المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الرد على شبهات القبوريين [الجزء الأول] " للشيخ الفاضل أبي عمار علي الحذيفي ـ حفظه الله ـ "



عبدالله بن العيد عدونة
01-Jul-2013, 01:19 AM
بسم الله الرحمن الرحيم



يستدل القبوريون بقوله تعالى: (قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا) على جواز بناء المساجد على الأضرحة والمشاهد، فكيف الجواب عن ذلك ؟!
__________________________________________________ ____
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
استدل القبوريون بهذه الآية فقالوا معنى الآية: لنتخذن على باب الكهف مسجدا يصلي فيه الناس، ويتبركون بمكان هؤلاء الصالحين.
وقد استدل بهذه الآية الكريمة على جواز بناء المساجد والقباب على قبور الأولياء والتبرك بآثارهم بالصلاة في تلك المساجد، كثير من أهل الضلال - من الروافض والصوفية - وغيرهم.
وقد اختلف المفسرون في المراد بالذين غلبوا على أمرهم على أقوال:
أحدها: أنهم المسلمون في ذلك الزمان، فقد حصل منهم تعظيم لأصحاب الكهف، وقالوا: "ابنوا عليهم بنيانا".
والقول الثاني: أن الذين غلبوا على أمرهم هم المشركون، يعني: أتباع ذلك الدين لاعتقادهم الجاهلي، ولما في قلوبهم من الشرك وتعظيم الصالحين.
والقول الثالث: أن الذين غلبوا على أمرهم هم الكبراء والأمراء، وأصحاب النفوذ فيهم، لأن الذي له الغلبة في الأمر هو من يملك الأمر والنهي في المنكر وهم الكبراء، وأصحاب النفوذ، وملوك ذلك الزمان، وأمراؤه، عظموا هؤلاء الصالحين وقالوا "لنتخذن عليهم مسجدا"، وهو الذي رجحه ابن كثير رحمه الله ورجحه جماعة من أهل العلم.
قال الحافظ ابن رجب في "فتح الباري شرح صحيح البخاري":
(وقد دل القرآن على مثل ما دل عليه هذا الحديث - يعني حديث لعن اليهود - وهو قول الله عز وجل في قصة أصحاب الكهف: "قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا". فجعل اتخاذ القبور على المساجد من فعل أهل الغلبة على الأمور، وذلك يشعر بأن مستنده القهر والغلبة واتباع الهوى، وأنه ليس من فعل أهل العلم والفضل المنتصر لما أنزل الله على رسله من الهدى) أ.هـ
وأما الجواب عن استدلالهم فمن عدة أوجه:[1]
أولا: ليس في الآية أن هذا فعل مشروع، ولا تدل عليه الآية لا من قريب ولا من بعيد، وغاية ما فيه أن النص القرآني سكت عن ذلك فلم يتعقب قولهم بشيء، فكان الصواب الرجوع إلى السنة لنفهم القرآن فهما صحيحا لأن السنة هي التي تفسر القرآن.
قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي في "تفسيره":
(هذه الحالة محظورة، نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم، وذم فاعليها، ولا يدل ذكرها هنا على عدم ذمها).
ثانيا: أن الصحابة ومن بعدهم من التابعين وأتباعه لم يفهموا الآية كهذا الفهم السقيم.
قال شيخ الإسلام - كما في "مجموع الفتاوى" (13/243) -:
(وقد تبين بذلك أن من فسر القرآن أو الحديث وتأوله على غير التفسير المعروف عن الصحابة والتابعين، فهو مفتر على الله، ملحد في آيات الله، محرف للكلم عن مواضعه، وهذا فتح لباب الزندقة والإلحاد، وهو معلوم البطلان بالاضطرار من دين الإسلام) أ.هـ
ثالثا: لنفرض أن هذا من شرع من قبلنا فالشرائع السابقة تعتبر شرعا لنا ما لم يأت شرعنا بخلافها فحينئذ يكون العمل بشرعنا لا بشرع من قبلنا.[2]، وقد جاء شرعنا بالإنكار على بناء المساجد والقباب على القبور، وجاء بتحريم ذلك ولعن فاعله، وطرده من رحمة الله تعالى، وججاء شرعنا مبينا أن هذا العمل من أعمال اليهود والنصارى وغيرهم من المشركين.
قال شيخ الإسلام في "الرد على البكري":
(ولو ثبت لم يلزم أن يكون هذا شرعا لنا، فإن الله تعالى قد أخبر عن سجود إخوة يوسف وأبويه، وأخبر عن الذين غلبوا على أهل الكهف أنهم قالوا : "لنتخذن عليهم مسجدا" ونحن قد نهينا عن بناء المساجد على القبور) أ.هـ
هذا وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله.



كتبه : أبو عمار علي الحذيفي
26 ربيع أول 1434 هـ

_______________________________
[1] انظر: "جهود علماء الحنفية في إبطال عقائد القبورية" للشيخ / أبي عبد الله شمس الدين بن محمد بن أشرف بن قيصر الأفغاني.
[2] وهذا على الصحيح من أقوال الأصوليين في هذه المسألة، وهو ترجيح جماعة من أهل العلم.

منقول