بغداد، وكان على بيت المال لأبي جعفر المنصور.
ومثل حديثه هذا - وهذا حاله- يعتبر منكراً.
وقد قال مسلم في "مقدمة كتابه" (ص7 )
" لأن حكم أهل العلم، والذي نعرف من مذهبهم في قبول ما يتفرد به المحدث من الحديث أن يكون قد شارك الثقات من أهل العلم والحفظ في بعض ما رووا. وأمعن في ذلك على الموافقة لهم. فإذا وجد كذلك، ثم زاد بعد ذلك شيئاً ليس عند أصحابه، قبلت زيادته.
فأما من تراه يعمد لمثل الزهري في جلالته وكثرة أصحابه الحفاظ المتقنين لحديثه وحديث غيره، أو لمثل هشام بن عروة، وحديثهما عند أهل العلم مبسوط مشترك. قد نقل أصحابهما عنهما حديثهما على الاتفاق منهم في أكثره. فيروِى عنهما أو عن أحدهما العدد من الحديث، مما لا يعرفه أحد من أصحابهما، وليس ممن قد شاركهم في الصحيح مما عندهم، فغير جائز قبول حديث هذا الضرب من الناس. والله أعلم "
تأمل قول الإمام مسلم: " أن يكون قد شارك الثقات من أهل العلم والحفظ في بعض ما رووا وأمعن في ذلك على الموافقة لهم ... فغير جائز قبول حديث هذا الضرب من الناس والله أعلم "
وهذا مفقود في ابن الغاز فهو قليل الرواية، ولم يشارك أصحاب نافع في بعض ما رووا من الأحاديث الصحيحة، ولم يمعن في موافقتهم، ولذا لم يرو له الإمامان البخاري ومسلم أي حديث متصل عن نافع، غير أن البخاري علّق عنه حديثاً واحداً في المتابعات، انظر حديث ( 1742)
ولم يرو من الأئمة كلهم هذا الأثر إلا ابن أبي شيبة، وهو لم يلتزم الصحة فيما يرويه، مما يؤكد نكارة هذا الأثر المنسوب إلى ابن عمر
وقال الحافظ ابن رجب ، معلقاً على كلام الإمام مسلم هذا :
فصرّح بأن الثقة إذا أمعن في موافقة الثقات في حديثهم ، ثم تفرد عنهم بحديث قُبل ما تفرد به ، وحكاه عن أهل العلم "
انظر "شرح علل الترمذي" (1/456- 457
وهشام بن الغاز من النوع الذين لا يجوز أن يقبل حديثهم إذا تفردوا عن أمثال نافع والزهري بما لا يشاركه فيه أحد من ثقات أصحابهما )) ا.هـ
فمع هذا البيان الشافي والتوضيح الكافي لم يرعو شرذمة الحجوري وتتوب من فسادها هذا فذهبوا يعلقون تعليقا بعد تعليق في نصرة باطلهم وتماديهم في ضلالهم ، والعجيب من ذلك أن يخرج علينا الرويبضة السفيه المتطاول على مقام العلم والعلماء يوسف العنابي بثرثرته كعادته يخرب ويفسد في العلم وأصوله ، وهو يظن أنه يحسن صنعا ، فما إن كان مع كتاب " الإبانة " للعلامة محمد بن عبدالله الإمام ـ حفظه الله ـ ذاك الإمام المؤصل المقعد الغيور على أصول السنة والحديث ، فإذا به اليوم يرتقي إلى درجة عالم العلل وإمامه الجهبذ !!
ما شاء الله على بضاعة الحجوري التي يفتخر بها وهو قد هيأها لتنهض بالأمة الإسلامية وترجع بها إلى ما كان عليه السلف الصالح عقيدة ومنهجا وسلوكا !!
وإلا فمن نظر وأعتبر بثرثرته الأخيرة المدونة باسم "بيان الغلط في تضعيف الشيخ ربيع لأثر ابن عمر ـ رضي الله عنهما " ، عرف منزلة الشيخ ربيع المدخلي وخبرته بعلم الحديث وفهمه الثاقب في معرفة علل الحديث ، الذي أشاد بذكره أئمة الحديث العظام والجهابذة الأعلام
قال الحافظ أبوعمر بن الصلاح في ( معرفة أنواع علوم الحديث )(ص: 90 )
(( اعْلَمْ أَنَّ مَعْرِفَةَ عِلَلِ الْحَدِيثِ مِنْ أَجَلِّ عُلُومِ الْحَدِيثِ وَأَدَقِّهَا وَأَشْرَفِهَا، وَإِنَّمَا يَضْطَلِعُ بِذَلِكَ أَهْلُ الْحِفْظِ وَالْخِبْرَةِ وَالْفَهْمِ الثَّاقِبِ ))
وقال الحافظ ابن رجب في (شرح علل الترمذي) (1/ 339 ـ 340 )
(( وقد ذكرنا فيما تقدم، في كتاب العلم، شرف علم العلل وعزته، وأن أهله المتحققين به أفراد يسيرة من بين الحفاظ وأهل الحديث، وقد قال أبو عبد الله بن مندة الحافظ إنما خص الله بمعرفة هذه الأخبار نفرا يسيرا من كثير ممن يدعي علم الحديث فأما سائر الناس من يدعي كثرة كتابة الحديث، أو متفقه في علم الشافعي وأبي حنيفة، أو متبع لكلام الحارث المحاسبي،والجنيد وذي النون، وأهل الخواطر، فليس لهن أن يتكلموا في شيء من علم الحديث، إلا من أخذه عن أهله وأهل المعرفة به، فحينئذ يتكلم بمعرفته ))([2] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=137261#_ftn2)
وإذا كان كذلك أنى أن يكون ذلك الرويبضة في هذا المقام ، بل إن ذكره في هذه المقام تنقيص لهذا العلم والفن الشريف والله المستعان .
وإلا فكل ما ذكره في ذلك الكتاب المظلم بالجهل والهدم فهو ساقط بمرة ، فصنيعه يذكرنا بالهدام ابن عبدالمنان الذي رد على ظلماته الإمام الألباني ـ رحمه الله ـ في كتابه الفذ
( النصيحة بالتحذير من تخريب ابن عبدالمنان لكتب الأئمة الرجيحة وتضعيفه لمئات الأحاديث الصحيحة )
فذاك سعى في هدم السنن الصحيحة ، وهذا سعى في الهدم ما للصحابة رضي الله عنهم من مزية الاحترام بعضهم للبعض ، وفي سنة الخلفاء الراشدين ، وينسب فعل عثمان رضي الله عنه إلى بدعة ، وليس له في ذلك أي تعلق بزلة العالم حتى يحتج بها ، فالعالم السني الفاضل ترد زلته وتحفظ كرمته ، ويحترم ومن احترمه لا نتبعه في زلته هذا الذي قرره أهل العلم والسنة .
فمما جاء عنه وأطال مما لا فائدة فيه أنه قال : " قد تابع شبابة بن سوار وكيعا في روايته عن هشام بن الغاز به "
فمن تسرعه وتهوره وجهله بهذا العلم الشريف لم يراع ويتأمل لما قاله الإمام ربيع المدخلي في شأن هذا الأثر وما مدار علته حيث قال : (( إن الأقوال في الأذان الأول إنه بدعة إنما مدارها على هشام بن الغاز ))
إذاً فما قيمة متابعة شبابة بن سوار لوكيع ومدار العلة على هشام فليتنبه لذلك !!
وبرهن الشيخ ربيع على صحة وقوة هذا المأخذ بقوله : (( وهشام بن الغاز من النوع الذين لا يجوز أن يقبل حديثهم إذا تفردوا عن أمثال نافع والزهري بما لا يشاركه فيه أحد من ثقات أصحابهما ))
وهذا البيان منه دليل على نظره الثاقب في معرفة علة هذا الأثر ، والأمر كما قال وبيّن من نقله كلام الإمام مسلم في وجه معرفة علة الأثر .
يقول الشيخ المفضال عبدالله البخاري في( التعليقات الرضية على المنضومة البيقونية ) ( ص 213) : (( وسائل الكشف عن العلة :
الوجه الثاني : معرفة مراتب الرواة الثقات الذين يدور عليهم الإسناد وتمييزها بحيث يعرف مراتب الرواة الذين تدور عليهم الأسانيد في مختلف البلدان وتمييزها عن غيرها ومن اوثق الناس فيهم كتمييز أصحاب نافع والزهري وقتادة وغيرهم من الحفاظ المكثرين ))
هذا أولا
ثانيا : ما هذا التقطيع والتمزيق والتخريب والتحريف لقواعد علوم الحديث إذ قال : (( وقد روى وكيع ـ أيضا ـ وشبابة هذا الأثر عن هشام بن الغاز مختصرا مقطعا وتقطيع الحديث أو اختصاره مما جرى عليه عمل كثير من الأئمة وقد أكثر منه البخاري في صحيحه )) ؟؟
ثم ذكر مع أثر ابن عمر : " الأذان الأول يوم الجمعة بدعة "
أثر آخر ألا وهو قول ابن عمر : " كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة "
من سبقه إلى هذا التخريف والهذيان من أئمة الحديث حتى يجعل أثر ابن عمر الصحيح: " كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة " الذي أصله قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين بعدي،عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة "
هو عين الرواية المنكرة " الأذان الأول يوم الجمعة بدعة " ،بل مما يزيد من تهوينها ونكرتها أنها تصادم أصل هذا الأثر الصحيح الذي يحث على التمسكبسنة الخلفاء الراشدين المهديين ، و منه روى ابن عمر " كل بدعة ضلالة " ، فحاشا ابن عمر أن يروي أخر الحديث ليطعن في أوله ويسقط حجيته فلينتبه لذلك .
ثالثا : قد أطال في توثيق هشام بن الغاز ، وما ذاك منه إلا لإسقاط العلة التي أثبتها الشيخ ربيع الدالة على نكرة هذا الأثر ، وما درى المسكين أن محل وميدان علم العلل هو : حديث الثقات ذلك أن الأصل في أخبار الثقات القبول والاحتجاج لذا تخفى علل أحاديثهم على كثير ممن يشتغل بالحديث ولا يظهر له خلل تلك الأحاديث كما أفاد ذلك الشيخ الكريم عبدالله البخاري في شرح البيقونية ( ص 209 ) .
وأنى له أن يكون هو في هذه المنزلة حتى يعرف ويقف على علة هذا الأثر ، وهذا على ما مشى عليه من توثيقه لهشام بن الغاز .
وفي الأخير نسأل الله تعالى أني وفقت في هذا الجهد اليسر المتواضع في نصرة أهل السنة ومساندة علماء الإسلام في ذبهم عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الكرام ، وإلا فلو تتبعنا فساد العنابي في تلك الظلمات لا طال بنا الوقت مع قلته فهو قد أشبعه بالتخريف والهذيان والتنقص من منزلة الوالد الإمام العلم ربيع المدخلي ، هو في ذلك مسبوق ، فكم هم أعداء السنة وحملتها ، كفانا الله شرهم والحمد لله رب العالمين
)[1]( انظر إلى هذا المسكين، فتارة يقول: "هشيم بن الغاز"، وتارة يقول: "هشام بن الغز"، فهل هو يرى أنهما اثنان؟
(2) من أراد زيادة الوقوف على ما جاء في بيان شرف هذا العلم فليرجع إلى ( التعليقات الرضية على المنضومة البيقونية ) ( ً 205 ـ 207 ) لفضيلة الشيخ عبدالله البخاري ـ حفظه الله ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .
أما بعد :
فقد أتحفنا الوالد الإمام الجهبذ ربيع بن هادي المدخلي ـ حفظه الله ورعاه ـ ببيان علة أثر ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ المتمثل في قوله عن الأذان الأول يوم الجمعة بأنه " بدعة "
وقد أجاد وأفاد في ذلك ، ومما زاد من رونقه وجماله أنه تضمن دفاع عن خليفة من الخلفاء الراشدين عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم" عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ " ، وفضائل عثمان ـ رضي الله عنه ـ ومزاياه لا تخفى على أهل الإسلام ، فمن أراد الوقوف على بعضها فليرجع إلى كتاب ( مطاعن سيد قطب في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ) فقد جعل لها العلامة ربيع المدخلي فصلا جمع فيه أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيان مناقبه وفضائله في الإسلام ـ جزاه الله خيرا ـ وكما قال في شأنه ( ص 59) :
(( رضي الله عن عثمان بن عفان الخليفة الراشد وأرضاه ، فإن فضائله ومزاياه كثيرة لا يتسع المقام لاستيفائها والمسلمون الصادقون يعرفون قدره ومكانته وعلى رأسهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يعرف الفضل إلا ذووه ولا عبرة بالروافض والرعاع وأمثالهم من سقط المتاع ))
ومن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين عرفوا قدر هذا الخليفة الراشد المبجل المعظم عبدالله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ وقد أبان ذلك العلامة الشيخ ربيع بما يكفي ويغني ، مما يستبعد أن يخرج ابن عمر في حقه تلك اللفظة الشديدة على عمله المشروع ، فهذا مما يتنزه عنه عامة أهل الإسلام ، وفضلا علماء الأمة ، ومن باب أولى فقهاء الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ الذين عُرفوا بالعلم والتعظيم للسنة ـ ومنها احترام سنة الخلفاء الراشدين ـ والورع ، فلما رأى ذلك المجاهد ربيع المدخلي ـ حفظه الله ـ أخذته غيرة على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعرف عظم جناية تلك اللفظة المنسوبة إلى أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يترتب عليها من الفساد من الطعن في الخليفة الراشد من أنه أبتدع ، ويجر ذلك إلى الطعن في غيره من الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ الذين أقروه على هذه البدعة ـ على زعمهم الباطل ـ ، وفيهم علي رضي الله عنه الذي هو من الخلفاء الراشدين ، وفقيهة الأمة عائشة ـ رضي الله عنها ـ ، بل فيها أيضا ـ اللفظة ـ الطعن في نزاهة وعلم عالم الأمة عبدالله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ إذ كيف له أن يتجرأ على الخليفة الراشد عثمان وينسب عمله المشروع إلى البدعة .
فلما رأى الشيخ ربيع فساد هذا القول وما يؤول أمره من الفساد هرع إلى بيان فساده ، وذلك في رده على العفري الجاني على حرمة الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ وعلى العلم ، بل هذا فيه الرد على كل من يؤزه على هذا العمل الشنيع والتهور الفظيع
فقال الشيخ في ( الذب عن الخليفة الراشد عثمان –رضي الله عنه- ) ( المنشور في شبكة سحاب السلفية )
قال العفري في (ص 3 )
(( قال ابن أبي شيبة ـ رحمه الله ـ: حدثنا شبابة قال حدثنا هشيم بن الغاز عن نافع عن ابن عمر قال : الأذان الأول يوم الجمعة بدعة . قال شيخنا ـ حفظه الله ـ : وهذا إسناد صحيح إلى ابن عمر ؛ فشبابة هو ابن سوار : ثقة حافظ وهشام بن الغز([1] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=137261#_ftn1)) : ثقة ونافع مولى ابن عمر إمام مشهور اهـ وقال ابن أبي شيبة ـ رحمه الله ـ أيضاً : حدثنا وكيع قال حدثنا هشام بن الغاز قال سألت مولى ابن عمر الأذان الأول يوم الجمعة بدعة فقال : قال ابن عمر : بدعة . وهذا إسناد صحيح وهو أصرح من الأول في الدلالة ))
التعليق
(( أولاً- إن الأقوال في الأذان الأول إنه بدعة إنما مدارها على هشام بن الغاز
وهو: 1- لم يوصف بالحفظ والإتقان
وإن أطلق عليه بعض أهل الحديث أنه ثقة، وهم يحيى بن معين ودحيم ومحمد بن عبد الله ابن عمار، فالصواب أنه صالح كما قال الإمام أحمد، ولابن معين قول آخر فيه
حيث قال فيه : لا بأس به ، ومن هنا قال الذهبي فيه: إنه صدوق
وقول الحافظ ابن حجر فيه: إنه ثقة ، فيه نظر
ومثل هذا إذا انفرد لا يقال في حديثه : إنه صحيح ولا حسن
2 ـ الذي يظهر لي أن روايته هذه عن نافع تعتبر منكرة
لأنه تفرد بها من بين أصحاب نافع الكثر ، وفيهم فحول أهل بلده المدينة النبوية، فمن الرواة عنه : "أولاده أبو عمر وعمر وعبد الله وعبد الله بن دينار وصالح بن كيسان وعبد ربه ويحيى ابنا سعيد الأنصاري ويونس ين عبيد ويزيد بن أبي حبيب وأبو إسحاق السبيعي والزهري وموسى بن عقبة وميمون بن مهران وابن عجلان وأيوب السختياني وجرير بن حازم والحكم بن عتيبة وسعد بن إبراهيم وعبد الله بن سعيد بن أبي هند وعبيد الله بن عمر العمري وأخوه عبدالله وابن جريج والأوزاعي وابن إسحاق وعبد الكريم الجزري وعطاء الخراساني وليث بن أبي سليم ومحمد بن سوقة وهشام بن سعد ومطر الوراق ومالك بن أنس وإسماعيل بن أمية وأسامة بن زيد الليثي وإسماعيل بن إبراهيم بن عقبة وأيوب بن موسى القرشي وبكير بن عبدالله بن الأشج ويعلى بن حكيم وجويرية بن أسماء وأبو صخر حميد بن زياد وحنظلة بن أبي سفيان ورقبة بن مصقلة وسعيد بن هلال وصخر بن جويرية والضحاك بن عثمان وعبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز وعبيد الله بن أبي جعفر وعمر بن زيد بن عبدالله بن عمر وعيسى بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب ويونس بن يزيد وفليح بن سليمان وكثير بن فرقد والوليد بن كثير وشعيب بن أبي حمزة والليث بن سعد وخلق كثير" "تهذيب التهذيب" (10/ 413 )
فتفرّد هشام بن الغاز عن نافع من بين هذا العدد الكبير ومنهم أبناؤه، وفيهم الفحول من أهل المدينة، ولم ينقل عنهم هذا النص العجيب هذا مع أن الناقل عنه هشام بن الغاز ، وهو ليس من أهل المدينة
وإنما هو غريب أصله من دمشق ، ثم صار نزيل بغداد، وكان على بيت المال لأبي جعفر المنصور.
ومثل حديثه هذا - وهذا حاله- يعتبر منكراً.
وقد قال مسلم في "مقدمة كتابه" (ص7 )
" لأن حكم أهل العلم، والذي نعرف من مذهبهم في قبول ما يتفرد به المحدث من الحديث أن يكون قد شارك الثقات من أهل العلم والحفظ في بعض ما رووا. وأمعن في ذلك على الموافقة لهم. فإذا وجد كذلك، ثم زاد بعد ذلك شيئاً ليس عند أصحابه، قبلت زيادته.
فأما من تراه يعمد لمثل الزهري في جلالته وكثرة أصحابه الحفاظ المتقنين لحديثه وحديث غيره، أو لمثل هشام بن عروة، وحديثهما عند أهل العلم مبسوط مشترك. قد نقل أصحابهما عنهما حديثهما على الاتفاق منهم في أكثره. فيروِى عنهما أو عن أحدهما العدد من الحديث، مما لا يعرفه أحد من أصحابهما، وليس ممن قد شاركهم في الصحيح مما عندهم، فغير جائز قبول حديث هذا الضرب من الناس. والله أعلم "
تأمل قول الإمام مسلم: " أن يكون قد شارك الثقات من أهل العلم والحفظ في بعض ما رووا وأمعن في ذلك على الموافقة لهم ... فغير جائز قبول حديث هذا الضرب من الناس والله أعلم "
وهذا مفقود في ابن الغاز فهو قليل الرواية، ولم يشارك أصحاب نافع في بعض ما رووا من الأحاديث الصحيحة، ولم يمعن في موافقتهم، ولذا لم يرو له الإمامان البخاري ومسلم أي حديث متصل عن نافع، غير أن البخاري علّق عنه حديثاً واحداً في المتابعات، انظر حديث ( 1742)
ولم يرو من الأئمة كلهم هذا الأثر إلا ابن أبي شيبة، وهو لم يلتزم الصحة فيما يرويه، مما يؤكد نكارة هذا الأثر المنسوب إلى ابن عمر
وقال الحافظ ابن رجب ، معلقاً على كلام الإمام مسلم هذا :
فصرّح بأن الثقة إذا أمعن في موافقة الثقات في حديثهم ، ثم تفرد عنهم بحديث قُبل ما تفرد به ، وحكاه عن أهل العلم "
انظر "شرح علل الترمذي" (1/456- 457
وهشام بن الغاز من النوع الذين لا يجوز أن يقبل حديثهم إذا تفردوا عن أمثال نافع والزهري بما لا يشاركه فيه أحد من ثقات أصحابهما )) ا.هـ
فمع هذا البيان الشافي والتوضيح الكافي لم يرعو شرذمة الحجوري وتتوب من فسادها هذا فذهبوا يعلقون تعليقا بعد تعليق في نصرة باطلهم وتماديهم في ضلالهم ، والعجيب من ذلك أن يخرج علينا الرويبضة السفيه المتطاول على مقام العلم والعلماء يوسف العنابي بثرثرته كعادته يخرب ويفسد في العلم وأصوله ، وهو يظن أنه يحسن صنعا ، فما إن كان مع كتاب " الإبانة " للعلامة محمد بن عبدالله الإمام ـ حفظه الله ـ ذاك الإمام المؤصل المقعد الغيور على أصول السنة والحديث ، فإذا به اليوم يرتقي إلى درجة عالم العلل وإمامه الجهبذ !!
ما شاء الله على بضاعة الحجوري التي يفتخر بها وهو قد هيأها لتنهض بالأمة الإسلامية وترجع بها إلى ما كان عليه السلف الصالح عقيدة ومنهجا وسلوكا !!
وإلا فمن نظر وأعتبر بثرثرته الأخيرة المدونة باسم "بيان الغلط في تضعيف الشيخ ربيع لأثر ابن عمر ـ رضي الله عنهما " ، عرف منزلة الشيخ ربيع المدخلي وخبرته بعلم الحديث وفهمه الثاقب في معرفة علل الحديث ، الذي أشاد بذكره أئمة الحديث العظام والجهابذة الأعلام
قال الحافظ أبوعمر بن الصلاح في ( معرفة أنواع علوم الحديث )(ص: 90 )
(( اعْلَمْ أَنَّ مَعْرِفَةَ عِلَلِ الْحَدِيثِ مِنْ أَجَلِّ عُلُومِ الْحَدِيثِ وَأَدَقِّهَا وَأَشْرَفِهَا، وَإِنَّمَا يَضْطَلِعُ بِذَلِكَ أَهْلُ الْحِفْظِ وَالْخِبْرَةِ وَالْفَهْمِ الثَّاقِبِ ))
وقال الحافظ ابن رجب في (شرح علل الترمذي) (1/ 339 ـ 340 )
(( وقد ذكرنا فيما تقدم، في كتاب العلم، شرف علم العلل وعزته، وأن أهله المتحققين به أفراد يسيرة من بين الحفاظ وأهل الحديث، وقد قال أبو عبد الله بن مندة الحافظ إنما خص الله بمعرفة هذه الأخبار نفرا يسيرا من كثير ممن يدعي علم الحديث فأما سائر الناس من يدعي كثرة كتابة الحديث، أو متفقه في علم الشافعي وأبي حنيفة، أو متبع لكلام الحارث المحاسبي،والجنيد وذي النون، وأهل الخواطر، فليس لهن أن يتكلموا في شيء من علم الحديث، إلا من أخذه عن أهله وأهل المعرفة به، فحينئذ يتكلم بمعرفته ))([2] (http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=137261#_ftn2)
وإذا كان كذلك أنى أن يكون ذلك الرويبضة في هذا المقام ، بل إن ذكره في هذه المقام تنقيص لهذا العلم والفن الشريف والله المستعان .
وإلا فكل ما ذكره في ذلك الكتاب المظلم بالجهل والهدم فهو ساقط بمرة ، فصنيعه يذكرنا بالهدام ابن عبدالمنان الذي رد على ظلماته الإمام الألباني ـ رحمه الله ـ في كتابه الفذ
( النصيحة بالتحذير من تخريب ابن عبدالمنان لكتب الأئمة الرجيحة وتضعيفه لمئات الأحاديث الصحيحة )
فذاك سعى في هدم السنن الصحيحة ، وهذا سعى في الهدم ما للصحابة رضي الله عنهم من مزية الاحترام بعضهم للبعض ، وفي سنة الخلفاء الراشدين ، وينسب فعل عثمان رضي الله عنه إلى بدعة ، وليس له في ذلك أي تعلق بزلة العالم حتى يحتج بها ، فالعالم السني الفاضل ترد زلته وتحفظ كرمته ، ويحترم ومن احترمه لا نتبعه في زلته هذا الذي قرره أهل العلم والسنة .
فمما جاء عنه وأطال مما لا فائدة فيه أنه قال : " قد تابع شبابة بن سوار وكيعا في روايته عن هشام بن الغاز به "
فمن تسرعه وتهوره وجهله بهذا العلم الشريف لم يراع ويتأمل لما قاله الإمام ربيع المدخلي في شأن هذا الأثر وما مدار علته حيث قال : (( إن الأقوال في الأذان الأول إنه بدعة إنما مدارها على هشام بن الغاز ))
إذاً فما قيمة متابعة شبابة بن سوار لوكيع ومدار العلة على هشام فليتنبه لذلك !!
وبرهن الشيخ ربيع على صحة وقوة هذا المأخذ بقوله : (( وهشام بن الغاز من النوع الذين لا يجوز أن يقبل حديثهم إذا تفردوا عن أمثال نافع والزهري بما لا يشاركه فيه أحد من ثقات أصحابهما ))
وهذا البيان منه دليل على نظره الثاقب في معرفة علة هذا الأثر ، والأمر كما قال وبيّن من نقله كلام الإمام مسلم في وجه معرفة علة الأثر .
يقول الشيخ المفضال عبدالله البخاري في( التعليقات الرضية على المنضومة البيقونية ) ( ص 213) : (( وسائل الكشف عن العلة :
الوجه الثاني : معرفة مراتب الرواة الثقات الذين يدور عليهم الإسناد وتمييزها بحيث يعرف مراتب الرواة الذين تدور عليهم الأسانيد في مختلف البلدان وتمييزها عن غيرها ومن اوثق الناس فيهم كتمييز أصحاب نافع والزهري وقتادة وغيرهم من الحفاظ المكثرين ))
هذا أولا
ثانيا : ما هذا التقطيع والتمزيق والتخريب والتحريف لقواعد علوم الحديث إذ قال : (( وقد روى وكيع ـ أيضا ـ وشبابة هذا الأثر عن هشام بن الغاز مختصرا مقطعا وتقطيع الحديث أو اختصاره مما جرى عليه عمل كثير من الأئمة وقد أكثر منه البخاري في صحيحه )) ؟؟
ثم ذكر مع أثر ابن عمر : " الأذان الأول يوم الجمعة بدعة "
أثر آخر ألا وهو قول ابن عمر : " كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة "
من سبقه إلى هذا التخريف والهذيان من أئمة الحديث حتى يجعل أثر ابن عمر الصحيح: " كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة " الذي أصله قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين بعدي،عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة "
هو عين الرواية المنكرة " الأذان الأول يوم الجمعة بدعة " ،بل مما يزيد من تهوينها ونكرتها أنها تصادم أصل هذا الأثر الصحيح الذي يحث على التمسكبسنة الخلفاء الراشدين المهديين ، و منه روى ابن عمر " كل بدعة ضلالة " ، فحاشا ابن عمر أن يروي أخر الحديث ليطعن في أوله ويسقط حجيته فلينتبه لذلك .
ثالثا : قد أطال في توثيق هشام بن الغاز ، وما ذاك منه إلا لإسقاط العلة التي أثبتها الشيخ ربيع الدالة على نكرة هذا الأثر ، وما درى المسكين أن محل وميدان علم العلل هو : حديث الثقات ذلك أن الأصل في أخبار الثقات القبول والاحتجاج لذا تخفى علل أحاديثهم على كثير ممن يشتغل بالحديث ولا يظهر له خلل تلك الأحاديث كما أفاد ذلك الشيخ الكريم عبدالله البخاري في شرح البيقونية ( ص 209 ) .
وأنى له أن يكون هو في هذه المنزلة حتى يعرف ويقف على علة هذا الأثر ، وهذا على ما مشى عليه من توثيقه لهشام بن الغاز .
وفي الأخير نسأل الله تعالى أني وفقت في هذا الجهد اليسر المتواضع في نصرة أهل السنة ومساندة علماء الإسلام في ذبهم عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الكرام ، وإلا فلو تتبعنا فساد العنابي في تلك الظلمات لا طال بنا الوقت مع قلته فهو قد أشبعه بالتخريف والهذيان والتنقص من منزلة الوالد الإمام العلم ربيع المدخلي ، هو في ذلك مسبوق ، فكم هم أعداء السنة وحملتها ، كفانا الله شرهم والحمد لله رب العالمين
)[1]( انظر إلى هذا المسكين، فتارة يقول: "هشيم بن الغاز"، وتارة يقول: "هشام بن الغز"، فهل هو يرى أنهما اثنان؟
(2) من أراد زيادة الوقوف على ما جاء في بيان شرف هذا العلم فليرجع إلى ( التعليقات الرضية على المنضومة البيقونية ) ( ً 205 ـ 207 ) لفضيلة الشيخ عبدالله البخاري ـ حفظه الله ـ